بالتزامن مع دراسة قانون المالية بمجلسي البرلمان، أثير جدل حول إلغاء الضريبة المفروضة على معاشات المتقاعدين، وذلك بعدما تمكن أربعة برلمانيين من الكونفدرالية الديمقراطية للشغل بمجلس المستشارين، من إدخال تعديل على مدونة الضرائب، يعفي المتقاعدين من أداء الضريبة على الدخل، لكن هذا التعديل تم إسقاطه بمجلس النواب، بعدما أشهرت الحكومة «الفيتو» ضده، لرفع الحرج السياسي عن الفرق البرلمانية، التي وجدت نفسها في مأزق حقيقي أمام الرأي العام، خاصة أن الوزراء والبرلمانيين يستفيدون من معاشات بالملايين معفية من الضرائب.
يبلغ عدد المتقاعدين المصرح بهم ما يناهز مليونا و805 آلاف و224 شخصا برسم السنة المحاسبية 2018، بكلفة إجمالية للمعاشات الخامة تتجاوز 58 مليار درهم، علما أن حصة الصندوق المغربي للتقاعد والصندوق الوطني للضمان الاجتماعي تمثل أكثر من 81,8 بالمائة من الحصيص الإجمالي للمتقاعدين المصرح بهم، مقابل 10,3 بالمائة بالنسبة إلى الصندوق المهني المغربي للتقاعد، و6,9 بالمائة بالنسبة إلى النظام الجماعي لمنح رواتب التقاعد، إلى أنه بالنظر لمبدأ التوزيع الذي تعتمده أنظمة التقاعد الأساسية بالمغرب، فإن هذه الأخيرة ليس بإمكانها الرفع من الحد الأدنى للمعاش أو مراجعة المعاشات بمستويات مرتفعة، إذ إن ذلك من شأنه تهديد توازناتها وقدرتها على الاستمرار في صرف المعاشات، علما بأن هذه الأنظمة تعاني أصلا من هشاشة توازناتها على المدى المتوسط.
إعفاء التقاعد من الضريبة
تزامنا مع مناقشة قانون المالية بالبرلمان، أطلق مجموعة من النشطاء عريضة وطنية جديدة، تسعى إلى إعفاء معاشات المتقاعدين من اقتطاع الضريبة على الدخل بالمغرب، مشددين على أن الضريبة «غير قانونية»؛ لأن رواتب هذه الفئة قد خضعت للتضريب أثناء مزاولة العمل، مؤكدين أن المتقاعد أدى ما يكفي من الضرائب للدولة. وتساءل الموقعون على العريضة: «لماذا تستمر الحكومة المغربية في فرض ضريبة غير قانونية على معاشات المتقاعدين، بعد أن ساهموا وبشكل كبير طيلة سنوات عملهم باقتطاعات ضريبية من دخلهم؟».
وكانت فيدرالية الجمعيات الوطنية للمتقاعدين بالمغرب قد وجهت مراسلة إلى رئيس الحكومة ووزير الاقتصاد والمالية، أشارت فيها إلى أن مبلغ المعاش لأغلب المتقاعدين في المملكة «لا يصل حتى إلى مستوى الحد الأدنى للأجور، كما أن معظم الحالات ما زالت دون هذا المرجع الوطني»، وطالبت الفيدرالية بأن تشملهم الزيادة التي أقرتها الحكومة لصالح القطاع العمومي وفق الاتفاق الذي وقعته أخيرا مع النقابات، والذي يقضي بزيادة شاملة ما بين 400 و500 درهم لجميع السلالم للموظفين العموميين، بدأت أولى دفعة منها في يونيو الماضي.
