أقر وزير الصحة، خالد آيت الطالب، خلال جلسة الأسئلة الشفوية بمجلس النواب، بالاختلالات والفساد المنتشر داخل وزارة الصحة، في ما يخص تدبير صفقات الأدوية.
وحمل الوزير الشركات الفائزة بصفقات اقتناء الأدوية مسؤولية ندرة أو غياب الأدوية من المستشفيات، مشيرا الى أن سياسة شراء الدواء المعتمدة لا تتوافق مع حاجيات المواطن، داعيا إلى ضرورة اعتماد سياسة خاصة لشراء الدواء لتفادي إتلاف وضياع الأدوية. وأوضح آيت الطالب في رده على سؤال حول "معالجة اشكالية سوء تدبير مخزون الأدوية" تقدم به فريق الأصالة والمعاصرة بمجلس النواب، أن مخزون الأدوية بالمغرب يتوفر على معايير ذات جودة عالمية، لكن في المقابل يعاني من بعض النواقص التي تتمثل في الوسائل اللوجيستيكية لتدبير وتوزيع الأدوية في المكان والوقت المحددين.
وأكد الوزير أن الاختلالات التي يعرفها توزيع الأدوية تتعلق بصفقات اقتناء الأدوية حيث كانت الاعتمادات المرصودة لشراء هذه الأدوية غير كافية لتوزيعها في المكان والزمان المحددين، مضيفا أن الوزارة اتخذت عددا من الإجراءات ومنها تعديلات في الصفقات الإطار، واعتمادات الأداء والالتزام، مما أعطى مرونة أكثر لاقتناء هذه الأدوية وتوزيعها في الوقت المحدد، مشيرا إلى أن دواء "ليفتيروكس" ودواء السل متوفران في المستشفيات، ويتم توفيرهما تحت الطلب، وذلك لتفادي الاحتكار مشددا على ضرورة شراء الأدوية عبر الاتفاقيات.
وحمل النائب البرلماني عن حزب الأصالة والمعاصرة، عبد اللطيف وهبي، كامل المسؤولية للوزير الوصي على قطاع الصحة، في الوفيات المسجلة بسبب غياب الأدوية، معتبرا ذلك "جرائم ترتكب في حق المرضى"، داعيا وزارته إلى التحرك ومراقبة شركات الأدوية ومنح المغاربة حقهم في التطبيب وايجاد الأدوية، كما ندد وهبي بالأموال الطائلة المبددة في الأدوية الفاسدة أو الضائعة، والتي كشف تقرير المجلس الأعلى للحسابات عن تجاوز قيمتها سنة 2018 ل50 مليون درهم، تنضاف إليها 1.5 مليون درهم المصروفة على حرق الأدوية الفاسدة، مطالبا وزارة الصحة، بمراقبة مخزوناتها الدوائية وتحسين وترشيد استعمالها، كما تحدث البرلماني، رشيد الحموني، عن المجوعة النيابية لحزب التقدم والاشتراكية، عن وجود فساد كبير داخل مديرية الأدوية والصيدلة، ومديرية الأوبئة والأمراض المعدية، وتغلغل "لوبي" الشركات متعددة الجنسيات داخل المديريتين، ما يتسبب في انقطاع بعض الأدوية التي تحتكرها هذه الشركات، داعيا إلى تشجيع الصناعة الوطنية للأدوية.
هذا، ورصد قضاة المجلس الأعلى للحسابات، من خلال التقرير السنوي الذي أصدره المجلس، مجموعة من الاختلالات بخصوص تدبير مخزون الأدوية بوزارة الصحة، حيث سجل التقرير إتلاف كميات هامة من الأدوية، ولوحظ من خلال التحريات الميدانية لمواقع تخزين الأدوية التابعة لوزارة الصحة ببرشيد، تراكم عدد كبير من الأدوية منتهية الصلاحية، مما يعكس ضعفا في تقدير دقيق للحاجيات المراد تلبيتها وخلل في التنسيق مع المستفيدين مع مشاركة المصالح المعنية في تحديد الحاجيات.
وتبين من خلال جدول الأدوية منتهية الصالحية لسنوات 2013-2014-2015-2016 الذي تم تقديمه، بالإضافة إلى لائحة الأدوية موضوع الصفقة رقم 48/2013 المتعلقة بإتلاف هذه الأدوية المنتهية الصلاحية، حجم الخلل الذي يطبع هذه العملية، كما تبين من المعطيات الحجم الكبير للأدوية غير المستهلكة منتهية الصالحية، حيث تم تقدير التكلفة الإجمالية للأدوية الضائعة بما يزيد عن 53 مليون درهم، وتم ذلك فقط بالنسبة للأدوية التي تم الحصول على أثمانها الفردية، كما أن مصاريف الإتلاف التي زادت عن 1.5 مليون درهم أدت إلى الرفع من التكلفة الإجمالية للأدوية الضائعة، ويحدث هذا في الوقت الذي يوجد فيه خصاص كبير للأدوية في المراكز الاستشفائية، ويُظهر هذا الوضع كيف يؤدي سوء تسيير مخزون الأدوية إلى ارتفاع تكاليف ميزانية الأدوية بالوزارة.