تتواصل اجتماعات الحوار الليبي لليوم الثاني بمدينة بوزنيقة، بين وفدي المجلس الأعلى للدولة وبرلمان طبرق، فيما ينتظر أن يتوصل الطرفان إلى توافق حول عدد من الملفات المطروحة على طاولة الحوار، المستمر على مدار يومين، لحل الأزمة الليبية.
وبدأت بوادر التوصل إلى اتفاق أولي بين الأطراف الليبية، تلوح في الأفق، فقد أشاد كل من المجلس الأعلى للدولة الليبي وبرلمان طبرق (شرق)، عبر بيانين منفصلين، بجهود المغرب لحل الأزمة الليبية، ونوه الطرفان بـ«سعي المغرب الصادق وحرصه على توفير المناخ الملائم الذي يساعد على إيجاد حل للأزمة الليبية».
وأضاف البيانان أن الجهود المغربية تهدف إلى «الوصول لتوافق يحقق الاستقرار السياسي والاقتصادي، الذي من شأنه رفع المعاناة عن الشعب الليبي»، كما أبدى الطرفان رغبتهما في تحقيق توافق يصل بليبيا إلى بر الأمان وإنهاء معاناة المواطن الليبي.
وقد تواصلت المناقشات بعدما اعتبر الطرفان أن الجلسة الأولى «قد جرت في جو مناسب ومشجع ولا عقبات حتى الآن»، وتركزت المناقشات الأولى على المادة 15 من اتفاق الصخيرات خاصة على الهيئات الرقابية لمؤسسات الدولة.
وطغت أجواء التفاؤل على اليوم الأول من المشاورات التي تجري في بوزنيقة، ويعد هذا الاجتماع الأول الذي يضم مختلف الأطراف الليبية منذ عدة أشهر، بسبب تعثر مسار البحث عن مخرج للأزمة الليبية.
حوارات بوزنيقة.. نحو إذابة جليد الخلاف
قال رئيس لجنة الخارجية بمجلس النواب الليبي، يوسف عقوري، في افتتاح الاجتماعات يوم الأحد، «سنبذل قصار جهدنا لتجاوز الماضي، والتوجه لرأب الصدع والسير نحو بناء الدولة الليبية القادرة على إنهاء معاناة الليبيين وتحقيق الاستقرار والتطلع لبناء المستقبل الزاهر»، كما قال رئيس وفد المجلس الأعلى للدولة في ليبيا، عبد السلام الصفراوي، إنهم يتطلعون «في لقائنا هذا إلى العمل على كسر حالة الجمود واستئناف العملية السياسية وعقد لقاءات بناءة مع شركائنا في مجلس النواب من أجل الوصول إلى حل توافقي سياسي وسلمي».
وأضاف: «في ظل الانقسام السياسي والمؤسساتي يتوجب على مجلس النواب والمجلس الأعلى للدولة تحمل مسؤوليتهما في الإسراع في إيجاد حل لهذه الأزمة، وحفظ البلاد من التقسيم والحفاظ على المسار الديموقراطي وتجنيب بلادنا من سوء حرب جديدة لا سمح الله»، ومن جهته، قال وزير الشؤون الخارجية، ناصر بوريطة، إنه «منذ اتفاق الصخيرات حدثت تطورات كبيرة ومهمة، ومقتضيات تم تجاوزها وتحتاج إلى تطوير»، وأضاف أن «المغرب يؤمن بأن الحل يجب أن يكون ليبيا خالصا ..مع وتحت مظلة الأمم المتحدة».
وأشار بوريطة إلى أن المغرب «يفسح المجال لحوار ليبي-ليبي دون تدخل في جدول الأعمال ولا في المحادثات»، وقال بوريطة إن الحوار الليبي المنعقد في مدينة بوزنيقة «قد يكون مقدمة لاتفاقيات تنهي الأزمة الليبية»، مضيفا أن «الحوار المنعقد في المغرب ممكن أن يكون له مقاربة عملية لإعادة الثقة، وبناء التفاهمات وإنضاج الأفكار والتهيئ للاتفاقيات»، وشدد على أن الرباط تثق في الأطراف الليبية للوصول إلى حل والخروج من أزمتها، كما أشاد بوريطة بـ«الدينامية الإيجابية الأخيرة التي تمثلت في وقف إطلاق النار بليبيا».
الأمم المتحدة تشيد بجهود المغرب
أشادت الأمم المتحدة بـ«الدور البناء» للمغرب الذي ساهم منذ اندلاع الأزمة الليبية في الجهود المبذولة من أجل التوصل إلى حل سلمي للنزاع في ليبيا، وأكد المتحدث باسم الأمين العام للأمم المتحدة، ستيفان دوجاريك، أن «المملكة المغربية لعبت، منذ بداية الأزمة الليبية، دورا بناء وساهمت في جهود الأمم المتحدة الرامية إلى التوصل لحل سلمي للنزاع الليبي»، وقال دوجاريك، في تصريح، إن «الاتفاق السياسي الليبي الموقع سنة 2015 في الصخيرات يبرهن على التزام المغرب الراسخ بإيجاد حل للأزمة الليبية إلى جانب الأمم المتحدة»، وتابع «إننا مقتنعون بأن هذه المبادرة المغربية الأخيرة سيكون لها أثر إيجابي على تيسير الأمم المتحدة للحوار السياسي الذي يجريه ويقوده الليبيون».
