كباقي مدن وأقاليم المملكة، انخرطت عمالة الصخيرات تمارة بكل فعالياتها في مواجهة وباء كورونا، ومنذ الإعلان عن أول إصابة بتراب الإقليم بمنطقة الهرهورة بداية مارس الماضي، تجندت السلطات العمومية من إدارة ترابية وأمن وطني ودرك ملكي وقوات مساعدة ووقاية مدنية، ومجالس منتخبة وجمعيات المجتمع المدني بكل الجماعات القروية والحضرية العشر المكونة لتراب الإقليم، لتنزيل البروتوكول الخاص بالطوارئ الصحية والحجر الصحي الذي اعتمدته الدولة المغربية من أجل الحد من تفشي وباء كورونا.
نجاعة الداخلية تكشف هشاشة مجلس «البيجيدي»
في غياب شبه تام لمبادرات بعض رؤساء الجماعات الذين واصلوا تجاهلهم للوضعية الوبائية بالإقليم التي كانت تتضاعف يوما بعد آخر منذ ظهور الحالات الأولى بكل من الهرهورة وعين العودة، سطع نجم سلطات وزارة الداخلية والأمن الوطني والدرك الملكي التي رسمت بروتوكولا متكاملا للتدخلات الميدانية التي قادها رجال السلطة وأعوانهم بأحياء شعبية وشوارع وأزقة ليست كباقي أحياء المدن الأخرى، بسبب الكثافة السكانية الهائلة التي ارتبطت وضعيتها لعقود من الزمن بالهشاشة والاختلالات المجالية الناجمة عن الانتشار المهول للبراريكوالأحياء الصفيحية، والتي ترتبت عليها تفاوتات اجتماعية، في الوقت الذي أغرقت الحسابات السياسية وضعف الأداء السياسي بالمدينة، وتحديدا التي يدبر مجلسها الجماعي فريق «البيجيدي»، تمارة، في حزمة من المشاكل الاجتماعية والهيكلية والتنموية، تطلبت مجهودات مضاعفة من سلطات الداخلية لإنجاح وتنزيل خطتها الإقليمية لمواجهة تفشي فيروس كورونا المستجد بتراب العمالة التي تسجل لحد الساعة أكثر من 70 حالة مؤكدة تقريبا.
إجراءات للدعم الاجتماعي
حظيت مدينة تمارة، التي تعتبر أكبر جماعة حضرية بعمالة الصخيرات تمارة، باهتمام خاص من طرف السلطات الإقليمية ولجنة اليقظة المكلفة بتنزيل خطة الطوارئ الصحية، حيث يعقد العامل يوسف إدريس اجتماعات يومية لتدارس إكراهات وتداعيات جائحة كورونا، استحضارا لطبيعة تمارة وهشاشة جزء كبير منها بسبب تفشي دور الصفيح ومظاهر الفقر وفوضى الترامي على الملك العام، وانتشارالأسواق العشوائية بوسط المدينة وأحوازها، فضلا عن مواجهة إكراه البطالة التي أصبحت مضاعفة بسبب وقف الأنشطة غير المهيكلة والتجارة الجائلة.
ومراعاة لكل هذه الإكراهات، عبأت عمالة الصخيرات تمارة كل السلطات الترابية وبعص جمعيات المجتمع المدني من أجل توزيع مساعدات مهمة على الأسر المعوزة، وتيسير كل عمليات الدعم الرسمية والمؤسساتية التي اعتمدتها الدولة لتخفيف وطأة تداعيات كورونا، خاصة على العائلات التي تضررت جراء إغلاق الشركات والمقاولات والمقاهي والأسواق، وباقي المجالات المهيكلة وغير المهيكلة، حيث وفرت لهم الدولة مساعدات مهمة في إطار دعم صندوق كورونا. كما أشرفت السلطات الإقليمية والمحلية على عمليات تعقيم واسعة لكل الفضاءات والمقرات الإدارية وشوارع وأزقة الأحياء الشعبية والراقية، فضلا عن عمليات توزيع مهمة للكمامات رافقتها حملات تحسيسية أشرف عليها باشوات وقياد وأعوان سلطة وكذا جمعيات المجتمع المدني التي انخرطت في دينامية التحسيس والدعم بالشكل المعهود فيها.
