من المرتقب أن يعلن فرانسوا ليجولت، رئيس مقاطعة كيبك بكندا، خلال الأيام المقبلة عن جدول زمني بشأن رفع العزل الصحي. وبالتالي سوف نعرف المزيد عن إعادة فتح الحضانات والمدارس والشركات، مع الإشارة إلى أنه يجب القيام بهذه العملية ضمن استراتيجية «المناعة الطبيعية».
قال رئيس الوزراء في كيبيك، يوم الخميس الماضي، إن كيبيك تحتاج بكل تأكيد إلى زيادة تحصين سكانها ضد الفيروس بحلول شهر شتنبر المقبل، من أجل تجنب موجة ثانية من كوفيد-19 أشد وطأة من الموجة الأولى.
«إن أسوأ ما يمكن القيام به هو أن تقول للناس: سوف تخرجون جميعا في نفس الوقت، في شتنبر أو في الخريف». يقول فرانسوا ليجولت إن «ذلك سيكون أسوأ شيء. في هذه الحالة، يمكننا أن نتخيل حينها، موجة أخرى ستكون أعتى من الموجة التي شهدناها منذ شهر».
يجب على هذه الاستراتيجية، المسماة «المناعة الطبيعية»، أن ترتكز على الرفع التدريجي للحجر الصحي. من هذا المنطلق، تتطلع الحكومة في كيبيك خلال الأسبوع المقبل إلى الإعلان عن الجدول الزمني لإعادة فتح بعض الشركات والحضانات والمدارس.
ويوضح ليجولت أن «الفكرة تتمثل في التقدم بشكل تدريجي جدا، حتى يتعين على الأشخاص الأقل عرضة للخطر من تطوير أجسام مضادة وأن يكتسبوا بذلك حصانة ضد الفيروس». ولكن يجب أن نتقدم بشكل تدريجي للغاية.
سجلت كيبيك يوم الخميس 1243 حالة وفاة من جراء كوفيد-19. وشملت 93 وفاة من أصل 109 حالات وفاة جديدة أناسا في دور العجزة.
إن الوضع داخل هذه المساكن والمستشفيات مؤلم جدا. على الرغم من النداءات للحصول على دعم من قبل الأطباء المتخصصين والقوات المسلحة، فإن شبكة كيبيك الصحية تفتقر إلى 9500 عامل. وأقر ليجولت «بأنه نقص هائل». وفي غضون 24 ساعة فقط، سجل نقص 800 عامل في هذه القائمة.
«لا لخنازير غينيا»
في خضم السياق المتوتر، قامت السلطات بمقاطعة كيبيك يوم الخميس الماضي بتسليط الضوء على استراتيجيتها المتوخاة للأشهر المقبلة. ووفقا لفرانسوا ليجولت، فإن الرفع التدريجي للحجر الصحي سوف يهم الأشخاص الأقل عرضة للخطر، مثل الشباب، بحيث سيمكن ذلك من التعامل مع موجة ثانية من الجائحة بشكل أفضل.
يقول ليجولت: «يجب أن تكون هناك حصانة، ولكن تدريجية للغاية. وبات من الجلي جدا، من خلال هذه التجربة الراهنة، أنه من الواجب علينا أن نحمي الأشخاص الأكثر هشاشة، ويعني ذلك الأشخاص الذين يبلغون من العمر 60 سنة فما فوق، والذين يمثلون حاليا 97٪ من الوفيات».
وتندرج عملية إعادة فتح الحضانات والمدارس خلال الأسابيع القادمة ضمن هذه الاستراتيجية.
وطمأن رئيس الوزراء إلى «أن مفهوم المناعة الطبيعية لا يعني استعمال الأطفال مثل خنازير غينيا.. بل يعني أن الأشخاص الأقل عرضة للخطر، أي الأشخاص دون عن 60 سنة، سيشكلون مناعة طبيعية تمنع موجة أخرى».
