أثار إعلان الملياردير الأمريكي مايكل بلومبيرغ عن دخوله السباق الرئاسي الأمريكي قلقا وخوفا في صفوف المرشحين البارزين عن الحزب الديموقراطي وزاد من المنافسة بينهم. أما بالنسبة للرئيس الأمريكي دونالد ترامب فقد بدأ هجومه عن طريق تغريداته المستفزة المعتادة، خصوصا بعد تصريح بلومبيرغ بأن الهدف الرئيسي من ترشحه هو هزم ترامب وإعادة بناء أمريكا.
ولد مايكل روبنز بلومبيرغ في 14 فبراير من عام 1942 في بوسطن، ماساتشوستس. وكان والده ويليام هنري بلومبيرغ، المهاجر البولندي، محاسبا لدى شركة أجبان وألبان، أما والدته فكانت شارلوت بلومبيرغ مواطنة من مدينة جيرسي، نيو جيرسي.
درس بلومبيرغ في جامعة جون هوبكينز وتخرّج منها عام 1964 بشهادة البكالوريوس في الهندسة الكهربائية، وحصل على درجة الماجستير في إدارة الأعمال من كلية هارفارد لإدارة الأعمال عام 1966.
أصبح بلومبيرغ شريكاً عاماً لدى شركة Salomon Brothers ، وهي بنك استثماري في Wall Street حيث شغل مهمة تطوير الأنظمة هناك. وعندما بيعت شركة Salomon Brothers عام 1981 كان يملك أسهما بقيمة 10 ملايين دولار كشريك في هذه الشركة.
بداية ثروته
استخدم بلومبيرغ أمواله لينشئ شركته الخاصة التي كان اسمها Innovative Market Systems. كانت خطته في العمل تنطوي على أنّ شركات Wall Street والمجتمع المالي بشكلٍ عام يرغب بالحصول على معلومات حول سوق العمل والأعمال ذات جودة عالية، بأقصى سرعة ممكنة وبمختلف الوسائل والطرق الممكنة.
قامت بعدها شركة ميريل لينش لخدمات التمويل العالمية باستثمار ما يقارب 30 مليون دولار أمريكي في الشركة، وأصبح اسمها Bloomberg L.P عام 1987. اعتمدت هذه الشركة على حواسيب لإدارة المعلومات المالية والبنكية وكان لها الدور الأكبر في تطوير الطريقة التي يتم بها تخزين البيانات الآمنة واستخدامها. قامت الشركة بإطلاق خدمات رديفة أخرى لاحقاً مثل Bloomberg News، Bloomberg Message، وBloomberg Tradebook.
حصدت هذه الشركة نجاحاً هائلاً وامتدت حتى إلى عالم وسائل الإعلام مع أكثر من 100 مكتب منتشر حول العالم.
قرر بلومبيرغ التحوّل إلى العمل الخيري بعد هذه الثروة، حيث ركّز بشكلٍ خاص على دعم التعليم، البحث الطبي والفنون.
مساره السياسي
دخل بلومبيرغ ميدان السياسة عام 2002 عندما نجح في الانتخابات وأصبح المحافظ 108 لنيويورك. كان من أنصار حزب الجمهوريين الليبراليين لكنّه تحوّل ليصبح مستقلا، وكان من الأشخاص الموالين لفرض قوانين صارمة حول حيازة السلاح.
يعد تأسيس 311 خطا تليفونيا يصل المتصلين مع المسؤولين في المدينة، من أهم وأشهر المشاريع التي نفذها بلومبيرغ، تسمح هذه الخطوط بالإبلاغ عن الجرائم، مشكلات النفايات، أو أي شيء آخر. أنفق بلومبيرغ 78 مليون دولار أمريكي على حملته الانتخابية الجديدة عام 2005 متجاوزاً بذلك أعلى رقم سُجل سابقاً، والذي كان 74 مليون دولار أمريكي في حملته السابقة. ثم قرر عام 2008 أن يرشح نفسه مرة ثالثة، وليستطيع فعل ذلك كان عليه أن يتحدّى التشريعات الخاصة بالمرات التي يحق لمحافظٍ ما أن يشغل هذا المنصب، والتي كانت لا تتجاوز المرتين بحسب تشريعات نيويورك. أثارت رغبته تلك جدالاً واسعاً، لكنّه كان دائماً ما يردّ بأن البلاد مرّت بأزمةٍ اقتصاديةٍ كبرى وأنّ الوضع الاقتصادي الصعب يحتاج إلى شخصٍ متمكن وخبير مثله يملك المهارات الكافية لتحدي مختلف الظروف.
وبعد أن صرف الكثير من الأموال وبشكلٍ غير مسبوق على حملته الانتخابية (تجاوزت تكاليف الحملة 90 مليون دولار أمريكي)، وافق مجلس المدينة على تمديد الحد الأقصى لثلاث دورات انتخابية مكوّنة من أربع سنوات، وبذلك عاد بلومبيرغ إلى مكتبه مجدداً.
