لأول مرة في ظل الدستور الجديد يفتتح البرلمان دورته الربيعية في ظروف استثنائية تعيشها البلاد فرضتها حالة الطوارئ الصحية للوقاية من جائحة فيروس كورونا، وتم اتخاذ إجراءات بتقليص حضور البرلمانيين لضمان استمرارية عمل المؤسسة التشريعية، رغم ما تطرحه من إشكالات بسبب وجود فراغات قانونية ودستورية تؤطر عمل البرلمان في مثل هذه الحالات، حيث تفرض الضرورة عدم تعطيل هذه المؤسسة لتمرير قوانين استعجالية.
افتتح البرلمان أبوابه يوم الجمعة الماضي، حيث انطلقت الدورة التشريعية الربيعية، التي تنعقد في ظروف استثنائية غير مسبوقة، لأنها تتزامن مع حالة الطوارئ الصحية. وفي هذا الصدد، اتخذ مكتب مجلس النواب عدة تدابير للوقاية من فيروس كورونا أثناء انعقاد الجلسات الأسبوعية والشهرية، وسيقتصر حضور هذه الجلسات على ثلاثة أعضاء من كل فريق برلماني.
تدابير استثنائية في زمن الوباء
وجه رئيس المجلس، الحبيب المالكي، مذكرة إلى رؤساء الفرق والمجموعة النيابية حول التدابير والإجراءات المتخذة لتنظيم أشغال المجلس وسير أعماله، أشارت إلى أنه تقرر من خلال الاجتماع الذي عقده مكتب مجلس النواب ورؤساء الفرق والمجموعة النيابية اتخاذ الإجراءات الملائمة بخصوص شكليات جلسة افتتاح الدورة التشريعية وكذا الجلسات الشهرية المخصصة لأسئلة السياسة العامة وجلسات الأسئلة الشفوية الأسبوعية وأشغال اللجن الدائمة. وبعد افتتاح الدورة التشريعية يوم الجمعة الماضي، ستنطلق الجلسات المخصصة للأسئلة ابتداء من اليوم الاثنين 13 أبريل على الساعة الثالثة بعد الزوال، ستخصص للجلسة الشهرية المتعلقة بالأسئلة الخاصة بالسياسة العامة التي يجيب عنها رئيس الحكومة حول موضوع «التداعيات الصحية والاقتصادية والاجتماعية لانتشار فيروس كورونا والإجراءات المتخذة لمواجهة هذه الجائحة»، وذلك بحضور رئيس الفريق ورئيسة المجموعة النيابية أو من ينوب عنهما بالإضافة إلى عضوين عن كل فريق ومجموعة.
وتم تخصيص جلسات الأسئلة الشفوية الأسبوعية للقطاعات الحكومية المعنية بتدبير جائحة فيروس كورونا، ستبرمج على التوالي كل يوم اثنين، ويتعلق الأمر بقطاعات الصحة والداخلية، والاقتصاد والمالية وإصلاح الإدارة، والصناعة والتجارة والاقتصاد الأخضر والرقمي، والتربية الوطنية والتكوين المهني والتعليم العالي والبحث العلمي، والشغل والإدماج المهني، والفلاحة والصيد البحري والتنمية القروية والمياه والغابات، وذلك بحضور رؤساء الفرق والمجموعة النيابية أو من ينوب عنهم، بالإضافة إلى عضوين عن كل فريق ومجموعة نيابية.
وأكدت مذكرة رئيس المجلس، أنه بالنسبة لأعمال اللجن الرقابية التي تكتسي أهمية خاصة في التتبع اليومي والمواكبة المستمرة، فستعمل بالمقتضيات الشكلية نفسها المتعلقة بالحضور. وأوضحت المذكرة أنه بخصوص أنشطة المجلس الخاصة بالتقييم السنوي للسياسات العمومية ومناقشة تقارير المؤسسات الدستورية والمهام الاستطلاعية، ستحدد مواعدها في إطار أجهزة المجلس التقريرية حسب الحالة، أما بالنسبة للجلسات التشريعية فسيتم إعطاء الأولوية باتفاق مع مكونات المجلس والحكومة للتشريع المرتبط بإكراهات المرحلة ومتطلباتها الخاصة بإقرار القوانين، دون إغفال المبادرات النيابية التي من شأنها إغناء المادة التشريعية ذات الصلة. كما أوصت مذكرة الرئيس باتخاذ تدابير عملية أخرى للوقاية من الفيروس، من خلال احترام المسافة المطلوبة في الجلوس، ووضع المطهرات وأدوات التعقيم في مداخل قاعة الجلسات، وإيقاف الزيارات إلى مقر المجلس، وكذلك إيقاف تنظيم الأيام الدراسية والتواصلية، وتعقيم قاعة الجلسة العامة وقاعات اللجن الدائمة.
