في تطور مثير للضجة التي أثارها مشروع القانون المتعلق باستعمال شبكات التواصل الاجتماعي، خرجت الأمانة العامة لحزب العدالة والتنمية، برئاسة سعد الدين العثماني، بموقف يتعارض مع موقف مجلس الحكومة، الذي ترأسه كذلك العثماني، وصادق على مشروع القانون.
فقد أصدر العثماني بصفته رئيسا للحكومة، بلاغا عن اجتماع مجلس الحكومة المنعقد يوم 19 مارس الماضي، أكد من خلاله مصادقة المجلس على المشروع لسد الفراغ التشريعي الذي تعاني منه المنظومة القانونية الوطنية لردع كافة السلوكات المرتكبة عبر شبكات التواصل الاجتماعي والشبكات المماثلة، من قبيل نشر الأخبار الزائفة وبعض السلوكات الإجرامية الماسة بشرف واعتبار الأشخاص أو القاصرين، خاصة في مثل هذه الظرفية الخاصة التي يعرفها العالم، وتعرفها بلادنا، والمرتبطة بتفشي فيروس كورونا، كما يستهدف أيضا، حسب البلاغ، ملاءمة المنظومة القانونية الوطنية مع القوانين المقارنة والمعايير المعتمدة في مجال محاربة الجريمة الإلكترونية، خاصة بعد مصادقة المغرب على اتفاقية بودابيست المتعلقة بالجريمة المعلوماتية بتاريخ 29 يونيو 2018.
وخلافا لذلك، أصدر العثماني بصفته أمينا عاما لحزب العدالة والتنمية، بلاغا عن اجتماع الأمانة العامة، الذي ترأسه أول أمس السبت، أكد على الموقف المبدئي للحزب والذي يقضي بأن أي تشريع في هذا المجال يجب أن يراعي ضمان ممارسة الحقوق والحريات الأساسية، في نطاق المسؤولية، ومن ضمنها حرية الفكر والرأي والتعبير بكل أشكالها، ورفضها لأي مقتضيات تشريعية تتعارض مع ممارسة هذه الحريات المقررة والمنقولة دستوريا، ودعت الحكومة إلى تأجيل عرض هذا المشروع بعد تعديله نهائيا من قبل اللجنة الوزارية المكلفة، على البرلمان، مراعاة للظرفية الاستثنائية التي تجتازها البلاد. وأكدت الأمانة العامة، من جهة أخرى، على أهمية سعي الحكومة إلى توسيع التشاور المؤسساتي بشأن المشروع من خلال إشراك المؤسسات الدستورية المعنية.
وفي السياق ذاته، كشفت مصادر حزبية مطلعة عما قالت إنها موجة جدل داخلي وسط حزب العدالة والتنمية بسبب مشروع القانون 22.20 المتعلق بتنظيم شبكات التواصل الاجتماعي، حسب المصادر التي قالت إن عددا من منتسبي الحزب يطالبون رئيس الحكومة، والأمين العام لحزب العدالة والتنمية، سعد الدين العثماني، بالخروج بتوضيحات بشأن التسريبات الأخيرة لما قيل إنها أجزاء من القانون المتعلق باستعمال شبكات التواصل الاجتماعي، وهي التسريبات التي باتت تهدد بأزمة حكومية بعد تعبير أحزاب الأغلبية (حزب التجمع الوطني للأحرار، وحزب الاتحاد الاشتراكي، وحزب الحركة الشعبية) عن رفضها، في حين لزمت قيادة حزب العدالة والتنمية الذي يقود الحكومة الحالية، الصمت واختارت تصريف مواقفها من خلال تصريحات لوزراء الحزب.
وأعلنت شبيبة الحزب عن موقفها من القانون، إذ عبرت عن رفضها لـ«أي تشريع من شأنه أن يمس بحرية الفكر والرأي والتعبير». ووجهت شبيبة البيجيدي انتقادات للمشروع، واعتبرت «أن أعضاءها يعبرون عن رفضهم لأي تشريع يمكن أن يمس بحرية الفكر والرأي والتعبير المكفولة دستوريا»، مؤكدين أن «الشعب المغربي راكم بشكل إيجابي لعقود طويلة في مسار ممارسته لحريته بمسؤولية ووعي كبيرين».
وأشارت المصادر إلى أن الموقف الذي عبرت عنه شبيبة الحزب، يكشف عن الالتباس داخل الحزب الحاكم، فيما تدعو مكونات الأغلبية رئيس الحكومة، سعد الدين العثماني، إلى عقد اجتماع عاجل للتداول في سبيل لحل الإشكال الذي جعل الحكومة في موقف لا تحسد عليه. ويطالب منتسبون للعدالة والتنمية الأمين العام للحزب بتقديم توضيحات حول موقف الحزب، بينما يخوض رئيس المجلس الوطني للبيجيدي، وزير الدولة في حقوق الإنسان، مصطفى الرميد، حربا شرسة ضد مشروع القانون تمثلت في المذكرة التي أصدرها باسم الوزارة، ورفض فيها «إصدار قانون يفضي إلى إضعاف ثقة الناس واجتماع كلمتهم»، بل واعتبر أن الحكومة استغلت الظروف الصعبة التي تمر منها البلاد لتمرير قانون يقيد حرية التعبير والرأي.