بعد الضجة التي أحدثتها تسمية أزقة وشوارع بمدن يترأسها قياديون بحزب العدالة والتنمية، بأسماء دعاة محسوبين على التيارات المتطرفة، ولا تربطهم أية علاقة بالمغرب، تدخلت وزارة الداخلية بحزم لإعادة النظر في مسطرة تسمية الساحات والطرق العمومية بالمدن، من خلال دورية وجهها الوزير عبد الوافي لفتيت إلى ولاة الجهات وعمال العمالات والأقاليم.
وأوضحت الدورية، أن تسمية الساحات والطرق العمومية من الاختصاصات المهمة التي خولها القانون التنظيمي المتعلق بالجماعات، ولا سيما المادة 92 منه، للمجالس الجماعية التي تمارسها عن طريق التداول واتخاذ مقررات بشأنها نظرا لما تحمله من دلالات رمزية من جهة، وأخذا بعين الاعتبار التطور والتوسع العمراني اللذان يقتضيان تسهيل تعريف الساحات والطرق العمومية والولوج إليها، من جهة أخرى، ويأتي صدور هذه الدورية، لشرح المساطر والكيفيات المرتبطة بتسمية الساحات والطرق العمومية عندما تكون هذه التسمية تشريفا عموميا أو تذكيرا بحدث تاريخي، كما تهدف أيضا إلى شرح كيفيات مصادقة المجالس الجماعية على التسميات التي لا تمثل تشريفا عموميا أو تذكيرا بحدث تاريخي، إضافة إلى كونها تأتي لمعالجة بعض الاختلالات التي أفرزتها الممارسة العملية في ظل القانون التنظيمي للجماعات.
تأشير العامل
أكد وزير الداخلية أنه بالنسبة للتسميات التي تكون تشريفاً عموميا، أو تذكيراً بحدث تاريخي، فإن قرارات مجالس الجماعات المتعلقة بهذه التسميات لا تكون قابلة للتنفيذ، إلا بعد التأشير عليها من قبل عامل العمالة أو الإقليم أو من ينوب عنه، داخل أجل 20 يوماً من تاريخ التوصل بها من طرف رئيس المجلس، وفي هذا الإطار، أكدت الوزارة أن التسميات التي تكون تشريفا عموميا أو تذكيرا بحدث تاريخي تنقسم إلى شقين، الأول يخص التسميات التي تحمل اسم الملك محمد السادس وأسماء العائلة الملكية، أما الشق الثاني فيتعلق بتلك التي تمثل تشريفا عموميا، دون أن تحمل الأسماء قبله، أو تذكيرا بحدث تاريخي.
وأوضح لفتيت، أن الصنف الأول من التسميات المتعلقة باسم الملك وأسماء العائلة الملكية، يكتسي أهمية بالغة بالنظر لحمولته الرمزية بالنسبة لجميع المغاربة، الشيء الذي يستدعي إيلاءه الاهتمام الكافي عند لجوء الجماعات إلى اعتماده، وفي هذا الإطار، وبعد المداولة بشأن هذه التسميات من قبل المجلس الجماعي المعني، يجب على عمال العمالات والأقاليم، قبل مباشرة مسطرة التأشير على المقررات المتعلقة بها، إحالة الملف المتعلق على مصالح هذه الوزارة مرفوقا بالوثائق المتعلقة بالموضوع، والتي حددتها الدورية، في نسخة من المقرر الجماعي الذي تم بموجبه المصادقة على التسمية المقترحة، ومذكرة تقديم موقعة من طرف رئيس المجلس الجماعي تحدد دوافع اختيار التسمية، وبطاقة تقنية خاصة بالساحة أو الطريق المزمع تسميتها تبين أهميتها من الناحية العمرانية والجمالية، وتصميم موقعي واضح المعالم وصور توثيقية حديثة مأخوذة من عدة اتجاهات للساحة أو الطريق العمومي المراد تسميته، بالإضافة إلى تقرير السلطة الإقليمية حول مدى جدارة الساحة أو الطريق لحمل الاسم المقترح، وبعد استيفاء الإجراءات المعمول بها في هذا الصدد، يتم إخبار عامل العمالة أو الإقليم بالمآل، الذي تم تخصيصه للمقرر المتعلق بالتسمية أو التسميات المقترحة. وأكد الوزير، أن أية تسمية يجب أن تتعلق بمشاريع الساحات والطرق التي تم إنجازها وليس تلك التي في طور الإنجاز أو المزمع إنجازها.