وقال المتحدث إن الأمين العام للأمم المتحدة «يدعم كل المبادرات التي من شأنها أن تدفع وتكمل جهود السلام الجارية» من أجل حل الأزمة الليبية، وذلك في إشارة إلى الحوار الليبي الذي انطلق الأحد في بوزنيقة بين وفدي البرلمان الليبي والمجلس الأعلى للدولة، مشيرا إلى جلسات الحوار الليبي التي تجمع وفدي المجلس الأعلى للدولة وبرلمان طبرق، بهدف الحفاظ على وقف إطلاق النار وفتح مفاوضات لإنهاء الخلافات بين الأطراف الليبية، والتي تأتي بعد أسابيع قليلة من زيارة كل من رئيس المجلس الأعلى للدولة الليبية، خالد المشري، ورئيس مجلس النواب الليبي، عقيلة صالح، إلى المغرب بدعوة من رئيس مجلس النواب، لحبيب المالكي، «سيكون خطوة مهمة نحو التوصل إلى اتفاق سياسي بين الأطراف الليبية»، حسب المسؤول الأممي.
دعم إفريقي للحوار الليبي بالمغرب
بدوره، أكد تجمع دول الساحل والصحراء، أنه «يتابع باهتمام خاص وبارتياح كبير المحادثات بين الأطراف الليبية التي أطلقت يوم 6 شتنبر الجاري، وتشكل امتدادا لمسلسل الصخيرات الذي توج بالاتفاق السياسي في 15 دجنبر 2015». وأشاد التجمع، في بلاغ، بدفع وتشجيع الملك محمد السادس للحوار البناء الذي يهيئ الظروف لاستعادة وتعزيز السلم والوئام الوطني من خلال الحوار الأخوي، كما أشاد التجمع بالانخراط الشخصي والمؤسساتي لناصر بوريطة، وزير الشؤون الخارجية والتعاون الإفريقي والمغاربة المقيمين بالخارج، في إيجاد حل تفاوضي للأزمة الليبية التي تؤثر بشكل قوي على باقي الدول الأعضاء في التجمع.
وهنأ التجمع الأطراف الليبية المنخرطة في هذا المسلسل على إرادتها الثابتة وعزمها على إخراج بلدها من الأزمة وحثها على تنفيذ مخرجات مؤتمر برلين التي أكد عليها القرار2015 (2019) لمجلس الأمن التابع للأمم المتحدة، والقرارات ذات الصلة لمجلس السلم والأمن للاتحاد الإفريقي، وكذا توصيات القمة الاستثنائية لتجمع دول الساحل والصحراء المنعقد في نجامينا يوم 13 أبريل2019، وحث التجمع أيضا الأطراف الليبية على جعل هذه المفاوضات حدثا تاريخيا، داعيا في هذا الصدد القادة السياسيين والأطراف الليبية إلى دعم المحادثات الجارية في بوزنيقة، وتشجيع الأطراف المتفاوضة في اتجاه تسوية وطنية بهدف تثبيت وقف إطلاق النار، والحفاظ على الوحدة والوفاق الوطني لتوفير ظروف إجراء انتخابات حرة وشاملة.
وأشاد التجمع أيضا بالتزام ومبادرات الملك محمد السادس لتعزيز السلم في فضاء الساحل والصحراء، معبرا عن امتنانه للمملكة المغربية لجهودها المحمودة والحاسمة لاستعادة الاستقرار السياسي والوئام في ليبيا، كما أعرب التجمع عن دعمه الكامل لمسلسل بوزنيقة، داعيا المجتمع الدولي لدعم هذا المسار بقوة، وأشار إلى أنه يعرب عن تمنياته أن تفضي المحادثات إلى نتيجة إيجابية، واستعداده لمواكبة ودعم الأطراف الليبية في تنفيذ القرارات التي ستنجم عنها.
الأزمة الليبية محور مباحثات مغربية- مصرية
كان الملف الليبي محور مباحثات بين وزير الشؤون الخارجية والتعاون الإفريقي والمغاربة المقيمين بالخارج، ناصر بوريطة، ونظيره المصري سامح شكري، حول آخر التطورات ذات الصلة بالملف الليبي، والجهود المشتركة من أجل دفع التسوية السياسية في هذا البلد، وفق ما أكد المتحدث باسم وزارة الخارجية المصرية في بيان، أشار فيه إلى أن هذه المباحثات تأتي «اتصالا بالحرص المتبادل على التنسيق وبذل الجهود المشتركة من أجل دفع جهود التسوية السياسية في ليبيا»، موضحا أن سامح شكري أعرب لبوريطة عن التقدير لحرصه على مواصلة وتكثيف هذا التنسيق والإحاطة بآخر المُستجدات المُتصلة بالجهود التي بذلها المغرب في هذا الصدد.
وخلال هذا الاتصال، يضيف البيان، أكد الوزير المصري على موقف بلاده الثابت من دعم الجهود الرامية إلى التوصل لحل سياسي توافقي يُحافظ على سيادة ليبيا ووحدتها، ويحقق تطلعات الشعب الليبي نحو الأمن والاستقرار ويصون مُقدرات الشعب الليبي وموارده، ويُسهم في مواجهة كافة مظاهر الإرهاب والتطرف والتدخلات الخارجية، كما بحث الوزيران، بحسب المصدر ذاته، المساعي الحالية لتثبيت وقف إطلاق النار والتحرك قدما نحو التوصل لتسوية سياسية شاملة للأزمة في البلاد.
واتفق الوزيران، في هذا الصدد، على مواصلة التشاور والتنسيق في ما بينهما، وتكثيف اتصالاتهما بالدوائر السياسية الفاعلة على الساحة الليبية، وكذلك الشركاء الدوليين ومبعوثة الأمم المتحدة واللجنة الإفريقية رفيعة المستوى المعنية بليبيا بالاتحاد الإفريقي، وكذلك في إطار الجامعة العربية.