وصلت تداعيات فضيحة مصطفى الرميد، وزير الدولة المكلف بحقوق الإنسان، والقيادي بحزب العدالة والتنمية، وزميله في الحزب والحكومة، محمد أمكراز، وزير الشغل والإدماج المهني، إلى قبة البرلمان، حيث طالب برلماني من المجموعة النيابية لحزب التقدم والاشتراكية بفتح تحقيق بخصوص تملصهما من تسجيل مستخدمين بمكتبهما للمحاماة بالصندوق الوطني للضمان الاجتماعي.
برلمانيون يواجهون الرميدوأمكراز
طالب رشيد حموني، النائب البرلماني عن مجموعة التقدم والاشتراكية، خلال جلسة الأسئلة الشفوية التي عقدها مجلس النواب، أول أمس الاثنين، بحضور الرميدوأمكراز، بفتح تحقيق في تهرب بعض أعضاء الحكومة من التصريح بمستخدمين لديهم بالصندوق الوطني للضمان الاجتماعي. وتساءل حموني عن مدى استفادة العمال من حقوقهم، في الوقت الذي تعمل الدولة على القيام بمجهود كبير لتعميم التغطية الصحية على الأجراء، مسجلا بكل أسف ما يروج حول عدم تصريح بعض أعضاء الحكومة بالمستخدمين في مكاتبهم لدى صندوق الضمان الاجتماعي، وأكد على ضرورة فتح تحقيق بخصوص هذا الموضوع وتنوير الرأي العام، وأضاف «إن كانت هذه المعطيات صحيحة فهي فضيحة كبرى للحكومة»، متسائلا «كيف للحكومة أن تطالب الشركات بتسجيل المستخدمين في الضمان الاجتماعي وبعض أعضائها لا يلتزمون بالقانون؟».
وأثناء رده على سؤال النائب البرلماني، تهرب أمكراز من تقديم توضيحات، وظهرت عليه علامات الارتباك عندما تطرق حموني لهذا الموضوع في الجلسة البرلمانية.
ومن جهته، وجه عمر بلافريج، النائب البرلماني عن فدرالية اليسار بمجلس النواب، سؤالا كتابيا إلى وزير الشغل، محمد أمكراز، يطلب من خلاله معلومات بخصوص شغيلة مكاتب المحاماة. وقال بلافريج في سؤاله «باعتباركم الوزير الوصي على الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي، أطلب منكم مدنا بمعطيات حول عدد مكاتب المحاماة المغربية المنخرطة في الصندوق، وعدد المشتغلين بها المصرح بهم لدى الصندوق».
وفي نفس السياق، قررت لجنة مراقبة المالية بمجلس النواب تأجيل اجتماع كان مقررا اليوم الأربعاء مع الوزير أمكراز، لمناقشة عرض حول الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي، وذلك بطلب من الوزير، ولم تستبعد مصادر برلمانية أن يكون الوزير طلب التأجيل تفاديا للإحراج.
«البيجيدي» وتداعيات الفضيحة
طغت فضيحة الرميد وأمكراز على اجتماع الأمانة العامة لحزب العدالة والتنمية، المنعقد أول أمس الاثنين، وكشفت المصادر أن قيادة الحزب تسابق الزمن لاحتواء تداعيات الفضيحة على سمعة الحزب، خاصة أن الرميد يشغل منصب وزير مكلف بحقوق الإنسان، وقيادي بارز بالحزب، وأمكراز يشغل منصب وزير مكلف بالشغل، ويسهر على تنفيذ قوانين تتعلق بالحماية الاجتماعية للعمال، ما يضعهما في موقف حرج. وأكد مصدر قيادي أن هذا الموضوع أخذ وقتا طويلا من النقاش، خلال الاجتماع، حيث تقرر إحالة ملف أمكرازكذلك على لجنة النزاهة والشفافية، بعدما طلب الرميد سابقا بإحالة ملفه على اللجنة التي يترأسها بنفسه.
