يواجه حزب العدالة والتنمية فضيحة من العيار الثقيل، بعد تورط قيادي وبرلماني من الحزب في الاستفادة من صفقات بالملايير، حيث كشفت التحقيقات التي تباشرها الفرقة الوطنية للشرطة القضائية في ملف التلاعب بصفقات المؤتمر الأممي للمناخ «كوب 22»، حصول شركتين يساهم فيهما البرلماني يونس بنسليمان، نائب عمدة مراكش، على صفقات أشرف على تفويتها بنفسه.
تهمة جنائية جديدة
وجه الوكيل العام للملك المكلف بجرائم الأموال بمحكمة الاستئناف، تهمة جنائية جديدة لبرلماني «البيجيدي» والنائب الأول لعمدة مدينة مراكش، العربي بلقايد، تتعلق باستفادته من الصفقات التفاوضية التي أشرف عليها في إطار الاستعدادات لتنظيم مؤتمر المناخ «كوب22»، والتي تجاوزت مبالغها 28 مليار سنتيم. وكشفت التحقيقات التي باشرتها الفرقة الوطنية للشرطة القضائية في هذا الملف المثير، أن بنسليمان ساهم في تأسيس شركتين برفقة أحد المقاولين المشهورين بمراكش، متخصصتين في صيانة الطرق، وذلك قبل أسابيع قليلة من انطلاق فعاليات المؤتمر الدولي، ومنح لنفسه مجموعة من الصفقات التفاوضية التي أشرف عليها شخصيا، حيث وجه له الوكيل العام للملك تهمة جنائية جديدة تتعلق بـ«تلقي فائدة من مؤسسة عمومية يتولى إدارتها»، وهي التهمة المنصوص عليها وعلى عقوبتها في الفصل 245 من القانون الجنائي، وعقوبتها تتراوح ما بين 5 و10 سنوات سجنا.
وحسب معطيات الملف الذي أحاله الوكيل العام للملك على يوسف الزيتوني، قاضي التحقيق بالغرفة الجنائية الثالثة المكلفة بجرائم الأموال، فإن بنسليمان أسس شركتين متخصصتين في تزفيت وصيانة الطرق، واستفاد من صفقات تفاوضية بدون منافسة في إطار طلب العروض نظرا للطابع الاستعجالي لإنجاز الأشغال في إطار التحضير لتنظيم الحدث الدولي، وذلك بثمن 800 درهم للمتر المربع بالنسبة لأشغال التزفيت، و40 درهما للمتر المربع بالنسبة لأشغال الصيانة العادية، فيما حصلت الشركتان على مشاريع قبل موعد تنظيم المؤتمر بأثمنة أقل لا تتجاوز 450 درهما بالنسبة لتزفيتالطرق والشوارع و10 دراهم فقط لأشغال الصيانة العادية.
وطلب الوكيل العام من قاضي التحقيق ضم هذا الملف الذي يتضمن معطيات وتهما جديدة إلى الملف الذي يتابع فيه بنسليمان وبلقايد رفقة موظفين ومقاولين على خلفية التلاعبات التي شابت صفقات «كوب 22»، وتتعلق هذه التهم بـ «تبديد أموال عامة موضوعة تحت يده بمقتضى وظيفته، وجنحة استعمال صفة نظمت السلطات العمومية شروط اكتسابها دون استيفاء الشروط اللازمة لحملها للتوقيع على صفقات دون أن تكون له الصفة للإشراف عليها»، وهي التهم نفسهاالموجهة للعمدة محمد بلقايد.
تفاصيل التحقيق التمهيدي
كان قاضي التحقيق قد استمع إلى كل من محمد العربي بلقايد، عمدة مراكش ونائبه الأول يونس بنسليمان، تمهيديا، منتصف شهر مارس الماضي، وحدد لهما موعدا لجلسة التحقيق التفصيلي يومي 15 و16 أبريل الجاري، لكن تم تأجيل هذا الموعد عملا بالتوجيهات الصادرة عن المجلس الأعلى للسلطة القضائية بخصوص تأجيل جلسات التحقيق التي ليس لها طابع الاستعجال، وذلك في إطار التدابير الوقائية من جائحة فيروس كورونا.
