نشرت مؤسسة "وسيط المملكة" تقريرها السنوي المرفوع إلى الملك محمد السادس، كشفت من خلاله استمرار "تسلط" و"بيروقراطية" الإدارة المغربية، كما اشتكت المؤسسة من عدم تفاعل مختلف الإدارات مع التوصيات الصادرة عنها والتجاوب مع شكايات المواطنين.
وأوضح التقرير، أن واجب الدفاع عن الإدارة وهيبة منتسبيها، ليس بالرد والبحث عن الأعذار والتبريرات، ولكن بالاجتهاد في إيجاد الحلول العادلة والمنصفة، والتنافس في التعامل اليومي للحفاظ على ما يجب أن تحظى به الإدارة من اعتبار، وعلى ما يمكن أن تفرضه على المرتادين، من ثقة بحسن صنيعها، ووجودهم في عمق انشغالاتها، تخدم، تفي، تخلص، وتواصل الابتكار من أجل حسن خدمتهم في ظل ما يؤمن سيادة القانون، ويؤكد المساواة، ويحرص على تكافؤ الفرص، ويراعي كرامة المرتفق. وأشار التقرير إلى أن تعامل الإدارة مع توصيات ومقررات وسيط المملكة، يعمق الهوة بينها وبين المرتفق أكثر مما يخدم موقفها.
وحسب التقرير، فقد شهدت سنة 2018 ارتفاعا ملحوظا في إجمالي الشكايات المتوصل بها، بحيث وصل إلى 9865، بنسبة نمو بلغت 5,19 % مقارنة مع سنة 2017، بالرغم من أن الشكايات التي تدخل ضمن اختصاص المؤسسة، شهدت استقرارا نسبيا إذ لم تتعد 2738 شكاية بنسبة 27,8 % وإن عرفت وتيرة تصفية هذه الشكايات نوعا من الانخفاض الطفيف، إذ لم تتجاوز نسبة 45,3 % من مجموع ملفات الاختصاص، عوض 56,5 % كنسبة تم تسجيلها سنة 2017، وعلى مستوى التوصيات الصادرة عن المؤسسة سجلت هذه السنة أيضا انخفاضا، بحيث لم يتجاوز 86 توصية، لم تستجب الإدارة إلا ل 13 توصية منها أي بنسبة 15,1 % من التوصيات الصادرة في الملفات المسجلة خلال السنة، كما أن نسبة القضايا التي تمت تسويتها نهائيا خلال سنة 2018، لم تتعد 480 قضية من أصل 2110 شكايات موجهة إلى الإدارات المعنية، أي بنسبة لا تتجاوز 22 ,75 % وهي نسبة تبقى متواضعة جدا مع حجم الانتظارات، يضيف التقرير، علما أن مدى تجاوب الإدارة مع المساعي التي تبذلها المؤسسة، يبقى دون التطلعات ودون المستوى المتوخى، كما أن نسبة مهمة من الشكايات تم ترحيل معالجتها إلى سنة 2019، بسبب عدم تلقي المؤسسة في شأنها أي جواب يذكر من الإدارات المعنية.
وخلص التقرير إلى أن مستوى استجابة بعض الإدارات المعنية لمطالب المشتكين، يبقى متواضعا بالنظر إلى حجم الشكايات التي تمت دراستها وإحالتها عليها، مشيرا إلى أن بعض الإدارات المعنية اتصف موقفها بالإيجابية والفعالية في الاستجابة لعدد من المطالب التي تقدم بها المشتكون، كما أن بعض الإدارات تتعامل بموقف سلبي تجاه قرارات المؤسسة، ما ينعكس سلبا على وضعية المشتكين المتضررين من أعمالها المجانبة للصواب، كما أن المواقف السلبية للإدارات تجاه قرارات المؤسسة، يعمق ضعف منسوب الثقة في المؤسسات، وينمي الإحساس بالظلم لدى المرتفق.
وأشار التقرير إلى أن وقوع الخطأ في تدبير الشأن الإداري محتمل، إلا أن عدم تداركه وعدم الحرص على السقوط فيه، بما يجعل التمادي فيه سلوكا ونمطا، هو أمر غير مقبول، ولا تجد الإدارة ما يشفع لها في التراخي في صده وتطويقه، مبرزا أن الوقوف على أوجه الاختلالات مع ما صدر من توصيات ومقترحات، يبقى جوهريا لأنه يهدف إلى تنبيه الإدارة إلى ما قد يتسرب لدواليبها من ممارسات، ودعوتها إلى اتخاذ ما يلزم لتصحيحها من إجراءات، وأضاف "لكن الصعب هو استمرار ملاحظة بعض الثغرات ونقط الضعف والاختلالات التي أشارت إليها التقارير السنوية السابقة، بالإضافة إلى ما طرأ منها برسم هذه السنة".
ومن بين الاختلالات التي رصدها التقرير، هناك اختلالات أفقية أفقية تهم مجوعة من القطاعات، وعمودية تهم قطاعات بعينها، ويتعلق الأمر بالصعوبات الناتجة عن تغيير هيكلة الحكومة، حيث كثيرا ما يلي إقرار تعديل حكومي إعادة هيكلة تركيبة الحكومة بإحداث وزارات جديدة أو إدماج أخرى وضمها إلى غيرها، وتكون هناك التزامات في ذمة أحد القطاعات الوزارية المعنية بالتغيير، والتي لم يعد لها وجود بالصيغة التي كانت عليه أو سبق صدور أحكام، وينتج عن ذلك صعوبات في الوفاء بهذه الالتزامات أو تنفيذ ما كان قد سبق الحكم به، كما وقف التقرير على تعثر تنفيذ الأحكام الصادرة ضد الإدارة، الذي يستأثر كل يوم بانشغال الفاعلين والمهتمين، مشيرا إلى نسبة التظلمات من عدم تنفيذ الأحكام التي تشكل 8,6 % من التظلمات التي تدخل في نطاق اختصاص المؤسسة، وأكد التقرير أن الإدارة عجزت عن التغلب على هذا الاختلال، ما يرسخ صورة سلبية لدى المتقاضين مفادها أن الإدارة ليست فقط غير مبادرة إلى التنفيذ في الآجال المعقولة، بل هي أيضا متماطلة فيه، وفي حالات أخرى ممتنعة عن التنفيذ، ما يجعل المحكوم له يبادر إلى سلوك مسطرة التنفيذ الجبري للضغط على الإدارة.