تزامنا مع التداعيات الاقتصادية والاجتماعية لجائحة كورونا على عدة قطاعات، طالب برلمانيون بمجلس المستشارين بعقد اجتماع للجنة الفلاحة والقطاعات الإنتاجية، من أجل تسريع مسطرة المصادقة على مشروع القانون رقم 50.17 يتعلق بمزاولة أنشطة الصناعة التقليدية، والذي يهدف إلى توفير التغطية الصحية والاجتماعية لحوالي 2,5 مليون صانع تقليدي.
أهمية القانون في زمن كورونا
وجه الفريق الحركي بمجلس المستشارين رسالة إلى رئيس اللجنة، من أجل طلب عقد اجتماع للدراسة والتصويت على القانون، نظرا لأنه يكتسي أهمية بالغة وطال انتظاره من طرف الصناع التقليديين منذ عقود، وظل في الرفوف على مدى تعاقب عدة وزراء، وأوضحت الرسالة التي تحمل توقيع المستشار وعضو المكتب، حميد كسكوس، والمستشار البرلماني عن غرف الصناعة التقليدية لجهة فاس مكناس والجهة الشرقية، إدريس العلوي الحسني، أن قطاع الصناعة التقليدية يحظى بمكانة مهمة في النسيج الاقتصادي الوطني، إذ يساهم ب 8 في المائة من الناتج الوطني الإجمالي، ويشغل أكثر من مليوني شخص. وأشارت الرسالة إلى تداعيات جائحة فيروس كورونا على القطاع في وقت يعاني فيه الصناع التقليديون والحرفيون من وضعية اجتماعية ومهنية مزرية، بالإضافة إلى عدم توفرهم على التغطية الصحية والاجتماعية.
وأكد مصدر من ديوان وزيرة السياحة والصناعة التقليدية والنقل الجوي، نادية فتاح علوي، أن الوزيرة مستعدة لتقديم القانون في أي وقت تحدده اللجنة البرلمانية، لأنه يهم شريحة مهمة من المواطنين المغاربة، وأطلعت الوزيرة رؤساء غرف الصناعة التقليدية، في اجتماع سابق، على المسار التشريعي الذي قطعه مشروع القانون والذي يوجد في مراحله الأخيرة بمجلس المستشارين في إطار المصادقة التشريعية، معربة عن رغبتها بأن تتم المصادقة عليه في الدورة البرلمانية الربيعية الحالية، وذلك بالتشاور والتنسيق مع ممثلي القطاع بهدف تجويد النص القانوني وإغنائه لما فيه المصلحة العامة للبلاد.
ويهدف المشروع إلى تعزيز الإطار القانوني والتنظيمي والمؤسساتي للقطاع كي ينخرط في مسلسل التحولات التشريعية التي تعرفها بلادنا ويستجيب للانتظارات الحقيقية للفاعلين فيه، وذلك من أجل تحسين جودة منتجاته وجعله أكثر مهنية، كما يهدف إلى تيسير استفادة فئة عريضة من الصناع التقليديين من نظامي المعاشات والتأمين الإجباري الأساسي عن المرض، وينص المشروع على وضع تعريف للصناعة التقليدية والصانع «المعلم» وتعاونيات ومقاولات الصناعة التقليدية، وتحديد شروط الحصول على الصفة، والتنصيص على وضع لائحة تحدد بمقتضاها أنشطة الصناعة التقليدية بصنفيها الإنتاجي والخدماتي، كما ينص على إحداث سجل وطني موحد للصناع التقليديين ومقاولات وتعاونيات الصناعة التقليدية، يتم التقييد به من خلال بوابة إلكترونية تحدث لهذا الغرض، وذلك انسجاما مع التوجه الحالي الذي يعتمد في قطاعات حكومية أخرى، سيمكن من تسهيل عملية التسجيل، وتوفير المعطيات والمعلومات.
