أطلق وزراء حزب العدالة والتنمية في الربع ساعة الأخيرة من عمر الحكومة سباقا محموما للتعيين في المناصب العليا وتبليص المقربين في مراكز صناعة القرار العمومي، كما فعل وزير الدولة المكلف بحقوق الإنسان والعلاقات مع البرلمان الذي عين عضوا بالمجلس الوطني للبيجيدي مديرا للشؤون المالية والإدارية، فيما عين عبد العزيز رباح مؤخرا مديرا للمراقبة والتقييم البيئي، وستعين قريبا جميلة مصلي مفتشا عاما لوزارتها، في انتظار تعيينات أخرى.
لا أحد يشكك في حق أي وزير في تعيين مسؤولين كبار بوزارته ولو بقيت في عمره الانتدابي دقيقة واحدة، لكن الأمر يطرح شكوكا أخلاقية وتوجسات واقعية ويمس بمقاصد التعيينات التي منحها الدستور الأخير للوزراء كمظهر من مظاهر النظام الملكي البرلماني. فالدستور والقوانين حينما سمحت لرئيس الحكومة ولوزرائه بسلطة الاقتراح والتعيين فإن الغرض من ذلك، كان هو تحميل أعضاء الحكومة القائمة مسؤولية الاختيار ونتائجه، وربطت ذلك بمشاريع لتطوير أداء المرفق العمومي وتحسين خدماته خلال مدة كافية من الولاية الانتدابية.
والحال أن الوزراء يعينون مسؤولين كبار وهم يدركون أن ساعتهم الوزارية اقتربت وهذا يعني شيئا واحدا: أن وزراءنا ليسوا في مستوى المسؤولية وأنهم يتعاملون مع قاعدة دستورية مهمة بمنطق «الغنيمة» التي يظفر بها الحزب في غزواته السياسية. لذلك من باب الأخلاق السياسية واحترام روح الدستور ينبغي لوزراء الحكومة أن يتوقفوا عن تعيينات آخر لحظة حتى لا يلزموا الوزراء اللاحقين لهم باختيارات لا تتوافق مع توجهات حكومتهم.