علمت موقع "تيلي ماروك" من مصادر مطلعة أن الفرقة الوطنية للشرطة القضائية بالدار البيضاء، باشرت أبحاثها وتحرياتها في شأن تفويت عقار مملوك للدولة إلى مستشار برلماني سابق بمراكش، بثمن رمزي لا يتعدى 620 درهما للمتر المربع، بمنطقة "تاركة" الراقية بمقاطعة المنارة، والتي يتجاوز فيها المتر المربع الواحد 20 ألف درهم.
وكان الوالي السابق لجهة مراكش آسفي، الذي تم عزله، قد رخص للبرلماني المذكور بإنشاء عمارات فوق العقار المملوك لأملاك الدولة، والبالغة مساحته حوالي خمسة هكتارات، قبل أن تعمل مديرية أملاك الدولة على طرد مستغلي هذا العقار لأزيد من 25 سنة، والزج بهم في السجن، لينشئ المستشار البرلماني على هذا العقار عمارات تضم العشرات من المحلات التجارية والشقق الفاخرة.
وكان ذوو الحقوق المستغلون لهذا العقار، قد وجهوا شكاية إلى كل من محمد عبد النباوي، الوكيل العام ورئيس النيابة العامة، وعبد الوافي لفتيت، وزير الداخلية، طالبوا من خلالها بفتح تحقيق في ظروف وملابسات تفويت عقار للدولة بالمنطقة الراقية "تاركة" بمراكش إلى مستشار جماعي وبرلماني سابق بمراكش، بثمن رمزي لا يتعدى 620 درهما للمتر المربع، بعدما تم طردهم والزج بهم في السجن.
وبحسب هذه الشكاية، فقد تم تفويت العقار المذكور من طرف لجنة الاستثناءات التي كان يرأسها الوالي المعزول عبد الفتاح لبجيوي، بعدما حددت قيمته إدارة أملاك الدولة في ثمن رمزي لا يتعدى 620 درهما للمتر المربع، بمنطقة يتجاوز فيها ثمن المتر المربع 20 ألف درهم.
وكانت المحكمة قد أصدرت حكما قضائيا نهائيا يقضي بإفراغ محل سكني تقطنه "رشيدة حبيب"، رفقة زوجها العسكري وأبنائها الأربعة منذ سنوات، بموجب عقد عرفي منذ 2005.
وكان المستغل الجديد قد تقدم بطلب إلى إدارة أملاك الدولة من أجل تفويت هذا العقار الفلاحي لفائدته، والذي غرس به مئات الأشجار المثمرة، إضافة إلى محل تجاري ومستودع لمواد البناء.. قبل أن يفاجأ بتفويت العقار إلى البرلماني السابق.
وكان مأمور التنفيذ والقوة العمومية وأحد الخبراء المعين من طرف المحكمة، قد حلوا بالعقار المذكور بتاريخ 20 فبراير 2017، من أجل تنفيذ الحكم بالإفراغ، قبل أن يكتشفوا أن العقار المعني هو المنزل الذي تقطنه الأسرة المذكورة والبالغة مساحته حوالي 100 متر مربع، وليس خمسة هكتارات المشكلة لمجموع العقار، والتي يستغلها "حميد بوسبنية" لأزيد من 25 سنة، بموجب عقد عرفي منذ 1995.
وبتاريخ 22 فبراير 2017، عاد مأمور التنفيذ ونائب وكيل الملك والسلطات المحلية والقوات العمومية، إضافة إلى ثلاث جرافات، من أجل إفراغ مستغلي العقار من منازلهم وأرضهم الفلاحية، قبل أن يواجههم "حميد بوسبنية"، بكون الحكم الصادر عن المحكمة لفائدة إدارة أملاك الدولة يهم إفراغ "حبيبة رشيد" من منزلها المقدرة مساحته بـ100 متر مربع، وليس مجموع العقار المكون من خمسة هكتارات الذي يستغله "حميد بوسبنية"، قبل أن يتم استدعاء الأخير و"حبيبة رشيد"، من طرف الدائرة الأمنية 13، التي أحالتهما على مقر ولاية الأمن، حيث جرى وضعهما تحت تدابير الحراسة النظرية.
وأكد "حميد بوسبنية" للنيابة العامة أن لا علاقة له بحكم الإفراغ الصادر عن المحكمة، والذي قضى بإفراغ السيدة حبيبة رشيد من مسكنها، والتي لا يربطه بها سوى الجوار، ليتم الإفراج عنهما، "لنكتشف أن الجرافات هاجمت مساكننا وأرضنا، وشرعت عصابات مسخرة من طرف المحتل بسرقة أمتعتنا وأموالنا"، يقول بوسبنية في الشكاية ذاتها.
إلى ذلك، فقد عادت القوات العمومية ومأمور التنفيذ إلى العقار المذكور، وتم إيقاف كل من حميد بوسبنية وحبيبة رشيد. وأكد بوسبنية أنه بالرغم من أنه أكد خلال مراحل المحاكمة أن الحكم الصادر بالإفراغ لا يعنيه في شيء، وإنما المعنية به هي حبيبة رشيد، فقد تمت إدانته "رفقة حبيبة بشهرين حبسا نافذا"، يقول حميد، مضيفا أنه بعد مغادرته أسوار السجن اكتشف أن المستشار البرلماني السابق شرع في البناء فوق العقار المذكور، بالرغم من عدم توفره على أي ترخيص بالبناء، في ظل صمت السلطات، مشيرا إلى أن "صاحب المشروع فتح مكتبا للبيع، وشرع في تسويق الشقق الفاخرة للزبائن أمام أنظار السلطات".