كشفت وزارة الشؤون الخارجية والتعاون الدولي عن تفاصيل العملية التي همت المغاربة المقيمين بالخارج والعالقين في عدد من الدول خلال فترة الحجر الصحي التي فرضتها الجائحة الوبائية، وقد أوضحت معطيات رسمية للوزارة الوصية بهذا الخصوص، حصلت عليها "تيلي ماروك"، جانبا مهما من عملها في إطار التنسيق بين المصالح القنصلية في البلدان المستقبلة، بالإضافة إلى خلايا الأزمة التي تم إحداثها في عدد من البلدان، وما تلا ذلك من عمليات إحصاء للمغاربة العالقين وحصر لهم قبل الشروع في عملية تنقيلهم.
وحسب وزارة الشؤون الخارجية والتعاون الدولي، فإن مرحلة تدبير أزمة المغاربة العالقين في الخارج خلال فترة الحجر الصحي وإغلاق الحدود، توزعت إلى عدة محطات، كان أولها في بداية الأزمة، وقد تمثلت هذه المرحلة في إحداث خلايا للأزمة تابعة للقنصليات والبعثات الديبلوماسية في البلدان المعنية، قبل أن تنتقل الوزارة مصالح الوزارة الوصية إلى المرحلية الثانية المتمثلة في إحصاء المغاربة العالقين والتواصل معهم، لتأتي المرحلة الثالث والتي همت التكفل بهم وتحديدا بالحالات الصعبة، اجتماعيا وصحيا، تم العبور إلى المرحلة الأخيرة التي تمثلت في ترحيل العالقين عبر رحلات جوية أو بحرية.
خلايا الأزمة.. أولى الخطوات الاستعجالية
سارعت وزارة الشؤون الخارجية والتعاون، منذ إعلان الصين عن إغلاق إقليم يوهان الذي شكل البؤرة الأساسية لظهور وباء كورونا المستجد، في يناير الماضي، إلى الإعلان عن تشكيل خلية أزمة لدى القنصلية المغربية في بيكين، لمواكبة أوضاع المغاربة العالقين في هذا الأقاليم والذين كان أغلبهم طلبة، وتنفيذا للتعليمات الملكية السامية، تم اعتماد تدابير استعجالية، في هذا الإطار، حيث عملت الوزارة على إحداث خلية أزمة مركزية و 155خلية بالبعثات الدبلوماسية والمراكز القنصلية التابعة للمملكة لتقديم الدعم والمساعدة ذات الطابع الأولوي والضروري لفائدة المواطنين المغاربة بالخارج والمواطنين المغاربة العالقين، وذلك بعدما توالى انتشار الوباء في باقي البلدان على رأسها الأوربية، حيث كانت إيطاليا ثاني الأكثر تضررا حينها بالوباء بعد الصين.
معطيات الوزارة الوصية، كشفت عن التعبئة القوية لكل التمثيليات الديبلوماسية والمراكز القنصلية ببلدان الاستقبال وكل أعضاء 155 خلية محدثة لمواكبة أوضاع المغاربة المقيمين بالخارج والمغاربة الموجودين حاليا خارج أرض الوطن والجهود المتواصلة التي تقوم بها في هذه الظرفية، فبسبب إغلاق الحدود، عملت الوزارة الوصية والخلايا التي تم إحداثها على إحصاء، قرابة 36825 مواطنا إلى غاية يوم30 ماي، وكانت أغلب هؤلاء العالقين في فرنسا، التي بلغ بها العدد 8258، تم 4694 في تركيا، و3672 في إسبانيا و1229 في الإمارات العربية المتحدة، كما أحصت مصالح الوزارة الوصية 9034 مواطن من العالقين بالجزائر، جلهم من العمال الموسميين ومريدي بعض الزوايا.
