علم موقع "تيلي ماروك" من مصادر مطلعة، أنه يجري منذ مدة، تحت إشراف خبراء أجانب، التحضير لوضع تصور جديد لمهام الوكالة الوطنية للتأمين الصحي "لانام"، يجعلها مؤسسة عمومية باختصاصات واسعة في مراقبة وتدبير التغطية الصحية، في حين سيتم تقليص صلاحيات وزير الصحة في هذا المجال.
وحسب المصادر، فإن الحكومة أعدت مشروع قانون لتعديل القانون 65.00 بمثابة مدونة التغطية الأساسية الصحية، أحالته على الأمانة العامة للحكومة، سيجعل وكالة التأمين الصحي، وهي مؤسسة عمومية تعنى بالضبط التقني للتأمين الإجباري عن المرض، "تستحوذ" على جميع صلاحيات وزارة الصحة في مجال توقيع وتدبير الاتفاقيات الوطنية بين منتجي العلاجات والأجهزة المدبرة، بل وسيمنحها سلطة تطبيق عقوبات مالية مباشرة ودون اللجوء للقضاء على منتجي العلاجات الذين لا يشهرون انضمامهم للاتفاقيات الوطنية وحتى على الأجهزة المدبرة لنظام التأمين الإجباري عن المرض التي قد تتخلف عن إمدادها بمعطيات إحصائية حول استهلاك خدمات النظام.
ولن تكتفي الوكالة بالاستحواذ على بعض اختصاصات وزارة الصحة، بل ستتجاوزها في إطار التصور الجديد إلى صلاحيات وزارة الاقتصاد والمالية، هذه المرة في مجال تحديد وتدبير نسب الاشتراك في التأمين الإجباري عن المرض وتحديد المساهمة المالية للمستفيدين من برنامج "راميد"، وستكون الوكالة المخاطب المباشر للفرقاء الاجتماعيين في مجال تحديد نسب الاشتراكات كما سيكون على الدولة أخذ رأيها وجوبا بخصوص مساهمتها في برنامج "راميد" قبل إدراجها في قوانين المالية.
وخلافا لما تم الترويج له من أن إصلاح الوكالة يهدف فقط لحماية المؤمنين من الممارسات المتفشية حاليا لدى العديد من مؤسسات الاستشفاء والعلاج، فإن الإصلاح المقترح لمقتضيات القانون 65-00 المتعلق بالتغطية الصحية الأساسية يعطي للوكالة الحق في مراجعة سلة العلاجات والذي كان حكرا على السلطة التشريعية، وعلاوة على كل هذا، فستمتد صلاحيات الوكالة لتشمل القيام بمهمات مراقبة صناديق التأمين الإجباري على المستوى التقني والمالي، وأوضحت المصادر، أن هذه الصلاحيات تتمتع بها حاليا هيئة مراقبة التأمينات والاحتياط الاجتماعي ومؤسسات رقابية أخرى.
وسيكون ضمن اختصاصات الوكالة، اقتراح مشاريع قوانين تتعلق بالتغطية الصحية الأساسية دون استشارة وزارة الصحة وتطبيق غرامات مالية دون الحاجة إلى اللجوء للمحاكم، وكذا القيام بافتحاص صناديق التغطية الصحية الأساسية، ما أثار بعض الانتقادات بخصوص منح الوكالة القيام بمهام ضبطية وقضائية ومالية وتحكيمية، بحيث ستكون، حسب المصادر، "يدها مطلوقة لاقتراح مشاريع القوانين ولتحديد نسب الاشتراكات ولتعديل سلة العلاجات ولتدبير الاتفاقيات الوطنية ولضبط أساليب عمل صناديق التأمين الإجباري عن المرض ولتحديد طريقة التنسيق مع التغطية التكميلية ولافتحاص المؤسسات المدبرة لهذه الأنظمة ولتطبيق الجزاءات على منتجي العلاجات وحتى على صناديق التأمين التي هو الممول الوحيد لها واستخلاص غرامات التأخير"، إضافة إلى مهام أخرى تتعلق بالتحكيم والإحصاء وتدبير المعطيات المعلوماتية المتعلقة بالتأمين الإجباري عن المرض.
والمثير في مشروع تعديل اختصاصات الوكالة الوطنية للتأمين الصحي هو تعيين مديرها كرئيس للجنة الشفافية المكلفة بدراسة لائحة الأدوية والمستلزمات الطبية المقبول إرجاع مصاريفهم، وأكدت المصادر، أن "هذا المنصب جد حساس يخضع لضغوطات لوبيات الأدوية التي تسعى دوما لإدراج أدوية مكلفة وغير جنيسة"، تضيف المصادر، موضحة أن واضعي التصور الجديد لم يكتفوا فقط بتوسيع اختصاصات الوكالة، بل شملت التعديلات مجموعة من الفصول القانونية لمدونة التغطية الصحية الأساسية وخاصة باب العقوبات حيث رفعوا قيمة الغرامات من 5 إلى 10 مرات وأضافوا لائحة طويلة من الجزاءات وغرامات التأخير في مواجهة منتجي العلاجات وصناديق التأمين والمشغلين، ما سيجعل الوكالة تتحول إلى مؤسسة يفوق نطاق اختصاصاتها مؤسسات دستورية كالمجلس الأعلى للحسابات ومجلس المنافسة ومؤسسات أخرى للرقابة كهيئة مراقبة التأمينات والاحتياط الاجتماعي وتتجاوز اختصاصاتها أيضا وزارة الصحة ووزارة المالية في مجال التغطية الصحية الأساسية، ولها صلاحيات في مجال تعديل سلة علاجات التغطية الصحية الأساسية.