القرار الذي أعلنه، أمس الثلاثاء، محمد بنشعبون، وزير الاقتصاد والمالية، بحل مؤسسات عمومية وتجميع أخرى تحت إشراف وكالة وطنية لتدبير الاستثمارات الاستراتيجية، جاء في الوقت المناسب، تنفيذا للتعليمات الملكية الواردة في خطاب العرش، حيث دعا الملك محمد السادس إلى الإسراع بإطلاق إصلاح عميق للقطاع العام، ومعالجة الاختلالات الهيكلية للمؤسسات والمقاولات العمومية، قـصد تحقيق أكبر قدر من التكامل والانسجام في مهامها، والرفع من فعاليتها الاقتصادية والاجتماعية، كما دعا لإحداث وكالة وطنية مهمتها التدبير الاستراتيجي لمساهمات الدولة، ومواكبة أداء المؤسسات العمومية.
التدخل الملكي جاء بعد تجاهل الحكومة لتقرير أصدره المجلس الأعلى للحسابات قبل أربع سنوات، حول وضعية المقاولات والمؤسسات العمومية، وكشف أن جلها مهدد بالإفلاس وتشكل عبئا ماليا على الدولة، وأوصى بوضع رؤية استراتيجية قصد ترشيد قطاع المؤسسات والمقاولات العمومية، ودعا إلى حصر حجم المحفظة العمومية، ويعني ذلك تقليص عدد المؤسسات العمومية، إما بحل بعضها أو دمجها، حيث تحولت بعض المؤسسات إلى "بقرة حلوب" للامتيازات والتعويضات الخيالية، وهناك مؤسسات يتلقى أطرها أجورا تفوق أجور الوزراء، رغم الأزمة المالية التي تعرفها.
وبدأت مديونية المؤسسات والمقاولات العمومية منذ سنة 2011، والتي تزامنت مع السنة الأولى لتنصيب الحكومة السابقة، ويشكل هذا الارتفاع إحدى المخاطر التي تهدد المالية العمومية، وذلك لالتزام ميزانية الدولة بتحمل أقساط الديون المضمونة في حالة عدم قدرة بعض الهيئات على سداد ما بذمتها، ومن شأن هذا القرار الذي جاء متأخرا أن يوفر مبالغ مالية مهمة تنفقها الدولة من ميزانيتها لدعم وتمويل المؤسسات العمومية، في وقت سارعت الحكومة إلى تنفيذ إجراءات تقشفية تستهدف صغار الموظفين تزامنا مع تداعيات أزمة جائحة كورونا، لأنها تعتبرهم بمثابة "حائط قصير" لتمرير مثل هذه القرارات.