مستجدات القانون
كما ينص مشروع القانون على تشجيع العمل ضمن تكتلات مهنية بالقطاع باعتبارها شريكا أساسيا في التنمية المحلية وفاعلا في التنظيم والتأطير، حيث تم التنصيص على إحداث هيئات إقليمية وجهوية ووطنية تمثل مختلف أنشطة حرف الصناعة التقليدية، وتخضع عند تأسيسها لأنظمة أساسية نموذجية، ويعتبر رئيس كل هيئة من الهيئات الحرفية الإقليمية، أمينا للحرفة التي انتخب على رأسها، ومن بين المقتضيات أيضا إعادة تنظيم المجلس الوطني للصناعة التقليدية وتفعيل دوره كمؤسسة استشارية تقترح كل ما من شأنه أن يساهم في تنمية الصناعة التقليدية وتطويرها؛ والتنصيص على امتيازات لفائدة الصناع وتعاونيات ومقاولات الصناعة التقليدية المعترف لهم بهذه الصفة والمسجلين بسجل الصناعة التقليدية، بالإضافة إلى مقتضيات زجرية تهم كل شخص أدلى بسوء نية ببيانات غير صحيحة، وكل شخص لم يرجع للإدارة البطاقة المهنية بعد حذفه من السجل الوطني.
وللتسجيل في السجل الوطني، بالنسبة للصانع، يشترط مشروع القانون ضرورة الحصول على شهادة أو دبلوم مسلم من إحدى مؤسسات التكوين أو التكوين المهني التابعة للقطاع العام أو القطاع الخاص، أو على شهادة في إحدى أنشطة الصناعة التقليدية التي يزاول فيها المعني بالأمر حرفته، مسلمة من قبل أمين الحرفة، والتي تثبت توفر الصانع المعني على أقدمية ثلاث سنوات على الأقل من الممارسة الفعلية لنشاط من أنشطة الصناعة التقليدية، أما الصانع «المعلم» فيشترط القانون المرتقب أن يكون حاصلا على شهادة مسلمة من قبل أمين الحرفة في إحدى أنشطة الصناعة التقليدية التي يزاول فيها المعني بالأمر حرفته؛ ويجب أن يتوفر على أقدمية لعشر سنوات على الأقل من الممارسة الفعلية لنشاط من أنشطة الصناعة التقليدية.
وأوضحت المذكرة التقديمية للقانون، أن المغرب عرف على امتداد التاريخ حرفا فنية وأعمالا يدوية عكست عادات وأعراف ثقافة وقيم حضارات ساهمت في بناء أجيال من الصناع التقليديين ببلادنا، وباتت تشكل رمزا ومرجعا متوارثا يستحضر أهم التقنيات والأدوات التي كانت تستعمل في منتجات لصناعة التقليدية، وتعكس الحس الإبداعي والفني الذي يتميز به الصانع التقليدي المغربي. وأضاف المصدر ذاته أن «الصناعة التقليدية، بالإضافة إلى كونها تشكل مورد دخل لعيش شريحة مهمة من ساكنة المملكة، ومصدرا لخلق الثروة ومناصب الشغل، فهي مرآة تعكس حضارة أمة وأصالة شعب، وبذلك تبقى أحد رهانات التنمية الاقتصادية والاجتماعية محليا ووطنيا»، وأكدت المذكرة، أن قطاع الصناعة التقليدية ظل يفتقر إلى إطار قانوني ملائم يجعله ينخرط أكثر في مسلسل التحولات التشريعية والتنظيمية التي عرفها المغرب خلال السنوات الأخيرة، حيث ظل القطاع يعاني أحيانا من تدني جودة منتوجاته، خاصة في ظل تعاطي الموارد البشرية غير المؤهلة للحرف وما يرافق ذلك من تراجع للدور الوازن للأمين في المراقبة والتأطير والحد من ظاهرة التطفل على القطاع وتحسين صورته بجعله أكثر مهنية.
وترتكز مضامين هذا المشروع على ستة محاور أساسية، أولها يهم وضع تعريف للصناعة التقليدية والصانع و»المعلم» وتعاونيات ومقاولات الصناعة التقليدية، وتحديد شروط الحصول على الصفة، ويتعلق المحور الثاني بإحداث سجل وطني موحد للصناع التقليديين ومقاولات وتعاونيات الصناعة التقليدية، ويخص المحور الثالث «تشجيع العمل ضمن تكتلات مهنية بالقطاع باعتبارها شريكا أساسيا في التنمية المحلية وفاعلا في التنظيم والتأطير»، أما المحور الرابع يتعلق بإعادة تنظيم المجلس الوطني للصناعة التقليدية وتفعيل دوره كمؤسسة استشارية تقترح كل ما من شأنه أن يساهم في تنمية الصناعة التقليدية وتطويرها، وينص المحور الخامس على امتيازات لفائدة الصناع وتعاونيات ومقاولات الصناعة التقليدية المعترف لهم بهذه الصفة والمسجلين في سجل الصناعة التقليدية، ويتضمن المحور الخامس من القانون «المقتضيات الزجرية والانتقالية».