تزامنا مع وصول تجارب إنتاج لقاح مضاد لفيروس كورونا إلى مراحل متقدمة، وإعلان كل من روسيا والصين عن تسجيل أول لقاح في العالم، أكد وزير الصحة، خالد آيت الطالب، أول أمس الاثنين، أن المغرب سيشارك في التجارب السريرية المتعلقة ب «كوفيد 19»، للحصول على الكمية الكافية من اللقاح المضاد للفيروس في آجال مناسبة.
تموقع لإيجاد اللقاح
أوضح آيت الطالب، في تصريح للصحافة، أن "المملكة ستنخرط، وعلى غرار عدد من الدول، في تجارب سريرية لهذا اللقاح، نظرا لتوفرها على الترسانة القانونية الكافية لتأطير هذا اللقاح"، وذلك من أجل تمكين المغرب من تحقيق الاكتفاء الذاتي أولا، والتموقع للحصول على الكمية الكافية من اللقاح في الوقت المناسب ثانيا، وأيضا لتحويل الخبرة حتى يتمكن مستقبلا في العاجل القريب من تصنيع اللقاح. وأشار إلى أن المملكة، التي تضع صحة المواطنين والمواطنات في صلب الاهتمام، تعمل منذ البداية مع شركائها، في إطار اتفاقيات شراكة مع عدد من الدول، وذلك من أجل إيجاد اللقاح، مذكرا بأن الإجراءات الاستباقية أعطت نتائج مهمة، واليوم، يضيف آيت الطالب، "وفي إطار التسابق على اللقاح الذي سيشكل مصدر ندرة والذي أعطت مراحله التجريبية الأولى والثانية نتائج واعدة"، فإن المغرب يحاول، في إطار اتفاقيات الشراكة هذه، التموقع لإيجاد اللقاح للمواطنين.
رحلة البحث عن المضادات الحيوية
بخصوص كيفية إجراء هذه التجارب، أوضح البروفيسور مصطفى الناجي مدير مختبر علم الفيروسات بكلية العلوم التابعة لجامعة الحسن الثاني بالدار البيضاء، في تصريح لـ "تيلي ماروك"، أن التجارب السريرية تشرف عليها الشركات التي تنتج اللقاحات وفق بروتوكول واضح يحدد شروط وكيفيات إنجاز هذه التجارب وعدد الأشخاص المطلوبين لإنجازها، وذلك بعد موافقة الأشخاص المتطوعين، ويجب إخضاع هؤلاء الأشخاص لمختلف التحاليل الطبية للتأكد من عدم حملهم أو إصابتهم سابقا بالفيروس، وكذلك عدم إصابتهم بأمراض أخرى، وأضاف الناجي أنه بعد هذه المرحلة، يتم تحديد مكان إجراء التجارب، ويكون معروفا لدى الجهات الوصية من أجل توفير الحماية الطبية والقانونية للأشخاص المتطوعين أثناء التجارب وبعدها.
وأكد الناجي، أن الهدف من هذه التجارب السريرية هو البحث عن المضادات الحيوية بعد تلقيحهم ضد الفيروس، مشيرا إلى أن مثل هذه التجارب معمول بها في كل دول العالم، وجميع الشركات التي تنتج الأدوية واللقاحات تقوم بتجارب سريرية لاختبار مدى فعاليتها، لذلك تبحث عن متطوعين من مختلف البلدان للتأكد من نجاعتها، وأن من ضمن مطالب الشركات التي تنتج هذه اللقاحات هي مشاركة الدول الراغبة في الحصول عليها بتلك التجارب، واعتبر الناجي إعلان وزير الصحة عن مشاركة المغرب في التجارب السريرية سيجعله من البلدان التي ستحصل على اللقاح بالأسبقية، وبخصوص المختبرات التي سيتعاقد معها المغرب لإجراء هذه التحاليل، كشف الناجي، أن هناك حاليا خمس دول أعلنت عن وصولها إلى مراحل متقدمة في تطوير اللقاح بعد تجاوز المراحل الأولى، ولذلك لا أحد يمنع المغرب من المشاركة في جميع هذه التجارب.
قانون حماية المشاركين في الأبحاث البيوطبية
في ما يخص الترسانة القانونية لحماية المغاربة الذين سيتطوعون للمشاركة في هذه التجارب، يتوفر المغرب على القانون رقم 28.13 المتعلق بحماية الأشخاص المشاركين في الأبحاث البيوطبية، صدر سنة 2015، وينص القانون على مبادئ إنجاز الأبحاث البيوطبية، وهي احترام حياة الشخص وصحته وسلامته البدنية والنفسية وكذا كرامته وخصوصيته، والتطوع، والموافقة المتنورة والصريحة للشخص المشارك في البحث المذكور واستقلالية قراره، والطبيعة غير التجارية للجسم البشري، واحترام قواعد حسن إنجاز الأعمال السريرية لضمان جودة البحث البيوطبي، ويمنع القانون أي أجنبي من المشاركة في بحث بيوطبي ما لم يكن في وضعية قانونية إزاء النصوص التشريعية المتعلقة بدخول وإقامة الأجانب بالمملكة المغربية وبالهجرة غير المشروعية.
ويتضمن القانون أحكاما تتعلق بالأشخاص المشاركين في الأبحاث البيوطبية، حيث يجب قبل إجراء أي بحث بيوطبي على أي شخص ومهما كانت الغاية منه، الحصول على موافقته الحرة والمتنورة والصريحة، بعد أن يقدم له الباحث أو الطبيب الذي يمثله شفويا وبواسطة وثيقة مكتوبة باللغة التي يتواصل بها، الإيضاحات والمعلومات التي تهم على الخصوص، حقوقه المنبثقة عن هذا القانون، والهدف من البحث ومنهجيته ومدته، والإكراهات والأخطار المتوقعة، والمنافع المنتظرة، والبدائل الطبية المحتملة، ويمكن للشخص المعني أن يستعين بأي شخص من اختياره على فهم الإيضاحات والمعلومات المذكورة سابقا، غير أنه إذا كان الشخص المعني في وضعية سريرية تحول دون الحصول على موافقته المسبقة، وجب طلب الموافقة المكتوبة من أحد أفراد عائلته وفقا لنفس الشروط، ويجب إخبار الشخص المعني بالبحث الذي يجرى عليه بمجرد ما تسمح حالته الصحية بذلك، وتصبح موافقته عندئذ ضرورية لاستكمال البحث.
كما يضمن القانون حقوق الأشخاص المشاركين في الأبحاث البيوطبية، وحسب القانون، لكل شخص يشارك في بحث بيوطبي الحق في حماية حياته وصحته ولسلامته البدنية وتوازنه النفسي وكرامته، ويجب على المتعهد والباحث والمتدخلين أن يتخذوا جميع الإجراءات الكفيلة بضمان هذه الحماية، لا سيما تلك المنصوص عليها في أحكام هذا القانون والنصوص المتخذة لتطبيقه وكذا في كل نص تشريعي أو تنظيمي جاري به العمل يتعلق بحقوق الإنسان، وكذا الإجراءات التي كرستها قواعد أخلاقيات المهنة، ويجب كذلك على المتعهد والباحث والمتدخلين اتخاذ جميع التدابير اللازمة للحد من الآثار السلبية التي يخلفها البحث على السلامة البدنية والتوازن النفسي للشخص المشارك في البحث، ويجب أن يستفيد المشاركون قبل إجراء أي بحث، من فحص سريري تليه كل الكشوفات الطبية التي تعتبر مفيدة، ولا يمكن القيام بالبحث إلا إذا خلت نتائج تلك الكشوفات من أي مانع له.