بدأت الأحزاب السياسية تدق طبول معركة الانتخابات التشريعية والجماعية التي ستجرى سنة 2021، من خلال الشروع في تقديم مقترحات تروم تعديل بعض القوانين ذات الطبيعة الانتخابية، فيما تستعد الحكومة بدورها عبر وزارة الداخلية لإعداد ترسانة قانونية ستفتح بشأنها مشاورات سياسية قبل إحالتها على البرلمان خلال الدورة التشريعية المقبلة، للمصادقة عليها في غضون السنة المقبلة، وسارع سعد الدين العثماني، رئيس الحكومة، وعبد الوافي لفتيت، وزير الداخلية، إلى تدشين المشاورات مع الأحزاب السياسية.
دفعت مذكرة حزبي الاستقلال والتقدم والاشتراكية، والتي وجها فيها دعوة للعثماني، إلى التعجيل بفتح ورش «الإصلاحات السياسية والانتخابية»، والدعوة المماثلة لحزب التجمع الوطني للأحرار إلى فتح ورش الإصلاحات الانتخابية، رئيس الحكومة سعد الدين العثماني، للجلوس إلى طاولة الحوار مع زعماء الأحزاب السياسية، بمقر رئاسة الحكومة بالرباط، لمناقشة موضوع التحضير للانتخابات البرلمانية المقبلة لسنة 2021، حسب بلاغ لرئاسة الحكومة، الذي أشار إلى أن هذا الاجتماع الذي انعقد في إطار الإعداد الجيد والمبكر للاستحقاقات الانتخابية المقبلة بمختلف أنواعها، ويندرج في إطار إطلاق ورش المشاورات حول الاستحقاقات الانتخابية المقبلة، وفتح نقاش وطني بين الأحزاب السياسية، من أجل تكريس توافق يمكن من مواصلة وتعزيز الإصلاحات السياسية التي باشرتها بلادنا، وإضفاء دينامية جديدة على العمل السياسي والمؤسسات السياسية، بما يستجيب لتطلعات المواطنات والمواطنين. وأكد العثماني في تصريح للصحافة بالمناسبة، أن هذا الاجتماع الذي انعقد بحضور بعض الوزراء، يهدف إلى بدء إطلاق المشاورات للتحضير للانتخابات المقبلة، وقال رئيس الحكومة «نريد أن يكون هذا الإعداد، كما يتم دائما، بشكل توافقي، كما نريد مواصلة الإصلاحات السياسية في بلادنا»، مبرزا أن الاستحقاقات الانتخابية المقبلة بمختلف أنواعها، يجب أن تكون «مغرية للمواطن، وأن تفرز خرائط انتخابية مقنعة له، سواء على المستوى المحلي أو على مستوى البرلمان أو على مستوى الغرف».
مشاورات بين الحكومة والأحزاب
قبل أسبوع، وجه زعماء أحزاب الأغلبية رسائل إلى سعد الدين العثماني، رئيس الحكومة، من أجل عقد اجتماع يخصص لمناقشة ورش مراجعة القوانين الانتخابية، قبل فتح مشاورات مع باقي الأحزاب السياسية، سواء الممثلة داخل البرلمان أو غير الممثلة داخله. وانطلقت المشاورات، يوم الأربعاء الماضي، بعقد اجتماع مع الأحزاب الممثلة بالبرلمان، ثم اجتماع آخر في اليوم الموالي مع الأحزاب غير الممثلة داخل المؤسسة التشريعية، وجاء طلب أحزاب الأغلبية، بعد مطالبة حزب الاستقلال بضرورة التعجيل بفتح الحكومة لورش الإصلاحات السياسية المتعلقة بالمنظومة الانتخابية في إطار الحوار والتشاور مع الفرقاء السياسيين، واقتراح جملة الإصلاحات القانونية والمؤسساتية والممارسات الجيدة، للخروج بتعاقد سياسي بين الدولة والأحزاب السياسية والمجتمع.
من جانبه، دعا حزب الاستقلال إلى تعاقد سياسي حول قوانين الانتخابات، وقالت اللجنة التنفيذية لحزب «الميزان» إنها اطلعت على المقترحات التي عرضتها اللجنة المكلفة بإعداد اقتراحات الحزب بشأن مراجعة المنظومة القانونية المؤطرة للانتخابات، معتبرة أن التعديلات المقترحة من شأنها المساهمة في توسيع المشاركة السياسية، وتوطيد الديمقراطية وتقوية الشفافية، وإقرار مصالحة المواطن مع الشأن السياسي. كما دعت قيادة حزب الاستقلال إلى الإسراع بفتح ورش الإصلاحات السياسية المتعلقة بالقوانين الانتخابية، في إطار الحوار والتشاور مع الفرقاء السياسيين، مؤكدة على موقف الحزب الداعي إلى أن تسفر هذه المشاورات عن إرساء تعاقد سياسي جديد عبر إقرار إصلاحات سياسية ومؤسساتية وديمقراطية متوافق حولها، تكون محورا لكل التعاقدات المجتمعية ومدخلا حاسما لإنجاح النموذج التنموي الجديد.
