بعد شروع محاكم المملكة في عقد جلسات للمحاكمة عن بعد، في ظل التدابير المتخذة للوقاية من فيروس كورونا، ومنع المعتقلين من مغادرة السجون، أعدت وزارة العدل مسودة مشروع قانون يتعلق باستعمال الوسائط الإلكترونية في الإجراءات القضائية، من المرتقب أن يحال على مجلس الحكومة في القريب العاجل.
الإجراءات القضائية
يتضمن المشروع تعديلات على قانون المسطرة المدنية وقانون المسطرة الجنائية، ومنها التبليغ الإلكتروني، حيث تتولى منصة إلكترونية رسمية للتقاضي عن بعد، تأمين عملية التبادل اللامادي للإجراءات بين المحامين ومحاكم المملكة، بما يضمن موثوقية المعطيات المضمنة، وسلامة الوثائق وأمن وسرية التبادلات الإلكترونية وغيرها، وتعتبر المقالات والمذكرات والمرفقات وكافة الإجراءات الأخرى المحررة على دعامة إلكترونية، المدلى بها أو المتوصل بها عبر الوسائط الإلكترونية، صحيحة ولها نفس الحجية التي تتمتع بها الوثيقة المحررة على دعامة ورقية، وتقبل صور المستندات في الإجراءات التي تتم عبر الوسائط الإلكترونية، ولا يحول ذلك دون إمكانية تكليف المحكمة من قدم المستند بتقديم أصله متى رأت لذلك ضرورة، وحسب المشروع "لا يعتد بإنكار الطرف في الدعوى للمستندات المقدمة من خصمه عبر الوسائط الإلكترونية لمجرد أنها صور، ما لم يتمسك من أنكرها بعدم صحة تلك المستندات أو عدم صدورها عمن نسبت إليه".
وينص المشروع على أن المنصة الإلكترونية تضمن الحسابات الإلكترونية المهنية للمحامين والمفوضين القضائيين والخبراء، والعناوين الإلكترونية الرسمية للإدارات العمومية وللأطراف الراغبين في ذلك، ليتم اعتمادها في التبليغ الإلكتروني، ويحدث حسابا إلكترونيا مهنيا لكل محام مسجل في جدول هيئة من هيئات المحامين بالمغرب يلج إليه بصفة مؤمنة، كما يحدث حسابا إلكترونيا مهنيا لكل مفوض قضائي وخبير مسجل بجدول الخبراء القضائيين بالمغرب يلج إليه بصفة مؤمنة، ووفقا لمشروع القانون، تحدد الكيفيات التقنية لتدبير واستعمال الحساب الشخصي المهني بمقتضى نص تنظيمي.
ويضيف المشروع أنه يمكن أن يقدم الطرف الذي يرغب في استخدام التبليغ الإلكتروني تصريحا بالمنصة الإلكترونية يتضمن عنوانه الإلكتروني الرسمي، ويجب على كل طرف أن يشعر المنصة الإلكترونية بكل تغيير يطرأ على عنوانه الإلكتروني المضمن بالتصريح، ولا يعتد بتغيير العنوان الإلكتروني إلا إذا تم تسجيله بناء على طلب المعني بالأمر، ويمكن التراجع عن هذا التصريح في كل وقت، على أن تحدد الكيفيات التقنية لتدبير واستعمال العنوان الإلكتروني الرسمي في التبليغ بمقتضى نص تنظيمي.
وحسب المشروع، يمكن أن تأمر المحكمة بالقيام بإجراءات التبليغ بواسطة الوسائط الإلكترونية، تلقائيا أو بناء على طلب أحد أطراف الدعوى، وتقوم المنصة الإلكترونية بإرسال إشعار بالتوصل بمجرد وضع التبليغ رهن إشارة المرسل إليه بحسابه الإلكتروني المهني أو عنوانه الإلكتروني الرسمي، ويتم تنبيه الطرف أو المحامي بواسطة إشعار إلكتروني عند كل عملية تبليغ يتضمن تاريخ هذا التبليغ، وفي حالة التبليغ الإلكتروني يعتبر الإشعار بالتوصل الذي يستخرج من النظام المعلوماتي بمثابة شهادة تسليم. وتتمتع الوثيقة المحررة على دعامة إلكترونية، المحفوظة بالمنصة الإلكترونية، بنفس حجية الإثبات التي تتمتع بها الوثيقة الورقية، على أن تتضمن وجوبا تاريخ وساعة التبليغ والعنوان الإلكتروني للمبلغ إليه، ويتم استخراج نسخة ورقية لوثيقة التبليغ الإلكتروني تتضمن مراجع حفظها بقاعدة المعطيات الرسمية.