تفادي استغلال التسميات
بخصوص التسميات التي تمثل تشريفا عموميا، دون أن تحمل أسماء الملك والعائلة الملكية، أو تذكيرا بحدث تاريخي، أفادت وزارة الداخلية أن هذه التسميات تتميز بكونها تهم على سبيل المثال، لا الحصر التسميات التي لها وزن تاريخي وحمولة ثقافية، سيما المتعلقة بأعلام الأدب والفكر والعلم والدين والسياسة والأحداث التاريخية وأسماء المواقع الجغرافية بالدول الصديقة والشقيقة، وفي هذا الإطار، وبعد المداولة بشأن هذا الصنف من التسميات من قبل المجلس الجماعي المعني، يتعين على رئيس المجلس موافاة عامل العمالة أو الإقليم بملف يتضمن نسخة من المقرر الجماعي، ومذكرة تقديم معدة وموقعة من طرف رئيس المجلس الجماعي تحدد دوافع اختيار التسمية، ونبذة تاريخية عن الشخصية أو الحدث التاريخي أو الموقع الجغرافي المقترح إطلاق اسمه على الساحة أو الطريق العمومية معدة وموقعة من رئيس المجلس الجماعي، بالإضافة إلى تصميم موقعي واضح المعالم وصور توثيقية حديثة مأخوذة من عدة اتجاهات للساحة أو الطريق العمومية المراد تسميتها.
وتفاديا للاستغلال السياسي أو الإديولوجي لبعض التسميات، دعا وزير الداخلية إلى إحالة التسميات المقترحة التي تمثل تشريفا عموميا أو تذكيرا بحدث تاريخي على أنظار لجنة علمية يترأسها عامل العمالة أو الإقليم، والمكونة على الخصوص من ممثلي القطاعات المكلفة بإعداد التراب الوطني والتعمير والإسكان وسياسة المدينة والثقافة وممثلي المندوبية السامية لقدماء المقاومين وأعضاء جيش التحرير والمجلس العلمي ومؤرخي المنطقة وأعلامها، إضافة إلى كل شخص تعتبر مشاركته مفيدة لأشغالها، وستتكلف هذه اللجنة بدراسة مدى مطابقة وتناسب التسمية أو التسميات المقترحة مع توجهات ومبادئ المملكة، وذلك قبل البث بشأن الموافقة عليها.
أما بخصوص التسميات التي لا تكون تشريفا عموميا، أو تذكيرا بحدث تاريخي، أوضحت الدورية، أن اتخاذ مقرر من طرف المجلس الجماعي، يعتبر كافيا لكي يصبح ساري المفعول، دون أن يخضع للتأشير من طرف عامل العمالة أو الإقليم، غير أنه يتعين على عمال العمالات والأقاليم تفعيل الآليات المنصوص عليها بالقانون التنظيمي للجماعات من خلال التعرض على النقط المدرجة بجداول الأعمال أو على المقررات المتعلقة بالتسميات المتخذة دون احترام للقوانين والأنظمة الجاري بها العمل وتلك التي لا تتناسب مع توجهات ومبادئ المملكة.
ودعا وزير الداخلية، الولاة والعمال، إلى تعميم هذه الدورية على جميع المصالح المعنية، وعلى جميع رؤساء المجالس الجماعية، من أجل التقيد بالتطبيق السليم لمضامينها، مؤكدا على أن اختيار تسميات الساحات والطرق العمومية، يجب أن يكون معللا ولا يستند إلى دوافع شخصية أو يكون مرتبطا باستغلال مواقع النفوذ والامتياز، كما يجب ألا تكون التسميات المذكورة مخالفة للنظام العام والأخلاق الحميدة. وشدد الوزير على أهمية الاحتفاظ قدر الإمكان بأسماء الساحات والطرق العمومية القائمة لمدة لا تقل عن 10 سنوات على الأقل تسهيلا لعمليات التتبع من طرف السلطات المحلية والأمنية، وإلا وجب تبرير الدوافع الكامنة وراء تغييرها.