وأثناء مناقشة قانون المالية بمجلس النواب، رفضت الحكومة مقترح تعديلات تقدمت بها مجموعة من الفرق البرلمانية بخصوص إعفاء المتقاعدين من الضريبة على المعاشات التي يحصلون عليها، لكن وقعت المفاجأة بمجلس المستشارين، أثناء التصويت على قانون المالية في الجلسة العامة، عندما تمكنت المجموعة البرلمانية للكونفدرالية الديمقراطية للشغل من تمرير تعديل على المادة 56 من المدونة العامة للضرائب، وتحديدا ما يتعلق بالأجور والدخول المعتبرة في حكمها، ينص على حذف المعاشات من قائمة الدخول الخاضعة للضريبة. وبررت المجموعة البرلمانية تعديلها، باعتبار أن المأجور طيلة حياته العملية وهو يؤدي مساهماته الضريبية التي تقتطع له من المنبع هذا من جهة، ومن جهة أخرى يرمي هذا التعديل إلى تخفيف الضغط الجبائي على الطبقات الهشة والمتوسطة والحفاظ على القدرة الشرائية في مواجهة آثار التضخم.
وخلال جلسة المصادقة على قانون المالية، رفض وزير الاقتصاد والمالية هذا التعديل، وبرر ذلك بأنه سيؤدي إلى تخفيض موارد الميزانية، لكن الوزير لم يلجأ إلى استعمال «فيتو» الفصل 77 من الدستور، الذي يخول للحكومة الحق في أن ترفض، بعد بيان الأسباب، المقترحات والتعديلات التي يتقدم بها أعضاء البرلمان، إذا كان قبولها يؤدي بالنسبة لقانون المالية إلى تخفيض الموارد العمومية، أو إلى إحداث تكليف عمومي، أو الزيادة في تكليف موجود، لأن الوزير راهن على الأغلبية العددية للبرلمانيين المساندين للحكومة، لكن وقع العكس، عندما جاءت نتيجة التصويت بموافقة 30 صوتا على التعديل مقابل تصويت 29 برلمانيا بالرفض، وامتناع تسعة برلمانيين عن التصويت.
الحكومة تشهر «الفيتو»
أثناء دراسة قانون المالية من طرف لجنة المالية والتنمية الاقتصادية بمجلس النواب في إطار القراءة الثانية، تم إسقاط هذا التعديل من طرف الحكومة، حيث لجأ محمد بنشعبون، وزير الاقتصاد والمالية، إلى إشهار «فيتو» الفصل 77 من الدستور، واضطر إلى استعمال الفصل 77 لرفع الحرج عن الأغلبية الحكومية، وذلك بعد ضغوطات مارستها فرق الأغلبية على الوزير لرفع الحرج عنها، بعد تهديد بعضها بالامتناع عن التصويت على إسقاط التعديلات التي أدخلها مجلس المستشارين. وعلل بنشعبون رفض الحكومة قبول التعديل الذي تقدم به مجلس المستشارين، بكون استثناء معاشات المتقاعدين من الضريبة على الدخل سيكون له أثر مالي على الميزانية يصل إلى مليار و600 مليون درهم، واعتبر استثناء معاشات المتقاعدين من الضريبة على الدخل «إجراء غير منصف»، باعتبار أنهم يستفيدون في الأصل من خصم يتراوح ما بين 50 و60 في المائة، بينما لا تصل النسبة التي يستفيد منها الأجراء سوى إلى 20 بالمائة.
وخلف استعمال الفصل 77 من الدستور لإسقاط هذا التعديل، جدلا كبيرا في صفوف البرلمانيين، حيث أعلن فريق «البيجيدي» مساندته للحكومة لإسقاط تعديلات مجلس المستشارين، واعتبر مصطفى الإبراهيمي، رئيس الفريق، خلال تفسير التصويت على قانون المالية في الجلسة العامة، دفع الحكومة بالفصل 77 من الدستور «فهو تقدير له وجاهته، ما دامت غايتها الحفاظ على التوازنات المالية للدولة، وأن الذي يشكك في صدق نوايانا عليه الرجوع إلى محاضر المناقشات وإلى تعديلاتنا في صيغها الأولية والنهائية، ليقف على سبقنا في الدفاع عن كافة شرائح المواطنين، سواء كانوا مهنيين أو موظفين متقاعدين أو عاملين».
