أصدرت المحكمة الابتدائية بمدينة أكادير، في جلسة عقدتها أول أمس الاثنين، حكما في قضية ما يعرف بـ«سمسار المحاكم»، وأدانت المتهم، وهو مستشار جماعي ببلدية كلميم، بثلاث سنوات حبسا نافذا وغرامة مالية قدرها 5 آلاف درهم، على خلفية شريط صوتي تم تداوله على نطاق واسع بوسائل التواصل الاجتماعي، يتضمن مزاعم تدخله في أحكام وملفات ثقيلة معروضة أمام القضاء.
وكان قاضي التحقيق أمر بوضع سمسار المحاكم رهن الاعتقال الاحتياطي بسجن آيت ملول، ومتابعته بالتهم المنسوبة إليه، بعد إجراء خبرة تقنية على الشريط الصوتي من طرف المختبر العلمي التابع للدرك الملكي. وجاء اعتقال المعني بالأمر من طرف الفرقة الجهوية للشرطة القضائية بتعليمات من النيابة العامة التي فتحت تحقيقا في الشريط الصوتي، يدعي فيه توسطه لبرلماني نافذ بإحدى الجهات الجنوبية، له ملفات شائكة معروضة على القضاء، وكان يتردد على منزله بمدينة أكادير، قبل إيقافه من طرف مصالح الأمن، وأمرت الوكيل العام للملك لدى محكمة الاستئناف، بإجراء بحث قضائي للوقوف على حقيقة الادعاءات المضمنة بتسجيل صوتي تم تداوله على مواقع التواصل الاجتماعي لأحد الأشخاص يزعم خلاله قدرته على التدخل لحل قضايا معروضة على القضاء، وتربطه علاقات «قوية» ببرلماني متابع من طرف النيابة العامة في ملف ثقيل.وأدلى الشخص في تسجيل صوتي مع شخص آخر كان يخاطبه بـ«سعادة الرئيس»، بأسماء متهمين ادعى التوسط لهم أمام جهات قضائية، كما أخبره بوجود «الطريق» إلى قاضي التحقيق المكلف بملف «الرئيس» المعروض على القضاء.
وكان المتحدث في التسجيل الصوتي، يخاطب طرفا ثانيا على الخط بـ«سعادة الرئيس»، مخبرا إياه بموعد انعقاد جلسة بالمحكمة «يوم الاثنين»، وقال له «راني مشيت لأكادير على قبل ذاك الدري ديال طانطان... وراه غادي نفك وحايلو»، مضيفا «باغين واحد الأمانة راه غادي نعطيها ليهم باش نفكوه». وتضمن الشريط ادعاءات صاحبه بالتدخل في ملفات أخرى معروضة على القضاء بقوله «هداك النائب ديال التعليم نهار الاثنين غادي يخرجو ولدو ولا خوه ولا ولد ختو...»، وأضاف «المسائل الثانية.. الناس صحابي اللي غادين يفكو الأمور راهم مستعدين لكلشي...»، كما تحدث عن ملف ثقيل معروض على قاضي التحقيق بالقول «هداك شوية قاضي التحقيق خفنا ايلا يعكس لينا، ولكن دابا راه درنا ليه الطريق»، ليختم مكالمته بالقول «هادشي راني خدام فيه 200 في المائة».
وسيمثل المستشار البرلماني الاتحادي، عبد الوهاب بلفقيه، الرئيس السابق لبلدية كلميم، والذي يشغل حاليا منصب محاسب بمكتب مجلس المستشارين، رفقة 10 أشخاص آخرين أمام قاضي التحقيق بمحكمة الاستئناف بأكادير، في جلستين ستنعقد الأولى يوم 27 والثانية يوم 28 أبريل الجاري، وذلك بعد قرار متابعته من طرف النيابة العامة بتهم مرتبطة بالتزوير في وثائق عرفية ورسمية واستعمالها، وكانت جلسة التحقيق مقررة يوم فاتح أبريل الجاري، قبل تأجيلها بسبب الإجراءات المتخذة من طرف المجلس الأعلى للسلطة القضائية للوقاية من فيروس كورونا، وتم تقسيم المتهمين إلى مجموعتين.
وأحالت النيابة العامة الرئيس السابق لبلدية كلميم رفقة 10 متهمين آخرين على قاضي التحقيق للاستماع إليهم في التهم المنسوبة إليهم، بعد البحث الذي أجرته الفرقة الوطنية للشرطة القضائية في العديد من الملفات المرتبطة بالسطو على العقار، بناء على شكاية توصلت بها النيابة العامة من الهيئة الوطنية لحماية المال العام.
ويتابع بلفقيه ومن معه من أجل «التزوير في محرر رسمي واستعماله، والتزوير في محرر عرفي واستعماله، والتزوير في وثائق تصدرها الإدارات العامة إثباتا لحق أو منح ترخيص أو صفة واستعمالها، والتوصل بغير حق إلى تسلم الوثائق المذكورة عن طريق الإدلاء ببيانات ومعلومات وشهادات غير صحيحة واستعمالها، وصنع عن علم إقرار أو شهادة تتضمن وقائع غير صحيحة واستعمالها بالنسبة لعشرة متهمين، والمشاركة في التزوير في وثائق تصدرها الإدارات العامة إثباتا لحق أو منح ترخيص بالنسبة لمتهم واحد».
وعلمت «تيلي ماروك» أن عناصر الفرقة الوطنية للشرطة القضائية رابطت بمقر بلدية كلميم لمدة ثلاثة أسابيع، وحجزت آلاف الوثائق تخص ملفات الصفقات المالية وملفات التدبير المالي والتقني والإداري للجماعة الترابية لكلميم، كما أجرت تحريات بالوكالة الحضرية والمحافظة العقارية، للتأكد من صحة بعض الوثائق المحجوزة، بعضها له علاقة بالحكم الصادر أخيرا عن محكمة الاستئناف الإدارية بمراكش، والقاضي برفض الدعوى التي تقدم بها بلفقيه وشريكه «ح.ز»، والتي طالب من خلالها جماعة كلميم التي يترأسها شقيقه محمد بلفقيه حاليا،بتعويض مالي يتجاوز مبلغ 320 مليون سنتيم.