وأفاد مصدر من مكتب المجلس، بخصوص تدبير الجلسات في ظل حالة الطوارئ الصحية، وما تفرضه من تدابير وإجراءات وقائية، بأنه تم الاتفاق على تقليص تمثيلية الفرق البرلمانية، بالاكتفاء بحضور رئيس الفريق أو من ينوب عنه، بالإضافة إلى نائب أو نائبين عن كل فريق، ما يعني أن الجلسة ستكون بحضور 20 برلمانيا كأقصى عدد من أصل 395 برلمانيا يتكون منهم المجلس. وبالنسبة للحكومة سيكون حضور وزير أو وزيرين فقط للرد على الأسئلة المبرمجة في الجلسة وستكون يجمعها وحدة الموضوع، يعني طرح سؤال من جميع الفرق يليه رد الوزير المعني على الأسئلة دفعة واحدة، ثم التعقيب، ولن تتجاوز مدة عقد كل جلسة ساعة ونصف. وأشار المصدر إلى أن المكتب قرر كذلك اتخاذ مجموعة من التدابير الاحترازية والوقائية، من قبيل التقليل من الحركية ببهو المجلس أثناء انعقاد الجلسات، وكذلك منع الصحافة والموظفين من ولوج قاعة الجلسات العامة، حيث سيتم نقلها مباشرة عبر القناة التلفزية، بالإضافة إلى إجراءات أخرى من قبيل تعقيم القاعة والكراسي وميكروفونات الصوت.
مكانة البرلمان في الدستور
يرى الأستاذ الجامعي والمحلل السياسي، عمر الشرقاوي، أن المشرع المغربي تجاهل وضع اجراءات خاصة لتنظيم عمل البرلمان في حالة الأوبئة والكوارث، إلا أن جائحة كورونا فرضت على رجال القانون والمشتغلين بالتشريع عددا من الأسئلة الدستورية الكبرى التي تستوجب أجوبة مستعجلة نظر للطابع الاستراتيجي الذي تتحلى به تلك الموضوعات، لاسيما المرتبطة منها بضمان استمرار عمل المؤسسات الدستورية. وأوضح الشرقاوي أن عقد الدورة الربيعية قدر دستوري لا مفر منه، ولا يمكن تعطيل عمل البرلمان بأي حال من الأحوال، إلا وفقا للاشتراطات الدستورية التي توقف عمل البرلمان بنهاية ولايته أو بحل مجلسيه أو أحدهما، مشيرا إلى أن أي قراءة للفصول الدستورية تتوخى تقديم تأويل لاستمرار عمل البرلمان يتماشى مع منطوق وروح الدستور، ويجعل من المؤسسة التشريعية مساهما رئيسيا في مواجهة كل الوضعيات الدستورية العادية وغير العادية، لا يمكن أن تتم إلا من خلال استحضار المقتضيات الدستورية بشكل متكامل في مبادئها ومقاصدها وقيمها.
وأضاف الشرقاوي أنه، بالرجوع للحيثيات الدستورية، نجد أن المشرع الدستوري انبرى منذ دستور 2011، للرفع من مكانة البرلمان داخل الهندسة الدستورية إلى سلطة دستورية منفصلة ومتعاونة، وفي توازن مع باقي السلط، حيث نص الفصل الأول على قيام «النظام الدستوري للمملكة على أساس فصل السلط، وتوازنها وتعاونها،..»، وانطلاقا من النص الدستوري، فقد أعلى المشرع من قيمة السيادة البرلمانية وأضفى على التمثيل البرلماني مكانة مرموقة حيث جعل الفصل الثاني «السيادة للأمة، تمارسها مباشرة بالاستفتاء، وبصفة غير مباشرة بواسطة ممثليها.. تختار الأمة ممثليها في المؤسسات المنتخبة بالاقتراع الحر والنزيه والمنتظم»؛ بالإضافة إلى ما ورد في الفصل 11 من أن «الانتخابات الحرة والنزيهة والشفافة هي أساس مشروعية التمثيل الديمقراطي»؛ أكثر من ذلك واصل المشرع الدستوري دفاعه المستميث عن النزعة التمثيلية في فصـله 60، حيث نص على أن «يتكون البرلمان من مجلسين، مجلس النواب ومجلس المستشارين؛ ويستمد أعضاؤه نيابتهم من الأمة..». وأكد الشرقاوي أن المشرع الدستوري أضفى على البرلمان مكانة رفيعة وبوأه الصدارة الدستورية تجاه السلطة التنفيذية، بل جعل هاته الأخيرة منبثقة عنه ومستكملة شرعيتها الدستورية من تنصيبه طبقا للفصل 88 من الدستور. وبالطبع منح الدستور للسلطة التشريعية اختصاصات دائمة ومجردة لا تتوقف إلا بأوضاع دستورية واضحة ومحددة.
