في تطور مثير لما أصبح يعرف بأزمة تعيينات «ضباط الكهرباء»، يعرف مجلس النواب «بلوكاج» حقيقيا تزامنا مع اقتراب موعد افتتاح السنة التشريعية في بداية الشهر المقبل، حيث قاطعت الفرق البرلمانية كل الاجتماعات التي دعا إليها رئيس المجلس، الحبيب المالكي، أول أمس الاثنين، بما في ذلك اجتماع مكتب المجلس واجتماع رؤساء الفرق واجتماع اللجنة الموضوعاتية حول الصحراء.
وأفادت مصادر من مكتب المجلس، بأن أعضاء المكتب قرروا مقاطعة كل الاجتماعات المبرمجة إلى حين الحسم في قضية التعيينات الانفرادية لثلاثة أعضاء في الهيئة الوطنية لضبط الكهرباء، كلهم ينتمون إلى حزب الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية، الذي ينتمي إليه الرئيس، دون التشاور أو إخبار باقي أعضاء مكتب المجلس، فيما وجه رؤساء الفرق رسائل إلى المالكي من أجل برمجة اجتماع لمكتب المجلس واجتماع آخر مع رؤساء الفرق لمناقشة نقطة فريدة تتعلق بهذه التعيينات. وحسب المصادر ذاتها، فقد وافق المالكي على برمجة اجتماع يوم الاثنين المقبل سيخصص لتدارس هذه النقطة، ولم يستبعد عبد اللطيف وهبي، الأمين العام لحزب الأصالة والمعاصرة، اللجوء إلى الديوان الملكي لطلب تحكيم ملكي بخصوص هذه التعيينات، تفاديا لوقوع أزمة دستورية داخل المؤسسة التشريعية.
وتسببت التعيينات الأخيرة لستة أعضاء بمجلس الهيئة الوطنية لضبط الكهرباء من طرف رئيس مجلس النواب، الحبيب المالكي، ورئيس مجلس المستشارين، حكيم بنشماش، (تسببت) في أزمة برلمانية، بعد اقتسام المناصب الستة بين حزبي الأصالة والمعاصرة والاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية، وإقصاء باقي مكونات مجلسي البرلمان، وذلك بتعيين أعضاء ومقربين من حزبيهما في المناصب الستة التي يمنح لهما القانون صلاحيات التعيين بها، حيث عين المالكي ثلاثة أعضاء وهم، مصطفى عجاب، عضو المكتب السياسي لحزب الاتحاد الاشتراكي، والمهدي مزواري، البرلماني السابق وعضو المكتب السياسي للحزب، بالإضافة إلى الصغير باعلي، وبدوره عين بنشماش ثلاثة أعضاء، وهم البرلماني السابق والقيادي بحزب الأصالة والمعاصرة، أحمد التهامي، ومحمد بدير، عضو المجلس الوطني للحزب، وخالد هنيوي. وكان التهامي وبدير يشتغلان خبراء لدى فريق «البام» بمجلس النواب، قبل إعفائهما من طرف عبد اللطيف وهبي بعد وصوله إلى كرسي الأمانة العامة للحزب.
ويتألف المجلس، علاوة على الرئيس، من ثلاثة أعضاء يعينون بمرسوم، يتم اختيار الأول بالنظر إلى كفاءته في مجال القانون، والثاني بالنظر إلى كفاءته في المجال المالي، والثالث بالنظر إلى كفاءته في مجال الطاقة، وستة أعضاء يعينهم رئيسا مجلسي البرلمان، ويتلقى أعضاء المجلس تعويضات شهرية تقارب سبعة ملايين سنتيم.
ووجه أعضاء مكتب مجلس النواب من مختلف الفرق النيابية، رسالة إلى رئيس المجلس، يطلبون من خلالها عقد اجتماع عاجل للمكتب للتداول في قرارات تعيينه ثلاثة أعضاء بمجلس الهيئة الوطنية لضبط الكهرباء، وهو الأمر الذي لم يكن لأعضاء المكتب سابق علم به، ولم يعرض على أي اجتماع من اجتماعات المكتب بأي شكل من الأَشكال، حسب النائب الأول للرئيس، سليمان العمراني، عن حزب العدالة والتنمية، كما وجهت فرق ومجموعة المعارضة النيابية رسالة مماثلة، عبرت من خلالها عن استغرابها للقرارات الصادرة بالجريدة الرسمية، والتي تم بموجبها تعيين ثلاثة أعضاء بمجلس الهيئة الوطنية لضبط الكهرباء، واعتبرت أن هذه القرارات تضرب في العمق روح ومنطوق مقتضيات النظام الداخلي لمجلس النواب وخاصة المادة 247 منه، والتي تشدد على أن تسهر رئاسة المجلس في التعيينات الشخصية الموكولة للرئيس قانونا في المؤسسات الدستورية وهيئات حماية الحقوق والحريات والحكامة الجيدة والتنمية البشرية والمستدامة والديمقراطية التشاركية، على مراعاة مبادئ التمثيلية والتناوب والتنوع والتخصص والتعددية.
وبعد احتجاج فرق المعارضة وأعضاء مكتب مجلس النواب على انفراد رئيس المجلس، الحبيب المالكي، بتعيين ثلاثة «ضباط الكهرباء» من حزب الاتحاد الاشتراكي، انتقلت الأزمة إلى مجلس المستشارين، بعد انفراد رئيسه كذلك بتعيين ثلاثة أعضاء ينتمون إلى حزب الأصالة والمعاصرة في المناصب الثلاثة المخصصة له، حيث وجهت فرق العدالة والتنمية والاستقلال والحركة الشعبية رسالة احتجاج إلى بنشماش بخصوص قرارات تعيين ثلاثة أعضاء بمجلس الهيئة الوطنية لضبط الكهرباء، واعتبرت الفرق الثلاثة أن هذه التعيينات اتخذها رئيس مجلس المستشارين بكيفية انفرادية ودون التشاور مع أعضاء المكتب ورؤساء الفرق البرلمانية ودون احترام المنهجية التي تم التوافق حولها سابقا مع رؤساء الفرق بخصوص التعيين في المؤسسات الدستورية وهيئات حماية الحقوق والحريات والحكامة الجيدة والتنمية البشرية والمستدامة والديمقراطية التشاركية، وطلبت الفرق الموقعة على الرسالة بعقد اجتماع حضوري عاجل لرؤساء الفرق وأعضاء مكتب المجلس للتداول بشأن حيثيات هذه التعيينات التي عبرت الفرق الثلاثة عن رفضها واحتجاجها على الكيفية التي تمت بها والتي تخالف مقتضيات النظام الداخلي واجتهادات وآراء المحكمة الدستورية، ولا تحترم مبادئ التعددية والمناصفة والتخصص، وتسيء لصورة المؤسسة التشريعية.