يزداد منسوب القلق العام من توجه الحكومة المركزية، إلى فرض حظر تجول شامل باستغلالها جائحة كورونا وحالة الرعب الجمعية المواكبة له وتطبيقها لإجراءات أمنية غير مسبوقة، تذكر بالأحكام العرفية والقوانين العسكرية التي طبقتها الطغمة العسكرية في الشيلي عقب الانقلاب على حكومة الرئيس أليندي المنتخبة، في شتنبر 1970.
اشتداد الضغط على الموارد الطبية والعلاجية المحدودة، دفع حكام عدد من كبرى الولايات الأمريكية إلى التوسل لدى وزارة الدفاع، لتوفير بعض الاحتياجات الماسة من ترسانتها في طب الميدان. وزير الدفاع، مارك أسبر، خيب آمال المحتاجين من مسؤولين ومصابين على السواء، بزعمه أن البنتاغون «ليس لديها القدرة على الاستجابة لكل ما يطلب منها؛» مستدركا أن أقصى ما يمكنه الوفاء به توفير سفينتين على متنهما مستشفيات عائمة لكل من مدينة سياتيل، عاصمة ولاية واشنطن في أقصى غربي البلاد، والأخرى لمدينة نيويورك على الساحل الشرقي. تأهيل المشفييْن العائميْن، بطاقة 248 سريرا لكلتيهما، سيستغرق 72 ساعة على الأقل، وفق حسابات رئيس هيئة الأركان المشتركة، مارك ميللي. تباطؤ المؤسسة العسكرية أو تخلفها عن الزج بإمكانياتها العالية لمكافحة الوباء سريع الانتشار لا يتسق مع مهامها أو أولوياتها، بل قد يشي إلى ما هو أبعد من ذلك كمهمة متبلورة يجري العمل على إنجازها، وهو ما سنتطرق إليه بالتفصيل.
تخوفات من صلاحيات ترامب الاستثنائية
تم الكشف حديثا عن سلسلة قرارات قضائية يجري الإعداد لها استكمالا للإجراءات الرئاسية في أوقات الطوارئ، والتي ستتخذ مفعول القانون، تمهيدا لتطبيق أحكام عرفية بالتدريج وقليل من الضجيج. تقدمت الإدارة عبر وزارة العدل للكونغرس، السلطة التشريعية، بطلب الموافقة على منحها صلاحيات استثنائية تتيح لها اعتقال من تراه ضروريا دون اللجوء إلى استصدار تفويض قضائي بذلك، ومن ثم حرمان الموقوف/المعتقل من المثول أمام القضاء، حسبما تنص عليه المواد الدستورية التي تكفل حق المتهم المثول والدفاع عن نفسه (بوليتيكو 21 مارس 2020). وطالبت المذكرة المقدمة للكونغرس أيضا بتفويض وزارة العدل، أو من تخوله القيام بتلك المهمة، الطلب من قاضي رفيع المستوى اعتقال شخص/أشخاص لفترة زمنية غير محددة، دون محاكمة ودون التئام بقية الأعضاء «وفق قوانين الطوارئ.. وتعليق جلسات المحاكم العادية نظرا لظروف الكوارث الطبيعية، والاعتصامات المدنية، أو أي حالة طوارئ تصنف كذلك». بل ذهبت صيغة بعض المواد المقدمة إلى أبعد من صريح العبارة، بمطالبتها بتفويض يقضي بتقييد حركة دخول المهاجرين، وحرمان أولئك المصنفين على لائحة الممنوعين من السفر من حق طلب اللجوء السياسي في الولايات المتحدة؛ وتعديل النصوص السارية حاليا لاستثناء المصابين بفيروس كورونا من التقدم أيضا بطلبات للجوء السياسي. في هذا الصدد، عبر المدير التنفيذي لنقابة محامي الدفاع الوطنية الأمريكية، نورمان رايمر، عن عميق قلق نظرائه المحامين ورجالات القضاء من أوضاع مرئية تستطيع فيها الأجهزة الرسمية «اعتقال أي شخص، وعدم مثوله مطلقا أمام القضاء لحين إقرارها بانتهاء حالة الطوارئ أو نفاد العصيان المدني؛ ينبغي علينا توخي أقصى درجات الحذر من منح الدولة صلاحيات استثنائية».