ووجه الحزب ذاته رسالة إلى العثماني، طالب من خلالها بمناقشة المنظومة القانونية المؤطرة للانتخابات، بما فيها اللوائح الانتخابية ونمط الاقتراع، والتقطيع الانتخابي، والعتبة الانتخابية، وتمثيلية النساء والشباب، والمشاركة السياسية للجالية المغربية في الانتخابات، فضلا عن تاريخ الانتخابات والحملة الانتخابية، وتحصين العملية الانتخابية من سلطة المال والنفوذ إلى غير ذلك من المواضيع ذات الصلة، كما دعا الحكومة إلى اعتماد ميثاق وطني للمنتخب وللسلوك والممارسة الانتدابية إلى غير ذلك من الاقتراحات والإصلاحات، التي ينبغي إقرارها من أجل تقوية المؤسسات وتعزيز أدوارها الدستورية والسياسية، وتثبيت الديمقراطية وحقوق المواطنة الكاملة.
وفي هذا السياق، قال نزار بركة، الأمين العام لحزب الاستقلال، إن «اللقاء الذي عقدته قيادات الأحزاب الممثلة في البرلمان مع رئيس الحكومة كان في إطار تجاوب رئيس الحكومة مع الدعوة التي وجهناها بضرورة مراجعة القوانين الانتخابية»، مشيرا إلى أن «الهدف الحقيقي من تحريك النقاش والتشاور حول الموضوع، هو تعزيز المشاركة والثقة في الانتخابات السياسية والعمل السياسي بصفة عامة، وقد كان اللقاء مع رئيس الحكومة في هذا الإطار»، حسب بركة، الذي أضاف أن «اللقاء كان كذلك فرصة للتركيز على ضرورة التسريع في الإصلاحات، على أن يتم البت النهائي في التغييرات القانونية الضرورية خلال دورة أبريل البرلمانية، وخلق دينامية إيجابية خلال العملية الانتخابية المقبلة»، حسب بركة، الذي أشار إلى «أن هذه الإصلاحات يجب ألا تقتصر فقط على مدونة الانتخابات، بل ينبغي أن تشمل القانون المتعلق بالأحزاب السياسية، وكذلك إحداث ميثاق المنتخب الذي من شأنه تخليق الممارسة السياسية».
كما أشار بركة إلى أن الأمناء العامين للأحزاب السياسية اتفقوا مع رئيس الحكومة على أن يتم تباحث جميع النقاط التفصيلية في لقاءات قادمة تؤطرها وزارة الداخلية، وتهم عددا من التغييرات والملفات «المرتبطة بمغاربة العالم، والديمقراطية التمثيلية ودورها في الإصلاح السياسي، والنموذج التنموي الجديد»، مشيرا إلى أن «رئيس الحكومة جدد التأكيد على تحديد منهجية الاشتغال خلال هذه الفترة، وقد تم التركيز على عدد من الملفات التي سيتم مناقشتها مع وزارة الداخلية، بخصوص التمويل والحملة الانتخابية والشباب والتقطيع الانتخابي والعتبة الانتخابية بالإضافة إلى تمثيلية المغاربة المقيمين في الخارج».
وفي السياق ذاته، أعلن المكتب السياسي لحزب التجمع الوطني للأحرار عن دعمه لـ«المبادرات التي تروم التعجيل بإطلاق نقاش وطني حول موضوع الإصلاحات السياسية والانتخابية»، كما دعا المكتب السياسي لحزب «الحمامة» الفرقاء السياسيين، «حكومة ومعارضة، إلى فتح حوار مؤسساتي مسؤول حول القوانين الانتخابية»، حسب قيادة حزب التجمع الوطني للأحرار، التي دعت أيضا «أطراف التحالف الحكومي إلى المزيد من التنسيق، للرفع من وتيرة الإصلاح الشامل والتفعيل الأمثل للأوراش الكبرى، وتعزيز صرح البناء الديمقراطي والمؤسساتي للبلاد».