وبخصوص الوضعيات التي يتوقف فيها عمل البرلمان، يقول الشرقاوي، لقد منح المشرع الدستوري للسلطة التشريعية مجموعة من الضمانات، تمكنها من مواجهة تحدي الاستمرارية في الحالات غير العادية وزمن القوة القاهرة، وهذه الضمانات لم ترد في فصل واحد، وإنما يمكن استنباطها في مواد متفرقة داخل الوثيقة الدستورية، حيث نجد أولا الضمانات الواردة في المادة 59 من الدستور المنظم لحالات الاستثناء، وثانيا الضمانات الواردة في الفصل 74 المتعلقة بحالة الحصار التي يكون قرار تمديدها مرهونا بموافقة البرلمان بقانون وهو ما يعني ضمنيا استمرار عمله في حالة الحصار التي لها تفسير محدد في التجارب الدستورية المقارنة، فلا يمكن لسلطة منتهية أن توافق أو تعترض على قرار.
وأوضح الشرقاوي أنه، حتى في حالة إشهار الحرب طبقا للفصلين 99 و49، والتي من شأنها تهديد السلامة الوطنية والسير العادي للمؤسسات، لم يتجرأ المشرع الدستوري على توقيف عمل البرلمان، رغم أن التجارب الدستورية المقارنة تحول السلطة إلى المؤسسة العسكرية بما يقتضيه الأمر من العمل بأحكام الطوارئ والمقتضيات العرفية، بل إن واضع الدستور اشترط إحاطة البرلمان علما بالقرار دون أن يؤدي ذلك بالضرورة إلى نهاية عمل هذه المؤسسة في لحظة سطوة السلطة العسكرية على التدبير المدني، وأبرز أنه أثناء الفترة الفاصلة بين الدورات حيث تعرف هاته الفترة توقفا نسبيا للبرلمان، خصوصا على مستوى الرقابة والتشريع داخل الجلسات العامة، مع استمرار عمل الجان وفق الفصل 80، تلجأ الحكومة إلى الاستعانة بالفصل 81 الذي يسمح لها بإصدار مراسيم بقوانين خلال فترة محددة، فالغاية التي قصدها المشرع الدستوري من قصر ممارسة سلطة التشريع بمراسيم بين دورتي البرلمان وعرضها على انظار الدورة التشريعية الموالية، تكمن في حماية اختصاص أصيل ودائم للبرلمان والمتمثل في صنع القانون ومراقبة عمل الحكومة، وإلا أصبح وجود السلطة التشريعية كعدمه. لهذا وضع المشرع إجراء المصادقة البعدية الذي سيمكن السلطة التشريعية من الاطلاع على النصوص التي اتخذت في غيبتها، بعد عرض ما اتخذته من مراسيم بقوانين على موافقة البرلمان في أول دورة له وفق شكليات الفصل 81 من الدستور.
تعطيل البرلمان
تأكيدا على حرص السلطة المكلفة بوضع الدستور على عدم تعطيل عمل المؤسسة التشريعية رغم انتهاء انتدابها، يضيف الشرقاوي، ذهبت إلى درجة التنصيص الدستوري خلال الأحكام الانتقالية على استمرار عمل البرلمان المنتهية ولايته إلى حين وضع النصوص القانونية التي تنظم انتخاب الهيئة التشريعية الجديد ضمانا للمرور إلى الوضع الدستوري الجديد دون وقوع صدمات أو اضطرابات أو حدوث فراغات، تمس باستقرار النظام الدستوري والسياسي وتحيد عن الطريق الدستوري وترمي مؤسسات الدولة في متاهات اللاشرعية ومخاطر اللامشروعية.
وحسب الشرقاوي، فباستقراء المقاصد الدستورية أعلاه ودون المس بالقواعد والمبادئ الجوهرية الدستورية، فإن المشرع الدستوري لم يكتف بتخويل البرلمان ممارسة وظائفه في الظروف العادية، بل أتاح له كذلك ممارستها في الحالات الاستثنائية -بمفهومها الواسع- التي يمكن أن تمر منها الدولة، بما يترتب عن ذلك وجود خطر محتمل يهدد السير العادي للمؤسسات الدستورية. وبناء على كل ما سبق، واحتراما للدستور، الذي ينص في فصله 6 على أن «القانون هو أسمى تعبير عن إرادة الأمة. والجميع... بمن فيهم السلطات العمومية، متساوون أمامه، وملزمون بالامتثال له»؛ وعلى مقتضيات الفصـل 37 التي تلزم جميع المواطنين والمواطنات باحترام الدستور والتقيد بالقانون، اعتبر الشرقاوي عقد الدورة التشريعية الربيعية في ظل الهواجس التي تطرحها جائحة كورونا مطابق للدستور وليس فيه أي خروج عن مقتضياته، وأي تأويل من شأنه تعطيل عمل البرلمان بسبب توجسات الوباء يعد عمليا تمهيدا لحالات دستورية استثنائية غير منصوص عليها.
