في ظل التداعيات الاقتصادية لوباء فيروس كورونا، وما سيخلفه من آثار سلبية على مداخيل الدولة من الضرائب والرسوم الجمركية، خاصة في ظل توقف عدد كبير من المقاولات وتراجع كمية الواردات من السلع، تتجه الحكومة إلى إصدار مرسوم بقانون يهدف إلى الترخيص لوزير الاقتصاد والمالية بتجاوز سقف التمويلات الخارجية ووقف عمليات الالتزام بالنفقات.
تراجع الموارد الضريبية
من المرتقب أن يصادق المجلس الحكومي في اجتماعه المقبل على مشروع مرسوم بقانون يتعلق بتجاوز سقف التمويلات الخارجية ووقف عمليات الالتزام بالنفقات. ويندرج هذا المرسوم في إطار التدابير الرامية إلى الحد من الآثار السلبية لجائحة فيروس كورونا على الاقتصاد الوطني والمالية العمومية بشكل أساسي. وأكدت وزارة الاقتصاد والمالية، في المذكرة التقديمية للمشروع، أن التوقف المؤقت لنشاط مجموعة من القطاعات الاقتصادية الحيوية، كالسياحة والنسيج وصناعة السيارات، سيؤدي إلى تراجع موارد الضريبة على الشركات والضريبة على الدخل، في حين سيؤدي تراجع الطلب الخارجي الموجه للمغرب إلى انخفاض في العائدات الجمركية وموارد الضريبة على القيمة المضافة.
ومن جهة أخرى، تضيف المذكرة، ستؤدي هذه العوامل مجتمعة، بالإضافة إلى الانخفاض المتوقع لتحويلات المغاربة المقيمين بالخارج والاستثمارات الأجنبية المباشرة، إلى تراجع احتياطي العملة الصعبة، ونظرًا لذلك، ولتمكين البلاد من توفير حاجياتها من العملة الصعبة، وخاصة عبر اللجوء إلى الأسواق الدولية للاقتراض، ومن توجيه المجهود المالي للدولة والمؤسسات العمومية لمواجهة جائحة كورونا عبر توفير الإمكانيات المالية الضرورية لقطاعات الصحة والأمن، والحد من تداعياتها على المستوى الاجتماعي والاقتصادي في هذه الظرفية الدقيقة التي تمر بها البلاد.
ونظرًا للظروف الاستثنائية التي تعرفها البلاد منذ إعلان حالة الطوارئ الصحية، وتفاديا لتعديل قانون المالية، استندت الحكومة في وضع هذا القانون ثم المصادقة عليه من طرف لجنة المالية على الفصل 81 من الدستور، الذي يسمح للحكومة بإصدار خلال الفترة الفاصلة بين الدورات، وباتفاق مع اللجان التي يعنيها الأمر في كلا المجلسين، مراسيم قوانين، يجب عرضها بقصد المصادقة عليها من طرف البرلمان، خلال دورته العادية الموالية، ويودع مشروع المرسوم بقانون لدى مكتب مجلس النواب، وتناقشه بالتتابع اللجان المعنية في كلا المجلسين.
استثناءات مشروع المرسوم
يهدف مشروع المرسوم بقانون إلى الترخيص لوزير الاقتصاد والمالية وإصلاح الإدارة بتجاوز سقف المبلغ المتعلق بإصدار اقتراضات وكل أداة مالية أخرى من الخارج التي حددها قانون المالية الحالي في 31 مليار درهم، كما يهدف لوقف جميع عمليات الالتزام بالنفقات برسم الاعتمادات المفتوحة على مستوى الميزانية العامة وميزانيات مرافق الدولة المسيرة بصورة مستقلة والحسابات الخصوصية للخزينة والمؤسسات العمومية، خلال السنة المالية 2020.
ويستثني مشروع المرسوم بقانون نفقات الموظفين والمستخدمين والأعوان والنفقات الخاصة بقطاع الصحة والأمن ومرافق الدولة المسيرة بصورة مستقلة، والحسابات الخصوصية للخزينة والمؤسسات التابعة لها، والنفقات المخصصة لتدبير جائحة كورونا، والنفقات المتعلقة بمستحقات الماء والكهرباء والاتصالات وواجبات الكراء، ونفقات المقاصة ومنح الطلبة والنفقات الخاصة بصندوق دعم التماسك الاجتماعي، كما يستثني نفقات التسيير والاستثمار الضرورية التي تكتسي طابعا استعجاليا، والتي ستحدد لائحتها بقرار مشترك للوزير المكلف بالمالية والآمر بالصرف المعني.
وتعول الحكومة على الاقتراض الخارجي لتمويل الواردات الأساسية كالطاقة والقمح والتجهيزات الطبية، وكذلك توفير الاحتياطي من العملة الصعبة في ظل غياب مداخيل الصادرات بعد توقف الطلب الخارجي، وتراجع عائدات قطاع السياحة والمغاربة المقيمين بالخارج. كما تعول الحكومة على الاقتراض لتغطية تراجع موارد الميزانية في ظل انخفاض المداخيل الضريبية سواء المباشرة وغير المباشرة، نظرا لتوقف العجلة الاقتصادية وكذلك النقص الحاد في الاستهلاك المدر للضريبة على القيمة المضافة.
وحسب وثائق قانون المالية للسنة الحالية، تحتل الضرائب المباشرة المرتبة الأولى في موارد ميزانية الدولة، تليها الضرائب غير المباشرة، ثم رسوم التسجيل، ثم عائدات مؤسسات الاحتكار، ثم الرسوم الجمركية، وحصيلة تفويت مساهمات الدولة، ثم الهبات. وبخصوص الضرائب المباشرة والرسوم المماثلة، بلغت حصيلة الضريبة على الدخل ما قدره 46 مليار درهم برسم السنة الماضية، وبلغت حصيلة الضريبة على الشركات ما قدره 53 مليار درهم، أما الضرائب غير المباشرة، فقد بلغت حصيلة الضريبة على القيمة المضافة في الداخل التي تقوم بتحصيلها المديرية العامة للضرائب ما قدره 23 مليار درهم، فيما تبلغ حصيلة الضريبة على القيمة المضافة التي تقوم بتحصيلها إدارة الجمارك والضرائب غير المباشرة (في الداخل وفي الاستيراد) ما مجموعه 41 مليار درهم، وتبلغ حصيلة الرسم على المنتجات الطاقية ما قدره 16 مليار درهم، وتبلغ حصيلة الضرائب على التبغ 11 مليار درهم، أما الرسوم الجمركية على الاستيراد فتبلغ مواردها حوالي 8 ملايير درهم.