كما دعا إدريس لشكر، الكاتب الأول للاتحاد الاشتراكي، إلى فتح حوار مع أحزاب الأغلبية والمعارضة من أجل مراجعة مدونة الانتخابات، بما يضمن النزاهة والشفافية في الاستحقاقات المقبلة التي سيعرفها المغرب في سنة 2021. وأضاف الكاتب الأول لحزب الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية، في كلمة افتتاحية للملتقى الوطني للنساء الاتحاديات، أن تعديل القوانين المتعلقة بالانتخابات أضحى يشكل ضرورة ملحة لكي تمر الاستحقاقات القادمة في جو ديمقراطي تسوده النزاهة التامة والشفافية الكاملة ومحاربة كل أشكال التزييف لإرادة الناخبين، ولتفعيل كل ما نصت عليه المقتضيات الدستورية، وأكد لشكر أن الهيئة الوطنية للنزاهة والوقاية من الرشوة ومحاربتها، مطالبة بالقيام بدورها في مجال محاربة الفساد المالي الانتخابي والرشوة، التي تسود العمليات الانتخابية. وأوضح لشكر أن الاتحاد الاشتراكي يعطي أهمية كبرى لورش مراجعة الانتخابات، منذ مدة، وضمن ذلك في عدد من الاقتراحات، سواء في مذكرته التي تقدم بها للجهات المختصة أو من خلال بياناته السياسية لأجهزته التنفيذية والتقريرية، كما يطالب الاتحاد الاشتراكي بتغيير يوم الاقتراع، الذي تتم فيه العملية الانتخابية، وهو يوم الجمعة، بيوم آخر في أواسط الأسبوع.
مراجعة القوانين الانتخابية
تعكف وزارة الداخلية على مراجعة الترسانة القانونية المتعلقة بالانتخابات وكذلك بتنظيم مجالس الجماعات الترابية، قبل إعداد مشاريع قوانين تتعلق بتعديل القوانين التنظيمية للجهات والجماعات والأقاليم والعمالات، وذلك إثر الوقوف على عدة ثغرات ونقائص تشوب هذه القوانين منذ الشروع في تطبيقها عمليا قبل ثلاث سنوات. وأكدت المصادر أنه من بين الأوراش التي تشتغل عليها وزارة الداخلية مراجعة القوانين الانتخابية، ومن المتوقع أن تشمل التعديلات نمط الاقتراع وكذلك التقطيع الانتخابي وتمويل الأحزاب السياسية، حيث توصلت الوزارة بعدة مذكرات وضعتها أحزاب سياسية، تتضمن مطالب بإدخال تعديلات جوهرية على مدونة الانتخابات وكذلك مراجعة التقطيع الانتخابي، قبل حلول موعد سنة 2021، تاريخ تنظيم الاستحقاقات الانتخابية الجماعية والتشريعية، وتطالب العديد من الأحزاب السياسية بمراجعة نمط الاقتراع المعمول به حاليا، من خلال تنظيم الانتخابات الجماعية والتشريعية المقبلة وفق نمط الاقتراع الفردي عوض الاقتراع باللائحة، وستنظم لجنة الداخلية بمجلس النواب، يوما دراسيا حول مراجعة هذه القوانين، سيتم من خلالها تجميع جل التعديلات الواردة في مقترحات القوانين التي وضعتها الفرق البرلمانية، لبلورتها في مشاريع قوانين ستقدمها وزارة الداخلية.
ومن جهتها، فتحت العديد من الأحزاب السياسية مشاورات من أجل تقديم مذكرة تتضمن إدخال تعديلات جوهرية على مدونة الانتخابات وكذلك مراجعة التقطيع الانتخابي، قبل حلول موعد سنة 2021، تاريخ تنظيم الاستحقاقات التشريعية التي ستفرز الحكومة المقبلة. ووجهت بعض الأحزاب مذكرات إلى رئاسة الحكومة ووزارة الداخلية، تطالب من خلالها بإصلاح النظام الانتخابي، من خلال إعادة النظر في نمط الاقتراع، والعودة إلى نمط الاقتراع الإسمي الأحادي، بما يحققه ذلك من توسيع حق التشريع ورفع نسبة المشاركة في الانتخابات. كما تطالب بعض الأحزاب بمراجعة نمط الاقتراع عبر اللائحة، بدعوى أنه أصبح مشوبا بعيوب كثيرة، ومن بين الأحزاب التي تطالب بإدخال تعديلات على مدونة الانتخابات والتقطيع الانتخابي، هناك حزب الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية المشارك في الأغلبية الحكومية، الذي يقترح فتح مشاورات بين مكونات الأغلبية الحكومية حول مراجعة نمط الاقتراع المعمول به حاليا، من خلال تنظيم الانتخابات الجماعية والتشريعية المقبلة وفق نمط الاقتراع الفردي.
معركة الإشراف على تنظيم الانتخابات
هناك تحول كبير عرفه موقف حزب العدالة والتنمية، بخصوص الإشراف على الانتخابات، بعدما انتقل من المعارضة إلى قيادة الحكومة، حيث كان يطالب بإبعاد وزارة الداخلية عن تدبير ملف الانتخابات وإسناد الإشراف عليها إلى القضاء. وأكد الحزب في مذكرة له بشأن القانون التنظيمي المتعلق بالأحزاب السياسية والقانون المحدد لشروط وكيفيات الملاحظة المستقلة، أن «استمرار وزارة الداخلية في تدبير الملف الانتخابي لا ينسجم مع التوجه الجديد الدستوري العام القاضي بإقرار فصل حقيقي للسلطات، خاصة وأن هذه الوزارة ستكون طرفا من حكومة سياسية». وأضافت المذكرة أنه «سيكون من الأجدى أن تتولى المحاكم تدبير هذه الملفات، باعتبارها سلطة مستقلة عن الجهاز التنفيذي».