أما في ما يخص كيفية ممارسة البرلمان لاختصاصاته الدستورية في ظل أوضاع تقيد سلطته في التشريع والمراقبة وتقييم السياسات العمومية كما حددها الفصل 70 من الدستور، أوضح الشرقاوي أنه إذا كان المشرع الدستوري قد تناسى أو لم يتصور تنظيم أوضاع غير عادية مردها إلى انتشار وباء واستحكام كارثة، ورغم وجود أسباب وقيود موضوعية تحد من السير الطبيعي للمؤسسة التشريعية تجنبا لانتشار العدوى، فإنها لا ترقى إلى تعطيل أدوارها الدستورية، مشيرا إلى أن الأوضاع الاستئثنائية التي تمر بها بلادنا بمؤسساتها الدستورية تستوجب من المشرع اتخاذ تدابير من شأنها ضمان استمرار سير المؤسسة التشريعية في أداء المهام الموكولة لها دستوريا دون أن يمس ذلك بالنظام العام بمدلولاته الثلاثة.
واعتبارا لما يتطلبه تعديل النظام الداخلي من إجراءات تشريعية معقدة تستوجب الإحالة على المحكمة الدستورية تستوجب التفكير مستقبلا، وتحقيقا للمقاصد الدستورية التي تتوخى ضمان استمرارية المؤسسات الدستورية مهما كانت الأوضاع، يضيف الشرقاوي، فليس هناك مانع من اتخاذ تدابير ظرفية بقرارات من المكتب وباتفاق مع الحكومة، من شأنها تيسير عقد الجلسة العامة خصوصا تلك المخصصة للأسئلة الموجهة لرئيس الحكومة والوزراء والتي لا تتطلب نصابا للتصويت ولا تستوجب مصادرة حق شخصي، بالإضافة إلى تسهيل عقد جلسات اللجان المخصصة لدراسة المشاريع والمقترحات باتباع تقنية الاجتماع عن بعد، ناهيك عن تقليص المهلة القانونية المرتبطة بدراسة المشاريع والمقترحات، خصوصا إذا كانت مرتبطة بالوضعية الوبائية واعتماد طريق المصادقة المختصرة، أو عقد اجتماعات المكتب وندوة الرؤساء عن بعد وغيرها من الاجتماعات التي يفرضها استمرار عمل آليات الرقابة البرلمانية.
وبالنسبة لممارسة الوظيفة التشريعية للبرلمان، لم يستبعد الشرقاوي وقوع بعض الإشكالات الدستورية المرتبطة بالتصويت، باعتباره حقا شخصيا لا يمكن تفويضه وفق منطوق الفصل 60 من الدستور، مبرزا أنه لا يمكن حرمان أي برلماني من هذا الحق تحت ذريعة مطالبته بعدم الحضور لأسباب صحية التزاما بمقتضيات مرسوم قانون الطوارئ، وقال: «فمن العبث احترام قاعدة قانونية وانتهاك قاعدة دستورية تسموها مكانة وقيمة، وهذا الأمر هو ما يحتم إبداع تدابير لتجاوز مغامرة مصادرة حق التصويت أو تفويضه بشكل غير مباشر، خصوصا تجاه القوانين التنظيمية التي تتطلب نصابا محددا أثناء التصويت عليها». ويقترح الشرقاوي التعطيل الجزئي للوظيفة التشريعية في زمن الوباء ينبغي أن يطالها، خصوصا على مستوى المصادقة داخل الجلسات العامة التي تعد أعمالها تقريرية، مع استمرار النشاط التشريعي داخل اللجان التي تبقى أعمالها بمثابة أشغال تحضيرية وفق قرار سابق للمجلس الدستوري.
إدريس بنيعقوب باحث في العلوم السياسية«رقابة البرلمان تبقى مستمرة ويمكن إدارتها بشكل استثنائي»
هناك نقاش حول مدى دستورية افتتاح دورة البرلمان لهذا الشهر بدون حضور النواب بأكملهم، بسبب تفشي وباء كورونا. ما هو تعليقكم على هذا الأمر؟
بداية هذا النقاش أثاره بعض السياسيين، الذين وجدوا أنفسهم على هامش تدبير أزمة الجائحة. فبدل أن يكفوا عن إرهاق الباحثين والمثقفين والإعلاميين بالبحث في أسئلة دستورية قانونية ونظرية، كان الأولى أن يطرحوا مبادرات لحل آثار أزمات الوباء حاليا وما بعد. وكأنهم لا يجيدون سوى خلق البوليميك الفارغ الشعبوي. فهل هناك من يمنعهم من إبداع صيغة حضور برلماني بدون حضور جسدي؟ هل هناك ما يمنع من التفكير بشكل استثنائي، حسب الظرف الاستثنائي؟
وعن هذا الموضوع الذي أثير أخيرا، وشخصيا كانت لي بعض التدخلات المختصرة على شبكات التواصل الاجتماعي، وللإحاطة بالموضوع لابد من وضعه داخل سياقه من خلال العناصر الثلاثة الآتية:
أولا نحن إزاء سياق صحي مأزوم بشكل عام وطنيا ودوليا، بسبب الانتشار السريع لفيروس كورونا المستجد، مما يضع الجميع تحت خطر محدق بنقل العدوى، ومن ثم نقلها إلى آخرين بشكل سريع. أيضا لا تعرف الوسائل التي يمكن أن ينتقل عبرها فهي متعددة، وقد يكون الفيروس موجودا في أي مكان مر منه أحد حامليه، وبالتالي نحن إزاء خطر داهم ملموس وحقيقي.