وخلافا لذلك، اعتبر هشام المهاجري، برلماني حزب الأصالة والمعاصرة، أن جلسة التصويت على قانون المالية كانت بدون طعم ولا لون، متسائلا: «وكيف لا والحكومة دفعت في أهم التعديلات المصادق عليها في الغرفة الثانية بالفصل 77 من الدستور، والتي أقول إنه حق أريد به باطل»، مشيرا إلى أن منطوق الفصل يقول «وللحكومة أن ترفض بعد بيان الأسباب المقترحات والتعديلات التى يتقدم بها أعضاء البرلمان، إذا كان قبولها يؤدي بالنسبة لقانون المالية إلى تخفيض الموارد العمومية أو إلى إحداث تكليف عمومى أو الزيادة في تكليف موجود»، وأوضح أن استعمال الفصل جاء بعد أسبوع من تقديم التعديل والتصويت عليه وفي وجه برلمانيين لم يقدموا أي تعديل، وأضاف: «نحن في مجلس النواب لم نتمكن حتى من حقنا الدستورى في مناقشة المواد المعدلة بدفع الحكومة بهذا الفصل، رغم أننا لم نقدم أي تعديل، والفرق البرلمانية بمجلس المستشارين قدمت التعديلات وناقشتها الحكومة، وتم التصويت عليها بالأغلبية بدون الدفع بالفصل 77»، ما اعتبره «تحكما واحتقارا للنواب البرلمانيين، وهروبا من المسؤولية بالنسبة إلى الأحزاب المشكلة للأغلبية، التي رفضت اتخاذ موقف سياسي تجاه التعديلات إما بالقبول أو الرفض، ودفعت بالوزير لتحمل المسؤولية السياسية في رفض هذه التعديلات».
وعود العثماني
أثناء مثوله أمام مجلس المستشارين في إحدى الجلسات الشهرية حول السياسة العامة للحكومة، تحدث سعد الدين العثماني، رئيس الحكومة، عن مجموعة من الامتيازات التي يستفيد منها المتقاعدون، من أبرزها تطبيق حد أدنى للمعاش، مشيرا إلى أن الهدف من هذا الإجراء هو الرفع من المستوى الهزيل الذي كانت عليه بعض المعاشات، موضحا أن قيمة المعاش الذي يستفيد منه الأجير، تبقى عند إحالته على التقاعد، مرتبطة بعاملين اثنين، أولهما مدة الانخراط التي ساهم خلالها في نظام التقاعد، وثانيهما الأجر المرجعي الذي يتم على أساسه احتساب المعاش، وكلما كانت مدة الانخراط قصيرة أو مستوى الأجر المرجعي ضعيفا إلا وكانت قيمة المعاش هزيلة.
وأكد العثماني أن الحكومة السابقة، عملت بموجب الإصلاح المقياسي لسنة 2016 على تحسين الوضعية المادية للمتقاعدين، من خلال الرفع من الحد الأدنى للمعاش بالقطاع العام من 1000 إلى 1500 درهم شهريا وهو ما يمثل زيادة بـ 50 بالمائة من قيمة الحد الأدنى للمعاش، وذلك بعد أن تم رفعه شهريا من 500 إلى 600 درهم سنة 2008، ومن 600 إلى 1000 درهم سنة 2011، لذلك تم إقرار تطبيق حد أدنى للمعاش، حسب العثماني، الذي أصبح 1500 درهم شهريا ابتداء من فاتح يناير 2018 بالنسبة إلى القطاع العام و1000 درهم شهريا بالنسبة إلى القطاع الخاص، مشيرا إلى أن إجراء الرفع من الحد الأدنى للمعاش شمل شريحة عريضة من متقاعدي القطاعين العام والخاص، الذين كانوا يتقاضون معاشات هزيلة.