وخلال الولاية الحكومية السابقة، تقدم الحزب بمقترح قانون لتعديل المادتين 6 و28 من الميثاق الجماعي، طالب من خلاله بإبعاد وزارة الداخلية عن الانتخابات الجماعية والجهوية، وإشراف السلطة القضائية على هذه العملية، وينص مقترح القانون الذي تقدم به فريق الحزب بمجلس النواب، على إسناد مهمة توجيه الدعوات لانتخاب المجالس الجماعية إلى رئيس المحكمة الابتدائية التي تدخل في دائرة نفوذها الجماعة المحلية التي انتخب فيها المجلس عوض السلطة المحلية، وإبعاد الوزارة عن عملية الانتخاب بشكل نهائي، وجعل دورها مقتصرا على حفظ النظام والسهر على الأمن العام تحت سلطة رئيس الجلسة.
وبدورهما، يطالب حزبا الاستقلال والاتحاد الاشتراكي بإحداث لجنة وطنية مستقلة للإشراف على الانتخابات، وسط الجدل الدائر بين مختلف الفرقاء السياسيين حول من له الحق في الإشراف على الاستحقاقات الانتخابية المقبلة، ودعا الحزبان من خلال مذكرة مشتركة، خلال الولاية السابقة، إلى إعادة النظر في العديد من القوانين والنصوص التنظيمية المرتبطة بالانتخابات الجماعية والجهوية المقبلة، حيث أشارت المذكرة إلى أنه «ليس من المقبول أن تجري الانتخابات بقوانين تنتمي إلى الإطار الدستوري السابق»، مؤكدة أن «نمط الاقتراع الذي سيتم اعتماده والتقطيع الانتخابي كلها قضايا تحتاج وضوحا وانتصارا للديمقراطية، وليس تغليبا لهواجس الضبط».
وأشارت المذكرة إلى أن «وضعية تدبير العديد من المدن تفرض إعادة النظر في الميثاق الجماعي، وحلولا دقيقة لاختلالات نظام وحدة المدينة، بالإضافة إلى موضوع تعامل الإعلام العمومي مع كل من يتصل بالانتخابات وبالحملات الانتخابية».
ويرى الحزبان ضرورة تعديل كل النصوص المؤطرة للعمليات الانتخابية، انطلاقا من القوانين التنظيمية (قانون الأحزاب، قانون الجهة، القانون التنظيمي لانتخاب أعضاء مجلس النواب، القانون التنظيمي لمجلس المستشارين)، وأكدت المذكرة أن الاستحقاقات الانتخابية هي عملية سياسية ولحظة بارزة لتطوير المسار الديمقراطي وليست إجراءات تقنية، ولا يمكن أن يتم التعامل مع المنظومة القانونية الانتخابية بمنطق الخطوط الحمراء، لأن جميع القوانين والمراسيم التنظيمية ذات الصلة بالانتخابات، يجب أن تكون موضوع نقاش وتشاور حقيقي وليس صوريا، وموضوع تعديلات جوهرية وليست رتوشات تجميلية.
مدونة الانتخابات وتعزيز الديمقراطية التمثيلية
تهدف مدونة الانتخابات أساسا إلى وضع منظومة قانونية موحدة وعصرية وسهلة المنال تتضمن التشريع الانتخابي الجاري به العمل والذي تتميز النصوص المتعلقة به حاليا بتعددها وتوزعها بسبب نشرها في تواريخ مختلفة يرجع البعض منها إلى بداية الاستقلال، وتطمح المدونة إلى تزويد المملكة المغربية بنظام انتخابي عصري ومحكم أفضل ما يكون الإحكام يرتكز على توزيع عقلاني للمسؤولية في ميدان الانتخابات بين الدولة والأطراف المعنية تحت المراقبة الدائمة للقضاء، تستوحي أحكامها من المبادئ الأساسية للقانون الوضعي الذي ينظم الديمقراطيات العصرية، كما يظل، في نفس الوقت، مرتبطا بالخصوصيات العريقة والأصيلة للحضارة المغربية التي تجعل من الشورى وتبادل الرأي مبدأ للعمل وتدبير شؤون الدولة.