تحذير من تعليق تطبيق الحقوق المدنية
ارتفعت في الآونة الأخيرة نداءات تحذر من تطبيق الأحكام العرفية في الولايات المتحدة، والتي لم تعد ترفا فكريا بين الأوساط الأكاديمية. النشرة العسكرية المختصة «ميليتاري تايمز»، مهدت للأمر بسردها تعريفاً للحالة وفق الصيغة الأمريكية كما جرى في السابق، إبان الحرب العالمية الثانية بفتح معتقلات جماعية للأمريكيين من أصول يابانية، بأن الأمر ينطوي على «تعليق تطبيق الحقوق المدنية ربما، ومنها الحق الدستوري في عدم التعرض للتفتيش أو إلقاء القبض وحرية التجمهر وحرية الحركة، وكذلك حرية مثول المتهم أمام القضاء»، (17 مارس 2020). في الماضي القريب، أعلن الرئيس الأمريكي الأسبق فرانكلين روزفلت تفعيل الأحكام العرفية، إبان الحرب الكونية الثانية، دشنها بفتح معسكرات اعتقال جماعية، اضطرت المؤسسة الحاكمة بعد نحو نصف قرن إلى تقديم الاعتذار للضحايا وتعويضهم مالياً. الرئيس الأسبق هاري ترومان أعلن حالة الطوارئ في 16 دجنبر 1950، إبان الحرب على كوريا وتجزئتها، بقيت سارية المفعول لمن خلفه من الرؤساء، والتي استخدمت كأساس قانوني خلال الحرب الأمريكية على فيتنام.كما طبق الرئيس الأسبق جورج بوش الابن أحكاما عرفية، عقب هجمات 11 شتنبر 2001، عبر تعزيز الأجهزة الأمنية للقيام بجهود مكثفة للتنصت والتجسس الداخلي، وممارسة التعذيب. الرئيس دونالد ترامب استغل صلاحيات الطوارئ لإرسال بضعة آلاف من القوات العسكرية، «لتعزيز إجراءات حراسة الحدود الجنوبية» مع المكسيك، 2018، وتهديد المهاجرين بمصادقته على منح تلك القوات صلاحيات إلقاء القبض على القادمين للأراضي الأمريكية؛ وحظره السفر على مواطني الدول الإسلامية.
تفعيل اقتصاد الحرب
يجمع الأخصائيون في القانون الأمريكي، على عمق استهتار الرئيس ترامب بالقيود الدستورية النظرية المفروضة على الصلاحيات الرئاسية، وميله إلى استخدام حقه بإصدار «أوامر رئاسية» عوضا عن الالتزام بالأحكام والنصوص الدستورية؛ وما يخشونه من نزعة ترامب واستسهاله إعلان حالة الطوارئ في البلاد، مما سيعلق تلقائيا القوانين المدنية السارية وتطبيق «نظام قضائي مواز يخول الرئيس بموجبه القفز على القيود والمعوقات السارية». ويضيف أولئك الخبراء أنه بمجرد إعلان ترامب لحالة الطوارئ، وهي إحدى صلاحياته الدستورية، فباستطاعته استغلال ما لا يقل عن «100 مادة وصلاحيات خاصة»، يستند إليها
وفق الدستور، وتطبيقها كيفما شاء. منها على سبيل المثال «إيقاف العمل بعدد من وسائل الاتصالات الإلكترونية في داخل الأراضي الأمريكية، أو تجميد أرصدة المواطنين في المصارف الأمريكية؛ ونشر قوات عسكرية للسيطرة على الاعتصامات المدنية». وأشد ما يخشاه بعض الأخصائيين لجوء الرئيس ترامب إلى التشبث بمفاصل السلطة، عبر تطبيق الأحكام العرفية في حال شعوره بخسارته الانتخابات الرئاسية، واستغلاله نصوص القانون الخاص، بوضع الحرس الوطني تحت إمرته المباشرة «دون موافقة حكام الولايات المعنية»، (قانون تفويض الدفاع