خلافا للأحزاب المشكلة للأغلبية الحكومية، تمكنت أحزاب المعارضة المشكلة من أحزاب الاستقلال والأصالة والمعاصرة والتقدم والاشتراكية، من وضع مذكرة مشتركة حول الإصلاحات السياسية والانتخابية. وأثارت بعض المقترحات الواردة فيها كثيرا من الجدل، وهناك من اعتبر التنسيق الثلاثي بداية لإعلان تحالف انتخابي. في هذا الحوار الشامل، يكشف نزار بركة، الأمين العام لحزب الاستقلال، تفاصيل هذه المذكرة، ومخطط الحزب للفوز بالانتخابات المزمع إجراؤها خلال السنة المقبلة، وكذلك معايير اختيار حلفائه. ولم يستبعد إمكانية التحالف بين أحزاب الكتلة وحزب العدالة والتنمية لتشكيل الحكومة، كما أعلن موقف حزبه من الإصلاحات والقرارات، مثل التقاعد والمقاصة وقانون المالية المعدل.
-أولا، ما تعليقكم على الخطاب الملكي بمناسبة ذكرى عيد العرش؟
يمكن أن أقول إن خطاب العرش رسم بكل وضوح خارطة الطريق للمرحلة المقبلة في مسار بلادنا، وجاء في مستوى رهانات هذه المرحلة الدقيقة التي تعيشها بلادنا في ظل تداعيات جائحة كورونا على الوضعية الاقتصادية والاجتماعية. لذلك، فإن المضامين القوية والاختيارات الطموحة التي عبر عنها جلالة الملك جاءت لتؤكد مرة أخرى على البعد الإنساني والاجتماعي كأحد الثوابت الراسخة في الرؤية الملكية، وعلى ضرورة إرساء نموذج اجتماعي أكثر إدماجا، فهي تهدف أساسا إلى النهوض بالمواطن المغربي وضمان كرامته وسبل العيش اللائق، وتوسيع الحماية الاجتماعية لتشمل جميع المغاربة، وضمان الأمن الصحي لكل المواطنات والمواطنين، والعمل على انتشال الفئات الهشة والفقيرة من الفقر والبطالة والتهميش، من خلال تقوية الإنعاش الاقتصادي وبناء مقومات اقتصاد قوي وتنافسي، وإطلاق خطة لاستعادة تعافي الاقتصاد، خصوصا بالنسبة للقطاعات الأكثر تضررا مثل السياحة والصناعة التقليدية والتجارة والحرف، وإطلاق إصلاح عميق للقطاع العام والإدارة العمومية، وإعادة ترتيب أولويات أجندة السياسات العمومية.
خطاب العرش كرس كذلك أدوار الفاعلين السياسيين في تدبير وتجاوز هذه المرحلة بحيث خاطبهم بالقوى الديمقراطية التي هي مدعوة إلى مواصلة التعبئة والانخراط القويين في الجهود الوطنية بروح المسؤولية الفردية والجماعية. وإننا في حزب الاستقلال نعتز أيما اعتزاز بهذه الإشارة المولوية الدالة برمزيتها السياسية والدستورية التي تجعل من الصرح الديمقراطي جزءا لا يتجزأ من مقومات مغرب ما بعد الأزمة.
-انطلقت المشاورات السياسية حول الاستحقاقات الانتخابية المقبلة، هل يمكن أن تطلعنا على أجواء هذه المشاورات ومواضيعها؟
في الواقع هذه المشاورات جاءت تجاوبا مع دعوات أطلقتها هيئات سياسية وطنية في الأشهر الماضية، وأعتقد أنه كانت أولى هذه المبادرات المساعي المشتركة التي قام بها حزب الاستقلال مع عدد من الفاعلين السياسيين لا سيما مع حزب التقدم والاشتراكية وحزب الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية وحزب العدالة والتنمية، من أجل التعجيل بفتح حوار وطني في هذا الصدد. وقد راسلت شخصيا رئيس الحكومة للشروع في مشاورات حول الانتخابات المقبلة وتعديل مدونة الانتخابات، خلال هذه السنة، لأن هدفنا الأساسي هو القيام بتعديل مجموعة من القوانين المرتبطة بالاستحقاقات الانتخابية وقانون الأحزاب، أولا، من أجل توضيح الصورة بالنسبة للمواطنين والفرقاء السياسيين، وثانيا لكي ننخرط في منظور سياسي يتجاوز المنظور التقني للاستحقاقات المقبلة، لأننا نعتبر الإصلاحات السياسية هي المفتاح الحقيقي لإعادة الاعتبار للشأن السياسي وإعادة المصداقية للمؤسسات المنتخبة وتقويتها في المستقبل، وكان الهدف كذلك هو التوصل إلى توافقات بناءة وفي وقت مبكر حول هذه الأهداف المحددة.
رئيس الحكومة تفاعل إيجابا مع هذه المبادرة، وعقد اللقاء الأول مع الأمناء العامين للأحزاب السياسية ثم واصل وزير الداخلية هذه المشاورات، حيث انعقد لقاء مؤخرا تقرر خلاله تقديم مذكرات الأحزاب السياسية، وستنطلق بعد ذلك مفاوضات للتوصل إلى توافق حول مدونة الانتخابات وقانون الأحزاب وتمويل الأحزاب السياسية.