وشرع قاضي التحقيق في الاستماع للمتهمين في هذا الملف، يومي 11 و12 مارس الماضي، بعد قرار متابعتهما بتهمة تبديد أموال عمومية في صفقات مؤتمر المناخ «كوب 22»، حيث تم الاستماع للمتهمين من طرف الفرقة الوطنية للشرطة القضائية، بناء على تعليمات النيابة العامة، إثر توصلها بالشكاية التي وضعتها الجمعية الوطنية للدفاع عن حقوق الإنسان، من أجل فتح تحقيق بشأن الخروقات والاختلالات التي شابت صفقات تفاوضية فوتها مجلس المدينة تبلغ قيمتها المالية حوالي 28 مليار سنتيم.
وحسب معطيات موثوقة حصلت عليها «تيلي ماروك»، فقد أكد البرلماني بنسليمان، خلال مراحل البحث في هذا الملف، أنه حصل على تفويض من طرف عمدة المدينة، العربي بلقايد، النائب البرلماني والقيادي البارز بحزب العدالة والتنمية، بصفته النائب الأول لرئيس المجلس، لإبرام صفقات تفاوضية بمناسبة استعداد مدينة مراكش لاحتضان المؤتمر المتعدد الأطراف حول التغيرات المناخية «كوب 22» سنة 2016، وأوضح، في معرض تصريحاته، أن عملية تفويت الصفقات بشكل مباشر إلى الشركات عوض اللجوء إلى مسطرة طلب العروض، تمت بتعليمات كتابية من الوالي السابق لجهة مراكش آسفي، عبد الفتاح البجيوي، والذي طلب من المجلس التسريع في عملية إطلاق الأشغال والأوراش استعدادا لهذا الحدث العالمي، وذلك عن طريق الصفقات التفاوضية، لتفادي تعقد مسطرة طلبات العروض.
وأوضح بنسليمان أن رئيس مجلس المدينة كلفه بالإشراف على هذه الصفقات بسبب غياب أمال ميسرة، نائبة الرئيس المكلفة بالصفقات العمومية، حيث قام بتفويت 49 صفقة بشكل مباشر إلى الشركات المستفيدة دون اللجوء إلى مسطرة طلب العروض، تتعلق بتهيئة المساحات الخضراء، وترميم وإصلاح الشوارع والطرق والإنارة العمومية، وبلغ المبلغ الإجمالي لكل هذه الصفقات، ما مجموعه 221.572.242,00 درهما، أي ما يفوق 22 مليار سنتيم. وكشف بنسليمان أنه، بخصوص الصفقات المتعلقة بإصلاح وترميم الشوارع والطرق، فقد تم تفويتها يوم 30 دجنبر 2016، تحت إشراف العمدة بلقايد، وذلك تفعيلا لطلب والي الجهة السابق، من خلال مراسلة رسمية مؤرخة بتاريخ 27 دجنبر 2016، يطالب من خلالها المجلس بتسريع وتيرة الأشغال قبل حلول موعد زيارة ملكية كانت مبرمجة إلى المدينة في بداية سنة 2017.
وسبق لمصالح الفرقة الجهوية للشرطة القضائية المكلفة بجرائم الأموال، أن استمعت إلى أزيد من 100 مقاول فازوا بهذه الصفقات، كما استمعت إلى المهندس البلدي رئيس قسم الأشغال، وإلى أربعة من زملائه، ويتعلق الأمر بمهندسين وتقنيين يشغلون مهام رئاسة مصلحة البنايات، مصلحة الطرق، مصلحة الإنارة والتشوير ومصلحة الأغراس.