وحسب ديباجة المدونة، فإنه فضلا عن إعادة النظر في الأحكام القانونية وتوحيدها وكذا في الإطار القانوني لمختلف مراحل عمليات الاقتراع، انطلاقا من التقييد في اللوائح الانتخابية إلى غاية الإعلان عن النتائج والمنازعات الانتخابية، فإن هذه المدونة تتضمن العديد من التحسينات والتجديدات الهامة المستوحاة من الاجتهادات القضائية في الميدان الانتخابي ومن اقتراحات الهيئات السياسية وكذا من التجارب المستخلصة من الممارسة ومن تطبيق القوانين الانتخابية، الشيء الذي سيمكن من جهة من تعزيز المكتسبات في هذا الميدان بما تضمنه لها من نزاهة ومصداقية وسلامة، ومن جهة أخرى من دعم الضمانات التي تم إقرارها على جميع المستويات، تلك الضمانات، التي تعتمد كأساس مبدأ تساوي الحظوظ بين المرشحين والهيئات السياسية وتغطي في نفس الوقت جميع مراحل المسلسل الانتخابي.
وتتضمن مدونة الانتخابات أحكاما تم ضبطها وإغناؤها سعيا لضمان احترام المبدأ الأساسي المتمثل في «مواطن واحد وتقييد واحد وبطاقة واحدة وصوت واحد»، وعلى مستوى التعبير عن إرادة الناخبين، تنص مدونة الانتخابات على المبادئ المتعارف عليها عالميا في هذا الميدان والمرتبطة بحرية التصويت وسريته وطابعه العام، وترمي هذه المبادئ أساسا إلى ضمان سلامة النتائج التي تفرزها صناديق الاقتراع وذلك بتمكين كل ناخب من التصويت بحرية لصالح المرشح أو اللائحة التي يختارها بعيدا عن كل تأثير أو تهديد أو إكراه، وتتضمن مدونة الانتخابات مجموعة من الأحكام الكفيلة بضمان التنافس الشريف بين الأحزاب والمرشحين وتهذيب وسائل الدعاية الانتخابية. وتهدف القواعد التي تم الأخذ بها في هذا الباب إلى وضع تقنين وسط لا يتمسك بالجزئيات ولا يتسم بالتعقيد لضمان احترامها بكيفية حقيقية، وفي هذا السياق تم إدراج أحكام صارمة في مدونة الانتخابات تتعلق بتحديد وزجر المخالفات المرتكبة بمناسبة الانتخابات على جميع الأصعدة، حيث تنص المدونة على أحكام ردعية متكاملة تسمح بتصور جميع افتراضات الغش أو التدليس وتحديد العقوبات المناسبة لها.
ولصيانة حقوق الناخبين وباقي الأطراف المعنية الأخرى، نصت مدونة الانتخابات على أحكام تنظم المنازعات الانتخابية ابتداء من التقييد في اللوائح الانتخابية إلى غاية الإعلان عن النتائج. وترمي هذه الأحكام التي ترتكز على مسطرة مجانية وسريعة وغير قسرية إلى تخويل القاضي المحال عليه أمر الانتخاب اختصاص القيام بالتحقق من قانونية الإجراءات وصحـة نتائج الاقتراع، وذلك إما لتأكيد الانتخاب أو إصلاح نتائج الاقتراع أو إلغائها، وبالنظر لخصوصيات الاستشارات والانتخابات المعنية، تنص مدونة الانتخابات على أحكام خاصة تنظم عمليات الاستفتاء وانتخاب أعضاء المجالس الجهوية وأعضاء مجالس العمالات والأقاليم وأعضاء مجالس الجماعات الحضرية والقروية وأعضاء الغرف المهنية، وترتبط هذه الأحكام الخاصة أساسا بتحديد تاريخ الاقتراع ومسطرة إيداع الترشيحات وأسلوب الاقتراع وإعلان النتائج.
وانطلاقا من المبدأ القاضي بأن المساواة لا تتحقق في إطار المنافسة الانتخابية إلا إذا كانت الوسائل التي تتوفر عليها كل الأطراف المتنافسة لعرض أفكارها وبرامجها متوازية من حيث أهميتها، فإن مدونة الانتخابات تقر بالمبدأ الرامي إلى تقديم دعم مالي من طرف الدولة للهيئات السياسية في شكل مساهمة في تمويل حملاتها الانتخابية، الشيء الذي سيمكن هذه الهيئات من القيام بالدور المنوط بها بموجب الدستور والمتمثل في المساهمة في تنظيم المواطنين وتمثيلهم، وبالموازاة مع هذه الإجراءات، فإن مدونة الانتخابات تقر نظاما محكما يمكن من استبعاد كل شكل من أشكال التمويل السري للحملات الانتخابية وكذا من ضمان احترام المرشحين للسقف المحدد للمصاريف الانتخابية.
هل سيتم تجديد اللوائح الانتخابية؟
قبل إجراء الانتخابات التشريعية والجماعية الأخيرة، طالبت العديد من الأحزاب السياسية بإعادة النظر في اللوائح الانتخابية المعتمدة في الاستحقاقات الانتخابية منذ سنوات، لكن رد وزارة الداخلية، كان هو رفض هذا الطلب، واكتفت الحكومة السابقة فقط بإجراء مراجعة استثنائية للوائح الانتخابية العامة التي اعتمدتها وزارة الداخلية في الانتخابات التشريعية التي جرت يوم 25 نونبر 2011، دون تجديد هذه اللوائح.