أريد التأكيد على نقطة مهمة، هي أن هناك إرادة سياسية من الدولة ومن جميع الفرقاء على ضرورة تقوية المسار الديمقراطي في بلادنا، بعدما كان هناك من يطالب بحكومة تقنوقراط وكفاءات من خارج الأحزاب، وهناك من طالب بتشكيل حكومة إنقاذ بعيدا عن المشروعية الانتخابية، خلال أزمة كورونا وإعلان حالة الطوارئ الصحية. وهذه الأصوات لا تفاجئنا لأنها تبحث دائما عن المناسبة من أجل إضعاف الأحزاب والالتفاف على ثابت من ثوابت الأمة المنصوص عليه في دستور 2011 وهو التطور الديمقراطي وتكريس خيار الديمقراطية في بلادنا، لكن اليوم يمكننا الإقرار بوجود إرادة حقيقية لتنظيم الانتخابات في وقتها٠
-حزب الاستقلال قدم مذكرة مشتركة مع حزبي الأصالة والمعاصرة والتقدم والاشتراكية حول الإصلاحيات السياسية والانتخابية، ما هي أهم المقترحات التي تتضمنها المذكرة؟
هذه المذكرة ركزت بالدرجة الأولى على الإصلاحات السياسية، وهذا مدخل مهم جدا، لأنه في ظل غياب الإصلاح السياسي ببعده الشمولي من الصعب تحقيق أهداف العملية الانتخابية، خصوصا في ظل وجود إشكاليات كبرى، من قبيل إشكالية العزوف عن العمل السياسي والعزوف الانتخابي، والإشكالية الثانية مع الأسف هي أزمة ثقة في المؤسسات المنتخبة وفي الحكومة المنبثقة عن هذه المؤسسات المنتخبة، والدليل على ذلك آخر استطلاع للرأي تم إنجازه في أواخر سنة 2019، أكد أن أكثر من 70 في المائة من المغاربة لا يثقون في الحكومة، وهذا يعتبر في حد ذاته تحديا. واليوم نحن نمر بظروف صعبة، لأن أزمة كورونا كانت لها تداعيات خطيرة على الصعيد الاقتصادي والاجتماعي، وهذا يجعل الرهان كبيرا على الانتخابات المقبلة من أجل إفراز أغلبية حكومية منسجمة قادرة على مواجهة هذه التداعيات، وقادرة على بعث الأمل في المستقبل، وقادرة كذلك على تقديم الحلول اللازمة لإنقاذ البلاد من الأزمة العميقة، وقادرة على أجرأة مضامين النموذج التنموي الجديد على أرض الواقع. وثانيا لخلق فرص الشغل وخلق إمكانيات الارتقاء الاجتماعي لفئات عريضة من المواطنين والمواطنات، وأريد التأكيد على فئة مهمة، بالإضافة إلى فئة الشباب والفئات المستضعفة، وهي الطبقة الوسطى التي عرفت خلال هذه الولاية الحكومية تدهورا كبيرا في قدرتها الشرائية، ومع أزمة كورونا زادت أوضاعها تدهورا، حيث أصبحت جل مكونات هذه الطبقة مهددة بالبطالة والفقر، وبالتالي من الضروري تقديم عناية خاصة لهذه الفئة لكي تسترجع قدراتها وطاقاتها في البناء والعطاء لبلادنا.
أما بخصوص أهم المستجدات التي نقترحها في المذكرة، بالإضافة الى الإصلاح السياسي، قدمنا مقترحات لتعزيز المشاركة السياسية، وفي هذا الصدد اعتبرنا أن تنظيم الانتخابات في نفس اليوم قد يساهم في رفع نسبة المشاركة، ولاحظنا في تجارب العديد من البلدان أن نسبة المشاركة كانت ضعيفة في الانتخابات، وخصوصا في ظل أزمة كورونا، مثلا في فرنسا وقع تراجع كبير في نسبة المشاركة التي لم تتجاوز 40 في المائة في الانتخابات الجماعية، التي تكون فيها عادة نسبة المشاركة 70 إلى 80 في المائة، ونحن نعرف أن في المغرب لا تتجاوز نسبة المشاركة 44 في المائة، وبالتالي إذا كنا نبحث عن مصداقية المؤسسات المنتخبة والحكومة المقبلة، ولكي تقوم بالإصلاحات الضرورية ولكي تترجم النموذج التنموي الجديد على أرض الواقع، ولإنجاز القطائع الرئيسية التي نطالب بها، فمن الضروري أن تكون هنالك نسبة مشاركة مرتفعة من خلال أربعة مقترحات تقدمنا بها، وهي تنظيم الانتخابات في يوم واحد، واقترحنا أن يكون يوم الاقتراع هو يوم الأربعاء لنضمن تواجد الناخبين للمشاركة في التصويت، وليس في نهاية الأسبوع الذي يتزامن مع العطلة، ثالثا اقترحنا بالنسبة للجماعات التي يقل عدد سكانها عن 50 ألف نسمة، أن يكون نمط الاقتراع فرديا وليس باللائحة، لضمان تعبئة أكثر للمواطنين بهذه الجماعات، وضمان ذلك الارتباط والاتصال العضوي بين المنتخب والناخب، ورابعا اقترحنا تحفيزات من أجل التصويت، أي المشاركة في العملية الانتخابية، والمشاركة تنطلق من التسجيل في اللوائح الانتخابية.
