توصلت فرق الأغلبية البرلمانية المساندة للحكومة إلى توافق حول التعديلات المقترحة على مشروع القانون الجنائي المعروض على لجنة العدل والتشريع بمجلس النواب، وذلك بعد "بلوكاج" دام حوالي أربع سنوات، بسبب بروز خلافات قوية حول بعض المواد، وخاصة تقنين الإجهاض وتجريم الإثراء غير المشروع.
وأفادت مصادر برلمانية بأن الأغلبية اكتفت بتعديلات شكلية لم تمس جوهر المشروع المعروض على البرلمان، وخاصة في ما يتعلق بتقنين الإجهاض وتجريم الإثراء غير المشروع، وبالتالي فإن جميع المكونات الحكومية تساند مقتضيات القانون، الذي يتضمن مجموعة من المستجدات التي تنص على تقنين الإجهاض، حيث لا يعاقب على الإجهاض، إذا كان الحمل ناتجا عن اغتصاب أو زنا المحارم، شريطة أن يقوم به طبيب في مستشفى عمومي أو مصحة معتمدة لذلك، وأن يتم قبل اليوم التسعين من الحمل، وأن يتم الإدلاء بشهادة رسمية تفيد بفتح مسطرة قضائية يسلمها الوكيل العام للملك المختص بعد تأكده من جدية الشكاية، وأن يشعر الطبيب مندوب وزارة الصحة بالإقليم أو العمالة قبل إجراء عملية الإجهاض، وأن يتم إرشاد الحامل من قبل الطبيب شخصيا أو بواسطة مساعدة اجتماعية إلى الإمكانيات القانونية المتاحة لها بخصوص كفالة الطفل وإلى الأخطار الصحية التي يمكن أن تتعرض لها جراء الإجهاض.
ولا يعاقب القانون الجديد على الإجهاض إذا كانت الحامل مختلة عقليا شريطة أن يقوم به طبيب في مستشفى عمومي أو مصحة معتمدة لذلك، وأن يتم قبل اليوم التسعين من الحمل، وأن يتم بموافقة الزوج أو أحد الأبوين إذا لم تكن متزوجة أو النائب الشرعي إذا كانت قاصرة أو الشخص أو المؤسسة المعهود لها برعايتها، وأن يتم الإدلاء بما يفيد بإصابة الحامل بالخلل العقلي. كما ينص القانون على عدم المعاقبة على الإجهاض، إذا قام به طبيب في مستشفى عمومي أو مصحة معتمدة لذلك، في حالة ثبوت إصابة الجنين بأمراض جينية حادة أو تشوهات خلقية خطيرة غير قابلة للعلاج وقت التشخيص، بواسطة شهادة تسلمها لجنة طبية يعينها وزير الصحة بكل جهة من الجهات، على أن يتم الإجهاض قبل مرور 120 يوما من الحمل. ويلزم القانون كل مستشفى عمومي أو مصحة معتمدة لإجراء الإجهاض أو يحتمل أن تجرى بها عمليات الإجهاض، أن تمسك سجلا خاصا يحدد نموذجه بقرار للسلطة الحكومية المكلفة بالصحة ويتم توقيعه وترقيم أوراقه قبل البدء في استعماله من قبل وكيل الملك لدى المحكمة الابتدائية التي يقع بدائرة نفوذها مقر المستشفى أو المصحة.
وبخصوص تجريم "الإثراء غير المشروع، ينص القانون على أنه "يعد مرتكبا لجريمة الإثراء غير المشروع، ويعاقب بغرامة من 100 ألف إلى مليون درهم كل شخص ملزم بالتصريح الإجباري بالممتلكات طبقا للتشريع الجاري به العمل ثبت بعد توليه للوظيفة أو المهمة أن ذمته المالية، أو ذمة أولاده القاصرين الخاضعين للتصريح عرفت زيادة كبيرة وغير مبررة انطلاقا من التصريح الذي أودعه المعني بالأمر بعد صدور هذا القانون، مقارنة مع مصادر دخله المشروعة، ولم يدل بما يثبت المصدر المشروع لتلك الزيادة، ويجب في حالة الحكم بالإدانة مصادرة الأموال غير المبررة طبقا للفصل 42 من نفس القانون، والتصريح بعدم الأهلية لمزاولة جميع الوظائف أو المهام العمومية".
وأحال المجلس الوطني لحقوق الإنسان مذكرة جديدة حول مشروع القانون رقم 10.16 المتعلق بتعديل القانون الجنائي على رئيسي مجلسي البرلمان وإلى الفرق البرلمانية. وأوضح المجلس أن مذكرته تأتي بعد أن "تابع النقاش الذي انخرط فيه المغاربة، نساء ورجالا، انتصارا للحريات الفردية وحماية الحياة الخاصة، وعاين المأساة الإنسانية وحالات اليأس التي يرزح تحتها المحكومون بالإعدام، وسجل وقائع العنف المتزايدة، سواء البدني أو اللفظي، في الفضاءات العامة والخاصة، ليترافع من أجل قانون جنائي يحمي الحريات ويستوفي مبادئ الشرعية والضرورة والتناسبية"، مشيرا إلى إن "توصيات المجلس الوطني تغطي عدة مجالات من القانون الجنائي، بما في ذلك ما يتصل بعدم تقادم التعذيب، وزجر ضروب المعاملة القاسية وللاإنسانية والحاطة بالكرامة، ومكافحة الاختفاء القسري، وتجريم التحريض على العنف والكراهية والتمييز".
وهمت توصيات المجلس الفصول المتعلقة بالإجهاض الفصل 449 إلى 452 من القانون الجنائي، وتتضمن السماح للسيدة الحامل بوضع حد لحملها في الحالة التي يكون فيها تهديد لحياتها الجسدية أو النفسية أو الاجتماعية. وبررت المذكرة التوصية بالمواكبة التشريعية الحمائية لواقع الإجهاض السري بالمغرب والتصدي للظاهرة بطريقة عقلانية، والعمل على تجنيب النساء وعدد مرتفع بينهن من المراهقات والشابات المغربيات مخاطر الإجهاض السري، بالإضافة إلى مكافحة الإجهاض السري ولوبيات المتاجرين بأجساد النساء المغربيات في الظروف القاسية والمؤلمة التي تصاحب الإجهاض السري للنساء الحوامل.