وابتعد بلومبيرغ عن السياسة عام 2014، وقضى تلك السنة يركّز على الأعمال الخيرية قبل أن يعود إلى شركته Bloomberg L.P. ليشغل فيها منصب المدير التنفيذي.
وظل بلومبيرغ ديمقراطيا حتى عام 2001 عندما أعلن انضمامه للحزب الجمهوري قبل ترشحه لانتخابات عمدة نيويورك عام 2001، حيث تولى المنصب نحو ثلاث مرات حتى عام 2013.
ترك بلومبيرغ الحزب الجمهوري عام 2008 ليصبح مستقلا، وفي عام 2018 أعاد الملياردير الأمريكي تسجيل نفسه مرة أخرى في صفوف الحزب الديمقراطي.
وأعلن الملياردير، أخيرا، الترشح عن الحزب الديمقراطي في انتخابات الرئاسة الأمريكية المقبلة، كما صرح بأنه مستعد لإنفاق كل ثروته لإخراج دونالد ترامب من البيت الأبيض. وأشار بلومبيرغ، الذي يحتل المرتبة الثامنة في قائمة أغنى أثرياء الولايات المتحدة، إلى أن «الأولوية الأولى هي التخلص من دونالد ترامب، وأن أنفق كل أموالي لتحقيق هذا الهدف».
الترشح للرئاسة
أعلن الملياردير مايكل بلومبيرغ، يوم الأحد 24 نونبر 2019، ترشحه للرئاسة الأمريكية، لينضم إلى مجموعة كبيرة من المرشحين الديموقراطيين الساعين للحصول على ترشيح حزبهم لمنافسة الرئيس الجمهوري دونالد ترامب، في الانتخابات الرئاسية الأمريكية المنتظرة في 2020.
وقال بلومبيرغ، البالغ من العمر 77 عاما، على موقعه على الإنترنت مع انطلاق حملته الدعائية البالغة كلفتها 30 مليون دولار، «سأترشح للرئاسة لأهزم دونالد ترامب وأعيد بناء أمريكا». وأنهى الإعلان التكهنات حول نوايا بلومبيرغ الذي يستعد منذ أسابيع لدخول سباق الانتخابات التمهيدية وتسجيل اسمه مع لجنة الانتخابات الفدرالية.
وأضاف بلومبيرغ «لا يمكننا تحمل أربع سنوات أخرى من تصرفات ترامب الطائشة وغير الأخلاقية». وأشار إلى أن ترامب «يمثل تهديدا وجوديا لبلادنا وقيمنا. وفي حال فوزه بولاية أخرى، فربما لا نتعافى أبدا من الأضرار».
وبثروة مقدارها 50 مليار دولار، سيهز بلومبيرغ المنافسة المفتوحة التي يشارك فيها 17 مرشحا ديموقراطيا. ويقود نائب الرئيس السابق جو بايدن السباق ويتقدم على اليساريين اليزابيث وارن وبيرني ساندرز، بينما يأتي المعتدل بيت بوتغيغ في المرتبة الرابعة، بحسب استطلاعات الرأي.
أول مناظرة انتخابية
واجه الملياردير الأمريكي مايكل بلومبيرغ، المرشح الرئاسي الذي يتعرض لانتقادات لامتلاكه ثروة كبيرة، وقد دُعي بإلحاح إلى تفسير فترات محرجة من ماضيه، صعوبات في الردّ على وابل من الهجمات العنيفة أثناء المناظرة الحامية، والتي تعتبر أول مناظرة له. وقالت السيناتور التقدمية إليزابيث وارن: «أودّ التحدث عن خصمنا. هو ملياردير ينعت النساء بالبدينات والمثليات. كلا أنا لا أتحدث عن دونالد ترمب. أتحدث عن مايكل بلومبر». واتهمته أيضاً بأنه «يدعم سياسات عنصرية» في إشارة، خصوصاً، إلى الاستجوابات وعمليات التفتيش التعسفية. وأُرغم بلومبيرغ، أيضاً، على الدفاع عن نفسه مقابل اتهامات بالتحيّز الجنسي وجّهتها إليه موظفات سابقات.
وفي مواجهة هذه الهجمات التي كررها مرشحون آخرون، سعى بلومبيرغ إلى تقديم نفسه على أنه الديمقراطي الأكثر قدرة على الفوز بالانتخابات الرئاسية المرتقبة. وقال: «من يمكن أن يهزم دونالد ترمب؟ ومن يمكنه أن يقوم بالعمل في البيت الأبيض؟ أقول إنني المرشح القادر على القيام بهذين الأمرين». وفي المقابل، قالت وارن (70 عاماً) «الديمقراطيون يجازفون كثيراً إذا نقوم فقط باستبدال ملياردير مغرور بآخر».
وفي بعض الأحيان، خلال المناظرة، بدا بلومبيرغ، الذي لم يشارك في مناظرة منذ أكثر من عشر سنوات، متراجعاً ومتلعثماً كما انتقل من نبرة مترددة إلى لهجة أكثر صرامة. وقدّم نفسه على أنه مسؤول سابق قادر على الحكم وفاعل خير سخي.
