بعد التطورات الأخيرة التي يعرفها ملف «مافيا العقار» بإقليم كلميم، والتي وصلت إلى حد استعمال الرصاص الحي للسطو على أراضي الغير، وجهت الجمعية المغربية لحماية المال العام رسالة لكل من الرئيس المنتدب للمجلس الأعلى للسلطة القضائية، مصطفى فارس، ورئيس النيابة العامة والوكيل العام لدى محكمة النقض، محمد عبد النباوي، والرئيس الأول لمحكمة النقض بالرباط، تطالب من خلالها بالتدخل العاجل لفرض سيادة القانون وتحقيق العدالة والقطع مع الإفلات من العقاب.
تحريك المتابعات القضائية
جاء في الرسالة أن الجمعية المغربية لحماية المال العام طالبت في أكثر من مناسبة بضرورة تحريك المتابعات القضائية ضد المتورطين المفترضين في شبهة اختلالات تدبيرية وقانونية ومالية اعترت التدبير العمومي ببلدية كلميم في عهد رئيسها السابق، عبد الوهاب بلفقيه، وذلك بعدما أنهت الفرقة الوطنية للشرطة القضائية أبحاثها وتحرياتها المتعلقة بهذه القضية لمدة تفوق ستة أشهر وأحالت نتائج أبحاثها في شق منها على الوكيل العام للملك لدى محكمة الاستئناف بمراكش والذي لم يتخذ بشأنه لحدود الآن أي قرار، في حين أحيل جزء آخر من البحث التمهيدي على الوكيل العام للملك لدى محكمة الاستئناف بأكادير، والذي قرر المطالبة بإجراء تحقيق في مواجهة 11 متهما في مقدمتهم المستشار البرلماني، عبد الوهاب بلفقيه، من أجل جنايات التزوير في محرر رسمي واستعماله والتزوير في محرر عرفي واستعماله والتزوير في وثائق تصدرها الإدارات العامة إثباتا لحق أو منح ترخيص أوصفة واستعمالها والتوصل بغير حق إلى تسلم الوثائق المذكورةعن طريق الإدلاء ببيانات ومعلومات وشهادات غير صحيحة واستعمالها ومنح عن علم إقرار أو شهادة تتضمن وقائع غير صحيحة واستعمالها والمشاركة في التزوير في وثائق تصدرها الإدارات العامة إثباتا لحق أومنح ترخيص كل حسب المنسوب إليه.وأحال الوكيل العام هذه القضية على قاضي التحقيق بالغرفة الأولى بالمحكمةذاتها، وفتح لها ملف تحت عدد 2019/633.
وأوضحت الرسالة أن وقائع هذه القضية، حسب بعض الوثائق التي يتوفر عليها الفرع الجهوي مراكش الجنوب للجمعية المغربية لحماية المال العام، تتعلق بصنع وثائق للاستيلاء على العقار بمناسبة فتح ملفات مطالب التحفيظ أمام المحافظة العقارية بكلميم من أجل تحفيظ الأراضي الكائنة وسط مدينة كلميم أو بالجماعات القروية المجاورة، خاصة الجماعة القروية لأسرير دائرة كلميم، بمساحات شاسعة باستعمال عقود عرفية مصححة الإمضاء وشهادة مطابقة الاسم ووكالتين عرفيتين ورسم الإراثة وشراء عدلي وغيرها من الوثائق الأخرى، فضلا عن استعمال شهادات إدارية صادرة عن جماعة كلميم التي كان يرأسها البرلماني عبد الوهاب بلفقيه، وهي وثائق يقول المشتكون إنها شابتها شبهة التزوير واستعملت بشكل تدليسي لاستخراج الرسوم العقارية وفتح مطالب للتحفيظ والاستيلاء على مساحات شاسعة من العقار بتوظيف مواقع المسؤولية وشبكة من العلاقات لتحقيق أهداف ومرام تقع تحت طائلة المساءلة الجنائية.
وتضيف الرسالة «إنه، ورغم خطورة الأفعال والتي كيفت على أنها جنائية موضوع المطالبة بإجراء التحقيق، فإنه تمت متابعة المتهمين في حالة سراح».
تداعيات استمرار الفساد
أشارت الجمعية إلى أنها تتابع، عن طريق فرعها الجهوي بالجنوب، باهتمام كبير، تداعيات استمرار الفساد والرشوة على الأوضاع العامة بالمنطقة، وهكذا فإنه توصل بالعديد من الإتصلات واطلع على العديد من الفيديوهات والتقارير تحدثت عن استعمال الرصاص من طرف مافيا العقار في مواجهة أحد الأشخاص بالمنطقة، والتي تم من خلالها اتهام شخصية نافذة تحت مسمى «عراب الفساد» بكونها كانت وراء تلك الأفعال الإجرامية، وهوتطور خطير وغير مسبوق يتطلب تدخلا حازما لردع مثل هذه السلوكات التي تشجع على الانتقام والعدالة الخاصة، كما تابعت أيضا ملف ما عرف إعلاميا بـ«سمسار المحاكم» والذي أدين ابتدائيا من طرف المحكمة الابتدائية بأكادير بثلاث سنوات سجنا نافذا قبل أن تقضي محكمة الاستئناف بأكادير ببراءته بتاريخ 18 يونيو الماضي، اعتمادا على خلاصة لتقرير الخبرة المنجزة من طرف معهد تحليلات الفيديو والصوت التابع للدرك الملكي بتمارة، ورغم ذلك «جعلت المتهم يفلت من المساءلة رغم خطورة ماورد بالتسجيل الصوتي من ادعاء على القدرة على التدخل في بعض قرارات القضاء»٠
وطالبت الشكاية المسؤولين القضائيين بالكشف عن مصير البحث التمهيدي المنجز من طرف الفرقة الوطنية للشرطة القضائية بخصوص شبهة اختلالات مالية وقانونية اعترت التدبير العمومي ببلدية كلميم، وهو «الملف المحال على الوكيل العام للملك لدى محكمة الاستئناف بمراكش، والذي، وحسب علمنا، لم يتخذ بشأنه أي قرار لحدود الآن»، حسب رسالة الجمعية، التي طالبت كذلك بالحرص على تطبيق القانون بخصوص ملف التحقيق المعروض على قاضي التحقيق بالغرفة الأولى بمحكمة الاستئناف بأكادير.