الوطني لعام 2006، وقانون الطوارئ العام 1976). من عوامل القلق أيضا تلميح الرئيس ترامب إلى تفعيل اقتصاد الحرب عبر قانون الإنتاج الدفاعي، المصادق عليه في عقد الخمسينيات من القرن الماضي إبان عهد الرئيس هاري ترومان، والقاضي بتوجيه آليات السوق (الشركات والمؤسسات الخاصة) لإنتاج مواد بعينها تحتاجها البلاد؛ لكنه لم يلجأ إلى تفعيله على الرغم من مطالبة المرافق الصحية والطبية بشكل خاص للضغط على «شركات الإنتاج» توفير نحو «60،000 حزمة فحص» للوقاية من الوباء، وما لا يقل عن «500 مليون قناع واق»، وفق تطمينات وكالة إدارة الطوارئ الأمريكية، التي سرعان ما تبخرت برفض الرئيس تفعيل القانون أعلاه. في خلفية الجدل هوية الجهة التي ستتحمل الكلفة المالية جراء تفعيل القانون. ترامب يناور لتحميل أجهزة الولايات المحلية كلفة تصنيع وإنتاج الموارد المطلوبة دون اللجوء إلى صرف أموال حكومية مقابلها، والولايات تطالب الدولة بممارسة مهامها في ظروف استثنائية ورفدها بما تحتاجه لمكافحة الوباء. ومن ناحية أخرى، عدم رغبة الرئيس ترامب ممارسة ضغوط على كبرى شركات الإنتاج، سيما قطاع السيارات، في تحويل منشآتها لإنتاج كمامات واقية وموارد أخرى، لما ينطوي عليه من كلفة إضافية للمصانع، فضلا عن المدة الزمنية المطلوبة لإنتاج موارد جديدة قد تستغرق بضعة أشهر. («واشنطن بوست» 25 مارس الجاري). توجه رئيس إدارة الطوارئ، بيتر غاينور، متوسلا لحكام الولايات والهيئات المحلية التصرف بمفردهم لسد الحاجات المحلية من السوق قائلاً: «نناشد كل حكام الولايات – إن استطعتم تحديد توفر ما تحتاجونه من السوق، اشتروه على الفور .. سنفعّل قانون الإنتاج الدفاعي كوسيلة ضغط عند الحاجة». وبادر نحو 1،400 أخصائي في علم الأحياء والصحة العامة لتقديم عريضة، تطالب الرئيس ترامب بتفعيل قانون الإنتاج الدفاعي سالف الذكر، لتوفير ما يحتاجه القطاع الصحي من موارد وإمكانيات فورية. وقالت رئيسة المجموعة ميلدريد سولومون إنه يتعين على القيادة السياسية «التصرف بعقلية الحرب، وينبغي على الحكومة الفيدرالية أن تصدر المبادرات» («بوليتيكو» 24 مارس الجاري). يزعم الرئيس ترامب أن إرجاءه تفعيل العمل بالقانون، يعود لخشيته من «حل اشتراكي .. بلدنا واقتصادنا لا يستندان إلى تأميم الشركات؛ مبدأ التأميم ليس محبباً» (مقابلة مع شبكة «سي-سبان» 22 مارس الحالي). ما لم يقر به الرئيس ترامب أن أي شركة أو مؤسسة تخضع لتطبيق القانون المذكور، لن تفقد ملكيتها أو سيطرتها على مواردها، بل ستجني أرباحا هائلة في فترة زمنية قصيرة نسبيا. تخلف الرئيس ترامب عن تفعيل القانون أيضا جاء ثمرة ضغوط كبيرة مارستها «غرفة التجارة الأمريكية وكبار رؤساء الشركات،» حسبما أفادت يومية «نيويورك تايمز» في 22 مارس الجاري. وجاء في تصريح لنائب رئيس الغرفة التنفيذي، نيل برادلي، أن «التحدي الأساسي هو الحاجة إلى إنتاج مواد متطورة، ليس بالمستطاع توفيرها دون الاستثمار في معدات مختصة، والتي قد لا تتوفر بسهولة».
