الدولة بذلت مجهودات جبارة لا ينكرها جاحد في مواجهة جائحة كورونا، واستطاعت أن تدبر الأمور على مدى خمسة أشهر، نالت خلالها ثقة كبيرة من قبل المواطنين وكافة الفاعلين السياسيين والاقتصاديين وغيرهم، لكن بعد القرارات الارتجالية المتخذة قد تهدم منسوب هذه الثقة في رمشة عين، خاصة إذا كانت تؤدي إلى نتائج كارثية.
مناسبة الحديث، هي ما وقع في «ليلة الهروب الكبير»، عندما أصدرت الحكومة في شخص وزارتي الداخلية والصحة، بلاغا مفاجئا، حول قرار منع التنقل من وإلى ثماني مدن، ما تسبب في توافد آلاف المغاربة على المحطات والطرقات في سباق مع الزمن، قبل تفعيل القرار عند حلول منتصف الليل، وكأن الحكومة منحت لهم مهلة خمس ساعات لمغادرة أو دخول المدن المعنية بقرار الإغلاق.
نعم، ما زالت حالة الطوارئ الصحية سارية المفعول، رغم تخفيف إجراءات الحجر الصحي، ومن حق الحكومة اتخاذ قرارات صارمة لحماية أرواح المواطنين، في حال رصد تطور خطير للوضعية الوبائية، وهناك دول عادت إلى تطبيق الحجر الصحي وإغلاق مناطق ومدن بكاملها لتطويق تفشي الوباء، لكن عندما تصدر هذه القرارات بشكل ارتجالي وعبر بلاغات مكتوبة بلغة جافة، يكون لها مفعول عكسي، يعني أن هناك أزمة تواصل لدى الحكومة، خاصة عندما تصدر قرارات سابقة تناقض القرارات اللاحقة.
وكان من المفروض أن يخرج مسؤول حكومي للتواصل مع المواطنين وشرح خلفيات القرار، علما أن منع التنقل يتزامن مع شعيرة دينية مقدسة بالنسبة إلى المغاربة، وسبقه إعلان الحكومة عن دخول المرحلة الثالثة من تخفيف إجراءات الحجر الصحي، من قبيل رفع الطاقة الإيوائية للمؤسسات الفندقية بغرض تشجيع السياحة الداخلية، ورفع الطاقة الاستيعابية لحافلات النقل العمومي، ما يعني أن الحكومة تصدم المغاربة بالقرار ونقيضه، دون تفسير ولا توضيح.