ومازالت تداعيات الفضيحتين تتواصل على مواقع التواصل الاجتماعي، حيث طالب عدد من النشطاء باستقالة الوزيرين على خلفية تورطهما في التملص من التصريح بمستخدمين لديهما بالصندوق الوطني للضمان الاجتماعي. وبدوره تساءل إدريس لشكر، الكاتب الأول لحزب الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية، في اجتماع مع أعضاء المجلس الوطني بجهة الشرق، عن «كيف لوزير حقوق الإنسان أن يكون هو من يخرق حقوق الإنسان، عندما يحتفظ بأجيرة لديه في المكتب لمدة 24 سنة ولا يضمن لها حتى الضمان الاجتماعي». وأضاف لشكر «كيف سيقف وزير الدولة غدا أمام المحافل الدولية للجواب عن الشكايات التي تطرح عليه، لأن اليوم مع الثورة الرقمية أصبح العالم قرية صغيرة والخبر يصل بسرعة، وسيكون من الصعب على وزير مكلف بحقوق الإنسان أن يكون ممثلا للمغرب هناك وهو أول من يضرب أولا حقوق هذه الحريات والحقوق».
وتورط أمكراز في فضيحة أخرى من العيار الثقيل، حيث سارع المسؤول القانوني لمكتب المحاماة الذي يملكه بمدينة أكادير، إلى تسجيل مستخدميه يوم الجمعة الماضي، وذلك بعد تفجر فضيحة زميله في الحزب والحكومة، مصطفى الرميد، وزير الدولة المكلف بحقوق الإنسان، الذي لم يسجل بدوره كاتبته التي اشتغلت معه لمدة 24 سنة.
وحصلت «تيلي ماروك» على معطيات موثوقة، تؤكد أن المسير القانوني لمكتب أمكراز، لم يصرح بهؤلاء المستخدمين إلا بتاريخ 19 يونيو الجاري، أي بعد عاصفة الانتقادات التي تفجرت في وجه الرميد بسبب عدم التصريح بكاتبته، وذلك في محاولة من الوزير أمكراز احتواء فضيحة عدم تصريحه بمستخدمي مكتبه. والخطير في الأمر أن مكتب أمكراز لا يتوفر على رقم للانخراط في الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي، ما يؤكد أنه ظل يشتغل منذ افتتاحه بدون تسجيل مستخدميه في الصندوق. وحصل المكتب على رقم للانخراط، يوم الجمعة الماضي، بأثر رجعي يعود إلى شهر نونبر 2019، وهو التاريخ الذي تسلم فيه المسير القانوني مسؤولية الإشراف على تسيير مكتب أمكراز بعد تعيين هذا الأخير عضوا في الحكومة.
وانخرط مكتب أمكراز في الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي، يوم الجمعة الماضي، بوكالة cnss بمدينة أكادير، تحت رقم 1951409، باسم المسير القانوني للمكتب، وصرح بمستخدميه في نفس اليوم، وحصل كل من إبراهيم الدليمي، والحسين أبراش، على رقم للتسجيل في نفس اليوم، وفي اليوم الموالي أصدر المسير القانوني لمكتب أمكراز بلاغا يتحدث من خلاله عن حصولهم على حقوقهم كاملة. وأفادت المصادر أنه لا يمكن لمستخدم أن يحصل على كافة حقوقه في الضمان الاجتماعي في ظرف 24 ساعة، وأوضحت أن التصريح يكون في الشهر الموالي للتسجيل، وهو ما يضع الوزير في ورطة قانونية.
ويواجه الوزير فضيحة أخرى تتعلق بأداء مستحقات مستخدمي مكتبه لفائدة الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي، الذي يترأس مجلسه الإداري، وكذلك غرامات التأخير، وحسب مقتضيات القانون المنظم للضمان الاجتماعي، يجب على جميع المشغلين الذين يستخدمون في المغرب أشخاصا يفرض عليهم هذا النظام، الانخراط في الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي، ويجب على كل منخرط في الصندوق المذكور أن يبين رقم انخراطه في فاتوراته ورسائله ومذكرات توصياته وتعاريفه وإعلاناته وغيرها، كما يفرض القانون على المنخرطين تسجيل مأجوريهم والمتدربين المهنيين لديهم بالصندوق الوطني للضمان الاجتماعي، ويجب على كل مشغل منخرط في الصندوق أن يبين في بطاقة الشغل وفي لائحة أداء أجور مستخدميه المفروض عليهم الانخراط في الصندوق رقم التسجيل الذي يخصصه الصندوق للشغال وينبغي إثبات هذا الرقم في شهادة الشغل المسلمة إلى كل شغال يكف عن العمل مع المنخرطعلى إثر إعفاء أو بمحض اختيار.