وتطرق العثماني إلى استفادة المتقاعدين من تخفيضات ضريبية وصفها بالمهمة، وأوضح في هذا الصدد أن المغرب بذل وما زال يبذل جهودا كبيرة في دعم القدرة الشرائية للمتقاعدين بالقطاعين العام والخاص، من مدخل التخفيضات الضريبية، حيث استفادت معاشات التقاعد بموجب القانون المتعلق بالضريبة على الدخل الذي دخل حيز التنفيذ سنة 1989 من إعفاء ضريبي بنسبة 25 بالمائة من مبلغها الخام دون تحديد سقف أقصى. وقد ارتفع هذا الإعفاء ليصل إلى 35 بالمائة بمقتضى قانون المالية لسنة 1994 ثم إلى 40 بالمائة سنة 1999، ليبلغ 55 بالمائة بموجب قانون المالية 2013، وبرسم قانون المالية 2015 تم منح خصم جزافي عند احتساب الضريبة على الدخل بالنسبة إلى المعاشات التي تصرفها أنظمة التقاعد نسبته 55 بالمائة من المبلغ الإجمالي السنوي الذي يساوي أو يقل عن 168 ألف درهم، أي 14 ألف درهم في الشهر وبنسبة 40 بالمائة لما زاد عن ذلك.
وحسب رئيس الحكومة، فإنه بفضل هذه التخفيضات الضريبية، فإن حوالي مليون و600 ألف متقاعد، من أصل العدد الإجمالي من المتقاعدين البالغ 1.805.224 متقاعدا، معفون من الضريبة على الدخل، أي بنسبة تقارب 90 بالمائة، واعتبر العثماني هذا الإعفاء امتيازا ضريبيا ساهم بشكل كبير في الرفع من المبالغ الصافية لمعاشات التقاعد، وجعلها في كثير من الأحيان تفوق الأجور الصافية خلال مزاولة العمل، كما ترتب عنها الإعفاء الكلي من الضريبة على الدخل بالنسبة للمعاشات التي يقل مبلغها عن 5500 درهم، مبرزا أن عدد المعاشات التي يصرفها الصندوق المغربي للتقاعد والمعفاة من الضريبة على الدخل، تبلغ نسبتها 80 بالمائة من إجمالي المعاشات.
وتحدث العثماني عن اعتماد مبدأ مراجعة قيمة المعاشات، بالنظر إلى الارتفاع المتواصل لتكاليف العيش، بغية الحفاظ على القدرة الشرائية للمتقاعدين، وفي هذا الصدد، ذكر العثماني بأن المقتضيات الجاري بها العمل في ما يخص معاشات موظفي القطاع العام تنص على مبدأ مراجعة معاشات التقاعد، في حال كل زيادة تطرأ على المرتب الأساسي المخصص للدرجة والسلم والرتبة أو الطبقة، التي كان ينتمي إليها فعلا الموظف أو المستخدم قبل إحالته على التقاعد، وبفضل هذا المقتضى، ستتم تسوية وضعية «ضحايا النظامين» حتى بالنسبة إلى المتقاعدين منهم. أما بالنسبة إلى القطاع الخاص، فإن القانون المتعلق بنظام الضمان الاجتماعي ينص على إمكانية مراجعة المعاشات، في حالة ما إذا كان مستوى الأجور التي تم على أساسها صرف المعاشات ضعيفا بالمقارنة مع مستوى الأجور الجاري. كما ينص القانون المتعلق بالنظام الجماعي لمنح رواتب التقاعد على أن المعاشات تراجع طبقا لتطورات أجرة النظام السنوية المتوسطة. وأكد العثماني أن الحكومة تحرص على تطبيق مبدأ مراجعة المعاشات في هذه الحالات.
