تواظب وزارة الداخلية على عقد اجتماعات منتظمة مع قادة الأحزاب السياسية، بغرض التحضير للاستحقاقات المقبلة. النصف المملوء من الكأس يقول إن هناك حرصا تاما من طرف السلطات العمومية على احترام المهل الدستورية حتى في زمن الوباء والتشبث بانتظامية ممارسة السيادة الشعبية، وهذا أمر في غاية الأهمية ومطلوب من الناحية الديمقراطية التي أصبحت ثابتا من ثوابت نظامنا السياسي والدستوري، لكن الجانب الآخر من القصة يقول إن المزاج المجتمعي السيئ الذي ترتب بسبب إجراءات الحكومة لمواجهة كورونا، ربما تكون الانتخابات هي ضحيته الأولى. فاليوم لا صوت يعلو داخل المجتمع فوق صوت الخروج من نفق الجائحة والعودة بأسرع وقت وأخف الأضرار للحياة الطبيعية.
لذلك من الصعب أن تقنع الناس بالذهاب إلى صناديق الاقتراع لكي يدلوا بأصواتهم، ليس –فقط- بسبب تداعيات الجائحة على المزاج الانتخابي، لكن أيضا- لتراجع ثقتهم في ما تقدمه الحكومة والبرلمان والأحزاب من جهة وإحساسهم من جهة ثانية بأن أصواتهم أصبحت بلا قيمة بعد أن حسمت حكومتا «البيجيدي» قراراتهما الفاشلة في أهم القضايا التي تمس حياة المواطنين طيلة العقد الأخير.
اليوم هناك سؤال جدي ينبغي أن تجيب عنه الطبقة السياسية، بعيدا عن المعركة التقنية الذي تدور أطوارها بمقر وزارة الداخلية، السؤال ينبغي أن يجاب عنه بمقر رئاسة الحكومة حول الجدوى من إجراء الانتخابات في موعدها في ظل الشروط القائمة، وما هو العرض السياسي الذي يمكن أن نتجاوز به هذا الوضع الراكد؟ وكيف يمكن أن نعيد الثقة إلى المواطن ونقنعه بأن الانتخابات هي السبيل الوحيد لممارسة سيادته وسلطانه؟. سيكون بلا شك ضربة موجعة أن نتوجه للانتخابات بنسبة مشاركة ضعيفة بالنظر للمزاج العام وهذا يبقى احتمالا واردا جدا لأن المغاربة سئموا من انتخابات تقود إلى نفس خريطة نسخة مزيدة ومنقحة، هم يريدون وجوها جديدة وعرضا سياسيا جديدا ونفسا سياسيا جديدا، يخرجنا من متاهات الشعبوية والاتجار السياسي في ثوابت الدولة.