ودخل بلومبيرغ، الذي تصنفه مجلة «فوربس» بأنه تاسع أغنى رجل في العالم مع ثروة تُقدّر بنحو 60 مليار دولار، الحملة الانتخابية متأخراً جداً في نونبر ويموّل ترشيحه بمئات ملايين الدولارات تُصرف من حسابه الشخصي. واعتمد بلومبيرغ استراتيجية قلما استخدمت في تاريخ الانتخابات التمهيدية في الولايات المتحدة، بقراره عدم خوض الانتخابات في الولايات الأربع التي تصوت في فبراير، وهي أيوا ونيوهامبشر ونيفادا وكارولاينا الجنوبية. وسيدخل السباق في الثالث من مارس حين ستجري الانتخابات في 14 ولاية.
وقبل خوضه أي انتخابات تمهيدية، حلّ بلومبيرغ في المرتبة الأولى في استطلاعات الرأي على المستوى الوطني، الأمر الذي دفع خصومه لاتهامه بأنه «اشترى» مكانة في الحملة الرئاسية.
ومن جهته، قال السيناتور المستقل بيرني ساندرز (78 عاماً): «مايك بلومبيرغ يملك ثروة كبيرة توازي ما يملكه 125 مليون أمريكي»، معتبراً أنه «أمر غير أخلاقي». وردّ بلومبيرغ على ذلك قائلاً: «جنيت الكثير من المال وسأعطي كل شيء لتحسين هذا البلد».
ووُجّهت، أيضاً، إلى الملياردير انتقادات من جانب خصومه لعدم نشره حتى الآن تصاريحه الضريبية. وحاول بلومبيرغ تبرير تأخّره بحجم المهمّة. ويشدد المرشح الذي كان جمهورياً وأصبح مستقلاً قبل أن يتحوّل إلى ديمقراطي، على عزمه مكافحة التغير المناخي والتصدي لعنف السلاح المنتشر في الولايات المتحدة.
خلافه مع ترامب
صعّد الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، الطامح للفوز بولاية ثانية في الانتخابات المقررة في شهر نونبر، هجومه ضدّ الرئيس السابق لبلدية نيويورك مايكل بلومبيرغ، إذ أطلق عليه اسم «ميني مايك»، في إشارة إلى قصر قامته.
وقال ترامب، في تغريدة، إن «ميني مايك فاشل يملك المال لكنه لا يجيد النقاش وليس له أيّ حضور، سترون»، وأضاف، في تغريدة أخرى، «ميني مايك كتلة من الطاقة الميتة طولها 1,63 متر ولا يريد الصعود على منصة المناظرة مع سياسيين محترفين».
واتهم ترامب بلومبيرغ بأنه عنصري، وجاء ذلك في سياق إعادة نشره مقطعا من تسجيل صوتي يعود إلى عام 2015، يبرر فيه الرئيس السابق لبلدية نيويورك سياسته حول الرقابة الأمنية التي أثارت حينها الكثير من الجدل لتركيزها على الأقليات.
ورغم أن بلومبيرغ دافع عن هذه السياسة مطولاً، إلا أنه اعتذر عنها في نونبر الماضي، أي قبيل إطلاقه حملته الانتخابية داخل الحزب الديمقراطي، وردّ بلومبيرغ، عبر تغريدة هاجم فيها دونالد ترامب، وقال متوجها له «نتشارك معرفة الكثير من الناس في نيويورك، إنهم يسخرون منك في غيابك ويطلقون عليك اسم مهرج الكرنفال المجنون، يعرفون أنك بددت ثروة ورثتها في صفقات غبية وبسبب انعدام الكفاءة»، وأضاف «لدي الخبرة والموارد لهزمك، وسأهزمك».
ويأتي ذلك مع صعود نجم بلومبيرغ في استطلاعات الرأي، بعد أن حطم جميع أرقام الإشهار القياسية للحملات الانتخابية الرئاسية، إذ أنفق أكثر من 260 مليون دولار. وتضعه جملة استطلاعات الرأي الوطنية في المرتبة الثالثة بين مرشحي الانتخابات التمهيدية داخل الحزب الديموقراطي، خلف السناتور بيرني ساندرز ونائب الرئيس السابق جو بايدن.
تدريجياً، يتحول مايكل بلومبيرغ، أيضاً، إلى هدف لمنافسيه الديمقراطيين الذين يتهمونه بـ «شراء الانتخابات». واختار الملياردير عدم المشاركة في الجولات الأربع الأولى للانتخابات التمهيدية داخل الحزب الديمقراطي التي تفرز عدداً ضئيلاً من المندوبين الذين سيشاركون في المؤتمر المنعقد في يوليوز لاختيار مرشح الحزب.
ويركز بلومبيرغ حالياً على 14 ولاية ستدلي بأصواتها في «الثلاثاء الكبير» في 3 مارس، من بينها تكساس وكاليفورنيا اللتان تنتخبان أكبر عدد من المندوبين.