في زمن محدود، تحول المغرب إلى قبلة لتحركات سياسية ودبلوماسية وأمنية مكثفة ومتسارعة، قاسمها المشترك هو قدرة بلدنا على المساهمة في إيجاد حلول لجزء من المشاكل الإنسانية والتوترات الإقليمية.
لقد أظهر القرار الذي اتخذته السلطات الصينية، الذي بموجبه سيحصل المغرب على امتياز تصنيع وتسويق اللقاح الصيني ضد كوفيد 19 في إفريقيا، وأن يتحول بلدنا إلى محطة لتسويق لقاح كورونا الصيني، المصنع محليا، نحو بلدان القارة الإفريقية ودول الجوار، ورهان الديبلوماسية الأمريكية على الموقف المغربي من أجل حلحلة قضية السلام في الشرق الأوسط في انتظار زيارة جاريد كوشنر، كبير مستشاري الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، والعودة القوية للمغرب إلى قلب ملف النزاع الليبي بعد فشل خيار التدخلات الإقليمية، كل ذلك يؤكد أن المغرب نجح، بفضل قيادة الملك محمد السادس في عز الوباء الذي يهدد الأمن والسلم الدوليين، أن يتحول إلى قبلة ديبلوماسية تخرجه من دائرة الظل إلى مرحلة التأثير في محيطه الإقليمي والدولي، والتحرك كلاعب فاعل في مختلف القضايا ذات الطابع الاستراتيجي.
فالمغرب لم يعد يسعى إلى كسب رضا الدول الكبرى، بل انتقل إلى سعي القوى الكبرى لتنسيق المواقف معه في ما يخص قضايا المنطقة، سيما الأزمة في ليبيا والسلام بالشرق الأوسط ومخاطبة إفريقيا، بما يتوفر عليه من أساس صلب ومقومات استراتيجية، تجعله فاعلا لا يُستهان به في قضايا المنطقة الإقليمية، ويجعل منه الحليف الأهم للقوى الكبرى مهما تضاربت مصالحهم في الشرق الأوسط وإفريقيا على كافة المستويات.
لكن أهم درس يمكن أن نستقيه من إقبال الصين وأمريكا وفرنسا على الدور المغربي، يعكس حقيقة جديدة مفادها أن ديبلوماسيتنا تجاوزت منطق الولاء للأحلاف التقليدية، وأصبحت تجعل من معيار الربح والخسارة ضابط السياسة الخارجية ومحددا جوهريا في قراراتها، أما الانفعالات الديبلوماسية والاصطفافات التقليدية فهي ترف لم يعد له جدوى ساعة الجد.