وتعتبر الداخلية خيار تحيين اللوائح الانتخابية العامة عن طريق المراجعة الاستثنائية، الوسيلة الملائمة لبلوغ الأهداف المرجوة، لكونه سيمكن من استثمار وترسيخ المكتسبات التي تم تحقيقها في هذا المجال، مع إتاحة الفرصة لمراجعة مضمون اللوائح الحالية، وفتح اللوائح في وجه الناخبين الجدد خاصة الشباب، وتم تحديد مدة التسجيل في 45 يوما عوض 30 يوما سابقا، ووفق الوثيقة التي سلمتها وزارة الداخلية للأحزاب السياسية، فإن اللوائح الانتخابية الحالية خضعت منذ وضعها، علاوة على المراجعات السنوية العادية، إلى ثمان مراجعات استثنائية، إضافة إلى عملية التجديد التي خضعت لها اللوائح المذكورة بمناسبة الانتخابات التشريعية التي جرت يوم 25 نونبر 2011، وتعتبر وثيقة وزارة الداخلية أن تجديد اللوائح الانتخابية بمناسبة الاقتراع التشريعي لسنة 2011، شكلت في حد ذاتها عملية مراجعة جذرية وعميقة، وأكدت الوثيقة أن عملية التجديد المذكورة مكنت من التوفر على لوائح انتخابية مقبولة سواء من حيث الشفافية أو المشروعية أو المطابقة لواقع الهيئة الناخبة، حيث تم على أساسها تنظيم اقتراع 25 نونبر 2011.
ولتوفير شروط نجاح عملية المراجعة الاستثنائية للوائح الانتخابية، تقترح وزارة الداخلية، تخصيص أجل ستة أشهر لإجراء عملية المراجعة الاستثنائية المقترحة، عوض شهرين أو ثلاثة أشهر التي جرى بها العمل خلال المراجعات الاستثنائية السابقة، وأوضحت الوزارة أن الغاية من المراجعة الاستثنائية المقترحة تتمثل في الأساس في إتاحة المدة الزمنية الكافية لعملية التسجيل لتمكين كافة المواطنات والمواطنين غير المقيدين فيها، لاسيما الشباب من تسجيل أنفسهم فيه واعتماد الآجال الكفيلة بإجراء مختلف مراحل العملية في أحسن الظروف، بعيدا عن أي ضغط أو إكراهات للعامل الزمني، بما في ذلك تحديد الآجال الكافية لإيداع الجداول التعديلية المؤقتة والنهائية قصد الاطلاع عليها من طرف العموم، وأجل تبليغ قرارات اللجان الإدارية للأشخاص المعنيين بها، والآجال المقررة للمنازعة في قرارات رفض التسجيل أمام اللجان الإدارية، وآجال تقديم الطعون أمام المحاكم المختصة للبت فيها، وكذا تاريخ الحصر النهائي للوائح الانتخابية٠
وأكدت وزارة الداخلية، أنه من أجل تمكين الأحزاب السياسية من المساهمة في إعداد ومراقبة اللوائح الانتخابية، سيسلم لهذه الأخيرة مستخرج من اللوائح الانتخابية الحالية، بطلب منها، بمجرد انطلاق عملية المراجعة الاستثنائية، كما ستوضع الجداول التعديلية المؤقتة والنهائية رهن إشارتها فور إعدادها، وسيتم حصر هذه اللوائح إثر المراجعة الاستثنائية ستكون موضوع عملية معالجة معلوماتية على صعيد الحاسوب المركزي لوزارة الداخلية تحت إشراف لجنة وطنية تقنية برئاسة رئيس محكمة النقض ومشاركة الأحزاب السياسية، وستحال نتائج المعالجة المعلوماتية على اللجان الإدارية في الجماعات والمقاطعات بمختلف عمالات وأقاليم المملكة لدراستها واتخاذ القرار الملائم بشأنها في احترام تام للضمانات المنصوص عليها قانونا.
قوانين انتخابية مثيرة للجدل على طاولة المشاورات
كشفت مصادر حزبية أن المشاورات التي دشنها رئيس الحكومة، سعد الدين العثماني، ووزير الداخلية، عبد الوافي لفتيت، تتمحور حول القوانين الانتخابية المثيرة للجدل، وعلى رأسها اللوائح الانتخابية، ونمط الاقتراع والتقطيع الانتخابي، ثم القوانين المتعلقة بمجلسي النواب والمستشارين والجماعات الترابية.
