تحسس عدد من رؤساء الجماعات القروية والحضرية بجهة طنجة، رؤوسهم مباشرة بعد تحرك "مقصلة" الداخلية مؤخرا، عبر عملية عزل في حق رؤساء الجماعات على مستوى التراب الوطني، في إطار تحريك المحاسبة في حق المتورطين في التلاعبات المالية وغيرها من الصفقات داخل المجالس الجماعية المنتخبة.
وعلى مستوى جهة طنجة، لوحدها أصدر قضاة الحسابات عددا من التقارير التي تنتظر التأشير عليها من طرف مصالح الداخلية وإحالتها على القضاء ليقول كلمته، ناهيك عن تقارير أخرى للجان التفتيش التابعة للوزارة الوصية على الجماعات.
جماعة طنجة وشركات التنمية المحلية
مباشرة بعد تحرك المحاسبة في حق عدد من رؤساء الجماعات على مستوى التراب الوطني، لجأت جماعة طنجة، إلى منح التسيير لشركات التنمية المحلية، على غرار الدار البيضاء التي يشرف عليها حزب العدالة والتنمية، مما سيعفي المسيرين من مسؤولية التورط في بعض الصفقات عن قرب، بالرغم من الإشراف المباشر والتأشير على الميزانيات.
وعلى مستوى جماعة طنجة، سبق لتقرير صدر خلال سنة 2017 للمجلس الأعلى للحسابات، أن رسم صورة قاتمة حول التسيير في عدة مرافق منها سوق الجملة للخضر للفواكه والمحجز الجماعي. ومن الحقائق المتعلقة بمرفق سوق الجملة، والتي أماط عنها المجلس اللثام وقتها، كون مداخيل الجماعة الناتجة عن الرسم المفروض على البيع بسوق الجملة للخضر والفواكه، شهدت تطورا ملحوظا في الفترة مابين 2012 و 2016 بلغت زيادة قدرها 40 في المائة حيث انتقلت من 23 مليون درهم، إلى 32 مليون درهم، ما جعل قضاة الحسابات يوجهون 42 توصية للجماعة بغرض تفعيلها، غير أنه بعد عودتهم للتسيير تبين أن هذه التوصيات غير مفعلة، منها الأولى المتعلقة بإنجاز الأشغال المتعلقة بتدارك العيوب الملاحظة في الطرق الداخلية للسوق على نفقة المقاول، أما الثانية فتهم توفير الشروط المناسبة للتهوية داخل مربعات السوق، حفاظا على جودة الخضر والفواكه المعروضة، غير أن الجماعة لم تفعلها بعد، وذلك بالرغم من أن طبيعة البضاعة المعروضة والمخزنة في مربعات سوق الجملة تستلزم وضع نظام للتهوية مناسب وفعال حتى يمكن من الحفاظ على جودتها وتفادي تلفها.
ومن التوصيات أيضا ما يرتبط برسوم من قبيل فرض الرسم على البيع على كافة المنتوجات التي تدخل إلى السوق، فضلا عن تطبيق الرسم المفروض على بيع الموز والفواكه المستوردة بناء على الثمن الفعلي للبيع، ثم تأسيس الرسم المفروض لعمليات البيع على الثمن الفعلي لذلك. وأضاف التقرير أن الجماعة قد أنجزت التوصية الأولى، كليا والتوصية الثانية جزئيا ووعدت بتفعيل التوصية الثالثة حال البدء في استغلال السوق الجديد.