لكن العثماني، استحضر بعض الإشكاليات، مشيرا إلى أنه بالنظر إلى مبدأ التوزيع الذي تعتمده أنظمة التقاعد الأساسية بالمغرب، فإن هذه الأخيرة ليس بإمكانها الرفع من الحد الأدنى للمعاش أو مراجعة المعاشات بمستويات مرتفعة، إذ إن ذلك من شأنه تهديد توازناتها وقدرتها على الاستمرار في صرف المعاشات، علما بأن هذه الأنظمة تعاني أصلا من هشاشة توازناتها على المدى المتوسط، مشيرا إلى أن الحكومة، ووعيا منها بأهمية تجاوز هذه المعيقات للحفاظ على مستوى عيش المتقاعدين، وفي إطار مسلسل الإصلاح الشمولي لقطاع التقاعد، جعلت من إحدى أولويات هذا الإصلاح وضع آلية شفافة لمنح وتدبير حد أدنى للمعاش، وكذا إقرار مبدأ إعادة تقييم المعاشات.
معاشات البرلمانيين لا تخضع للضريبة على الدخل
في الوقت الذي تتعالى أصوات المطالبين بإلغاء «ريع» تقاعد الوزراء والبرلمانيين، أسس نواب سابقون كانوا يشغلون مقاعد برلمانية خلال الولاية السابقة ولم يتوفقوا في الحفاظ عليها خلال الولاية الحالية، تنسيقية احتجاجية للمطالبة بصرف معاشات تقاعدهم، وهددوا بخوض معركة احتجاجية وقضائية ضد رئيس مجلس النواب، الحبيب المالكي، الذي «جمد» صرف هذه المعاشات إلى حين الحسم في تعديل القانون المتعلق بتقاعد البرلمانيين.
وخلصت اللجنة التقنية التي شكلها رئيس مجلس النواب، إلى صيغة تنص على مقترح استفادة النواب والمستشارين من التقاعد بعد وصولهم السن القانوني المتمثل في 63 سنة، والرفع من المساهمة لأكثر من 3 آلاف درهم عوض 2900 درهم المعمول بها حاليا، مع تحديد أعلى مبلغ للتقاعد البرلماني في 700 درهم عن كل سنة في الولاية تشريعية، عوض ألف درهم حاليا، مع تحديد مستوى الاستفادة في ثلاث ولايات تشريعية، تبدأ بـ700 درهم عن كل سنة بالنسبة للولاية التشريعية الأولى للبرلماني، وبعدها خفض الاستفادة إلى 600 درهم عن كل سنة خلال الولاية الثانية، على ألاّ تتجاوز الاستفادة 500 درهم عن كل سنة خلال الولاية التشريعية الثالثة أو أكثر.
وجاء تشكيل اللجنة بعدما دق صندوق الإيداع والتدبير الذي يشرف على تقاعد البرلمانيين، ناقوس الخطر، بخصوص إفلاس الصندوق، و تبين أن احتياطات صندوق تقاعد البرلمانيين الذي يدبره صندوق الإيداع والتدبير لن يغطي صرف معاشات حوالي 700 برلماني خلال السنة الحالية، بسبب اقتراب نفاذ احتياطاته، وقرر مكتب المجلس تشكيل خلية أزمة لإيجاد الحلول بتنسيق مع الصندوق.