الحل العسكري
إعلان الأحكام العرفية قد يكون قاب قوسين أو أدنى، لما ينطوي عليه من فوائد تخص مستقبل الرئيس ترامب، الذي سيكون بمقدوره الاستمرار في الحكم متحررا من قيود «المشاركة الديموقراطية والمساءلة الصورية،» مستندا ليس إلى صلاحياته الدستورية فحسب، بل لفعالية القوات المسلحة بصفته قائدها الأعلى. ترامب ليس وحيدا في النظر لتفعيل الحرس الوطني الذي يبلغ تعداده نحو 450،000 عنصر. إذ انضم المرشح الرئاسي الخصم، جو بايدن، «للمطالبة الآن باستخدام القوات العسكرية»، لتعزيز جهود مكافحة فيروس كورونا، خلال المناظرة الرئاسية الأخيرة مع منافسه بيرني ساندرز. وزير الدفاع الأمريكي، مارك اسبر، أعلن بدوره عن تفعيل الرئيس ترامب للحرس الوطني في ولايتي نيويورك ووواشنطن، 22 مارس الجاري، مستدركا أنها «ليست خطوة باتجاه إعلان حالة الطوارئ، كما يخطئ البعض بزعمه». يشار إلى أن الرئيس الأسبق دوايت آيزنهاور طبق صلاحية التصرف بقوات الحرس الوطني عام 1957، بنشرها لمرافقة الطلبة السود دخول صفوفهم الدراسية عند بدء سياسة كسر التفرقة العنصرية في سلك التعليم؛ وكذلك فعل الرئيس ليندون جونسون، عام 1965، بنشر قوات الحرس الوطني «لحماية مظاهرة من أجل الحقوق المدنية» من ردود فعل العنصريين البيض المدججين بالأسلحة؛ ونشر الرئيس الأسبق جورج بوش الأب القوات المسلحة، لإخماد الاحتجاجات الشعبية في مدينة لوس أنجلوس، عقب تبرئة القضاء جهاز الشرطة المحلية من اعتدائه الوحشي على رودني كينغ. (أبريل-ماي 1992). «كلية الحرب» التابعة للجيش الأمريكي مهدت لدور القوات المسلحة، عبر دراسة وضعتها عام 2008، في سياق دراسة عدد من الاحتمالات والأزمات والكوارث قد تواجه المجتمع الأمريكي، إحداها أن الأزمة الاقتصادية في الولايات المتحدة «قد تؤدي إلى انتشار عصيان مدني شامل، مما سيستدعي استخدام القوات العسكرية»، لإخماده واستتباب الأمن. كما أجرت جامعة الدفاع الوطني العريقة تمرينات نظرية على تسلم القوات المسلحة دفة إدارة البلاد، منها عبر سيناريو انقلاب عسكري تقليدي عقب فشل أجهزة الدولة القيام بمهامها (وفق فرضية الدراسة)، في وثيقة بعنوان «أسس الانقلاب العسكري الأمريكي لعام 2012،» اشتهرت لاحقا باسم مؤلفها العقيد شارلز دنلاب. أحد استنتاجات «وثيقة دنلاب» (النظرية) لا يزال صداها حاضرا في أذهان المعجبين فيما يسمى «الدولة العميقة»، جاء فيها «.. خرجت القوات المسلحة من حرب الخليج (المقصود عام 1991) كأكبر ذراع أمريكي مؤتمن، وربما الوحيد، لإدارة شؤون البلاد» بفعالية واقتدار. اللافت أيضا توصية لجنة القوات المسلحة في مجلس الشيوخ للبنتاغون، أثناء مناقشة ميزانية الدفاع لعام 1993، بالمراهنة على دور أمني داخلي للقوات المسلحة، بالقول إن «.. مناخ ما بعد الحرب الباردة يقضي بتسلم القوات المسلحة فرصا أكبر بكثير من السابق، لمساعدة الجهود المدنية في مكافحة عقبات داخلية حساسة». (شهرية »ذي أتلانتيك» يناير 1993). خبراء القانون الدستوري يؤكدون أن «الدستور الأمريكي لا يمنع مشاركة القوات المسلحة (البنتاغون) في مهام أمنية موازية لمهام أجهزة الشرطة المدنية». ويوضح أولئك أن «القرارات الرئاسية إبان الطوارئ .. تخول تفعيل الأحكام العرفية؛ وتعليق جهاز القضاء برمته؛ وإلغاء جوازات السفر الممنوحة للأمريكيين؛ واعتقال من يصنفهم مكتب التحقيقات الفيدرالي بأن لهم نشاطات هدامة»، وهي عبارة عن قائمة بيانات تتضمن ما لا يقل عن 10،000 عنصر مدرج عليها تحت بند «المؤشر الأمني،» والذي لا يزال ساري المفعول بتعريف مختلف «العصب الأساسي Main Core».
