بعد أكثر من أربع سنوات لزمت خلالها الصمت المطلق وتعثر إخضاعها للخبرة التي أمرت بإجرائها الهيئة القضائية لأسباب موضوعية، حسمت غرفة جرائم الأموال الابتدائية بمحكمة الاستئناف بالرباط، مساء أول أمس الاثنين، في ملف المتهمة الرئيسية في قضية التوظيفات المشبوهة التي هزت جهاز الوقاية المدنية قبل خمس سنوات تقريبا، وجرت حوالي 107 مسؤولين وموظفين إلى المحاكمة التي انتهت بإدانة مسؤولين كبار، بينهم كولونيلات ونقباء، بالسجن.
وفي محاكمة جرت عن بعد، قضت الهيئة القضائية بالغرفة المذكورة، أول أمس الاثنين، بإدانة المتهمة الأربعينية التي كانت تشغل منصب نقيب بالمديرية العامة للوقاية المدنية بالرباط بست سنوات سجنا، لتلحق بزوجها النقيب المتابع أيضا في نفس القضية والمحكوم بخمس سنوات سجنا.
المثير في قضية المتهمة (ل. ن)، الملقبة بالمرأة الحديدية والعلبة السوداء لجهاز الوقاية المدنية على مدى سنوات من العهد السابق، أنها رفضت التجاوب مع المحكمة منذ سنة 2016 بدعوى المرض، ما اضطر الهيئة إلى فصل ملفها عن ملف حوالي 106 متهمين، تابعت «تيلي ماروك» تفاصيل محاكمتهم التي انتهت بإصدار أحكام قضائية في حقهم بلغت في مجموعها حوالي قرنين وخمسين سنة سجنا، في وقت واصلت المتهمة إصرارها على تجاهل استنطاقات الهيئة القضائية تحت طائلة معاناتها اضطرابات نفسية حادة تمنعها من الحديث والتجاوب مع القضاة، دون أن تتحدد طبيعة هذه الاضطرابات وعلاقتها بمنطق الصمت الذي فرضته على الهيئة القضائية خلال عشرات الجلسات، علما أن الهيئة ذاتها ظلت تواجه تعثرا متواترا في التوصل بنتائج الخبرة وإجرائها، قبل أن تنجز أخيرا ويتم الحسم في الملف أول أمس بإدانة المتهمة بست سنوات سجنا قضت منها حوالي أربع سنوات في حالة اعتقال، كما قضت الهيئة القضائية بإحالة المتهمة على المستشفى المتخصص من أجل العلاجات اللازمة.
وكانت الهيئة قد فصلت ملف المتهمة عن الملف الرئيسي الذي توبع فيه حوالي 106 من المتهمين، توبع منهم 11 متهما في حالة اعتقال، بينهم مسؤولون كبار برتبة كولونيل وزوجة أحدهم ونقباء ومساعدون وموظفون من مختلف الرتب، حيث أصدرت الهيئة القضائية أحكاما متفاوتة في حقهم، تراوحت بين البراءة وخمس سنوات سجنا نافذا، وبلغت في مجموعها حوالي 250 سنة سجنا، تسع سنوات سجنا وزعت بالتساوي على ضابطين ساميين وزوجة أحدهما.
وكانت هيئة الحكم قد أدانت كولونيلا كبيرا في جهاز الوقاية المدنية كان يشغل مهمة سامية في الجامعة العربية فضلا عن مهام دولية أخرى، وكان يعتبر الرجل الثاني في الجهاز بعد الجنرال المعفى اليعقوبي، بثلاث سنوات حبسا نافذا؛ في حدود 30 شهرا نافذة وغرامة مالية تناهز 5000 درهم . وهو نفس الحكم الذي صدر في حق زوجته التي لفت معطيات الملف وتصريحات بعض المتابعين فيه عنقها باتهامات خطيرة تتعلق بمشاركتها في عمليات ارتشاء لصالح زوجها من أجل مساعدة شباب على ولوج الوظيفة. كما أدانت المحكمة كولونيلا آخر كان متابعا في حالة اعتقال بثلاث سنوات حبسا نافذا في حدود سنتين ونصف نافذة،وغرامة مالية، فيما تم توزيع باقي الأحكام على 101 متهمآخرين.
وبالرجوع إلى وقائع هذه القضية التي هزت الرأي العام الوطني قبل أربع سنوات تقريبا، بعد تفجر فضيحة التوظيفات المشبوهة بجهاز الوقاية المدنية بواسطة دبلومات مزورة ممثلة في شهادات بكالوريا وتكوين مهني وشهادات جامعية، تبين من خلال التحريات تزويرها وإدراجها ضمن ملفات التوظيف وولوج الجهاز وكذا الترقي في أسلاكه ورتبه باستعمال هذه الشهادات المزورة.