العنصر الثاني مرتبط بإعلان حالة الطوارئ الصحية في المغرب وصدور مرسوم بقانون طبقا لمسطرة التشريع، من أهم مقتضياته هو إقرار العزل الصحي المنزلي لأوقات معينة، وأعطى اختصاص تنظيم عدد من الأمور الاقتصادية والاجتماعية للحكومة بواسطة مراسيم ومناشير، أو حتى بواسطة بلاغات عند الاقتضاء، وإن كانت مخالفة للتشريعات الجاري بها العمل. إذن هامش تدخل البرلمان ضمنيا سيكون مقلصا، باعتبار أن كل الأمور المستعجلة في سياق الوباء هي حاليا من اختصاص السلطة التنفيذية، غير أن رقابة البرلمان تبقى مستمرة، ويمكن إدارتها بشكل استثنائي.
العنصر الثالث والأخير هو أن التمثيلية النيابية في المبدأ العام لا تنظر إلى النائب أو ممثل الناخبين من منظور مادي جسدي، أو «كفن» للخطابة والمناقشة الشفهية، وإنما ترى فيه مؤسسة تؤدي عمل التمثيلية والرقابة حسب السياقات، مع إبقاء المجال مفتوحا لإبداع طرق ومساطر ومنهجيات للعمل. من هنا تتعدد وتختلف إلى حد ما الأنظمة الداخلية لسير المؤسسات النيابية عبر العالم، وتتعدد قواعد القانون البرلماني الذي يتطور حسب الظروف.
لكن في نظركم كيف يمكن تدبير وضعية البرلمان المغربي في السياق الحالي؟
القاعدة العامة هي حضور النواب للتداول التشريعي في مؤسسة البرلمان، وأيضا في مساءلة الحكومة وفي التصويت على مختلف المبادرات التشريعية، لكن تبقى هذه القاعدة مرتبطة بالظروف العادية. في السياقات الاستثنائية هناك اجتهادات في القضاء والفقه المقارن رسخت ما يسمى نظرية الظروف الاستثنائية، التي من شأنها أن تعطل جزئيا الإرادة العامة، وتجعلها في حالة تشبه الشلل إزاء الفعل العمومي. ثم هناك نظرية القوة القاهرة غير المتوقعة، التي تؤثر على الإرادة وتشل التعاقدات المدنية والاجتماعية، وبالتالي تدفع الأطراف إلى تغيير بنود الاتفاقات والالتزامات. بتجميع هذه العناصر في ظل سياق خطير على الصحة العمومية للجماعة المغربية وللأفراد، فإنه ينبغي التعامل مع الاستثناء بقاعدة استثنائية وليس قاعدة عادية. وبما أن حضور النواب كلهم إلى البرلمان قد يكون عنصرا خطيرا إن على صحتهم أو على ذويهم ومقربيهم وعلى مخالطيهم، في حال انتقال عدوى الوباء، فإنه في نظري ينبغي التغاضي عن مساطر التداول الشفهي الحضورى، لفائدة المساطر الكتابية من مناقشات ودفوعات وتعقيبات وردود إلكترونية آنية، ولم لا عقد جلسات تداول ومناقشة عبر وسائل التواصل التكنولوجية، بعد التوافق بين جميع مكونات البرلمان بواسطة محضر أو تعاقد استثنائي لهذه الغاية.