التحقيق عن بعد
ويسمح القانون لقاضي التحقيق تلقائيا أو بناء على ملتمس النيابة العامة أو أحد الأطراف أو من ينوب عنهم أن يقرر تلقي تصريحاته أو الاستماع إليه أو مواجهته مع الغير عبر تقنية الاتصال عن بعد بكيفية تضمن سرية البث، إذا وجدت أسباب جدية تحول دون حضور المتهم أو الضحية أو المطالب بالحق المدني أو الشاهد أو الخبير، أو لبعد أحدهم عن المكان الذي يجري فيه التحقيق، ويوجه قاضي التحقيق إنابة قضائية له بالمحكمة التي يوجد بدائرتها الشخص المعني بالأمر، يبين فيها الأسباب التي تبرر اللجوء لتقنية الاتصال عن بعد وهوية الشخص أو الأشخاص موضوع هذا الإجراء، ويحدد المهمة المطلوبة وتاريخ وساعة إنجازها، وإذا تعلق الأمر بشخص معتقل، فإنه يمكن لقاضي التحقيق، بعد أخذ رأي النيابة العامة، الاستماع إليه أو استنطاقه باستعمال تقنية الاتصال عن بعد بكيفية تضمن سرية البث، بحضور موظف يعمل بالمؤسسة السجنية، يلتزم الموظف بالحفاظ على سرية التحقيق تحت طائلة العقوبات المقررة في الفصل 446 من مجموعة القانون الجنائي.
وينص القانون على أن كاتب الضبط يحرر محضرا بكل عملية استماع أو استنطاق يوجه فورا عن طريق الفاكس أو البريد الإلكتروني أو بأي وسيلة أخرى تترك أثرا كتابيا إلى مقر المؤسسة السجنية، حيث يتم التوقيع عليه من قبل الشخص المعني بالأمر أو يشار إلى رفضه التوقيع، ويحال المحضر من جديد من قبل مدير المؤسسة السجنية إلى القاضي الذي يوقعه بمعية كاتب الضبط. وإذا كان الشخص مؤازرا بمحام، فيمكن لهذا الأخير الحضور إلى جانب القاضي في المكان الذي يجري فيه التحقيق أو إلى جانب مؤازره في المؤسسة السجنية.
محاكمات عن بعد
ومن بين التعديلات المقترحة على قانون المسطرة الجنائية، أنه إذا وجدت أسباب جدية تحول دون حضور المتهم أو الضحية أو الشاهد أو المطالب بالحق المدني أو الخبير أو لبعد أحدهم عن المكان الذي تجري فيه المحاكمة، فإنه يمكن للمحكمة تلقائيا أو بناء على ملتمس النيابة العامة أو أحد الأطراف أو من ينوب عنهم، أن تصدر مقررا قضائيا معللا تبين فيه الأسباب التي تبرر اللجوء لتقنية الاتصال عن بعد، وهوية الشخص أو الأشخاص موضوع الإجراء وتحدد المهمة المطلوبة وتاريخ وساعة إنجازها، وتوجه إنابة قضائية إلى المحكمة التي يوجد بدائرتها الشخص أو الأشخاص المعنيين للسهر على استدعائهم والإشراف على عملية الاستماع عن بعد.
يمكن لوزير العدل، حسب المشروع، أن يأذن، في إطار تنفيذ إنابة قضائية دولية، لمحكمة أجنبية بالاستماع إلى شخص أو أكثر، إذا كان موجودا بالمغرب ووافق صراحة على قبول هذا الطلب، ويتم الاستماع وفق الكيفيات المنصوص عليها في هذا القانون، غير أنه يجب حضور مترجم إذا كانت المناقشات تجري بغير اللغة العربية حتى وإن كان الشخص أو الأشخاص يحسنون اللغة التي تستعملها
المحكمة الأجنبية، ويمكن للقاضي المغربي المشرف على تنفيذ الإنابة تلقائيا أو بناء على طلب من ممثل النيابة العامة الذي يحضر معه أن يعترض على طرح بعض الأسئلة إذا كان من شأنها المساس بمصالح المغرب الأساسية أو بثوابته أو تتعلق بسر من أسرار الدفاع الوطني. ويمكن للقاضي المغربي الأمر بإيقاف العملية في حال إصرار المحكمة الأجنبية على طرح السؤال المعترض عليه، ويحرر محضر العملية، ويمكن إجراء تسجيل مصور أو صوتي لها، كما يمكن للقضاة المغاربة أن يباشروا الاستماع إلى الأشخاص الموجودين خارج المغرب أو استنطاقهم أو مواجهتهم مع الغير أو تلقي تصريحاتهم عن طريق تقنيات الاتصال عن بعد وفق مقتضيات هذا القانون، مع مراعاة الاتفاقيات الدولية والقوانين الداخلية للدول التي يطلب القيام بالإجراء فيها.