تحرير وسط المدينة من الأسواق و«الجوطيات»
تدخل متميز خلف استحسان المواطنين بتمارة، يتعلق تحديدا باستغلال السلطات الإقليمية لحالة الطوارئ من أجل إعادة تنظيم فضاءات التسوق العشوائية التي كانت وصمة على مسؤولي مدينة تمارة، بعد أن تحولت مراكز وسط المدينة إلى أسواق يومية ترافقها الفوضى وعرقلة السير والجولان. وعملت السلطة، بتوجيه من عامل الإقليم، على هدم كل هذه الأسواق و«الجوطيات»، وهي العملية التي لم ترافقها أدنى احتجاجات من طرف الساكنة المعنية، بعد أن فتحت السلطات المحلية حوارات مكثفة مع ممثلين لهم على مستوى هذه الأسواق،وتقاسم رهان العمالة بتنظيم هذه الأسواق وبناء مقرات مهيكلة ومجهزة تراعي جمالية المدينة وترتيب المجال الجغرافي بشكل يسمح بمباشرة الأوراش التنموية الكبرى التي تدخل في إطار المخطط التنموي المندمج لعمالة تمارة الذي خصصت له الدولة مئات الملايير.
هكذا واجهت مصالح الحموشي مخالفي الطوارئ
بخصوص المجهودات الأمنية بالإقليم ومدينة تمارة تحدبدا، رسمت المنطقة الأمنية بعمالة الصخيرات تمارة، بتنسيق مع لجان اليقظة وعامل الإقليم وباقي المتدخلين، بروتوكولا أمنيا تدرج بين عمليات التحسيس ثم تنزيل إجراءات الطوارئ بالصرامة والشدة المطلوبين انطلاقا من تثبيت سدود قضائية وإدارية ونقط للتفتيش والعزل التي تجاوزت 45 سدا، منصوبة بمداخل ومخارج المدينة.
وبفضل التنسيق المحكم مع باقي القوات العمومية وجهاز الدرك الملكي، نجحت مصالح الأمن الوطني في إحكام السيطرة على كل مداخل وشوارع المدينة ومواجهة المخالفين لحالة الطوارئ خاصة بالأحياء الشعبية، حيث تم إيقاف المئات منهم، وتقديمهم للعدالة. كما مكنت الخطة الأمنية التي اعتمدتها المنطقة الأمنية، بتنسيق مع سلطات العمالة، من ضمان استقرار حالات الإصابة من خلال تشديد المراقبة الأمنية بمواقع التفتيش والعزل بكل مناطق التماس سواء بعين العودة أو الرباط أو الهرهورة التي تعرف هي الأخرى حالات مؤكدة للمصابين بفيروس كورونا المستجد.
وتابعت «تيلي ماروك» جولات ميدانية بمختلف السدود القضائية قام بها عامل الإقليم نهاية الأسبوع الماضي رفقة رئيس المنطقة، من أجل الاطلاع على تنزيل إجراءات حالة الطوارئ، وهي الجولات الميدانية نفسها التي قام بها المسؤول الترابي بكل الجماعات الأخرى بتراب الإقليم، وعلى رأسها مدينة الصخيرات التي لا زالت محصنة لحد الساعة ضد الوباء، وسط إجراءات مشددة لاستدامة عافية سكانها من خلال دعوتهم إلى المزيد من التعبئة والتزامالحجرالمنزليمن أجل تفادي العدوى.
بنيات صحية هشة ومنعدمة
في المجال الصحي، لازالت مدينة تمارة تعاني من هشاشة البنيات الصحية المتوفرة في انتظار فتح وحدات استشفائية كبرى، ويتساءل كل مواطني تمارة عن أسباب عدم اعتمادها وفتحها في هذه اللحظة الفارقة التي تحتاج تعبئة كل بنيات الاستقبال المجهزة، من قبيل المستشفى الإقليمي الجديد الذي تطلب أكثر من عقد لبنائه، أو المستشفى الجديد والمؤهل المتواجد بشارع محمد الخامس. وأمام هذا الوضع وإغلاق المستشفى الوحيد بالإقليم وهو مستشفى سيدي لحسن بعد إصابة طبيب بكورونا، بات محتما على ساكنة العمالة التي يتجاوز عددها 550 ألف نسمة التوجه والاستنجاد بالمستشفى الجامعي ابن سينا بالرباط، من أجل تلقي العلاجات اللازمة سواء المرتبطة بالأمراض العادية أوبوباء كورونا.