اللوائح الانتخابية العامة
تعتمد اللوائح الانتخابية العامة وحدها لإجراء الانتخابات العامة أو التكميلية أو الجزئية لمجلس النواب ومجالس الجهات ومجالس الجماعات والمقاطعات، وتعتمد اللوائح نفسها لإجراء عمليات الاستفتاء. ويقيد في اللوائح الانتخابية العامة المواطنات والمواطنون المغاربة البالغون سن الرشد القانونية والمتمتعون بحقوقهم المدنية والسياسية، وغير الموجودين في إحدى حالات فقدان الأهلية الانتخابية المنصوص عليها في القانون. وتعتمد البطاقة الوطنية للتعريف أساسا في القيد في اللوائح الانتخابية العامة.
وتنص مدونة الانتخابات المعمول بها، على إحداث لجنة إدارية تتولى بحث طلبات القيد في اللوائح الانتخابية، وتضم في عضويتها قاضيا يعينه الرئيس الأول لمحكمة الاستئناف التابعة لدائرة نفوذها الجماعة أو المقاطعة المعنية، رئيسا، وممثلا عن المجلس الجماعي أو مجلس المقاطعة، يعينه المجلس من بين أعضائه، والباشا أو القائد أو الخليفة أو من يمثلهم. وتقوم اللجنة الإدارية كل سنة بمراجعة اللوائح الانتخابية الموضوعة وفق أحكام القانون، وتتلقى اللجنة، خلال قيامها بعمليات المراجعة، طلبات القيد الصادرة عن الأشخاص الذين تتوفر فيهم الشروط المطلوبة قانونا لقيدهم في اللوائح الانتخابية، وتشطب من هذه اللوائح أسماء الأشخاص المقيدين فيها في الحالات المنصوص عليها في المادة 21 من المدونة.
أما نمط الاقتراع، بالنسبة للجماعات التي يبلغ عدد سكانها 35.000 نسمة أو أقل، فيتم الانتخاب عن طريق الاقتراع الفردي وبالأغلبية النسبية في دورة واحدة، أما بالنسبة للجماعات التي يفوق عدد سكانها 35.000 نسمة والمقاطعات الجماعية، فيجرى الانتخاب بواسطة الاقتراع باللائحة في دورة واحدة وبالتمثيل النسبي، على أساس قاعدة أكبر بقية ودون استعمال طريقة مزج الأصوات والتصويت التفاضلي.
الاقتراع باللائحة
يتم انتخاب أعضاء مجلس النواب بالاقتراع العام المباشر عن طريق الاقتراع باللائحة، وبالتمثيل النسبي حسب قاعدة أكبر بقية ودون استعمال طريقة مزج الأصوات والتصويت التفاضلي، حيث يتم انتخاب 305 أعضاء على صعيد الدوائر الانتخابية المحلية؛ و90 عضوا ينتخبون برسم الدائرة الانتخابية الوطنية المحدثة على صعيد مجموع تراب المملكة. وتنص المدونة على أنه يتم التصويت بواسطة ورقة فريدة تتضمن، في حالة الاقتراع باللائحة، بيان الدائرة الانتخابية والانتماء السياسي للائحة عند الاقتضاء، والاسم الشخصي والعائلي لوكيل اللائحة وكذا الرمز المخصص لها. وفي حالة الاقتراع الفردي، تتضمن الروقة بيان الدائرة الانتخابية وأسماء المرشحين الشخصية والعائلية وانتماءهم السياسي عند الاقتضاء والرمز المخصص لكل مرشح، وترتب لوائح الترشيح أو الترشيحات الفردية في ورقة التصويت الفريدة بحسب تاريخ تسجيلها. ويختلف حجم ورقة التصويت حسب عدد لوائح المرشحين أو عدد الترشيحات الفردية المقدمة في الدائرة الانتخابية المعنية. غير أن حجم المكان المخصص لرمز اللائحة أو المرشح في ورقة التصويت الفريدة يجب أن يكون متساويا بالنسبة لجميع لوائح الترشيح أو المرشحين، وتتولى السلطة المكلفة بتلقي التصريحات بالترشيح إعداد أوراق التصويت فور انصرام أجل إيداع الترشيحات.
ومازال التقطيع الانتخابي بالمغرب مثار جدل ونقاش بين مكونات الأحزاب السياسية، خاصة في ظل المطالبة بإعادة النظر في هذا التقسيم الذي يعود إلى العهد الماضي، عندما كان التحكم في الخريطة الانتخابية يمر عن طريق تقطيع دوائر على المقاس. التقطيع الانتخابي أو تحديد الدوائر الانتخابية هو تلك العملية التي يتم من خلالها تقسيم البلاد إلى أقسام تسمى كل منها دائرة انتخابية، تضم عدة جماعات قروية أو بلدية يكون على الناخب الموجود بها سكناه أو عمله أو يصوت في أحد المكاتب الانتخابية المخصصة لذلك، ويتأثر التقطيع الانتخابي بطبيعة الانتخاب من جهة وبطريقة الاقتراع المتبعة من جهة أخرى.