-هل تقترحون مثلا أن يكون التسجيل والتصويت إجباريا؟
نحن ضد أن يكون هناك التصويت الإجباري، لأن التصويت الإجباري تكون فيه العقوبات والغرامات، وهذا يتنافى مع حرية التصويت. نحن نقترح وضع تحفيزات تجعل المواطن يذهب بمحض إرادته للتسجيل في اللوائح الانتخابية، خصوصا أننا اقترحنا فكرة جديدة وهي احتساب الأصوات المعبر عنها في تحديد القاسم الانتخابي، يعني احتساب الأوراق الملغاة والأوراق البيضاء، وبذلك ستكون لصوت الناخب قيمة حسابية، لأننا نعتبر ذلك شكلا من أشكال التصويت والمشاركة عموما في العملية الانتخابية.
-مقترح التحفيز أثار الكثير من الجدل، وهناك من اعتبره مقايضة بين التسجيل والحصول على امتيازات، وهناك من اعتبره إجبارا مغلفا، إلى درجة أن نبيل بنعبد الله تراجع عن المقترح وقدم اعتذارا ؟
بالنسبة لهذه النقطة بالذات، ينبغي التأكيد على أن ما جاء في هذه المذكرة من توجهات واقتراحات هو نتاج لعمل تنسيقي مبني على قناعات وتوافقات بناءة بين الأحزاب الثلاثة بخصوص هذه المحطة، لكن وقع تغليط للرأي العام ومحاولة مغرضة لاختزال المذكرة في نقطة واحدة تعرضت للتحريف، لأن هناك من قدم الترجيح كأنه شرط، وهذا ليس صحيحا، ولذلك سأقدم توضيحات بخصوص هذه النقطة، هناك من ادعى اشتراط التسجيل في اللوائح الانتخابية من أجل الاستفادة من الإعانات والسكن الاجتماعي، وهذه الأمور كلها غير موجودة في المذكرة، نحن قدمنا مقترحات تحفيزية، مثلا الإعفاء من رسم التمبر للحصول أو تجديد البطاقة الوطنية وجواز السفر، وبخصوص الترجيح، اقترحنا مثلا أن الأشخاص الذين يتقدمون لمباريات الوظيفة العمومية، وفي حالة ما إذا كان هناك تساو بين شخصين في النقطة المحصل عليها، يتم الرجوع إلى العناصر المميزة لمسار المرشح الواردة في نهج سيرته CV))، ومنها عنصر التسجيل في اللوائح الانتخابية، وبالتالي يكون هناك ترجيح للشخص المسجل في هذه اللوائح، مما يعني أنه أقل شيء يجب توفره في المرشح للوظيفة العمومية هو التحلي بروح المواطنة النشيطة والمشاركة في الحياة العامة والاستعداد القبلي للانخراط في مسار الوظيفة أو المرفق العمومي المبني على قيم وثقافة الصالح العام وخدمة المواطن. لقد وقع تضخيم لمقترح واحد من بين عدة مقترحات متكاملة ومندمجة في بعضها البعض.
-هل التنسيق بين الأحزاب الثلاثة يمكن أن يتطور إلى تحالف انتخابي قبلي؟
في هذا الإطار كذلك، يجب توضيح عدة أمور، التحالف يكون بين أحزاب الأغلبية، ويكون على أساس برنامج، لأنهم بموجب الدستور ملزمون أمام جلالة الملك وأمام البرلمان وأمام المواطنين والمواطنات بتنزيل هذا البرنامج على أرض الواقع، أما بالنسبة لأحزاب المعارضة، لا يمكن أن يكون تحالف على أساس برنامج، لأن لكل حزب وجهة نظره. كان بيننا تنسيق على مستوى الفرق البرلمانية، وارتأينا تطوير هذا التنسيق بتقديم مقترحات انتخابية مشتركة لكي نعطي قوة أكثر لهذه المقترحات. وكان لدينا تنسيق آخر مع قيادة الاتحاد الاشتراكي بحكم علاقتنا في الكتلة الديمقراطية، وعقدنا لقاءات وشكلنا لجينة مشتركة، لذلك هناك تطابق كبير في العديد من النقط المقترحة بخصوص الانتخابات. وعقدنا كذلك لقاءات مع قيادة العدالة والتنمية في إطار الحوار المشترك، بالإضافة إلى لقاءين مع الأمينين العامين لحزبي التجمع الوطني للأحرار والحركة الشعبية. نحن منفتحون على جميع الأحزاب السياسية. كنا ننتظر من أحزاب الأغلبية التي يجمعها تحالف وميثاق أن تقدم مذكرة مشتركة، أو على الأقل يكون هناك تقارب في المقترحات في حالة عدم تقديم مذكرة مشتركة، لكن عند الاطلاع على مقترحاتها نجد أن هناك تباعدا كبيرا، وهذا يخلق مشكلا في مقروئية المشهد السياسي، لأن أحزاب الأغلبية كلها تعتبر نفسها خارج الأغلبية، أو تُمارس المعارضة من داخل الأغلبية، فكلهم ينتقدون العمل الحكومي، بل أكثر من ذلك، بعض القوانين، مثلا كقانون تكميم الأفواه لحدود الآن لا نعرف من وضع هذا المشروع، بعدما تبرأت منه كل الأحزاب المشكلة للحكومة. هناك صراع يومي نلاحظه في البرلمان وفي تصريحات زعماء الأحزاب السياسية، وهناك تراشق ما بين مكونات الأغلبية، وهذا يخلق ضبابية ويجعل المواطنين يصعب عليه فهم التوجه، ومن يتحمل مسؤولية الواقع الذي نعيشه. نحن بعد المؤتمر السابع عاشر للحزب، سلكنا منطق الوضوح مع المواطنين منذ البداية، لذلك قررنا التراجع عن المساندة النقدية والانتقال إلى موقع المعارضة الوطنية الاستقلالية، وذلك بدعم كل ما من شأنه الدفاع عن المصالح العليا للوطن، وينسجم مع مشروعنا المجتمعي التعادلي، ومواجهة كل ما يضر بهذا المشروع، وقررنا التموقع في المعارضة بعدما تبين أن الحكومة تطبق سياسة ليبرالية مفرطة، تؤدي إلى توسيع الفوارق المجالية والاجتماعية وضرب الطبقة المتوسطة، والعمل على اندحارها، وكذلك خلق شرخ داخل المجتمع ما بين مكوناته.