إيواء وتكفل .. خدمات اجتماعية وإنسانية
وقد باشرت البعثات الدبلوماسية والمراكز القنصلية بعد تسجيل المغاربة العالقين، بحصر لوائح الراغبين في الاستفادة من التكفل فيما يخص الإيواء والتغذية والعلاج والاستشفاء قبل أن ترفع هذه اللوائح للوزارة للموافقة وتوفير الاعتمادات الضرورية على وجه الاستعجال وفق المرونة التي تسمح بها المساطر القانونية لتدبير الميزانية، وقد كشفت أرقام الوزارة الوصية أنه وإلى غاية فاتح يونيو 2020، تمت مواكبة 7189 من خلال إيوائهم وغذاءهم، وكذا التكفل بمصاريف التطبيب والعلاج بالنسبة ل 319 مواطنا يتوزعون.
كما أشارت الوزارة الوصية إلى أنه قد تم التكفل بشراء الأدوية لـ300 من المغاربة العالقين في الخارج، كما استفاذ 60 منهم من شراء مُعِدات وأجهزة طبية، كما تكفلت الوزارة الوصية بتغطية مصاريف فحوصات وتحاليل لدى أطباء ومختبرات متخصصة لـ104، فيما تم التكفل بـ5 حالات لفائدتها بعمليات جراحية، وأيضا 5حالات تم التكفل لصالحها بحصص العلاج الكيميائي والأشعة، كما تم التكفل بمصاريف الولادة لفائدة 4 مواطنات.
وبالإضافة إلى إجراءات التكفل بالعلاج والتطبيب، والتي بدت أساسية خلال هذه الفترة المرتبطة أساسا بجائحة وبائية، فقد أشارت الوزارة الوصية إلى أن مصالحها اتخذت العديد من الإجراءات لفائدة المواطنين العالقين بالخارج، تمثلت في التدخل لدى سلطات بلدان الاستقبال لتمديد مدة صلاحية تصاريح الإقامة، والتتبع والتواصل الدائمين مع المواطنين للاطمئنان عن حالتهم وتأمين احتياجاتهم الضرورية، وتوفير السكن في فنادق أو شقق سياحية، والتدخل لدى السلطات لتأمين استشفاء مواطنينا في المؤسسات الصحية عند الضرورة، وضمان استمرارية المرفق العام على مستوى كافة السفارات والمراكز القنصلية، وتأمين معالجة طلبات الحصول على وثائق الهوية والسفر.
الخدمات القنصلية .. مواكبة وتتبع
من الخطوات التي عملت عليها مصالح وزارة الخارجية في معالجة أزمة المغاربة العالقين في الخارج، الرفع من سقف مخصصات السفر من العملة الصعبة الذي كان محددا في (45.000 درهم) بتنسيق مع وزارة الاقتصاد والمالية ومكتب الصرف؛ وتمكين عدد من الطلبة المغاربة ببعض البلدان من التوصل بالتحويلات المالية من أسرهم بعد السماح لهم بصفة استثنائية برفع الحصة المخصصة لهم من مكتب الصرف؛ ونظرا للتعذر المرحلي لترحيل الجثامين لتوارى الثرى بأرض الوطن، فقد عملت الوزارة، عبر البعثات الدبلوماسية والمراكز القنصلية، على التكفل بنفقات دفن 145 من المغاربة المعوزين والذين لا يتوفرون على تأمين خاص بهذا الشأن، وذلك بمقابر أو مربعات إسلامية، بمقابر بدول الاستقبال. وذلك مع الحرص على تقديم كل الدعم والمساعدة الممكنين للأسر المكلومة، في هذه الظروف العصيبة الخاصة التي فرضتها الجائحة.
