أكدت اللجنة الوطنية للطلبيات العمومية ما نشرته جريدة «الأخبار» سابقا حول الخروقات والاختلالات التي شابت صفقة استغلال الوحدة الخاصة بمعالجة النفايات الطبية بالمركز الاستشفائي الجامعي الحسن الثاني بفاس، وهي الصفقة التي تم تفصيلها على مقاس شركة محظوظة نالت الصفقة نفسها سنة 2016، وتبلغ قيمتها ما يزيد عن 200 مليون سنتيم.
وتوصلت اللجنة بشكاية من طرف شركة منافسة، وبعد دراسة وثائق الصفقة خلصت إلى وجود خرق لمبدأ المنافسة الحرة والمساواة بين المتنافسين.
واشتكت الشركة من الشروط المحددة في دفتر تحملات الصفقة،معتبرة أن هذه الشروط تحد من «شفافية طلب العروض» ومن شأنها إقصاء المتنافسين. ومن جملة الأسباب التي اعتمدتها الشركة في شكايتها أن نوعية الآليات وخصائصها التقنية المطلوبة في طلب العروض تحتكرها الشركة التي نالت الصفقة السابقة (أي الصفقة المبرمة سنة 2016)، كما أشارت الشركة، في معرضرسالتها،إلى أن فرض هذه المواصفات وتخفيض تكلفة الصفقة من شأنه الحد من حرية الولوج إلى الطلبيات العمومية.
تخفيض تكلفة الصفقة
في معرض رسالته الجوابية، أشار مدير المركز الاستشفائي إلى أن الصيغة الجديدة لمعالجة النفايات الطبية التي اعتمدها المركز ابتداء من سنة 2016 أخذت بعين الاعتبار البعد الإيكولوجي الذي يتوخى حماية البيئة عبر تخفيف الآثار والأخطار المرتبطة بمعالجة النفايات الناتجة عن الأنشطة الطبية. وفي هذا الصدد حصل المشروع على الموافقة البيئية بعد دراسة تقييم الأثر البيئي لوحدة العلاج. وعلل المدير مسألة تخفيض تكلفة الصفقة بأنه من خلال تقييم التجربة الأولى موضوع الصفقة المبرمة في 2016، تبين أن الاستهلاك الفعلي للمركز لم يصل إلى القيمة القصوى المتوقعة، وهو ما يفسر تصحيح الغلاف المالي المخصص للصفقة موضوع النزاع وربطه بالاحتياجات الحقيقية للمركز.
وفيما يتعلق بالخصائص التقنية، أشار مدير المركز الاستشفائي إلى أن دفتر التحملات لا يتضمن أي تحديد بالاسم التجاري للآليات والمعدات الخاصة بطلب العروض، موضحا أنه تمت صياغة بنوده وفق نتائج وتوصيات دراسة الآثار البيئية للوحدة، وأنه لم يرد فيه «ذكر أي علامة تجارية أو إحالات على مصنف مورد أو تسمية أو براءة أو مفهوم أو مصدر منتوج معين»، مشيرا إلى أن الشركة المشتكية لم تتقدم بأي عرض في شأن الصفقة موضوع شكايتها، وأن الظروف التي أعدت فيها هذه الصفقة مماثلة لتلك التي عرفتها سابقتها.
وفي رسالتها التعقيبية، أوضحت الممثلة القانونية للشركة المشتكية أن دراسة التأثير على البيئة التي استند عليها القرار هي أصلا أنجزت بناء على وصف آليات كانت موجودة بالمركز في إطار صفقة 2016، التي نالتها الشركة مالكة الآليات التي تعالج بها حاليا نفايات المركز، وأن هناك إشارة صريحة للاسم التجاري لهذه الآليات، كما أشارت إلى أن صاحب المشروع لم يضع هذه الشروط عندما طرح الصفقة رقم 10/2016 بحيث «لم يحدد المميزات التقنية والفنية للآليات وإنما حدد معايير علمية وعامة تنطبق على عدة ماركات من الآليات».
وأشارت الشركة إلى أن شكايتها «تربط بين تحديد مواصفات محددة في دفتر التحملات تؤدي حتما إلى ماركة محددة» تمتلكها مسبقا الشركة الموجودة حاليا، موضحة أن هناك علاقة اقتصادية بين إمكانية امتلاك المشتكية لتلك الماركة والجدوى الاقتصادية من المشاركة بالنظر إلى قيمة الصفقة وقيمة الآليات».
خلاصات لجنة الطلبيات العمومية
بعد دراسة الملف وجميع الوثائق المضمنة به، من طرف اللجنة الوطنية للطلبيات العمومية، تبين لها أن المركز الاستشفائي، وإن كان قد سبق له الإعلان عن صفقة مماثلة خلال سنة 2016 بمقتضى طلب العروض رقم 10 لسنة 2016، فإنه بالاطلاع على دفتر الشروط الخاصة المحدد للمواصفات والخصائص التقنية المستلزم توفرها في المعدات موضوع الصفقة، وجدت أن الصيغة التي تم بها إيراد تلك الخصائص والمواصفات يغلب عليها طابع العمومية والتجرد بما يسمح بإجراء المنافسة على شكل واسع وبناء على أسس واضحة.
وأكدت اللجنة أن الأمر في إطار طلب العروض موضوع الشكاية مختلف تماما عن طلب العروض لسنة 2016، حيث إنه، وكما أقر مدير المركز الاستشفائي صراحة في رسالته الجوابية، تم اعتماد صيغة جديدة تم فيها تحديد المواصفات والخصائص بشكل وتفصيل دقيقين. وخلصت اللجنة، بعد استقراء بنود دفتر الشروط الخاصة المتعلقة بطلب العروض، سيما في شقه المتعلق بالمواصفات والخصائص المشترط توفرها في المعدات،أنها مطابقة في عمومها للمواصفات والخصائص الواردة في دراسة التأثير على البيئة، التي سبق لصاحب طلب العروض أن أنجزها على وحدة معالجة النفايات.
وأكدت اللجنة أن دراسة التأثير على البيئة المشار إليها، والتي أنجزها صاحب المركز الاستشفائي على وحدة معالجة النفايات الخاصة به، إنما أنجزت على المعدات والآليات المتواجدة في هذه الوحدة أثناء هذه الدراسة والتي لم تكن في ملكية المركز، وإنما في ملكية الشركة صاحبة الصفقة التي كانت في طور التنفيذ أثناء إنجاز تلك الدراسة. وأوضحت اللجنة أنه لا خلاف حول إقدام المركز الاستشفائي على اشتراط مواصفات وخصائص بشكل دقيق والاستناد على خصائص ومواصفات معدات معينة متواجدة سلفا في عين المكان ومملوكة لشركة متنافسة، وحتى إن لم تتم الإشارة إلى اسم أو علامة تجارية معينة، من شأنه أن يعطي امتيازا خاصا لتلك الشركة يجعلها في مركز تفضيلي بالمقارنة مع باقي المتنافسين.
واستنتجت اللجنة مما سبق، وبغض النظر عن مناقشة باقي أوجه الطعن المثارة، أن الطريقة التي تم بناء عليها تحديد المواصفات والخصائص الواجب توفرها في المعدات والآليات المطلوب توريدها، تنطوي على خرق واضح لمبدأ المنافسة الحرة والمساواة بين جميع المتنافسين.