بعد صدور أحكام قضائية بعزل مجموعة من رؤساء المجالس الجماعية، وإحالة بعضهم على الفرقة الوطنية للشرطة القضائية المكلفة بجرائم الأموال، علمت «تيلي ماروك» من مصادر مطلعة أن المفتشية العامة للإدارة الترابية التابعة لوزارة الداخلية، ستحيل دفعة أخرى من رؤساء مجالس الجماعات الترابية على المحاكم الإدارية، من أجل تفعيل مسطرة العزل في حقهم، بعدما أثبتت تقارير المفتشية تورطهم في خروقات واختلالات مالية وإدارية خطيرة.
تقارير سوداء
أنجزت المفتشية تقارير سوداء حول تدبير الجماعات الترابية، رصدت من خلالها العديد من الاختلالات والخروقات الإدارية والمالية، حيث تم خلال السنة الماضية تدبير ملفات ما يناهز 90 مهمة افتحاص. وأوضحت المصادر أنه تبعا لطلبات مهام التفتيش الواردة على المفتشية العامة من مصادر متنوعة ومتعددة، تفيد بأنه بعد إجراء أبحاث أولية، بوجود خروقات ظاهرة أو تجاوزات جسيمة على مستوى تدبير الشأن الترابي، تستوجب إيفاد لجنة تفتيش على وجه الاستعجال، قامت المفتشية ببرمجة وإنجاز مجموعة من مهام التفتيش والبحث في ميادين مختلفة، وفي هذا الإطار تم تدبير ملفات ما مجموعه 84 مهمة، منها 64 مهمة بحث وتحري، تضم 31 مهمة تم إيفادها خلال سنة 2019، و33 مهمة منجزة خلال سنة 2018، تم استكمال تدبيرها خلال السنة الماضية.
وأكدت المصادر أنه بالنسبة إلى المخالفات التي لا تكتسي طابع الجسامة ويمكن تجاوزها باتخاذ بعض الإجراءات التقويمية، حرصت لجان التفتيش على اقتراح مجموعة من التوصيات لتصحيح الاختلالات المسجلة وتمت تسوية الوضعية على إثر ذلك، أما في الحالات التي تم فيها تسجيل خروقات ذات صبغة جنائية، فقد تمت الإحالة على السلطات القضائية المختصة، حيث توصلت المفتشية العامة للإدارة الترابية بوزارة الداخلية بحوالي 1300 ملف من مختلف الإدارات المركزية والترابية، وأيضا من منتخبين ومجتمع مدني، يتعلق معظمها بتدبير الشأن المحلي، وبالخصوص أشغال المجالس المحلية وتدبير المصالح الجماعية ودور السلطة المحلية في هذا الشأن. وأسفرت مهام التفتيش والبحث المنجزة، عن اتخاذ مجموعة من الإجراءات والتدابير، تختلف حسب طبيعة الخروقات المرتكبة من إجراءات تقويمية إلى إجراءات تأديبية، والإحالة على الأجهزة القضائية في حال تسجيل خروقات ذات صبغة جنائية، حيث أحالت المفتشية بعض الملفات على القضاء، وتباشر مسطرة العزل في حق رؤساء مجالس جماعية، فضلا عن إحالة تقارير على المجالس الجهوية للحسابات.
وسجلت المفتشية مجموعة من الملاحظات في شأن أعمال رؤساء المجالس ومقررات الجماعات الترابية، تتجلى في تدخل نواب الرئيس في شؤون الجماعة وممارسة مهام تدبيرية بدون التوفر على تفويضات بذلك، وعدم اعتماد نظام المحاسبة المادية في تتبع جميع التوريدات والمقتنيات، بالإضافة إلى توقيع نواب الرئيس على وثائق إدارية دون التوفر على تفويضات في مواضيعها، ومنح تفويضات للمهام في مجال الجبايات في خرق لمقتضيات القانون التنظيمي المتعلق بالجماعات، والتي لا تجيز التفويض في مجال المداخيل إلا لفائدة مدير المصالح، وفي ما يخص الإمضاء فقط. كما رصدت المفتشية وجود تقصير في الدفاع عن مصالح الجماعة أمام القضاء، من خلال عدم الإدلاء بأي دفوعات بخصوص الدعاوى الرائجة وعدم استئناف الأحكام الصادرة ضد الجماعة.
خروقات مالية
على مستوى تدبير المداخيل، سجلت تقارير المفتشية عدم اتخاذ الإجراءات اللازمة لإحصاء الملزمين الخاضعين لمختلف الرسوم الجماعية، والتقصير في تطبيق المقتضيات القانونية في حق الممتنعين عن أداء الرسوم، وعدم تطبيق أسعار بعض الرسوم المقررة في القرارات الجبائية، والسماح بالاستغلال المجاني لمحلات تجارية، وعدم اتخاذ الإجراءات اللازمة ضد مكتري محلات تجارية وسكنية لا يؤدون ما بذمتهم من واجبات. أما على مستوى المصاريف، فقد أظهرت مهام التفتيش التي شملت جوانب مختلفة من التدبير المالي والإداري بالجماعات الترابية مجموعة من الاختلالات، خاصة على مستوى تنفيذ الطلبيات العمومية، كما أبانت كذلك عن العديد من النقائص طبعت إنجاز بعض المشاريع وتسببت في تعثر البعض منها.
وتتلخص أهم ملاحظات لجان التفتيش على مستوى تدبير المصاريف، في عدم احترام مقتضيات دفتر التحملات بخصوص إنجاز أشغال الصفقات، وأداء مبلغ عن خدمات لم تنجز، وأداء مبالغ متعلقة بسندات طلب دون الإنجاز الكامل للأشغال، واللجوء المتكرر إلى عدد محدود من الموردين، اللجوء إلى تسوية وضعية نفقات باللجوء إلى سندات الطلب، بالإضافة إلى تسليم أشغال صفقة، بالرغم من عدم احترام المواصفات التقنية المنصوص عليها بدفتر الشروط الخاصة.
وأكدت مفتشية الداخلية أن تسيير قطاع التعمير يعرف مجموعة من الاختلالات، تتعلق خصوصا بعدم احترام الضوابط القانونية، ومنها تسليم رخص بناء فوق بقع ناتجة عن تقسيم وتجزيء غير قانونيين، وتسليم رخص ربط بشبكة الكهرباء في غياب رخص السكن، أو التصريح بانتهاء الأشغال وإغلاق الورش، بالاضافة إلى منح شهادات إدارية غير قانونية من أجل بيع قطع أرضية أو تحفيظها، ناتجة عن تجزيء غير قانوني، وقيام بعض نواب الرئيس بمنح رخصة بناء رغم عدم توفرهم على تفويض في ميدان التعمير. كما لاحظت تقارير المفتشية، تسليم رخص انفرادية دون الأخذ بالرأي الملزم للوكالة الحضرية لبنايات موجودة في مناطق محرمة البناء، وبنايات غير قانونية لا تحترم تصميم التهيئة وتصاميم إعادة الهيكلة، وبنايات لا تحترم كناش تحملات التجزئات المعنية بها.
ورصدت المفتشية العامة أيضا، قيام بعض رؤساء الجماعات بالإشهاد على تصحيح عقود عرفية تهم عقارات ناتجة عن تقسيم غير قانوني، ومنح رخص السكن لبنايات رغم مخالفتها لتصميم التهيئة أو التصاميم الهيكلية أو التصاميم المرخصة، وإدخال تغييرات بطريقة غير قانونية على مشروع مرخص مع الترامي على الملك العام، وتسليم رخص إصلاح لأشغال تستدعي الحصول على رخص بناء.