هناك من يرى أن هذه المسألة قد تشكل خرقا للدستور، ما رأيك؟
أصلا لماذا وضعت الدساتير إن لم تكن لترتيب الأولويات في حماية الأمة والدولة والشعب، الدستور نفسه يتوقع تعطيل مؤسسات في حالة أزمات كالحروب وحالة الاستثناء، ومن هنا يمكن القياس على هذه الحالات في تدبير المؤسسات السياسية أثناء الأزمات. الدستور روحا ومنطوقا أولا جاء لحماية المواطن وصيانة حقوقه، وعندما تتعرض هذه الحقوق التي تعتبر أولوياته لمخاطر حقيقية، فإنه يفترض إيقاف جزئي لبعض المقتضيات، لأن الأهم والمقدس بالنسبة إلى الدستور هو الإنسان وليس المؤسسة في حد ذاتها. ومع ذلك يمكن استشارة البرلمان للمحكمة الدستورية، لتعزيز وتوسيع المشاركة في اتخاذ القرار الدستوري المناسب، أو عند الاقتضاء طلب تحكيم ملكي، باعتبار الملك الممثل الأسمى للدولة والحكم بين المؤسسات وضامن استمرارية الدولة. وقد لاحظنا أن الملك أرجأ اجتماعات المجالس الوزارية، والاكتفاء بالتواصل عبر طرق أخرى لإدارة هذه الأزمة، رغم أن نصوصا مهمة استراتيجية مرتبطة بالسياسة العامة للبلاد من اختصاص المجلس الوزاري، قد اتخذتها الحكومة. الخلاصة أن القواعد العادية في التواصل والتشاور والتداول قد اعترضتها أزمة الوباء، ويتعين توفر المرونة الكافية والتكيف مع الظروف الاستثنائية التي قد تطول لإقرار قواعد جديدة للتداول والرقابة. وحتى يصبح هذا النقاش حول هذا الموضوع وكأنه مفتاح الخلاص من الوباء، يجب الإسراع في خلق آليات وأدوات عمل برلماني جديد، وألا يتحول النقاش من المساهمة لإيجاد حلول للأزمات المتفرعة عنها اجتماعيا واقتصاديا، بدل الدخول في نقاش غير متوافق مع حالة الطوارئ والاستعجال.
عبد الحفيظ أدمينو : أستاذ القانون العام بجامعة محمد الخامس بالرباط «لا سند دستوري لوقف جلسات البرلمان الذي يواكب ويراقب عمل الحكومة»
ما هو تقييمكم لدور المؤسسة التشريعية في الظرفية الحالية؟
بداية، لابد من أن نشير إلى النقاش المثار حاليا حول دستورية اجتماعات البرلمان في الظرفية الطارئة الحالية، وهذا الأمر بطبيعة الحال دستوريا لا سند له، لأن الاشتغال العادي للمؤسسات أقره الدستور حتى في أحرج اللحظات التي يمكن أن تمر منها البلاد، فبالرجوع مثلا للمادة 59 من الدستور، فنجد أن هذه المادة تؤطر جلسات البرلمان حتى في حالة تكون فيها البلاد في مواجهة مخاطر أشد وأقوى من تلك المخاطر الصحية، والحديث هنا عن تهديد وحدة البلاد أو سلامة السير العادي للمؤسسات، وحتى في هذه الحالة، لاحظنا أن المشرع الدستوري أوجب استمرار جلسات البرلمان، من هذا المنطلق، فإن المبدأ أنه حتى في حالة الطوارئ الصحية من المنتظر أن تستمر جلسات البرلمان، فالمرسوم الذي عرض على البرلمان ليصادق عليه ويصبح قانونا، وهو المتعلق بحالة الطوارئ الصحية، يمنح سلطات أوسع للسلطة التنفيذية الممثلة في الحكومة، بمعنى أنه يمنح للحكومة صلاحية اتخاذ القرارات والمراسيم والمناشير وبلاغات يكون الهدف منها هو محاصرة هذا الوباء، وبالتالي تعطى للسلطة التنفيذية صلاحيات قد تقيد الحريات، وهو ما لاحظناه في منع التنقل بين المدن، وتقييد حريات التجول والتنقل والتجمع، وهذه كلها حريات تم الحد منها بموجب قرارات صادرة عن السلطات الإدارية، ولكن الأهم في هذه القرارات أنها استندت على القانون، حيث تم الاعتماد على المرسوم الوزاري وهو الذي أخذ المسلك التشريعي ليصبح قانونا بعد مصادقة البرلمان، وبالتالي فالبرلمان في هذه المرحلة لديه مهمة تشريعية وأخرى رقابية، يجب أن يكون مناطا بها، وهذه الوظيفة لا ترتبط بالفترة الحالية، بل هي صلب اختصاصاته، وهو ما حددت المواد الدستورية 70 و71، وبالإضافة إلى ذلك، فإن هذه الصلاحيات التي منحت للسلطة التنفيذية، لابد من أن تراقب، إذ لا يعقل أن يمنح مرسوم وزاري أو منشور السلطات المطلقة للسلطة التنفيذية، دون أي رقابة من البرلمان، ولهذا وبالرجوع إلى الأجندة الرقابية للبرلمان خلال الأشهر المقبلة، نجد أنها سطرت القطاعات المعنية بهذه الظرفية منها وزارة الصحة والداخلية والفلاحة والمالية والتجارة والصناعة، وكذلك التربية الوطنية، وبالتالي، فإن هذه القطاعات يجب أن تبقى تحت رقابة البرلمان، سواء في ما يتعلق باحترام قانون الطوارئ، أو سن إجراءات جديدة في تلك القطاعات من شأنها التضييق أكثر على الحريات العامة، كما أن من المهام أيضا المنتظرة من البرلمان هي مواكبة التشريع لما بعد فترة الحجر الصحي، والآثار التي سيخلفها على عدد من القطاعات.