ويسعى فرانسوا ليجولت إلى أن يطمئن «الآباء الذين ما زالوا يشعرون بالقلق رغم كل شيء». «لن يكون إرسال أطفالكم إلى المدرسة أمرا إجباريا حتى شهر شتنبر المقبل، فالأمر يتعلق بفصل الربيع».
كما ناصرت جمعية كيبيك لطب الأطفال عملية الرفع التدريجي للحجر الصحي عن الأطفال في بيان أصدرته يوم الخميس الماضي.
وأشار أطباء الأطفال الذين يخشون الآثار السلبية للحجر الصحي المطول على الأطفال «يتفق المجتمع العلمي على نقطة واحدة: كوفيد-19 لا يشكل خطرا على صحة الغالبية العظمى من الأطفال».
أقل من 10٪ من سكان كيبيك مصابون
ارتدى رئيس الوزراء عباءة المعلم في محاولة لشرح فكرة المناعة الطبيعية: «إن الفيروس «قوي جدا»، بمعدل انتقال العدوى يتراوح بين 2 و4»، يحدد السيد ليجولت.
يشير معدل انتقال العدوى إلى عدد الأشخاص الذين سيصابون من شخص حامل للفيروس، وبالتالي فإن معدل 2 يعني إصابة شخصين، ثم أربعة، ثم ثمانية، إلخ. «هذا ما يسمى بالنمو الهائل (الأسي)، إذ يرتفع بسرعة كبيرة».
غير أنه إذا كان 50 ٪ من سكان كيبيك محصنين ضد الفيروس، فلن يصيب الشخص الحامل للفيروس شخصين، ولكن شخصا واحدا فقط. هذا ما يطلق عليه المتخصصون المناعة الطبيعية».
في الوقت الراهن، يقدر المدير الوطني للصحة العامة أن ما بين 5 و10 ٪ من سكان كيبيك قد أصيبوا بالفيروس ويملكون حصانة ضده. يقول الدكتور هوراسيو أرودا: «سوف يتم إجراء اختبارات الفحص العشوائي، بما في ذلك الاختبارات المصلية، من أجل تحديد معدلات المناعة بدقة أكبر في كيبيك».
ويضيف أرودا: «أنه من أجل السيطرة على الفيروس، يجب تحصين ما بين 60 و 80٪ من سكان كيبيك. ويعتمد الفرق بين هذه الأرقام على معدل انتشار الفيروس، والذي لا يحظى بإجماع المتخصصين.
وبالتالي، تتمثل خطة الحكومة فيرفع معدل التحصين خلال فصل الصيف. إذ من شأن الرفع التدريجي للحجر الصحي أن يسمح للاقتصاد بالتعافي، ولكن أيضا بالوصول إلى هذه المناعة الطبيعية.
وتنبني الخطة بأكملها على فرضية واحدة: لا يمكن للشخص المصاب بكوفيد-19 أن يلتقطه مرة أخرى. وقد أقر رئيس الوزراء بأنه حتى الآن، «وفقا للخبراء، فإن الشخص الذي أصيب بالفيروس سيتمتع بالحصانة ضده على الأقل لفترة من الزمن».
ولكن ما هو الخيار الآخر؟ وفقا لفرانسوا ليجولت، فإن الأمر سيتعلق بفرض الحجر على كيبيك كليا حتى التوصل إلى اللقاح.
وأشار فرانسوا ليجولت إلى أنه «إذا لزم الجميع منازلهم، فإن الوضع سيبقى على ما هو عليه، وسوف نجد أنفسنا في موقف ننتظر فيه اللقاح، الذي قد يتوصل إليه العلماء ربما خلال سنة أو سنتين. لا يمكن أن نطلب من الناس البقاء في المنزل لمدة سنتين»، مضيفا «لا أعتقد، أنه إذا أجرينا، الآن، استطلاعا كبيرا ثم استفتاء، أن سكان كيبيك سوف يرغبون بالبقاء في منازلهم لمدة عامين».