في الوقت الذي فتحت وزارة المالية ورشا كبيرا يتعلق بحل مؤسسات عمومية وتجميع أخرى لتقليص النفقات في عز تداعيات الأزمة الاقتصادية والاجتماعية التي خلفها تفشي فيروس كورونا، تفعيلا للخطاب الملكي بمناسبة عيد العرش، بدأ وزراء آخرون في فتح ورش توزيع المناصب على المقربين منهم حزبيا، من خلال الإعلان عن مباريات حول مناصب المسؤولية في سباق مع الزمن قبل نهاية الولاية الحكومية، وقبل حلول موعد الاستحقاقات الانتخابية المزمع إجراؤها خلال السنة المقبلة، حيث أعلن وزير التجهيز والنقل، عبد القادر اعمارة، عن فتح 11 منصبا للتباري، تتعلق بمديرين إقليميين للتجهيز، والكل يعرف الدور الانتخابي لهذه المناصب، وعلاقة ذلك برؤساء الجماعات.
وهناك ورش آخر بقي مجمدا له علاقة بالتعليمات الواردة في الخطاب الملكي، وهو ورش الإصلاح الشامل والمندمج للإدارة العمومية الذي يكتسي طابعا استعجاليا، لكن الحكومة، عوض التجاوب مع التوجيهات الملكية، فهمت الإصلاح بـ"المقلوب"، وهو إصلاح وضعية المقربين وأتباع الأحزاب المشكلة لتحالف الأغلبية الحكومية، باقتسام "وزيعة" المناصب العليا ومناصب المسؤولية داخل الإدارات، حيث حطمت الحكومة الرقم القياسي في التعيينات التي تجاوزت ألف تعيين في المناصب السامية، بالإضافة إلى آلاف التعيينات في مناصب المسؤولية، دون أن يظهر للمواطن أي تغيير على أرض الواقع.
هذه الأرقام، تكشف "لهطة" أحزاب الأغلبية التي تقود الحكومة، لـ"تبليص" المحسوبين عليها بالمناصب التي توفر لأصحابها امتيازات مادية ومعنوية متعددة، بحيث تحولت المجالس الحكومية إلى مناسبة لتوزيع "كعكة" المناصب، بالاعتماد على منطق القرابة والمحسوبية، في حين يتم تهميش الأطر والكفاءات غير المنتمية سياسيا، وهنا يظهر أن هناك من يفكر لإيجاد حلول للأزمة، وهناك من يفكر بمنطق الحسابات الانتخابية الضيقة.