سادت حالة من الارتباك ليلة أول أمس الأحد، قرارات حكومية ولائية وعمالية بالجملة تتساقط على رؤوس الملايين من الأسر دون سابق إنذار، قرارات بإغلاق المدارس في بعض المناطق وبتأجيل الامتحانات الجامعية في مناطق أخرى. طبعا كل هذا السيل من قرارات آخر ساعة، لا تجد من يبررها للمستهدفين بها ولا من يشرح لملايين الأسر دواعيها. ولا تكاد تتوفر معلومات تفسر منطقياً القرار الذي اتخذ ولا قرار التراجع عنه، سوى بلاغات منتصف الليل التي لا تساهم سوى في بث الحيرة.
نتفهم حساسية الوضع الحرج الذي تمر به بلدنا ولن نخوض في عملية «جلد» قاسية للحكومة بسبب قراراتها المرتجلة، فهي تستحق ذلك وزيادة، لكن اللحظة لا تحتمل العبث والارتجال. وفي هاته اللحظة بالذات نحتاج حكومة قوية ومتمرسة نراهن عليها للخروج من هذا النفق المظلم لا أن تغرقنا بتهورها وتكتفي ببلاغات «نصاصات الليل».
صمتنا ولم نتهم الحكومة بالتسرع في اتخاذ قرار الدخول المدرسي أو برمجة الامتحانات الجامعية بشكل حضوري، لكن أن تتخذ الحكومة تلك القرارات ثم تصدر قرارات بالتراجع عنها في لمح بصر، فهذا يطرح سؤالا مهما حول الآلية التي تتخذ بها القرارات الحكومية؛ هل تخضع لنقاش وافٍ في مجلس الحكومة؟ هل يقدّم الوزير المعني مرافعته لباقي زملائه ورئيس الحكومة ليقنعهم باتخاذ القرار؟ هل توجد دراسات الجدوى لتلك القرارات؟ أم أن الأمور تسير بمنطق بالونات الاختبار وتجريب القرار والتراجع عنه في كل لحظة؟
في الحقيقة اتساع رقعة الوباء تثير الخوف والذعر لدى الرأي العام، لكن ما يثير أكثر من الذعر وما يدفع نحو التوجس والريبة هو أننا مسيرون من طرف حكومة لم تستفد من دروس الوباء بعد نصف سنة ومازالت تعيد نفس الأخطاء لكن بطرق أخطر.