ويحصل البرلمانيون البالغ عددهم 520 برلمانيا بمجلسي النواب والمستشارين، على تعويضات شهرية تقارب 4 ملايين سنتيم، بالإضافة إلى تقاعد مريح مدى الحياة، حيث يتقاضى البرلماني 1000 درهم عن كل سنة تشريعية، أي 5 آلاف درهم عن كل ولاية تشريعية كاملة، وهو مبلغ صافي معفى من الضريبة العامة على الدخل ولا يخضع للتصريح، مقابل أداء الاشتراك في صندوق التقاعد بمبلغ 5800 درهم شهريا، تؤدي منها الدولة 2900 درهم شهريا، وكان القانون قبل تعديله سنة 2005، يحدد المعاش النيابي الشهري للبرلمانيين في 5 آلاف درهم بالنسبة للنائب أو المستشار الذي زاول فترة تشريعية كاملة، و7 آلاف درهم بالنسبة للنائب أو المستشار الذي مارس فترتيين تشريعيتين كاملتين، و9 آلاف درهم بالنسبة للنائب أو المستشار الذي زاول ثلاث فترات تشريعية كاملة أو أكثر، وبعد تعديل القانون تم تحديد مبلغ المعاشات العمرية للبرلمانيين في ألف درهم شهريا عن كل سنة تشريعية. ويسير نظام معاشات أعضاء مجلسي البرلمان من قبل الصندوق الوطني للتقاعد والتأمين، وذلك بمقتضى اتفاقية أبرمت بين هذا الأخير ومجلسي النواب والمستشارين ويخول البرلمان عبر هاته الاتفاقية للصندوق الصلاحية لتسيير العمليات التقنية والمالية والتي تشمل ملفات انخراط المساهمين وتصفية معاشات التسيير المالي للنظام.
ومن جانبهم، أعلن البرلمانيون السابقون معركة قانونية ضد رئيس مجلس النواب، وكذلك فريق حزب العدالة والتنمية بالمجلس الذي وضع مقترح قانون يتعلق بتصفية معاشات البرلمانيين، ووجه النواب المتقاعدون مذكرة إلى مختلف الفرق البرلمانية للمطالبة بحقهم في الاستفادة من التقاعد البرلماني، وأعلنوا تمسكهم القوي بحقوقهم المكتسبة والمشروعة في المعاش وتعبئتهم للدفاع عنها للحفاظ عليها واستعدادهم للجوء إلى كل الوسائل المشروعة التي تتيحها قوانين المملكة ودستورها، وأكدوا أن الافلاس الحقيقي أو المفتعل الذي يهدد الصندوق الوطني للتقاعد والتأمين يرجع أساسا إلى سوء تدبيره، ويسائل المسؤولين المباشرين عن تدبير المعاشات البرلمانية، الذين أفرطوا في امتيازاتهم وفرطوا في حقوق البرلمانيات والبرلمانيين السابقين، سواء من مجلس النواب أو الصندوق الوطني للتقاعد والتأمين .
وأشارت المذكرة إلى أن المعاش البرلماني ليس هبة ولا ريعا ولا صدقة، وإنما هو حق مشروع يستمد من انخراط إجباري للبرلمانيين في نظام ملزم طبقا للقانون الجاري به العمل حاليا وطبقا للدستور، وأوضحت المذكرة أن المعاش البرلماني ليس ريعا، لأن نظام المعاشات الخاص بأعضاء مجلس النواب أحدث بمقتضى القانون، وحدد هذا النظام شروط الانخراط فيه الاستفادة منه ومبلغ المعاش حسب الأقدمية بالبرلمان، ونظرا لوجود العمل والمساهمة المالية الشهرية كمقابل، ولأنه أولا نتاج نظام قانوني وضعه المشرع الوطني، وثانيا نظام إجباري ملزم لكل النائبات والنواب، واعتبروا التقاعد حقا يكتسب مقابل مساهمة مالية قدرها 2900 درهم شهريا تقتطع من المنبع، إضافة إلى مساهمة مماثلة من طرف مجلس النواب ك «مشغل»، وهو بمثابة إيراد عمري كونه لا يرتبط بسن محددة ، ولا يحول مطلقا، لا كليا ولا جزئيا، إلى ذوي الحقوق على خلاف معاشات التقاعد بالوظيفة العمومية أو معاشات التقاعد بالقطاع الخاص.