ماهي الملفات التي تحمل راهنية لدى المؤسسة التشريعية في الوقت الحالي؟
إنه بالرجوع إلى أنظمة مقارنة، وهي أنظمة برلمانية قريبة من النظام المغربي، نجد أنها منحت سلطات أوسع للحكومة لكنها في المقابل حافظت على صيرورة المؤسسة البرلمانية والتشريعية، فعلى سبيل المثال، نجد أن الرئيس المجري اتخذ الصلاحيات والتفويض من البرلمان من أجل سن إجراءات استثنائية لمواجهة الجائحة، ولدينا في المغرب نص دستوري مهم جدا، وهو الذي ساوى بين المبادرة التشريعية والبرلمانية والحكومية، بمعنى أن النص التشريعي، منح الأهمية للمبادرة البرلمانية، وبالرجوع إلى جميع الأنظمة البرلمانية نجد أن عصا السبق للحكومة من الجانب التشريعي، ويبقى حض البرلمان في الفترات العادية لا يتجاوز 17 في المائة من المبادرة التشريعية، ونحن في المغرب وفي الظروف العادية لا يتجاوز حظ البرلمان من المبادرة التشريعية 13 أو 14 في المائة، وأتصور أن هذا الرقم في هذه الظروف الاستثنائية سيتراجع، كما أنه من المنتظر أن تكون المبادرة التشريعية للحكومة أكثر، وذلك من منطق أن الحكومة لها من الآليات والأجهزة التي تتيح لها الحصول على دراسات ومعطيات أوفى، فمن الوزارات من تتوفر على مصالح التشريع والدراسات القانونية، ولكن أي جواب يمكن أن يقدم من طرف الحكومة يجب أن يخضع للمصادقة البرلمانية، من أجل اعتماده ليصبح قانونا.
هل يمكن أن نرى اقتراحا لتعديل القانون المالي؟
إنه من المنتظر فعلا أن يتم إقرار تعديلات في القانون المالي للسنة الحالية، على اعتبار أن قانون الطوارئ الصحية منح اختصاصات أوسع للحكومة من أجل اتخاذ قرارات اقتصادية وذات طبيعة اجتماعية، من شأنها أن تحد من الآثار السلبية للوباء، وهناك طلب كبير على أن تكون الدولة حاضرة في هذه القطاعات المتأثرة، في التعليم والصحة ودعم الفئات الاجتماعية الهشة التي لن تستطيع أن تتحمل تبعات الحجر الصحي، وفي مقابل هذا الطلب المتزايد على دعم الدولة، نجد أن القانون المالي ومعه مالية الدولة، غير قادرة على تحقيق الإيرادات التي كان متوقعا تحقيقها خلال هذه السنة، والحديث هنا بالتحديد عن الإيرادات المحصل عليها من القطاع السياحي، والتي هي مورد مهم من العملة الصعبة بالإضافة إلى إيرادات تحويلات المغاربة المقيمين بالخارج، وبالتالي فإن جل القطاعات الاقتصادية، متأثرة بشكل أو بأخر من هذه الجائحة، ومنه فإنه الرجوع إلى طلب تدخل الدولة، ليس خيارا إيديولوجيا، أو توجه نحو تقوية الدولة، بل هو نزعة وجودية فرضتها الظرفية الحالية وهي مرتبطة بوجود الدولة نفسها وصلابة كيانها، وهي المسؤولة عن دعم الأفراد والمقاولات وخاصة المقاولات الصغرى والمتوسطة، وهنا رأينا أن المبادرات التي قام بها المغرب في هذا الجانب هي مبادرات مهمة، ولامست معظم الفئات الاجتماعية، وهذا الأمر يتطلب تعبئة مالية مهمة، خصوصا إذا ربطنا الأمر بتراجع في المداخل الضريبية والذي سيرجع بالأساس إلى تراجع الأنشطة الاقتصادية، وهذا كله سيطرح خيار اللجوء إلى الاقتراض بقوة.
جائحة كورونا تحرك الجدل حول تعديل القانون المالي
في ظل تنامي الحديث عن تعديل القانون المالي لسنة 2020، بسبب الأعباء المالية التي باتت تثقل كاهل ميزانية الدولة بعد القرارات التي تم اتخاذها من أجل تخفيف التبعات الاقتصادية لانتشار وباء «كوفيد 19» الذي يسببه فيروس «كورنا المستجد»، وبعد توقعات بتراجع كبير للنمو الاقتصادي قد يبلغ أدنى مستوياته، أعلن محمد بنشعبون، وزير الاقتصاد والمالية وإصلاح الإدارة، أن تحضير مشروع قانون مالية تعديلي بسبب جائحة كورونا مستبعد بالنظر إلى عدد من السيناريوهات الاقتصادية التي تمت دراستها.
