مع بدء تفشي فيروس كورونا المستجد بالمدن المغربية، أصيب عدد من المواطنين بالوباء بشكل مفاجئ، رغم اتخاذهم كافة الاحتياطات اللازمة. ومن ضمن المصابين من وجد نفسه بعد رحلة جوية حطت به بأحد مطارات المملكة مصابا بالوباء المستجد.
«تيلي ماروك» تنقل لكم في هذا الربورتاج شهادات حية من داخل أقسام العزل بمستشفيات الدار البيضاء، من مصابين وجدوا أنفسهم فجأة يحملون فيروسا خفيا داخل أجسادهم، قد يؤدي تطوره خلال ساعات إلى الوفاة.
حركة دؤوبة داخل جناح المستعجلات بالمركز الطبي التابع لمؤسسة محمد الخامس للتضامن بسيدي مومن، أطر صحية تلازم قاعات العلاج في انتظار توافد المرشح إصابتهم بالفيروس. الجميع يترقب نتائج الفحوصات والعينات، التي جرى إرسالها إلى معهد باستور المغرب بالدار البيضاء.
رحلة علاج المصاب بفيروس كورونا المستجد تنطلق من هذه المراكز التي تتوفر على وحدتين للمستعجلات، تتوافد إليها الحالات المشتبه في إصابتها بالفيروس، وباقي الحالات التي تتطلب إسعافات أولية. أخذ التحاليل المخبرية بعد الاشتباه في إصابة الشخص، يجعل باقي المصالح المعنية على أهبة الاستعداد من أجل نقله في ما بعد إلى وحدة علاجية، سيقضي بها أياما في إطار الحجر الصحي.
أقرب وحدة علاجية انطلاقا من المركز الطبي التابع لمؤسسة محمد الخامس للتضامن، هي مستشفى القرب بسيدي مومن. هناك سيقضي المصاب أزيد من 13 يوما في العزل الصحي، مع نقله إذا ساءت حالته الصحية صوب وحدة علاجية للعناية المركزة، حيث سيخضع المريض بـ«كوفيد- 19» لحصص في التنفس الاصطناعي.
ضيف زازية، طبيبة بمصلحة المستعجلات بالمركز الطبي للقرب، حيث تجرى التحاليل المخبرية، أفادت في حديثها مع «تيلي ماروك»: «بأن الوحدة الاستشفائية بالمركز، تستقبل الحالات المصابة بضغط الدم وارتفاع السكري، ومن لحقت بهم كسور، إلى جانب باقي الحالات المرشح إصابتها بفيروس كورونا المستجد».
جرى تخصيص مسلكين للمستعجلات بهذا المركز الطبي، الأول يستقبل المرشح إصابتهم بفيروس كورونا المستجد، فيما يستقبل الثاني باقي الحالات التي تحتاج إلى تدخلات طبية. الحالة المشتبه في إصابتها بالفيروس وفي حال استيفائها لكافة الشروط التعريفية المطابقة لوزارة الصحة، يتم اقتياد المصاب المحتمل بها إلى قاعات العزل، قبل إجراء التحاليل المخبرية، ويخضع المرشح إصابتهم بالفيروس للعناية الطبية داخل قاعات العزل، إلى غاية ظهور نتائج تحاليل معهد باستور المغرب.
باستور.. تحاليل بالمئات ويقظة دائمة
هنا مختبر باستور. حركة سيارات الإسعاف تكاد لا تتوقف، طاقم يتكون من 6 أطباء بقيادة الخبير، جلال نور الليل، الذي يتولى تحليل العينات التي تتوافد على المختبر من مراكز القرب التابعة للمستشفيات بالدار البيضاء.
فور أخذ التحاليل المخبرية، تأتي إلى هنا بمعهد باستور. داخل مختبر علم الفيروسات يحرص الدكتور جلال نور الليل، المسؤول عن المختبر، على إبلاغ الأطر الصحية بالوحدات الاستشفائية بكل صغيرة وكبيرة، حول تطورات الحالة الوبائية. يتم الإخبار بشكل متواصل عن إيجابية أو سلبية أحد التحاليل المخبرية. وكلفت وزارة الصحة مختبر باستور بتلقي العينات من وسط وجنوب المغرب، فيما تتلقى باقي المختبرات بما فيها التابعة للمستشفى العسكري بالرباط باقي التحاليل المخبرية.
داخل المختبر يتم تحليل العشرات من التحاليل المخبرية بشكل يومي، والتي تتوافد عليه من مراكز استشفائية متعددة. التحليلة الأنفية تستغرق حوالي 3 ساعات في المتوسط، قبل تحديد مدى إصابة الشخص من عدمه.
يشير الدكتور نور الليل في حديثه مع «تيلي ماروك» إلى أن العينات المخبرية الخاصة بالتحاليل الأنفية تتم عبر عود يتم إدخاله إلى عمق الأنف وذلك لضمان نجاعة هذه التحاليل، يتم وضعها في مادة تحافظ على الفيروس إن وجد، في انتظار إجراء التحليل المخبري.
وأكد الدكتور جلال نور الليل أن هذه التحاليل المخبرية، تجرى بشكل متواصل داخل المختبر على امتداد 24 ساعة على 24 ساعة، وطيلة أيام الأسبوع، لضمان يقظة متواصلة وموافاة المراكز الاستشفائية والطبية بالحالات الإيجابية، أو السلبية المصابة بالفيروس.
