على غرار قانون الإطار المتعلق بالتربية والتعليم، انقلب فريق العدالة والتنمية بمجلس النواب على حلفائه داخل الأغلبية الحكومية، باتخاذ قرار انفرادي، بسحب التعديلات المقترحة على مشروع القانون الجنائي، المتعلقة بتجريم الإثراء غير المشروع، بعد التوافق عليها.
بين الأغلبية والمعارضة
قرر فريق العدالة والتنمية سحب التعديل 31 الذي تقدم به بمعية فرق الأغلبية بشأن مشروع قانون رقم 10.16 القاضي بتغيير وتتميم مجموعة القانون الجنائي، والإبقاء على الفرع 4 مكرر المتعلق بـ"الإثراء غير المشروع" كما جاءت به الحكومة في المشروع المذكور، مع تمسك الفريق ببقية التعديلات المقدمة آنفا بمعية فرق الأغلبية، ويتعلق الأمر بالتعديل الذي تقدمت به فرق الأغلبية، حول مواد الإثراء غير المشروع، حيث اقترحت ألا يخضع المعنيون للمحاسبة إلا بعد انتهاء مهامهم سواء الإدارية أو الانتدابية، وحصر مهمة المحاسبة في المجلس الأعلى للحسابات، والاقتصار في التصريح بالممتلكات بالنسبة للمعني وأبنائه فقط، دون الأخذ بعين الاعتبار الممتلكات المصرح بها قبل تولي المهمة الإدارية أو الانتدابية.
وتقترح مكونات الأغلبية، من خلال التعديلات المقترحة، منح الصلاحيات للمجلس الأعلى للحسابات لكي يثبت تجاوز ما تم التصريح به بعد نهاية المهمة وليس أثناءها، ويجب أن تكون المقارنة مع ما صرح به من دخل انطلاقا من التصريح بالممتلكات الذي أودع المعني بالأمر، وليس مصادر دخله، رغم أن التصريح بالممتلكات بدوره تشوبه ثغرات ونقائص، ومنذ الشروع بالعمل به لم نسمع بأي وزير أو برلماني أو رئيس جماعة تمت محاسبته على تضخم ثروته. وعلى النهج نفسه، يقترح فريق الأصالة والمعاصرة ومعه مجموعة حزب التقدم والاشتراكية، أن لا تتم المتابعة إلا بناء على تقرير معد من قبل المجلس الأعلى للحسابات في حق الشخص المعني بالأمر.
أما الفريق الاستقلالي فطالب بالتنصيص على عقوبات حبسية في القانون، واقترح الفريق معاقبة مرتكبي جريمة الإثراء غير المشروع، بالسجن من خمس إلى عشر سنوات وبغرامة من 100.000 درهم إلى 1.000.000 درهم، كل شخص كيفما كانت صفته، يعهد إليه في حدود معينة بمباشرة وظيفة أو مهمة ولو مؤقتة بأجر أو بدون أجر ويساهم بذلك في خدمة الدولة أو المصالح العمومية أو الهيئات البلدية أو المؤسسات العمومية أو مصلحة ذات نفع، ثبت بعد توليه للوظيفة أو المهمة أن ذمته المالية أو ذمة أولاده القاصرين الخاضعين للتصريح عرفت زيادة ملحوظة، وغير مبررة، مقارنة مع مصادر دخله المشروع، ولم يدل بما يثبت المصدر المشروع لتلك الزيادة، يقترح الفريق توسيع نطاق الموظفين العموميين المعنيين بهذا الفصل من الملزمين بالتصريح إلى الموظف العمومي وفق تعريف الفصل 224 من مجموعة القانون الجنائي، والحكم بالعقوبة السالبة للحرية إسوة بجرائم الرشوة والحصول على منفعة غير مستحقة من استغلال الوظيفة المنصوص عليها في الفصل 245-1 وكذلك تماشيا مع توصيات الاتفاقية الأممية لمكافحة الفساد والقانون المقارن خاصة الفرنسي.
حذف العقوبات الحبسية
كان وزير العدل والحريات السابق، مصطفى الرميد، تراجع عما تضمنه القانون من عقوبات حول محاربة الفساد الإداري والمالي، ومنها تجريم الإثراء غير المشروع بالنسبة للموظفين والمنتخبين، وتم تعديل المادة التي كانت في النسخة الأولى للمشروع، تنص على أنه يعد مرتكبا لجريمة الإثراء غير المشروع، ويعاقب بالسجن من شهرين إلى سنتين وغرامة مالية من 5 آلاف إلى 50 ألف درهم، كل موظف عمومي، ثبت بعد توليه للوظيفة، أن ذمته المالية عرفت زيادة ملحوظة، وغير مبررة، مقارنة مع مصادر دخله المشروع، ولم يدل بما يثبت المصدر المشروع لتلك الزيادة، ويمكن في حالة الحكم بالإدانة، الحكم بمصادرة الممتلكات طبقا لمقتضيات الفصل 42 من القانون الجنائي، لكن الرميد استسلم للضغوطات وحذف العقوبات الحبسية من هذه المادة واكتفى بالغرامة، بالإضافة إلى تقليص فئة المعنيين بهذا القانون في فئة الموظفين الخاضعين للتصريح الإجباري بالممتلكات.
وتنص الصيغة الحالية المعروضة على البرلمان على أنه "يعد مرتكبا لجريمة الإثراء غير المشروع، ويعاقب بغرامة من 100 ألف إلى مليون درهم كل شخص ملزم بالتصريح الإجباري بالممتلكات طبقا للتشريع الجاري به العمل ثبت بعد توليه للوظيفة أو المهمة أن ذمته المالية، أو ذمة أولاده القاصرين الخاضعين للتصريح عرفت زيادة كبيرة وغير مبررة انطلاقا من التصريح الذي أودعه المعني بالأمر بعد صدور هذا القانون، مقارنة مع مصادر دخله المشروعة، ولم يدل بما يثبت المصدر المشروع لتلك الزيادة، ويجب في حالة الحكم بالإدانة مصادرة الأموال غير المبررة طبقا للفصل 42 من نفس القانون، والتصريح بعدم الأهلية لمزاولة جميع الوظائف أو المهام العمومية".