-تحدثت عن وجود تحالف هجين بين مكونات الأغلبية وضبابية في المشهد السياسي، لتجاوز هذا الوضع مستقبلا، ما هي معايير اختيار حلفائكم، أو بصيغة أخرى، ما هي الأحزاب الأقرب إليكم للتحالف معها؟
نحن مع عقد تحالفات قبلية، لكن اليوم حتى نكون واضحين، القانون الانتخابي لا يساهم في إفراز هذه التحالفات القبيلة لذلك اقترحنا تعديل هذا القانون لتسهيل هذا الأمر، ثانيا نحن نعتبر أن التجربة بينت خلال الولاية الحكومية الحالية، أنه لا يمكن تقوية رابط الثقة المواطنين والفاعلين الاقتصاديين عندما تكون الحكومة تضم مكونات متناقضة، ويكون عدم التجانس والانسجام في العمل الحكومي، وكذلك التملص من المسؤولية من طرف الوزراء والأحزاب المشكلة لهذه الأغلبية، وبالتالي نعتبر أن التحالفات المستقبلية لا يمكنها أن تكون إلا انطلاقا من البرامج، والفكرة التي نركز عليها، نريد أن يكون التحالف الحكومي المقبل، غير مبني على منطق توزيع الحقائب الوزارية، بل يتركز أساسا على المشروع المستقبلي. وفي هذا الإطار، قدمنا وثيقتين أساسيتين، وهما وثيقة النموذج التنموي الجديد، اعتبرنا أنه لا يمكننا أن نستمر في العديد من السياسات وينبغي ان تكون هناك قطائع أساسية، كالقطع مع اقتصاد الريع وسياسة الامتيازات والقطع كذلك مع الحكامة العمودية، والدخول في الحكامة المندمجة، والقطع مع الاستغلال المفرط للموارد النادرة، واليوم الندرة تزداد كذلك مع إشكالية الموارد المائية، لذلك يجب وضع سياسات تحافظ على البيئة وتكون لها مردودية أكثر على الصعيدين الاقتصادي والاجتماعي، وكذلك ركزنا على ضرورة الانتقال من دعم البنيات إلى دعم الموارد البشرية وتقوية قدرات المواطنين والمواطنات والمقاولات، لتطوير بلادنا والرفع من مناعتها. وبعد ذلك وضعنا مذكرة أخرى حول مرحلة ما بعد كورونا، وهي مذكرة الإنعاش تضم مقترحات للنجاح في الإقلاع الاقتصادي والاجتماعي، واعتبرنا من الضروري أن تكون هنالك إعادة النظر في الأولويات وتقوية السيادة الوطنية، وهذا لا يمكن تحقيقه إلا بوجود إصلاح سياسي حقيقي، لبناء مؤسسات منتخبة فعالة وكذلك مؤسسات الديمقراطية التشاركية لتلعب دورها في إطار التكامل والتعاون بين الدميقراطية التمثيلية والديمقراطية التشاركية، هذه هي الأفكار الرئيسية التي تشكل أرضية أي تحالف مقبل.
-هذه أرضية، لكن ما هي الأحزاب الأقرب إليكم، هل هناك عمل لإعادة بناء الكتلة، أم ستبحثون عن حلفاء آخرين من خارج الكتلة، مثلا حزب العدالة والتنمية؟
كما قلت، اليوم لدينا تقارب تاريخي مع أحزاب الكتلة، وهناك ميثاق الكتلة الذي مازال ساريا، وهناك تقاطع مرجعي مع حزب العدالة والتنمية، وكذلك هناك تجارب للتحالف مع الأحرار والأصالة والمعاصرة في حكومة الأستاذ عباس الفاسي، ولكن الآن مطلوب الدخول في جيل جديد من التحالفات، لتحديد ما هي أولويات المستقبل، وما هي السياسات المطلوب بناؤها لاسترجاع ثقة المواطنين ليكون تحقيق تكافؤ الفرص حقيقيا على أرض الواقع والاهتمام بالعالم القروي والنهوض بالحرف التقليدية التي تعرف أزمة حقيقية، وعندما ننتقد سياسات ليس بالضرورة أننا ننتقد أحزابا، نحن لسنا ضد أي حزب. ما نلاحظه اليوم أن هناك حظوة خاصة توليها الحكومة للفئات التي تتوفر على الإمكانيات الاقتصادية، من خلال نظرية تقوم على دعم الميسورين والرأسمال بمبرر دعم استثمارات لخلق انعكاس إيجابي على الطبقات المتوسطة وعلى المقاولات المتوسطة ثم المقاولات الصغيرة، لكن هذه النتيجة لم تتحقق، الأغنياء يزدادون غنى، والفقراء يزدادون فقرا، وهذا الأمر لا نقبله.