مطالب بإلغاء اللائحة الوطنية للنساء والشباب
أثارت اللائحة الوطنية الخاصة بالنساء والشباب جدلا دستوريا وقانونيا، بين من اعتبرها ريعا سياسيا، وبين من اعتبرها ضرورة لفتح المجال أمام الشباب للعمل السياسي، فيما يرى آخرون أن اللائحة الوطنية تعد خارج الثوابت الديمقراطية، لأنها لا تعكس الاختيارات الحقيقية للناخبين عبر صناديق الاقتراع باعتبارها التعبير الأسمى عن إرادتهم. وحملت لائحة الشباب الكثير من الانتقادات، خلافا للائحة النساء التي اعتبرها المتتبعون مقبولة من الناحيتين السياسية والاجتماعية، لأنها تقوم على التمييز الإيجابي، لتمكين النساء من ولوج المؤسسة التشريعية، وتسهيل ولوجهن للعمل السياسي. ومع إقرارها، أثارت اللائحة الوطنية الكثير من الانتقادات لكونها تقوم على التمييز الفئوي، وتفتح المجال أمام تشجيع الريع السياسي، وهو ما تجسد فعلا في الانتخابات التشريعية، حيث غابت المعايير السياسية في اختيار المرشحين، وتم، مقابل ذلك، تغليب منطق العلاقات العائلية والولاء الحزبي في اختيار النساء والشباب المرشحين، وتحولت هذه اللائحة إلى مجرد «ريع حزبي». وبتصفح لائحة المستفيدين من مقاعد اللائحة الوطنية للنساء والشباب، يظهر أن الأحزاب وظفت اللائحة بشكل سلبي، باعتماد معايير الزبونية والمحسوبية والقرابة العائلية في إعداد لوائح المترشحين.
اللائحة الوطنية للنساء
تم اعتماد نظام اللائحة الوطنية للنساء، لأول مرة في تاريخ المغرب، سنة 2002، بموجب المادة الأولى من القانون التنظيمي رقم 31.97 المتعلق بمجلس النواب، الذي حدد تأليف مجلس النواب من 325 عضوا ينتخبون بالاقتراع العام المباشر عن طريق الاقتراع باللائحة، منهم 295 عضوا ينتخبون على صعيد الدوائر الانتخابية المحدثة، و30 عضوا ينتخبون على الصعيد الوطني. وقبيل الانتخابات التشريعية لسنة 2002، حدث توافق بين مختلف الفرقاء والفاعلين الحزبيين على تخصيص اللائحة الوطنية لفائدة النساء، وظل العمل بنظام اللائحة الوطنية للنساء متواصلا إلى حدود الانتخابات التشريعية التي جرت يوم 25 نونبر 2011، حيث، وتزامنا مع موجة الربيع العربي التي قادها الشباب، انطلق النقاش داخل الأحزاب السياسية حول تعميم «الريع» على الشباب، عن طريق اعتماد لائحة وطنية أخرى لتمثيل الشباب داخل البرلمان. وبرز خلاف بين المكونات الحزبية حول طبيعة هذه اللائحة، بين طرح يدافع عن لائحة وطنية مشتركة بين النساء والشباب، وطرح يدافع عن تخصيص لائحة مستقلة للشباب، ليحسم الأمر ضمن القانون التنظيمي لمجلس النواب، والذي تم بموجبه رفع عدد أعضاء المجلس من 325 إلى 395 عضوا، مع تخصيص لائحة وطنية للنساء تضم 60 مقعدا، ولائحة وطنية للشباب تضم 30 مقعدا.
أهداف خاصة
أكد قرار المجلس الدستوري رقم 2011/817، بخصوص القانون التنظيمي رقم 11-27 المتعلق بمجلس النواب، أن إحداث دائرة انتخابية وطنية يروم تحقيق أهداف خاصة مكملة لتلك التي ترمي إليها الدوائر المحلية، تتمثل في النهوض بتمثيلية متوازنة للمواطنات والمواطنين، ما يقتضي سنّ تدابير تكون، في طبيعتها وشروطها والأثر المتوخى منها، كفيلة بتحقيق الأهداف الدستورية التي منها تستمد أصلا مبرر وجودها، وأن لا تتجاوز في ذلك حدود الضرورة، عملا بمبدأ تطابق القواعد القانونية المتخذة مع الهدف المتوخى منها.
واعتبر المجلس الدستوري أن تدابير التشجيع والتحفيز، لا سيما تلك المتعلقة بفئة عمرية معينة، بما تنطوي عليه من معاملة خاصة، ينبغي، في مجال ممارسة المواطنين لحقوقهم السياسية، أن تكون تدابير استثنائية محدودة في الزمن يتوقف العمل بها بمجرد تحقق الأهداف التي بررت اللجوء إليها، وهو أمر يعود تقديره للمشرع الذي يسوغ له أيضا اعتماد تدابير قانونية أخرى، غير أسلوب الدائرة الانتخابية الوطنية، لمواصلة السعي إلى بلوغ تلك الأهداف.