بنكيران والوزراء يحصلون على تقاعد بالملايين بدون ضريبة
تبلغ أجور الوزراء 70 ألف درهم شهريا، مما يعني أن الوزير يتقاضى خلال ولايته الممتدة خمس سنوات في الحكومة 420 مليون سنتيم، بدون احتساب التعويضات والامتيازات التي يحصلون عليها، فيما يتقاضى أعضاء الدواوين مبالغ شهرية تقارب 3 ملايين سنتيم، وحدد الظهير الأجر الجزافي للوزير في 26 ألف درهم، و 14 ألف درهم عن التمثيلية،
و15 ألف درهم كتعويضات عن السكن، و5 آلاف درهم كتعويضات عن التأثيث والأواني الزجاجية، ويستفيد الوزراء من تقاعد قيمته 39 ألف درهم شهريا يحصلون عليها مدى الحياة، وهو مبلغ معفي من الضريبة، مع حصولهم على منحة سخية تسمى منحة نهاية الخدمة قيمتها 70 مليون سنتيم.
وكشفت وثائق، حول المعاش الاستثنائي الذي يستفيد منه رئيس الحكومة السابق والأمين العام السابق لحزب العدالة والتنمية، عبد الإله بنكيران، أنه يتوصل بمعاش مدني آخر، وأن الحكومة صرفت له حوالي 140 مليون سنتيم منذ إعفائه من رئاسة الحكومة في شهر مارس 2017.
وحسب الظهير الذي وقعه وزير الاقتصاد والمالية بالعطف، يمنح بمقتضاه معاش استثنائي لبنكيران، يبلغ قدره الصافي الشهري 70 ألف درهم، وتنص المادة الثانية من الظهير على أداء هذا المعاش عند نهاية كل شهر كمعاش تكميلي للمعاش المدني الذي يتقاضاه المعني بالأمر، وهو ما يؤكد أن بنكيران يستفيد من تقاعد مدني آخر لم يكشف عنه بنكيران في خرجاته الإعلامية الأخيرة لتبرير حصوله على المعاش الاستثنائي، وهذا التقاعد غير مرتبط بمهامه السابقة الحكومية أو برلمانية. كما يستفاد من الظهير أن بنكيران يجمع بين معاشين من ميزانية الدولة.
ووجه سعد الدين العثماني، رئيس الحكومة، رسالة إلى محمد بنشعبون، وزير الاقتصاد والمالية، ومحمد بنعبد القادر، الوزير المنتدب السابق المكلف بالوظيفة العمومية، يطلب منهما اتخاذ الإجراءات اللازمة لتسوية الوضعية المعاشية لبنكيران، وذلك ابتداء من 16 مارس 2017، بمعدل 7 ملايين سنتيم كل شهر. وحسب الظهير، يقتطع هذا المعاش من الاعتمادات المدرجة لهذا الغرض في ميزانية الدولة.
وأثار حصول بنكيران على معاش بالملايين ضجة كبيرة في أوساط الرأي العام، خاصة أنه سارع إلى تمرير إصلاح التقاعد الذي يستهدف الآلاف من الموظفين، عندما كان رئيسا للحكومة، وساهم في إقبار مقترحات قوانين لإلغاء تقاعد الوزراء والبرلمانيين رغم وجود المبررات نفسها التي دفعت بحكومته إلى استهداف تقاعد الموظفين، وهي إفلاس صناديق التقاعد. وخرج بنكيران للدفاع عن معاشه، بالاختباء وراء الملك، عندما قال: «المصدر ديال هاد المعاش الاستثنائي هو سيدنا»، متهما من ينتقدون تقاعده بعدم توقيره، وبرر ذلك بالوضعية المالية المزرية التي كان يعيشها منذ إعفائه من رئاسة الحكومة، رغم أنه كان يسير شركات ومدارس خاصة، كانت مسجلة باسمه إلى حدود سنة 2015، بعد تعيينه على رأس الحكومة، كما شغل منصب برلماني لمدة 14 سنة، بأجر شهري يقارب 4 ملايين سنتيم، ورئيس حكومة لمدة خمس سنوات بأجر شهري يقارب 10 ملايين سنتيم.