-هل يمكن الدخول في تحالف بين أحزاب الكتلة والعدالة والتنمية؟
سأتكلم بوضوح، لأن التاريخ واضح، عندما كنا بصدد تشكيل حكومة بنكيران، ناضلنا في حزب الاستقلال على مشاركة كل أحزاب الكتلة في الحكومة، لأننا اعتبرنا أن المغرب كان في حاجة بعد خطاب 9 مارس والدستور الجديد، أن نعمل جاهدين لإنجاح تلك التجربة، تلك كانت مرحلة، اليوم حسب التطورات سنقوم بتقييم الوضع وسنقدر ما هو الأنسب، من منظور حزبنا، بالنسبة للوطن والمواطنين.
-يعني هذا التحالف غير مستبعد؟
لا شيء مستبعد، وكما قلت سابقا، ليس لدينا خط أحمر، نعتبر أن الخط الأحمر هو السياسات التي نعتبرها متجاوزة مثل سياسات الليبرالية المفرطة التي نحن ضدها، وإذا كانت سياسة تقوم على توسيع الهوة والفوارق الاجتماعية والمجالية فنحن ضدها، كل من يذهب في هذا الإتجاه لا يمكننا التحالف معه.
-كُنتُم أعلنتم مساندة الحكومة في البداية، ثم أعلنتم سحب هذه المساندة، وأعلنتم عن معارضة وطنية استقلالية، ما هو تقييمكم للعمل الحكومي؟
في الواقع، جائحة كورونا أبانت عن هشاشة الاقتصاد الوطني، ويظهر ذلك من خلال عدة وقائع، خلال السنوات الأخيرة وقع تراجع كبير في نسبة النمو، كنا نحقق 5 في المائة، لكن الآن نحقق 3 في المائة بصعوبة، هذا سيكون له انعكاس على التشغيل، كنا نخلق 130 ألف فرصة شغل في حكومة عباس الفاسي، الآن نخلق في المتوسط 50 ألف فرصة شغل، وقع تحسن في السنة الماضية، لكن هذه السنة من المتوقع أن يرتفع معدل البطالة، ليصل إلى 15 في المائة عوض 9 في المائة، وتبين أن المجهود المبذول في الحماية الاجتماعية لم يكن كافيا، والنتيجة لاحظناها خلال الأزمة الأخيرة، لأن غالبية الأسر تشتغل في القطاع غير المهيكل، وبالتالي الدولة اضطرت للبحث عن وسائل لمنح الدعم لهذه الأسر المتضررة بتعليمات ملكية، ولو أنها غير مسجلة في الضمان الاجتماعي، حيث العدد يقارب ثلثي الأسر المغربية، وهذا يبين أن هناك العديد من الأشخاص يشتغلون بالقطاع المنظم لكن لا يتوفرون على التغطية الاجتماعية، وهذا يدفعنا إلى المطالبة بتغيير هذه السياسات وتقوية القطاع المنظم وتوسيع الحماية الاجتماعية للمواطنين لكي تشمل جميع العمال المستقلين من صناع تقليديين وتجار صغار وغيرهم، كذلك لدينا إشكال كبير هم المسنون بحيث إن ثلثي المسنين لا يتوفرون على تقاعد، ومن الضروري بذل مجهود لتوسيع التقاعد ومنح دعم خاص للمسنين، وتطوير الحماية الاجتماعية، كما اقترحنا كذلك بذل مجهود لتقوية المقاولات الصغرى والمتوسطة، لتكون لها القدرة لخلق مناصب الشغل وخاصة لحاملي الشهادات، وكذلك دعم الطبقة المتوسطة، من خلال دعم قدرتها الشرائية، وقدمنا تعديلات في قانون المالية المعدل تهدف إلى تخفيض الضريبة على الدخل بالنسبة للفئات المتوسطة والهشة، من خلال احتساب نفقات التمدرس بالقطاع الخاص لخصمها من الضريبة على الدخل وخصوصا في هذه الظروف، والحكومة تقول إنها غير مستعدة لاستقبال تلاميذ القطاع الخاص لدمجهم بالقطاع العمومي، وهذا غير مقبول لأن التعليم حق مكفول بالدستور، وينبغي أن يكون الولوج له متاحا للجميع وعلى قدم المساواة.