مستشفى القرب سيدي مومن.. علاج ناجع دون وفيات
يوم جديد بمستشفى القرب سيدي مومن، حالات تتوافد على المستشفى، بعد تأكد إصابتها مخبريا بمعهد باستور المغرب بالدار البيضاء. سيدة ثلاثينية وأخرى في عقدها الرابع في طريقهما صوب قاعات العزل، من أجل الاستفادة من العلاج. ستستفيدا من فحوصات طبية وتحاليل مخبرية، بالإضافة إلى تخطيط القلب وسيتم منحهما جهازين خاصين بهما لقياس درجة الحرارة بشكل مستمر، في تنسيق دائم مع الأطر الصحية والطبية بالمشفى.
ثمة جناح خاص بالأطر الأمنية بجل مستشفيات القرب، دوره تقديم المساعدة للأطر الصحية كلما تطلب الأمر ذلك، فحتى الأطر الأمنية تبقى في تنسيق دائم مع المصالح الطبية. كما أن السلطات الأمنية تسهر على ضبط كل صغيرة وكبيرة، وإبعاد كل ما من شأنه إزعاج الأطر الصحية أثناء أدائها لمهامها، مع تقديم المساعدة كلما تطلب الأمر ذلك.
ويفرض مرض «كوفيد- 19» على الأطر الصحية اعتماد لباس مهني، يراعي مستوى السلامة الثاني. الأطر الصحية تستغرق في المتوسط 10 دقائق، قبل أن تكون جاهزة، رهن إشارة المرضى من أجل تقديم العلاج لهم ومراعاة احتياجاتهم.
ويؤكد محمد أبو تمام، مدير مستشفى القرب، أن الوحدة العلاجية تمت تهيئتها بشكل خاص لاستقبال المصابين بفيروس كورونا المستجد، بعد أن كانت إلى حدود الأمس القريب متعددة التخصصات.
ويتم عقد اجتماع صباحي يوميا، للوقوف عند حالات التعافي والإصابات الجديدة، ويتم خلاله تحديد احتياجات المرضى ورصد احتياجاتهم التمريضية.
ومن أجل معرفة نجاعة العلاج المتبع يتم إجراء تحليلين مخبريين، الأول يصل إلى معهد باستور، وتظهر نتائجه مباشرة بعد 24 ساعة، وإذا تأكد خلو الشخص من الفيروس يمكنه المغادرة صوب منزله بعد تسجيل شفائه، فيما يواصل تلقيه العلاج لأيام، في حال ظهور نتائج سلبية. كل هذا يجري تحت إشراف الأطر الصحية التي تسحب العينات للمصابين من داخل قاعات العزل.
شهادات حية من مرضى «كوفيد- 19»
من بين المصابين داخل مستشفى القرب سيدي مومن أطفال، شباب ونساء، جلهم انتقلت إليهم العدوى من أقارب أو في العمل، يقضون داخل هذه الوحدات الاستشفائية أياما. من بين الحالات المصابة سيدة ثلاثينية، اضطرت إلى وقف الرضاعة عن ابنتها وهي في شهرها الأول، بعد أن علمت بإصابتها فجأة بفيروس كورونا المستجد.
قالت المصابة، التي رفضت الكشف عن هويتها في حديث مع «تيلي ماروك»: «أتيت من فرنسا إلى المغرب من أجل دفن جدي، وصلت إلى المملكة قبل إغلاق الحدود وأصبت بالفيروس. الأجواء هنا بالمستشفى جد إيجابية، وأنشغل دوما بقراءة القرآن والدعاء».
تضيف المصابة: «لدي ثلاثة أبناء، أحدهم في فترة الرضاعة، وبسبب الفيروس قررت أن أوقف الرضاعة. والحمد لله وجدت هنا اهتماما كبيرا من طرف المساعدات الاجتماعيات، حيث كن إلى جانبي منذ دخولي إلى المستشفى. حالتي الصحية في تحسن مستمر، وأحرص على تتبع العلاج وأخذ الأدوية اللازمة، تبقت فقط أيام قليلة قبل إكمال مرحلة العلاج».
وقالت المصابة الفرنسية بنبرة حزينة، بعدما اغرورقت عيناها بالدموع: «انتقل إلي الفيروس عبر أفراد العائلة وتحديدا من أحد إخوتي. وعندما كنا مجتمعين سجلت في صفوف العائلة إصابات، أعتقد أن ذلك حدث في الطريق إلى المطار».
وديع عزيز، مصاب آخر بفيروس كورونا المستجد، يتابع علاجه بمستشفى القرب سيدي مومن، أشار في حديثه مع «تيلي ماروك» إلى أنه التزم بكافة الاحتياطات، ومع ذلك أصيب بمرض «كوفيد- 19»، وأضاف: «ورطت عائلتي بعد إصابتي، ولحسن الحظ أنه لم تسجل أية إصابة في صفوف أفراد العائلة».
يؤكد عزيز في حديثه قائلا: «كنت أمارس مهامي الاعتيادية كحارس أمن في إحدى الشركات الخاصة، فجأة وجدت صعوبات بالغة في التنفس ومعها عسر في الالتحاق بمنزلي، اضطررت إلى أخذ الدواء مرارا، قبل الحسم في إجراء تحاليل مخبرية أكدت إصابتي بالفيروس».
يضيف وديع عزيز: «مجهودات الأطر الطبية بهذا المستشفى استثنائية، والأطقم الطبية والتمريضية مجندة لخدمتنا، نصيحتي للجميع، التزموا بتعليمات الحجر الصحي من أجل الوقاية من فيروس كورونا المستجد».