علمت «تيلي ماروك»، من مصادر مطلعة، أن مسؤولي المصالح الترابية بكل من برشيد، سطات والنواصر بادروا بتشكيل لجن إقليمية من أجل تشديد المراقبة على المناطق التي كانت إلى حدود أول أمس تعرف إقبال الفلاحين على استعمال المياه العادمة في السقي، وذلك بعد توصلهم، على غرار باقي عمال الأقاليم وولاة الجهات بالمملكة، بمراسلة من وزير الداخلية عبد الوافي لفتيت، يدعوهم من خلالها إلى تشديد المراقبة بخصوص استعمال المياه العادمة في الري، مخافة أن تكون تلك المياه مصدر تهديد بالإصابة بفيروس كورونا، وهي المراسلة التي شدد من خلالها وزير الداخلية على التعجيل بمنع الاستعمال غير القانوني لهذه المياه في سقي الأراضي الفلاحية.
محطة التصفية ببرشيد
تأتي مراسلة وزير الداخلية التي، في وقت يقوم عدد من الفلاحين بكل من منطقة أولاد صالح بإقليم النواصر والعسيلات بإقليم برشيد، بسقي الأراضي الفلاحية باستعمال المياه العادمة القادمة من محطة التصفية ببرشيد، والتي يعمد عدد من الفلاحين إلى تحويل مجراها لسقي الأراضي الفلاحية، سواء منها المخصصة لزارعة الحبوب أو المواد العلفية، وذلك باستعمال مضخات لضخ المياه، في وقت يعمد البعض الآخر إلى استعمال تلك المياه في سقي الخضر والرعي، وهو واقع اعتبره فلاحو المنطقة ضروريا بفعل تأخر الأمطار ما أصبح يهدد الفلاحة البورية والسقوية بالتلف.
هذه الوضعية المتكررة كل سنة في غياب أي رادع من الجهات المختصة للحد من هذه الكارثة التي باتت تهدد المنتوجات الغذائية، من خلال لحوم الأبقار والمواشي وكذا الحليب ومشتقاته، نتيجة تناول الأبقار والمواشي تلك الأعلاف المسقية بمئات الأمتار المكعبة من المياه المشبعة بالمواد الكيماوية الخطيرة، أو الناتجة عن تسميد الأراضي الفلاحية من فضلات الدجاج والديك الرومي.
هذا الواقع وقفت عليه «تيلي ماروك» في أكثر من مناسبة بعد انتقالها إلى المناطق التي تعرف هذه الكارثة، وخاصة المحاذية للطريق الإقليمية رقم 3042 بين برشيد وسبت لعسيلات، وكذا الطريق الإقليمية رقم 3011 المؤدية لحد السوالم، حيث وقفت الجريدة على حجم الخطر الذي ينتشر على طول قنوات صرف المياه العادمة القادمة من محطة التصفية ببرشيد، في اتجاه واد مرزك بإقليم النواصر، ووجود العشرات من مضخات مياه الري المزودة بمحركات البنزين وقنينات الغاز، يقدم أصحابها على نصبها لضخ المياه العادمة مباشرة من القناة الرئيسية في عملية متواصلة طول النهار، وأمام مرأى الجميع، لسقي الحقول المجاورة، سواء منها الأراضي الزراعية والمخصصة للماشية مثل الذرة والفصة، وكذا بعض الخضروات الموجهة للتسويق والاستهلاك.
هذا وتتم عملية استغلال قناة المياه العادمة في سقي الأراضي الفلاحية بكل من برشيد والنواصر بتواطؤ مفضوح مع الجهات المعنية، والتي عهد إليها بعملية المراقبة وحماية المواطنين من كل خطر.
وحسب مصادر «تيلي ماروك»، فإن العديد من المصالح بإقليمي برشيد والنواصر على علم بما يقع لكنها تقف عاجزة عن اتخاذ أي إجراء، وهي مصالح كان من المفروض عليها إنجاز تقارير في الموضوع يتم على ضوئها اتخاذ الإجراءات والتدابير الزجرية اللازمة، في وقت يسجل غياب المكتب الوطني للسلامة الصحية للمنتجات الغذائية، والذي لم يقم بأي إجراء في هذا الباب وتقتصر مهامه على زيارة الوحدات الصناعية التي له مصلحة في زيارتها، دون أن يبالي بالخطر الذي يهدد مناطق أولاد حريز المعروفة ببيع اللحوم الحمراء، والتي أصبحت قبلة للفلاحية الذين أصبحوا مختصين في زراعة الأعلاف المسقية بالمياه السامة، والتي تحمل معها موادا سامة من قبيل الرصاص والزئبق.
مجرى وادي بوموسى
بالرغم من خلاصة التقرير الذي أنجزته لجنة إقليمية مختلطة تابعة لعمالة إقليم سطات، سنة 2014، بعد حلولها بمجرى وادي بوموسى، على مستوى النفوذ الترابي لجماعة سيدي العايدي، لتنفيذ مضمون البرقية التي بعثها قائد سيدي العايدي تحت عدد 311 بتاريخ 23 ماي 2014، والمتعلقة باستفحال ظاهرة تغيير مجرى المياه العادمة القادمة عبر قنوات الصرف الصحي للوكالة المستقلة لتوزيع الماء والكهرباء للشاوية، إلا أن هذا المشكل لازال قائما لحد الساعة، حيث يعمد عشرات الفلاحين إلى تغيير مجرى المياه العادمة على مستوى قناة الصرف الصحي، الشيء الذي أدى إلى تجمع هذه المياه العادمة تحت المنشأة الفنية للسكك الحديدية والطريق الوطنية رقم 9، بهدف سقي الأراضي الفلاحية على امتداد مجرى الوادي، وذلك بوضع أكياس بلاستيكية وحواجز من الأتربة من طرف بعض الفلاحين.
ورغم التوصيات التي أصدرتها اللجنة الإقليمية التي أقرت بإرجاع الحالة إلى ما كانت عليه من قبل، ومنع أصحاب الأراضي المجاورة للوادي المذكور من كل أشكال الترامي والاستغلال لهذه المياه، وذلك من طرف السلطة المحلية، بتنسيق مع المصالح المختصة، واستدعاء الفلاحين المترامين والمستغلين لهذه المياه بهدف السقي، لأجل إنذارهم لوضع حد لهذه الممارسات اللامشروعة، الا أن السلطات المحلية لم تتخذ أي إجراء للحد من هذه الكارثة البيئية التي تهدد صحة المواطن جراء استعمال المياه العادمة إلى اليوم في سقي الأراضي الفلاحية وبعض الخضروات.
وتأتي تحذيرات وزير الداخلية بحسب المراسلة نفسها لكون بعض الدول اكتشفت جينومات فيروس كورونا في الصرف الصحي، ناتجة عن براز الأشخاص المصابين بالفيروس، منها فرنسا التي أعلنت عن وجود «آثار ضئيلة» لفيروس كورونا المستجد في مياه باريس غير المخصصة للشرب، وهو ما يطرح مخاوف لدى المواطنين.