-توجهون انتقادات لاذعة لبعض الإصلاحات الحكومية، مثل إصلاح أنظمة التقاعد وصندوق المقاصة، هل يعني ذلك أن هذه الإصلاحات فاشلة؟
بالضبط، أشكرك على هذا السؤال، وهذا هو الإشكال الحقيقي الذي كان عندنا مع الإخوان في الحكومة السابقة، لأننا نعتبر إصلاح المقاصة لا يمكن أن يكون مرتبطا فقط بتحرير الأسعار وحذف الدعم، بدون أن يكون مرفوقا بإجراءات موازية لحماية القدرة الشرائية للمواطنين، لأن الحكومة وفرت مبالغ مالية مهمة من نفقات المقاصة، لكن لم تذهب في اتجاه تقوية القدرة الشرائية للمستهلكين، كل ما وقع هو رفع هامش ربح الشركات بشكل مبالغ فيه على حساب القدرة الشرائية وعلى حساب تنافسية المقاولات الوطنية، وبالتالي هنا يكمن دور الدولة في ضبط الاقتصاد ويكون منظور مهيكل للإصلاح، لأن الإصلاح ليس عملية محاسباتية، وإنما يكون له بعد اقتصادي واجتماعي لتقوية قدرات ومناعة البلاد، مثلا بعد ارتفاع سعر البترول كان هناك توتر اجتماعي، كما وقع في المقاطعة، وأثناء حملة المقاطعة، اقترحنا في سنة 2018، تعديل قانون المالية، لان الإشكال الحقيقي هو حماية القدرة الشرائية، واقترحنا تسقيف الأسعار.
بالنسبة للتقاعد، كنا نطالب بإصلاح شمولي للوصول إلى نظام القطبين، قطب عمومي وقطب خاص، ثم بعد ذلك نظام موحد في المرحلة الثانية، لأن نظام الوظيفة العمومية لا يسمح بإنقاذ أنظمة التقاعد، مهما كانت الحلول المقترحة، ولو بالزيادة في سنوات التقاعد والرفع من الاقتطاعات، ولو بتوسيع قاعدة الموظفين لتمويل الأنظمة، ما يتطلب الزيادة في الجبايات، وهذا غير ممكن، لأن هناك حدا لا يمكن تجاوزه، اليوم كتلة الأجور تمثل أكثر من 75 في المائة من المداخيل الجبائية، إذن نحن نقترح نظام القطبين، لخلق توازن، ثم بعد ذلك توحيد النظام لضمان استمراريته، لأن القطاع الخاص قادر على خلق مناصب الشغل.
-أبانت جائحة كورونا عن الحاجة إلى إصلاحات حقيقية، كيف تعامل المغرب لتدبير الجائحة، وما هي مقترحاتكم للإقلاع الاقتصادي؟
المقاربة الملكية كانت مقاربة شمولية واستباقية ذات بعد إنساني وصحي، وأنقذت البلاد من كارثة حقيقية نتيجة هذه الجائحة، وسجلنا ارتفاع منسوب الثقة في الدولة، وقلنا يجب استغلال هذا المنسوب ورفعه من خلال اتخاذ عدة تدابير ذات بع اجتماعي واقتصادي وبيئي تهدف في الواقع إلى ركيزتين، أولا العمل على تقوية السيادة الوطنية لضمان الأمن الغذائي والصحي والطاقي والأمن المائي للمواطنين والمواطنات، لأن هناك العديد من المناطق تعاني من العطش ومن الخصاص المائي، وهذا غير معقول، لأن الحكومة كانت لديها وتيرة بطيئة جدا في إنجاز السدود، ما يرفع من تكلفتها المالية.
واعتبرنا، من جهة أخرى، من الضروري وضع سياسة للإنقاذ، إنقاذ المواطن من الفقر والبطالة، وإنقاذ المقاولة من الإفلاس، واقترحنا تشجيع استهلاك المنتوج المغربي، واقترحنا إنقاذ القطاعات الأكثر تضررا مثل السياحة والصناعة التقليدية، ونحن نعرف أن هذه الأزمة ستدوم، واعتبرنا جعل كل المبادرات تكون مشروطة بالتشغيل لإعادة إنعاش البعد الاجتماعي في العملية الاقتصادية.
لكن تبين مع الأسف أن الحكومة وجدت صعوبة في تدبير مرحلة ما بعد الحجر الصحي، ويظهر ذلك من خلال الارتجالية الكبيرة في اتخاذ القرارات، وهناك تدابير متناقضة، بل أكثر من ذلك الحكومة خلقت عند المواطن خوفا من المستقبل، نتيجة هذا التدبير العشوائي وغير الواضح، وهذا طبيعي لأن الحكومة لا تتوفر على رؤية، بالإضافة إلى غياب تواصل في المستوى لتوضيح بعض القرارات، وعلى سبيل المثال القرار الأخير بإغلاق ثماني مدن قبل عيد الأضحى بمهلة لا تتجاوز 5 ساعات، وما تسبب فيه من مظاهر الفوضى وبعض الحوادث بسبب الاكتظاظ والازدحام بالطرقات والمحطات.
لذلك، يجب وضع تعاقد اجتماعي جديد، وهذا طالبنا به يوم 11 يناير الماضي، نقول فيه إن السياسات يجب أن تحقق هدفين رئيسيين، الأول هو حماية المواطنين والفاعلين الاقتصاديين والاجتماعيين، والهدف الثاني هو إعطاء الاعتبار للمواطن المغربي، ومن خلال بعض القرارات المتخذة، لأن هناك استهتارا بالمواطنين.