المحجز والملف الأسود
من ضمن المرافق التابعة لجماعة طنجة التي شملها افتحاص قضاة الحسابات وأضحت تهدد بجر القائمين عليه المنتخبين والإداريين للمحاسبة، يوجد المحجز الجماعي الذي يتمركز وسط المدينة بشارع مولاي عبد العزيز، حيث أحدث هذا المحجز منذ بداية سبعينيات القرن الماضي، غير أنه لم يعد يلبي طلبات المهنيين. وفي هذا الصدد لاحظ المجلس الجهوي للحسابات، وجود قصور في بلورة تصور عن تدبير المرفق، حيث إنه من خلال تصريحات الموظفين المسؤولين عن تسيير المحاجز الجماعية والإشراف عليها، وبالرجوع لمحاضر دورات المجلس الجماعي تبين أن الجماعة لم تقم ببلورة تصور واضح المعالم لهذا المرفق. ومن تجليات غياب هذه الرؤية، عدم إدراج تدبير المحاجز في أي جدول من جداول أعمال دورات المجلس الجماعي المنعقدة خلال الفترة المعنية بالمراقبة بين بداية سنة 2009 ومنتصف سنة 2016، كما كشف التقرير الذي وصف وقتها بالأسود، بعدة اختلالات منها التلاعبات التي طالت السيارات، ومداخيل المحجز التي يكتنفها الغموض.
جماعات حضرية في مرمى التسيير
سبق لتقرير سابق لمجلس الحسابات لسنتي 2016 و2017، أن كشف عن عدة فضائح مالية في التسيير، والذي قال إن نفقات التسيير تحتل حيزا مهما في بنية النفقات الاعتيادية للجماعات الحضرية بأقاليم طنجة، إذ تجاوزت نسبتها 55 بالمائة وهي أدنى نسبة سجلتها سنة 2014 مقارنة مع النسب المسجلة في السنوات التي همت عملية الافتحاص، حيث تستأثر نفقات الموظفين بالمرتبة الثانية من حيث الأهمية، إذ أن أقل نسبة شكلتها، بلغت 35 بالمائة في سنة 2016 وأعلى نسبة بلغت 38 بالمائة سنة 2014، وبالرغم من الانخفاض النسبي الذي عرفته نفقات الموظفين خلال السنوات 2014 حتى حدود سنة 2016، إلا أن ذلك له تأثير على منحى تطور نفقات التسيير بسبب ازدياد النفقات الاعتيادية الأخرى التي نمت بنسبة 16 بالمائة خلال المدة المذكورة، مما أدى إلى ارتفاع مجموع نفقات التسيير بنسبة 7 في المائة. وشدد التقرير نفسه، على أن هذا الأمر تمخض عنه تنفيذ ميزانيات التسيير الرئيسية للجماعات الحضرية المشار إليها، خلال السنوات الثلاث الأخيرة فائض تم تحويله إلى الجزء الثاني لتمويل عمليات التجهيز طبقا للقواعد المعمول بها، حيث بلغ تباعا 203 مليون درهم و297 مليون درهم و204 مليون درهم، في الوقت الذي ساهم نمو نفقات التسيير في سنة 2016 بإيقاع أكبر من مداخيل التسيير في انخفاض الجزء الأول بقيمة 92 مليون درهم سنة 2016.
جماعات قروية وملايين العجز
عدد من الجماعات القروية هي الأخرى لم تغفلها التقارير الرسمية، والتي سبق أن كشفت عن عدة اختلالات مالية وكذا في التدبير، منها أن الجماعات القروية هي الأخرى تعاني من صعوبة في التحكم في اعتمادات التجهيز كجماعة البحراويين وأصيلة واكزناية وسب الزينات والعوامة بطنجة، في حين تعرف الجماعات بالعرائش والقصر الكبير هي الأخرى نفس المنحى، إذ تمت برمجة مشاريع استثمارية لم تجد طريقها إلى التنفيذ، فعند متم سنة 2016 عجزت هذه الجماعات عن تنفيذ 539 مليون درهم من الاعتمادات المبرمجة. وعموما تقول التقارير الرسمية إن نسبة الاعتمادات المتوفرة، برسم ميزانية التجهيز خلال الفترة المذكورة، لم تتجاوز في أحسن الأحوال 35 في المائة سنة 2014 مقارنة بالسنوات الفارطة، كما سجلت تراكم السيولة المالية لدى هذه الجماعات والتي عزاها تقرير سابق، إلى التدبير غير الناجع لميزانية التجهيز، مما يؤدي إلى تكدس الفوائض المالية.