مطالب المتقاعدين المغاربة
تطالب فيدرالية الجمعيات الوطنية للمتقاعدين بالمغرب بتحسين الوضعية الاجتماعية للمتقاعدين المغاربة الذين يمثلون 10 في المائة من المجتمع المغربي، وتشكل الفيدرالية، التي تضم ما يناهز أربعين (40) جمعية تمثل مختلف القطاعات العمومية وشبه العمومية والخاصة، إطارا نموذجيا لشريحة مهمة من المجتمع يناهز تعدادها ثلاثة ملايين ونصف المليون من الموجودين في سن التقاعد.
ووضعت الفيدرالية أهدافا أساسية تسعى لتحقيقها عبر استراتيجية محكمة تتمحور حول صيانة كرامة المتقاعد وسط محيط أسرته ومجتمعه وتحسين معيشه اليومي، وتلبية احتياجاته في مجالات الصحة والنقل والترفيه، وتطالب بتحسين الوضع المادي للمتقاعدين، وخاصة أمام الزيادة المطردة لمستوى المعيشة ببلادنا مع ارتفاع أسعار السلع والخدمات، ومواجهة إكراهات جديدة مرتبطة بالعمر الثالث، فبالنسبة للفئة ذات الدخل المحدود التي تمثل القاعدة العريضة من المتقاعدين والأرامل، تطالب الفيدرالية لفائدتهم بين الرفع من العتبة غير الخاضعة للضريبة على الدخل، وتطبيق المعاش الأدنى (1500 درهم حاليا) بكامله على الأرملة، ما دام أن الهدف المتوخي أصلا من إحداث هذا المعاش الأدنى هو ضمان أبسط مستوى العيش كريم لكل مواطن ومواطنة.
وتطالب أيضا بتعميم الاستفادة من مبلغ المعاش الأدنى (الذي هو حاليا 1500 درهم شهريا) على كافة صناديق التقاعد، علما بأن هذا المبلغ لا يطبق حاليا إلا على مستوى الصندوق المغربي للتقاعد (CMR)، والنظام الجماعي لمنح رواتب التقاعد (RCAR)، والرفع من المعاشات الهزيلة (ما بين المعاش الأدنى والحد الأدنى للأجور) إلى مستوى الحد الأدنى للأجور، وجعلها مواكبة لتطور هذا المرجع الوطني الذي يفوق معدل المعاش المؤدي في الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي الذي هو 1592 درهم ومعدل المعاش المؤدي من طرف الصندوق المهني المغربي للتقاعد وهو 2395 درهم، وأشارت إلى أن 75 % من متقاعدي الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي يتقاضون معاشا تحت سقف 2000 درهم».
وبخصوص المتقاعدين المتواجدين ضمن الفئة المتوسطة من المواطنين، التي ينبغي الحفاظ على قدرتها الشرائية لكونها تمثل العمود الفقري للاقتصاد الوطني، تتمثل مطالب الفيدرالية لفائدتهم في رفع الخصم من المعاش (قبل احتساب الضريبة على الدخل)، وتعميم هذا الإجراء على المعاش كله، وبالتالي إلغاء سقف 168 ألف درهم سنويا المعتمد حاليا، أو كمرحلة انتقالية، والرفع من هذا السقف إلى مبلغ 250 ألف درهم، وتطالب باعتماد إعادة تقييم سنوي للمعاشات يرتكز على نسبة التضخم المسجلة على الصعيد الوطني، والمعدل السنوي لنمو الأجور، وإصدار عفو ضريبي عن السنوات المستحقة قبل فرض التصريح بالتراكم المقرر سنة 2018، بلورة وإرساء نظام ضريبي خاص بالمتقاعدين.