نقاش سياسي وقانوني
ضمن اجتماع لجنة المالية بمجلس النواب، للدراسة والتصويت على مشروع مرسوم بقانون رقم 2.20.320 يتعلق بتجاوز سقف التمويلات الخارجية، قال بنشعبون إن «نقاشا سياسيا وقانونيا حول إعداد مشروع قانون مالية تعديلي وعرضه على البرلمان»، تم التفكير فيه بوزارة الاقتصاد والمالية وإصلاح الإدارة؛ وهو ما يتطلب تقديم أرقام وتفاصيل للبرلمان»، موضحا أن «الأرقام تأتي نتيجة لفرضيات يجب أن تكون معقولة ومتأكدا منها»، معتبرا أن «مسألة الوقت تطرح مشكلا؛ لأن الأساس هو كم من وقت يمكن أن يستمر المغرب في هذه الوضعية، وكذلك بالنسبة إلى الاقتصادات التي للمغرب ارتباط بها كيف ستكون».
«هذه الفرضيات لا نتوفر على معطيات حولها، سواء داخليا أو خارجيا»، يقول الوزير بنشعبون، الذي أكد أن الوزارة تقوم «بسيناريوهات حول استمرار هذا الوباء لشهر أو شهرين، ونشتغل على وضعية الاقتصاد»، مشيرا إلى أن «السيناريوهات لم توضح لنا إمكانية تقديم قانون مالية تعديلي في الوقت الراهن، ومن باب المسؤولية لا يمكن أن نقدم قانونا تعديليا؛ ولكن نحن مطالبون بالإجراءات التي لها علاقة بالمقاولات والمواطنين»، حيث ينص القانون التنظيمي للمالية رقم 113.13 في المادة الـ4 منه على أنه «لا يمكن أن تغير خلال السنة أحكام قانون المالية للسنة إلا بقوانين المالية المعدلة»، مضيفا أنه في المادة الـ51: «يصوت البرلمان على مشروع قانون المالية المعدل في أجل لا يتعدى خمسة عشر (15) يوما الموالية لإيداعه من طرف الحكومة لدى مكتب مجلس النواب، ويبت مجلس النواب في مشروع قانون المالية المعدل داخل أجل ثمانية (8) أيام الموالية لتاريخ إيداعه».
التقليص من النفقات
بخصوص التقليص من النفقات، ترى الحكومة أن «من يفكر في أن الحكومة ستستمر فيها كأن شيئا لم يكن فهو مخطئ»، مشيرة إلى أنه «لا يوجد تراجع في الأمر؛ بل هناك نقاش قانوني حول الموضوع. أما عقلنة التدبير فهذا ضروري، وسيتم تفعيله». وسجل وزير الاقتصاد والمالية وإصلاح الإدارة أن تدبير النفقات تم الاتفاق على أن يتم بقرار مشترك مع كل قطاع، مبرزا أنه «لا يمكن أن يكون قرارا أحاديا، وسيتم اتخاذ الأولويات وكل ما له علاقة بالانتعاش الاقتصادي مستقبلا، وبناء على الأولويات». وشدد المتحدث نفسه على أن «هناك رهانا على أن تكون النفقات مقلصة، مؤكدا أن «السيناريوهات التي تتم دراستها تتحدث عن تباين كبير بين ما يتم توقعه بناء على استمرار الأزمة، لأننا نهيئ المغرب لأسوأ الحالات».
وفي الوقت الذي لا تبدي حكومة سعد الدين العثماني انسياقا نحو تعديل القانون المالي، طالبت حكومة الشباب الموازية بتعديله، واقترحت على الحكومة المغربية العمل على إحداث صندوق في إطار الحسابات المرصودة لأمور خصوصية وتسميته «صندوق محاربة وباء كورونا»، وذلك عبر تعديل لأحكام القانون المالي 2020 بواسطة إجراء قانون مالي تعديلي، كما دعت إلى ضرورة اعتماد قانون مالية معدل في أفق شهر يونيو، من أجل تقديم حلول ناجعة وبراغماتية للمقاولات والأشخاص المتضررين من هذه الأزمة العالمية، وكذا إلى ضرورة اعتماد إطار جبائي خاص بالسياق الوبائي العالمي، وذلك تجسيدا لأحد أهم مخرجات المناظرة الوطنية الثالثة حول الجبايات، المتعلقة بالأمن الجبائي. وفي هذا الصدد، «فإننا نوصي كذلك بضرورة خلق صندوق مرصد لأمور خصوصية خاص بمحاربة الأوبئة، وفق منهجية تعتمد تمويلا من الدولة والقطاع الخاص انسجاما مع الجيل الجديد من التمويلات».