تراجعت منظمة الصحة العالمية عن قرار تعليق التجارب السريرية التي تتضمن دواء «هيدروكسي كلوروكين»، وأعلنت المنظمة استئناف اختبارات هذا العقار المضاد لمرض الملاريا في علاج المصابين بفيروس كورونا المستجد، وبالتالي أكدت نجاعة البروتوكول العلاجي الذي اعتمدته وزارة الصحة المغربية.
تراجع منظمة الصحة عن قرارها
قال تيدروسأدهنومغيبريسوس، المدير العام لمنظمة الصحة العالمية، في لقاء صحفي، أول أمس الأربعاء، إن خبراء اللجنة المعنية نصحوا بإعادة «هيدروكسي كلوروكين» إلى برنامج «تجربة التضامن» الخاص بالاختبارات الدولية للأدوية المحتملة ضد عدوى فيروس كورونا المستجد. وأضاف غيبريسوس أنه «بناء على المعلومات المتوفرة حول مستوى الوفيات، قدم أعضاء اللجنة توصية مفادها أنه لا توجد أسباب لتغيير بروتوكولات الاختبارات».
وقررت منظمة الصحة العالمية استئناف التجارب السريرية حول عقار «هيدروكسي كلوروكين»، بعد تسعة أيام على تعليقها إثر نشر دراسة في مجلة «ذي لانسيت» الطبية العريقة، اعتبرت أن هذا العقار غير مفيد لا بل مضر أحيانا في معالجة كوفيد-19. وكان الهدف من التعليق السماح للمنظمة بتحليل المعلومات المتوافرة على أن تصدر قرارا في منتصف شهر يونيو الجاري، إلا أن المجلة سحبت الدراسة التي نشرتها سابقا، وأقرت، في تنبيه رسمي، وجود «تساؤلات كبيرة» في هذا المجال، ما دفع منظمة الصحة العالمية إلى التراجع عن قرار تعليق الدراسات السريرية التي تتضمن العقار المذكور.
وقبل أسبوع، حسم وزير الصحة، خالد آيت الطالب، أمام البرلمان، الجدل المثار حول مواصلة استعمال عقار الكلوروكين في علاج المصابين بفيروس كورونا، وذلك عقب قرار منظمة الصحة العالمية تعليق التجارب السريرية التي تتضمن العقار، وتوقيف استعماله في العلاج من طرف عدة دول، وجدد التأكيد على نجاعة هذا الدواء في العلاج. وكشف الوزير، خلال مثوله أمام لجنة القطاعات الاجتماعية بمجلس النواب لمناقشة تطورات الوضعية الوبائية بالمغرب، عن إجراء دراسات سريرية علمية، بينها ثلاث دراسات أنجزها المغرب، أثبتت نجاعة الدواء المستعمل في علاج المصابين بفيروس كورونا بدون تسجيل أي أعراض جانبية أو أضرار صحية. وأوضح الوزير أن عقار الكلوروكين يستعمل في علاج العديد من الأمراض المزمنة منذ سنوات، ولم يطرح أي نقاش حول ظهور أعراض جانبية، وقال:«إيوا سبحان الله، عاد ظهرت هذ الأعراض حتى جات كوفيد 19»، ونفى الوزير نفيا قاطعا وقوع أية وفاة بسبب تناول الكلوروكين. وبخصوص قرار منظمة الصحة العالمية، أوضح الوزير أنها قررت تعليق التجارب السريرية، وهذا لا يعني تعليق العلاج، أو فرض ذلك على الدول التي تستعمل هذا الدواء، لأنه ليس لها حق في ذلك، يضيف وزير الصحة، قائلا:«الطبيب المعالج هو صاحب القرار الأول والأخير حسب قناعته العلمية في تحديد الدواء المستعمل في علاج المرضى.»
