توقع البنك الدولي، في تقرير إقليمي جديد، تراجع النمو في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا (مينا) خلال سنة 2020، في سياق يتسم بتفشي وباء كورونا. واعتبرت المؤسسة المالية الدولية، في تقريرها الذي حمل عنوان «كيف يمكن للشفافية أن تساعد منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا»، أن الشفافية بشأن القضايا الاقتصادية الحرجة، مثل الدين العام والتشغيل، هي الحل الأمثل لدفع النمو وتعزيز الثقة في الحكومات في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا.
وبالنسبة للمغرب، جاء في تقرير البنك أن التأثيرات العالمية لجائحة كورونا أدت إلى تفاقم التأثيرات المحلية والجفاف، ونتيجة لذلك، من المتوقع أن يعاني الاقتصاد المغربي من الكساد هذا العام، وهو الأول منذ أكثر من عقدين، وسيتدهور العجز المزدوج، ما يزيد بشكل كبير من الاحتياجات التمويلية، وازداد الطلب على التمويل الخارجي، الأمر الذي يؤكد ضرورة تعزيز الاحتياطيات الأجنبية. وأكد التقرير أن الدين الخارجي والدين على الحكومة المركزية، سيترفعان، لكنهما سيظلان مستدامين، وأشار إلى أن التوقعات لا تزال معرضة لمخاطر الهبوط الكبيرة، بما في ذلك بسبب احتمال امتداد فترة الجائحة وحدتها.
الشفافية هي الحل
اعتبر التقرير أن الشفافية بشأن القضايا الاقتصادية الحرجة – مثل الدين العام والعمالة – هي الحل الأمثل لدفع النمو وتعزيز الثقة في الحكومات في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، وفقًا لآخر تقرير اقتصادي إقليمي للبنك الدولي. وتأتي الحاجة إلى المزيد من الشفافية في الوقت الذي تواجه فيه منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا صدمة مزدوجة غير مسبوقة بسبب جائحة فيروس كورونا المستجد (كوفيد-19) وانهيار أسعار النفط. وأدت هاتان الصدمتان إلى زيادة تراجع النمو الاقتصادي البطيء بالفعل في المنطقة، ويعود ذلك جزئيًا إلى نقص الشفافية في البيانات.
ويوضح التقرير الجديد أن التقديرات الخاصة بكلفة الأزمة الحالية غير مستقرة، لأنه يتعذر التنبؤ بكيفية رد فعل الاقتصاد العالمي والسياسات الوطنية والمجتمعات في ظل تفشي الجائحة. وبالتالي، يمكن أن تختلف تقديرات التكلفة في غضون أيام، وكمثال على ذلك، يوضح التقرير كيف أدى انتشار فيروس كورونا المستجد، إلى جانب انهيار أسعار النفط، إلى حدوث تغييرات في توقعات القطاع الخاص والبنك الدولي بشأن النمو عام 2020. وحتى الأول من أبريل، كانت التغييرات في التوقعات تشير إلى أن التكلفة بالنسبة للشرق الأوسط وشمال إفريقيا تصل إلى حوالي 3.7 في المائة من إجمالي الناتج المحلي للمنطقة عام 2019 (حوالي 116 مليار دولار) مقابل 2.1 في المائة حتى يوم 19 مارس.
ويتوقع خبراء الاقتصاد في البنك الدولي انخفاض إنتاج منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا في عام 2020. وهذا يتناقض بشكل حاد مع التوقعات في أكتوبر 2019 عندما كان من المتوقع أن تنمو الاقتصادات الإقليمية بنسبة 2.6 في المائة هذا العام. وأبرز التقرير أن توقعات النمو لا تغير صورة صراع المنطقة مع التحديات الثلاثة المتمثلة في النمو الضعيف على المدى الطويل للناتج المحلي الإجمالي للفرد، وهشاشة الاقتصاد الكلي، وضعف ناتج سوق العمل. وساهم الافتقار إلى البيانات والشفافية في المنطقة في هذه النتائج طويلة المدى.
قنوات تأثير فيروس كورونا
وفقا للتقرير الجديد، يؤثر فيروس كورونا على بلدان المنطقة عبر أربع قنوات، هي كالتالي: تدهور الصحة العامة، وتراجع الطلب العالمي على السلع والخدمات التي تنتجها المنطقة، وانخفاض العرض والطلب المحليين، والأهم من ذلك انخفاض أسعار النفط. ويضر انهيار أسعار النفط بمصدري النفط مباشرةً، وبمستوردي النفط بشكل غير مباشر، وذلك من خلال انخفاض التحويلات الإقليمية، وحجم الاستثمار وتدفقات رأس المال. ويوصي التقرير بأن تستجيب بلدان المنطقة بسياسات تتجه في خطوتين متوازيتين: التصدي لحالة الطوارئ الصحية وما يرتبط بها من انكماش اقتصادي؛ والبدء في سن إصلاحات ذات أثر تحولي ومحايدة إلى حد كبير بشأن الموازنة، مثل شفافية الديون وإعادة هيكلة المؤسسات المملوكة للدولة.
وتعقيبا على التقرير، قال فريد بلحاج، نائب رئيس منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا بالبنك الدولي، «تواجه منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، أكثر من أي منطقة أخرى، صدمتين مختلفتين لكنهما مترابطتان وهما تفشي فيروس كورونا وانهيار أسعار النفط. ويكثف البنك الدولي جهوده لمساعدة الحكومات على التغلب على هاتين الصدمتين وضمان ألا يتخلف أحد عن الركب». وأضاف بلحاج: «يجب أن نتعلم ونتغير من أجل أن نمنح مواطنينا أملاً جديداً. ويمكن للشفافية في جميع أنحاء المنطقة أن تساعد على تحقيق النمو مع تعزيز الثقة في الحكومات في السنوات والعقود القادمة».