فجر مستشار برلماني قنبلة من العيار الثقيل تحت قبة مجلس المستشارين، وذلك بحضور وزير العدل، محمد بنعبد القادر، عندما وجه اتهامات لمصالح وزارة التجهيز والنقل بالسطو على عقارات الغير بمدينة الداخلة، وذلك بدون احترام الإجراءات والمساطر القانونية، وطالب بفتح تحقيق في الموضوع، واضعا راهن إشارة الوزير والمصالح المختصة كل الوثائق والأدلة التي تثبت ذلك.
وقال المستشار البرلماني عن الفريق الحركي، يحفظه بنمبارك، في سؤال موجه إلى وزير العدل حول انتشار ظاهرة السطو على عقارات الغير، خلال جلسة الأسئلة الشفوية التي عقدها مجلس المستشارين، الثلاثاء، إن الظاهرة تعرف انتشارا واسعا، بشكل يمس صورة المغرب كدولة للحق والقانون، مما حذا بالملك محمد السادس، باعتباره الساهر على حماية حقوق وممتلكات المواطنين، إلى إصدار تعليماته لوزير العدل للعمل على التصدي لهذه الإشكالية.
وأوضح المستشار البرلماني أنه رغم المجهود القانوني المبذول للتصدي لهذه الظاهرة، عبر القانون رقم 39.08 كما تم تحيينه، إلا أن مضامين هذا القانون، خاصة المادة 2 منه، لازالت تحمل ثغرات تسمح بالسطو على أملاك الغير، بتغطية قانونية، خاصة اشتراط أربع سنوات للاطلاع على وضعية العقار، من طرف المالك الحقيقي، وحصر رفع الدعوى القضائية في أجل محدد في أربع سنوات، ما اعتبره "إجراء لا معنى له ".
وأكد البرلماني، في سؤاله، أن أهمية هذا الموضوع تعكسها آلاف القضايا المعروضة على أنظار المحاكم، ولتقريب الصورة، عرض على وزير العدل، فضيحة تتعلق بالسطو على عقارات بمدينة الداخلة من طرف مديرية التجهيز، مشيرا إلى أنها مقبلة على محاولة ثانية للاستيلاء على عقارات أخرى، دون موجب حق، حيث ارتكبت خطأ جسيما في المساس الصارخ بحق الملكية المكفول دستوريا، وذلك بافتعال مسطرة معيبة شكلا، من خلال ادعائها أنها قامت بنشر إعلان التحديد بالجريدة الرسمية بالرباط، وتعليقه في نفس اليوم بمدينة الداخلة، وتساءل "أهذا يعقل السيد الوزير؟ مع العلم أن هذه العقارات تقدم مالكوها الحقيقيون بطلب التحفيظ بدون جدوى".
وفي رده، أكد بنعبد القادر أنه، تنفيذا للتعليمات الملكية بشأن التصدي لظاهرة الاستيلاء على عقارات الغير، تم تشكيل لجنة تحت رئاسة وزير العدل وضمت في عضويتها مختلف القطاعات الحكومية بل حتى وزارة الخارجية، لأن الأمر يتعلق بفئات عريضة من مغاربة العالم، ووزارة الداخلية والوكالة القضائية للمملكة، والوكالة الوطنية للمحافظة العقارية، وجمعية هيئات المحامين بالمغرب، إلى جانب الموثقين والعدول. وأضاف بنعبد القادر أنه، مباشرة بعد تشكيل اللجنة المكلفة بالتصدي للاستيلاء على عقارات الغير، عقدت هذه اللجنة عدة اجتماعات بمقر الوزارة واتخذت العديد من الإجراءات والتدابير، على المستوى التنظيمي والتشريعي، أسست لمقاربة حكومية واضحة ساهمت في الحد من هذه الظاهرة. وكشف الوزير أن عدد القضايا المسجلة في موضوع السطو على عقارات الغير، بلغ 40 ملفا، منها تسعة ملفات معروضة على قضاء التحقيق، وستة ملفات في المرحلة الابتدائية، و14 ملفا في المرحلة الاستئنافية، وأربعة ملفات معروضة على محكمة النقض، وسبعة ملفات توجد في مرحلة البحث التمهيدي.
وتابع بنعبد القادر أنه، في المجال التشريعي، كانت هناك تدابير مهمة تم إدخالها على مدونة الحقوق العينية، وعلى مجموعة القانون الجنائي، وعلى قانون المسطرة الجنائية، لتوفير ما يلزم من الضمانات ومن التقييدات، حتى تصبح عقارات الغير في منأى عن هذه الظاهرة. وفي المجال التنظيمي، كان أهم تدبير أو إنجاز هو المتعلق بإنجاز تطبيق إلكتروني من طرف الوكالة الوطنية للمحافظة العقارية يحمل اسم "محافظتي" يتم من خلاله إشعار المالكين بالتقييدات التي تنجز على رسومهم العقارية عبر رسائل نصية إلكترونية، كما تم القيام بعملية جرد وحصر للعقارات المحفظة المهملة المملوكة لمتغيبين أجانب ومغاربة لاتخاذ الترتيبات اللازمة لحمايتها، والتي أسفرت عن حصر 4037 رسما عقاريا مهملا، وتم اتخاذ مجموعة من التدابير والإجراءات لحماية هذه العقارات من خلال وضع تنبيه خاص يتضمن عبارة «عقار مهمل» بملف الرسم العقاري المعني، وكذا بقاعدة المعطيات العقارية المعلوماتية لدى المحافظة العقارية، مع حث المحافظين على الأملاك العقارية على الاحتراز الشديد في دراسة المعاملات والبت في الطلبات التي ترد عليهم والمتعلقة بالعقارات المهملة.