وأرجع الوزير سبب الجدل المثار حول نجاعة هذا الدواء في علاج المصابين بفيروس كورونا، إلى صراع مختبرات صناعة الأدوية، بقوله:«هناك مزايدات، لأن الدواء ثمنه 12 درهما، والفاهم يفهم»، مبرزا أن دواء الكلوروكين أثبت فعاليته من الناحية البيولوجية، لأنه يمنع الفيروس من الدخول إلى خلايا جسم الإنسان، مشيرا إلى أن العديد من الدراسات العلمية أكدت نجاعة الدواء، شريطة استعماله بشروط، ومنها دراسة فرنسية اختفت في ظروف غامضة. وأضاف الوزير أنه بغض النظر عن هذه الدراسات، فإن العبرة تكون بالنتائج، والنتائج هي تراجع عدد الوفيات، وتعتبر من أقل النسب في العالم، وكذلك تزايد حالات شفاء المصابين الذين يتم علاجهم بالكلوروكين، لذلك «لا يمكن التشكيك في نجاعة هذا الدواء» يقول الوزير، وتساءل «إذا كان هذا الدواء غير صالح للعلاج، لماذا تم توقيف تصدير المادة الخام التي تدخل في صناعته، واختفت من الأسواق، إذن هناك شيء غير عادي»، مؤكدا توفر المغرب على مخزون احتياطي مهم لضمان علاج المغاربة.
تقليص العلاج بالكلوروكين
أكدت مصادر من وزارة الصحة أن اللجنة التقنية والعلمية للبرنامج الوطني للوقاية والحد من انتشار الأنفلونزا والالتهابات التنفسية الحادة والشديدة، لم تتخذ أي قرار جديد بخصوص تعديل البروتوكول العلاجي لمرضى «كوفيد 19»، وذلك بعد تحيينه آخر مرة يوم 20 ماي الماضي، وفق دورية وجهها وزير الصحة، خالد آيت الطالب، إلى مديري المراكز الاستشفائية، تتضمن طريقة جديدة ومحينة لعلاج المصابين بفيروس كورونا، استنادا إلى دراسة أنجزتها مديرية علم الأوبئة ومحاربة الأمراض بتشاور مع اللجنة التقنية والعلمية.
وتتضمن الدورية مستجدات في بروتوكول العلاج بعد تحيينه من طرف اللجنة العلمية المختصة، وذلك بتقليص مدة العلاج بدواء «كلوروكين» أو «سلفات هيدروكسيكلوروكين»، إلى 10 أيام عوض 15 يوما، حيث كان البروتوكول الجديد ينصعلى علاج المصابين بهذا الدواء لمدة 10 أيام، ثم تجرى لهم التحاليل المخبرية للتأكد من تماثلهم للشفاء، وإذا كانت النتيجة سلبية، يتم الإعلان عن الشفاء النهائي، وإذا كانت النتيجة إيجابية، يتم الانتقال إلى المرحلة الثانية من العلاج بإضافة مضادات الفيروسات، واذا ظهرت تعفنات تضاف المضادات الحيوية ومضادات تجلط الدم.
وأفادت المصادر بأن البروتوكول العلاجي يتضمن خطين للعلاج، الأول يعتمد عقار الكلوروكين لمدة 10 أيام، وفي حالة عدم الاستشفاء يتم اللجوء إلى الخط الثاني بالاعتماد على مضادات الفيروسات. وأكدت المصادر أن دواء الكلوروكين أثبت نجاعته في علاج المرضى وتقليص نسبة الوفيات منذ الشروع في استعماله، دون أن تظهر على المصابين الذين استعملوا هذا الدواء أي أعراض جانبية، أو أضرار صحية، حيث لا يتم استعمال هذا الدواء بعلاج الحالات الحرجة التي تعاني من أمراض أخرى مزمنة، ويستعمل لعلاج الحالات المؤكدة لمدة 10 أيام، كما يتناوله الأشخاص المخالطون للحالات المؤكدة قبل ظهور نتائج التحاليل المخبرية، وإذا كانت النتائج سلبية يتم توقيف العلاج في اليوم الخامس، أما إذا كانت النتائج إيجابية فيتم استكمال العلاج لمدة 10 أيام وفق البروتوكول المعمول به، وهو ما يفسر ارتفاع نسبة التعافي منذ تحيين البروتوكول العلاجي، وكذلك تراجع نسبة الوفيات في صفوف المصابين.