-في إطار معالجة تداعيات الأزمة، وضعت الحكومة قانونا معدلا للمالية، ما موقفكم من هذا القانون، وهل هذا الإجراء يشكل إجابة عن واقع الأزمة؟
القانون المالية التعديلي، نحن من طالبنا به، وبالتالي نسجل بشكل إيجابي تفاعل الحكومة مع هذا المطلب، ثانيا الحكومة أخذت بالعديد من المقترحات التي تقدمنا بها في ما يتعلق باستئناف النشاط الاقتصادي وخصوصا ما هو مرتبط بتقليص رسوم التسجيل على العقار، وهذا سيكون في صالح المواطنين الذين يقتنون عقارات للسكن، لكن في العموم اعتبرنا أن هذا القانون يهيمن عليه البعد المحاسباتي ولم يرسم رؤية واضحة للمستقبل، لم يحدد بدقة كيفية الإنعاش الاقتصادي، والحكومة نسيت الطبقة الوسطى لم تقترح أي إجراء لصالحها لتحسين ظروفها ومواجهة التحديات، كذلك الجانب المرتبط بالتشغيل، اقترحنا توسيع التحفيزات لكل مقاولة تخلق فرص الشغل، لكن الحكومة قامت بالعكس منحت الإمكانية للمقاولة بتسريح 20 في المائة من مستخدميها، ورغم ذلك ستستفيد من الدعم، وهذا تشجيع على تسريح العمال، ونحن في أمس الحاجة للحفاظ على الشغل، وحماية العمال. كذلك تم التراجع عن الأولويات، مثلا تقليص ميزانية التعليم، ونحن مقبلون على الدخول المدرسي، الذي يتطلب توفير إمكانيات كبيرة لدعم التلاميذ لتلقي التعليم عن بعد في حالة استمرار الجائحة.
-باعتباركم كُنتُم وزيرا للاقتصاد والمالية، في نظركم، كم ستدوم تداعيات أزمة كورونا على الاقتصاد الوطني؟
حسب التوقعات، فإن أزمة كورونا ستدوم على الأقل ثلاث سنوات، وبالتالي تنتظرنا سنوات صعبة جدا. في السنة المقبلة قد نحقق نموا، لكنه لن يكون كافيا لامتصاص تداعيات الانكماش الاقتصادي لهذه السنة. والرهان هو أن تكون سنة 2022 بداية استرجاع القدرات القمينة بالانطلاقة من جديد خلال سنة 2023، وهذا راجع إلى القرارات التي ستتخذها الحكومة، إذا كانت قرارات صائبة ومدروسة سنتجاوز الأزمة، أما إذا بقيت القرارات العشوائية فإن الأزمة ستطول.
-كذلك النمو الاقتصادي مرتبط بمدى التقدم في محاربة اقتصاد الريع والفساد، هل حققت الحكومة تقدما في هذا المجال؟
المغرب قطع خطوات مهمة في إطار محاربة الفساد والرشوة، ويظهر ذلك من عدد المتابعين أمام المحاكم العادية ومحاكم جرائم الأموال، وهذا الأمر انطلق مع حكومة عباس الفاسي، حيث وقع تطور سواء على مستوى توسيع اختصاصات الهيئة الوطنية للنزاهة ومحاربة الرشوة، وفي مجال الحكومة الإلكترونية، التي تمنح شفافية أكبر وتساهم في تقليص السلطة التقديرية للإدارة، لكن هذا الورش الإصلاحي مازال بطيئا.
أما الريع، فنعتبر أن هناك توجها للحكومة للمضي في اقتصاد الريع، لأن هناك العديد من القوانين وضعتها الحكومة على المقاس، وهذا غير مقبول، ثانيا مجلس المنافسة ظل معطلا رغم إخراج قانون جديد منحه إمكانيات وصلاحيات كبيرة، ولكن بعد تعيين الرئيس والأعضاء الجدد بعد حملة المقاطعة، نتابع اليوم تذبذبا في التعامل مع ملف المحروقات، من خلال التصريحات والتصريحات المضادة، والتسريبات والتسريبات المضادة، ولحدود الآن لم يخرج أي قرار، وهذا يكشف وجود إشكال حقيقي في مدى قدرة هذه المؤسسة التي يمنحها الدستور الاستقلالية والسلطات التقريرية على الاضطلاع بأدوارها. وهذا يفسر سرعة التدخل الملكي السامي طبقا للدستور من أجل أن تعاد الأمور إلى نصابها بعيدا عن الاعتبارات الشخصية أو الفئوية التي قد تكون أخلت بحسن سير هذه المؤسسة الحاسمة في تقنين النشاط الاقتصادي والسهر على الالتزام بشروط المنافسة الشريفة، واحترام حقوق المواطنين، وتحسين مؤشرات مناخ الأعمال ببلادنا في جذب الاستثمارات.
لذلك يجب القطع مع اقتصاد الريع، من خلال تطوير الاقتصاد وضمان المنافسة الشريفة، وتقوية أجهزة الحكامة، وتجريد القوانين من أية مصالح شخصية أو محاباة اللوبيات.