وفي نفس السياق، قامت الوزارة بمبادرة تضامنية وتشاركية مع هيئة مراقبة التأمينات والاحتياط الاجتماعي (ACAPS) ومؤسسات التأمين، إلى اتخاذ عدد من التدابير تروم تقديم المواكبة والمساندة اللازمتين للمواطنين المغاربة المتواجدين بالخارج، سواء أكان محل إقامتهم بالمغرب أو بالخارج، من خلال التكفّل بالنسبة للمغاربة المتواجدين بالخارج، القاطنين بالمغرب والمتوفرين على عقود تأمين بمصاريف الاستشفاء والتطبيب بالخارج، بمصاريف الدّفن عند الاقتضاء، دون تحديد أي سقف لهذه المصاريف، بالاضافة إلى تمديد أجل سريان عقود التأمين المبرمة وفتح إمكانية تجديدها بأداء ما يناهز سمة اكتتاب ثلاثة أو ستة أشهر، وقد أشارت الوزارة إلى أن كافة الطلبات الواردة على البعثات الدبلوماسية والمراكز القنصلية فقدتم التعامل معها بكامل الجدية والمسؤولية لتلبيتها وفق معايير موضوعية مع التركيز على منح الأولوية للفئات الهشة من السياح المغاربة العالقين.
الرحلات الجوية والبحرية الخاصة تنقل ألاف العالقين
وحتى تتسنى عودة المواطنين العالقين إلى بلدهم، قررت السلطات المغربية تنظيم المرحلة الأولى من الرحلات الجوية والبحرية الخاصة بين الفترة الممتدة بين 16 ماي و15 يوليوز 2020، حيث استفاد منها 11235 مواطنة ومواطن ممن منحت لهم الأولوية اعتبارا لوضعية الهشاشة الصحية أو الاجتماعية التي كانوا يعانون منها، وكمرحلة ثانية، ارتأت السلطات المغربية ضرورة تنظيم رحلات جوية وبحرية للسماح بعودة باقي العالقين والأجانب المقيمين بالمغرب وأفراد عائلاتهم والمواطنين المغاربة المقيمين بالخارج الراغبين في الالتحاق ببلدهم خلال العطلة الصيفية.ولهذا الغرض، تمت برمجة العديد من الرحلات الجوية والبحرية منذ 15 يوليوز 2020 لتستمر الى غاية 10 غشت 2020
وشكلت محطة وصل الفوج الأول من العاملات المغربيات الموسميات من إقليم هويلبا الإسباني، على متن رحلة بحرية مباشرة من ميناء هويلبا إلى ميناء طنجة المتوسط، لحظة إنسانية قوية، ترجمت الاهتمام الكبير الذي أولاه المغرب لترحيل مواطنيه العالقين بعدد من البلدان، حيث يضم الفوج الأول حوالي 1200 عاملة موسمية، من بين حوالي 7100 عاملة جرى نقلهن على متن ست رحلات بحرية بين هويلبا وطنجة المتوسط تم توفيرها من طرف الدولة المغربية، وتهم هذه العملية " استقبال مجموعة من المغربيات اللواتي كن في إطار العمل الموسمي بإسبانيا، وبقين عالقات لمدة تتجاوز مدة إقامتهن بالنظر للظروف الاستثنائية المرتبطة بجائحة كورونا"، وقد تم الإشراف عليها من طرف المصالح الوصية بتعاون مع مؤسسة محمد الخامس للتضامن، باعتبارها مشرفة على عملية "مرحبا" لعبور المغاربة المقيمين بالخارج.
وسجل المصدر ذاته وصول البواخر الأولى في هذا السياق إلى ميناء بني انصار بالناضور، وطنجة المتوسط، حيث أقلت الباخرة الثانية حوالي 1200 من المواطنات المغربيات العالقات بإسبانيا من العاملات الموسميات، في إطار فوج أول ستليه أفواج أخرى، لأن مجموع العالقات يناهز حوالي 7 آلاف مواطنة مغربية، حيث أن هذه العملية، التي شاركت فيها مؤسسة محمد الخامس للتضامن، تستدعي الوقوف على جميع الجوانب الوقائية والاحترازية التي أوصت بها الوزارات المعنية بتدبير جائحة فيروس كورونا، وفي إطار تقديم الدعم والتدخل للمساهمة في توفير الظروف الملائمة لهذا النوع من المبادرات في ظل السياق الاستثنائي لكوفيد 19.