ما قاله وزير الاقتصاد والمالية، محمد بنشعبون، أمام لجنة المالية بالبرلمان، حول وجود جيوب لمقاومة الإصلاح داخل المقاولات والمؤسسات العمومية، يكشف جزءا من أسباب الأزمة البنيوية المزمنة التي تعرفها هذه المؤسسات، التي تحولت بقدرة قادر في السنوات الأخيرة إلى وسيلة لجني الامتيازات والترقي الطبقي لأبناء المحظوظين في هذا البلد السعيد.
لذلك، لا نستغرب من كلام الوزير، لأنه بكل بساطة تحولت العديد من المقاولات والمؤسسات العمومية الكبرى إلى أكبر مرتع للريع والامتيازات "السمينة"، حيث نجد أن أجور كبار الأُطر ببعض المؤسسات تصل إلى 30 مليون سنتيم شهريا، فيما يتقاضى موظفون بهذه المؤسسات أجورا تفوق تعويضات الوزراء، والكل يعرف طرق وأساليب التوظيف بهذه المؤسسات، والتي غالبا ما تكون فيها المناصب محتكرة لأبناء الميسورين والنافذين، والتعيين في مناصب المسؤولية بها يكون بمنطق العلاقات العائلية والحزبية، وهناك مؤسسات تابعة لبعض الوزراء في الحكومة تحولت إلى "بؤرة" حزبية، حيث ينعم الأصدقاء والأتباع بكل الامتيازات إلى حد التخمة، رغم أن هذه المقاولات تتخبط في المشاكل وتغرق في الديون وتشكل عبئا ماليا على ميزانية الدولة، كما ورد في التقرير الذي أنجزه المجلس الأعلى للحسابات.
إذن الإصلاح الذي أعلنه الوزير في إطار تنزيل مضامين الخطاب الملكي بمناسبة عيد العرش، يؤكد أن هناك إرادة حقيقية قوية للقطع مع الماضي، وذلك بحل بعض المؤسسات وإدماج أخرى لتشكيل أقطاب كبرى تحت إشراف وكالة وطنية لتدبير الاستثمارات الاستراتيجية، ما سيحرم عددا كبيرا من المسؤولين والسياسيين من "بزولة" الريع، ومن الطبيعي أن يقاوموا بكل قوتهم أي إصلاح جذري للحفاظ على امتيازاتهم.