-أثناء انتخابكم أمينا عاما لحزب الاستقلال، وضعتم استراتيجية لتطوير أداء الحزب تنظيميا وسياسيا، كيف هي وضعية الحزب في الوقت الراهن؟
اليوم حزب الاستقلال وجد فريقا يشتغل بكيفية منسجمة، وقطعنا أشواطا في تطوير أداء الحزب، اتفقنا على تنزيل المشروع الذي قدمته لانتخابي في المؤتمر السابع عشر، وهذه الاستراتيجية أصبحت استراتيجية الحزب ككل، وشرعنا في تطبيقها، وكان الهدف هو تقوية تنظيمات وهياكل الحزب، والقيام بدور أساسي في الترافع على قضايا المواطنين والمواطنات وتقوية القوة الاقتراحية للحزب وتقديم البدائل اللازمة بالنسبة للبلاد، وقلنا من الضروي العمل على تعزيز وتقوية المصالحة الداخلية ما بين مكونات حزب الاستقلال، وأن ننظر إلى المستقبل عوض الارتكان إلى الماضي لتجاوز كل المشاكل، والحمد لله نجحنا في 99 في المائة في هذا المسعى، ونحن جاهزون لخوض غمار الانتخابات المقبلة. كذلك اعتمدنا البعد التشاركي حيث نظمنا منتدى التفكير التعادلي بمساهمة كل أُطر الحزب، ونظمنا ملتقى مع رؤساء جماعات الحزب، واتفقنا على الاستراتيجية المستقبلية، وعقدنا لقاءات مع الغرف المهنية لتطوير أدائها وتغيير القوانين، ونعقد لقاءات بشكل مستمر مع الفريقين البرلمانيين، وتم التركيز على تطوير الفكر الاستقلالي انطلاقا من أدبيات الحزب، من خلال إحياء أكاديمية التفكير والتكوين، بالإضافة إلى الأنشطة التي تقوم بها المرأة الاستقلالية والشبيبة الاستقلالية والروابط والجمعيات التابعة للحزب، وحضورها الميداني على مستوى شبكات التواصل خلال أزمة كورونا.
-هل تشتغلون على مشروع لتطوير السياسة التواصلية قبل الانتخابات؟
انطلقنا في هذا الأمر، قبل الجائحة كان عندنا مليون زائر أسبوعيا لصفحة الحزب بمواقع التواصل الاجتماعي، اليوم وصلنا إلى ثمانية ملايين زائر أسبوعيا، إذن ضاعفنا حضورنا ثماني مرات بمواقع التواصل الاجتماعي، قمنا بتطوير إعلام الحزب المكتوب، ونشتغل على تطوير الإعلام الإلكتروني، وتقوية التواصل الداخلي، لأنه وسيلة رئيسية في عملنا، نحن في اتصال مستمر مع المفتشين والمناضلين عبر تطبيق ذكي يستعمله أعضاء الحزب للتواصل في ما بينهم، لتطوير أدائنا، ولدينا مشروع خلق قناة إلكترونية.
-هل ستكون هذه القناة دائمة أم مرتبطة بالانتخابات؟
ستكون مستمرة، لأن الانتخابات تكون لحظة عابرة، نحن نراهن على تطوير تواصلنا مع المواطنين.
-مع إعلان وزير الداخلية عن تنظيم الانتخابات، خلال السنة المقبلة، هل حزب الاستقلال على أتم الاستعداد لخوض غمار هذه الاستحقاقات؟
نحن نشتغل على مدار السنة، ولدينا عمل مستمر، حيث نجحنا في إعادة هيكلة الحزب بعد تحقيق المصالحة الداخلية، وحزب الاستقلال حاضر بالمغرب كله عبر هياكله التنظيمية، التي تقوم بالتأطير والتواصل مع المواطنين، كذلك وضعنا في شهر ماي 2019، خطة للعمل على تفعيل الاستراتيجية الانتخابية للحزب، وعقدنا قبل الجائحة عدة لقاءات، كما عقدت اللجنة التنفيذية خلوتين لتدقيق هذه الخطة، وناقشنا هذه الخطة مع البرلمانيين ولقاءات جهوية مع المفتشين والمنتخبين، وهي خطة واضحة قائمة على تصور وبالأرقام، لكن الجائحة أحدثت نوعا من الارتباك، كنا قررنا عقد جولات على المستوى الوطني خلال شهر مارس الماضي، لكن هذا لم يمنعنا من عقد لقاءات عن بعد، والآن بعد تخفيف الحجر الصحي كانت زيارات إلى العديد من المناطق.
-الخطة تكون مرتبطة بهدف، هل سيفوز حزب الاستقلال بالانتخابات المقبلة؟
هدفنا الأساسي هو استرجاع ثقة المواطنين والمواطنات، والهدف الأسمى هو تحقيق مشاركة كبيرة، إذا استطعنا من خلال العمل الذي نقوم به، ضمان مشاركة أقوى، للتعبير عن إرادة المواطنين، وأتمنى أن تكون إرادة التغيير أقوى، نحن سنكون جد سعداء بذلك، هدفنا كحزب طبعا هو أن نكون في صدارة الانتخابات المقبلة، ومعلوم أن هذا يتطلب حضورا بالمدن وتقوية الحضور بالعالم القروي وبالغرف المهنية كذلك، وتقوية النخب التي ستمثل الحزب أحسن تمثيل، لذلك نشتغل على ميثاق أخلاقي للمرشحين لخدمة المواطنين، لأن الهدف هو استرجاع الثقة بين الناخب والمنتخب.