حسابات الانتخابات
في ظل نظام «ديموقراطي» يصعب على المرء العادي استساغة تطبيق الأحكام العرفية، وما ينطوي عليها من إجراءات. بيد إن الوثائق المتاحة تشير بكل وضوح إلى تكليف إدارة الرئيس الأسبق، رونالد ريغان، لعضو مجلس الأمن القومي آنذاك، أوليفر نورث، العمل الوثيق وبصورة سرية مع «وكالة إدارة الطوارئ» على بلورة خطة طوارئ قومية تفضي إلى «تعليق الدستور وتسليم إدارة البلاد لوكالة الطوارئ، ومن ثم تعيين طواقم عسكرية لإدارة الحكومة المركزية والأجهزة المحلية في الولايات المختلفة، وإعلان الأحكام العرفية ..» (يومية «ميامي هيرالد» 1987). علاوة على ذلك، أشارت وثيقة صادرة عن وزارة الأمن الداخلي لعام 2007 إلى أهمية تفعيل «الأحكام العرفية .. وإعلان حظر التجول كمهام حيوية» ينبغي النظر بها، واعتمادها من قبل الأجهزة الفدرالية والمحلية على السواء. في ظل تلك الظروف الاستثنائية، بوسع الرئيس ترامب تفعيل «نظام الإنذار الرئاسي»، الذي جرى تجربته عام 2018، مما يسمح له بالتواصل المباشر عبر إرسال رسالة نصية لكل جهاز هاتف محمول يحذر فيه من أي خطر يراه مناسبا، حقيقيا أو افتراضيا أو مفتعلا، وقد يذهب به الأمر إلى استخدامه بكثافة خلال الانتخابات الرئاسية المقبلة، سيما إن شعر بتردي حجم الأصوات المؤيدة له – كما يذهب بعض كبار المسؤولين السابقين في قراءة توجهات ترامب. تتعزز مخاوفهم من حقيقة لجوء الرئيس إلى ذلك الإجراء، خاصة وأن الضوابط والمقاضاة القانونية لا يمكن اللجوء إليها إلا بعد وقوعها، وما قد يعترضها من عقبات إن قرر ترامب إعلان الأحكام العرفية وحالة الطوارئ. أمام تلك الحالة المستجدة باللجوء إلى المحكمة العليا للبت في تجاوز الرئيس لصلاحياته الدستورية، فإن الجو العام وموازين القوى الراهنة لسلك القضاء والعليا بشكل خاص، تميل إلى تفضيل تفسير السلطة التنفيذية في قضايا «الأمن القومي» والاصطفاف إلى جانبها، كما شهدنا في تأييدها رؤية الرئيس في فرض حظر على سفر مواطنين من دول إسلامية؛ وتأييد العليا أيضا لقرار افتتاح معسكرات اعتقال للأمريكيين من أصول يابانية، خلال الحرب العالمية الثانية. لا يستبعد المراقبون (في حالة عدم السيطرة القريبة على انتشار كورونا)، لجوء الرئيس ترامب إلى توظيف إعلان الحرب على فيروس كورونا، أسوة بقرار بوش الابن إطلاق حربه على الإرهاب، وتمديد المهلة لتتزامن مع موعد الانتخابات الرئاسية «للتأثير على نتائجها»، متسلحا بتوجه القضاء والمحكمة العليا التساوق مع إجراءات الطوارئ، مما يتيح للرئيس ترامب السعي إلى تأجيل الانتخابات، لتكون فرصة «تمديد» ولايته لفترة زمنية غير محددة، في حال استشعر بخسارته الانتخابات المقبلة.
المصدر : مركز الدراسات الأمريكية والعربية