وصلت تداعيات التقرير الصادم الصادر عن منظمة الأمم المتحدة للطفولة «اليونيسف»، بخصوص إصابة ملايين الأطفال بالتسمم بمادة الرصاص، إلى قبة البرلمان، حيث طالب فريق حزب العدالة والتنمية بمجلس النواب بفتح تحقيق حول ترويج لعب للأطفال ومواد التجميل تحتوي على نسبة كبيرة من المواد السامة.
ووجه رئيس الفريق، مصطفى الإبراهيمي، سؤالا كتابيا إلى وزير الصحة، أشار من خلاله إلى أن تقريرا صادرا عن منظمة «اليونيسف» ومنظمة «الأرض النقية» المتخصصة في مكافحة التسمم الناتج عن التلوث، نبه إلى المخاطر الصحية التي تمثلها مواد التجميل التي تسوق بالمغرب، الشيء الذي يسائل المعايير المعتمدة وكذا حكامة سياسة المراقبة من قبل مديرية الصيدلة والأدوية التابعة لوزارة الصحة. وأوضح الإبراهيمي أنه حسب التقرير فإن هذه المواد، بالإضافة إلى لعب الأطفال تحتوي على نسب عالية من الرصاص مما يشكل خطرا محدقا بالأطفال المغاربة بل يهدد مستقبل أجيال قادمة، نتيجة الآثار الوخيمة لهذه المواد السامة على صحة الأطفال كالاضطرابات العقلية الخطيرة، وتخريب الكلى وأمراض القلب والشرايين، حيث دعت المنظمة الدولية للطفولة بضرورة اتخاذ إجراءات مستعجلة، وطالب بفتح تحقيق في الموضوع، وكذلك اتخاذ إجراءات استعجالية لحماية صحة الطفولة المغربية بصفة خاصة وصحة المواطنين والمواطنات بصفة عامة، وترتيب الجزاءات الإدارية والقضائية الضرورية عن المسؤولين عن هذه الاختلالات الخطيرة التي تهدد صحة وحياة الأطفال والكبار على حد سواء.
وكشف التقرير الصادر عن المنظمة الأممية، أن التسمم بالرصاص يؤثر على الأطفال على نطاق هائل وغير معروف سابقاً، ويقول التقرير، وهو الأول من نوعه، إن حوالي طفل واحد من كل ثلاثة أطفال — أي ما يصل إلى 800 مليون طفل في العالم — يعانون من مستويات للرصاص في الدم تبلغ 5 ميكروغرامات أو أكثر لكل عُشر لتر، وهو المستوى الذي يتطلب تدخلاً، ويعيش حوالي نصف هؤلاء الأطفال في منطقة جنوب آسيا، وفي المغرب، تقدر إحصائيات التقرير، أن عدد الأطفال الذين يعانون من هذا المستوى يناهز 1.8 ملايين طفل.
ويشير التقرير إلى أن الرصاص هو مادة سمية قوية تؤثر على الجهاز العصبي وتتسبب بأذى لا يمكن إصلاحه لأدمغة الأطفال، وهو مدمر بصفة خاصة للرضع والأطفال دون سن الخامسة، إذ يُلحق الضرر بأدمغتهم قبل أن تتاح لها الفرصة لتتطور تطوراً كاملاً، مما يؤدي إلى إعاقات عصبية وإدراكية وبدنية تستمر مدى الحياة، كما تم التعرف على رابط بين التعرض لتلوث الرصاص في الطفولة وبين مشاكل سلوكية وفي الصحة العقلية، وكذلك زيادة في الجرائم والعنف، ويعاني الأطفال الأكبر سناً من تبعات شديدة بما في ذلك زيادة خطر تضرر الكلى وأمراض القلب في مرحلة لاحقة من الحياة، حسب ما يقول التقرير، ومن المقدر أن تتكبد البلدان المنخفضة الدخل والمتوسطة الدخل من جراء التعرض للرصاص في مرحلة الطفولة، قرابة ترليون دولار بسبب خسارة الإمكانات الاقتصادية لهؤلاء الأطفال على امتداد حياتهم.
ويشير التقرير إلى أن عمليات تدوير بطاريات الرصاص الحمضية، التي تتم بصفة غير رسمية أو لا تمتثل بالمعايير، هي مساهم رئيسي في التسمم بالرصاص بين الأطفال الذين يعيشون في البلدان المنخفضة الدخل والمتوسطة الدخل، والتي شهدت زيادة قدرها ثلاثة أضعاف في عدد السيارات منذ عام 2000، وقد أدت زيادة ملكية السيارات، مترافقةً مع نقص الأنظمة والهياكل الأساسية لإعادة تدوير بطاريات السيارات، إلى زيادة بنسبة 50% في عمليات إعادة تدوير بطاريات الرصاص الحمضية على نحو غير آمن ضمن الاقتصاد غير الرسمي.
وثمة مصادر أخرى للتعرض لتلوث الرصاص في الطفولة بما في ذلك الرصاص في مياه الشرب المنقولة بأنابيب تحتوي مادة الرصاص؛ والرصاص من الصناعات من قبيل التعدين وإعادة تدوير البطاريات؛ والطلاء والأصباغ التي تحتوي على مادة الرصاص؛ والرصاص الموجود في البنزين، والذي تناقص كثيراً في العقود الماضية رغم أنه كان مصدراً رئيسياً فيما مضى؛ ولِحام الرصاص في علب الأغذية؛ والرصاص في البهارات ومواد التجميل والأدوية الشعبية والألعاب وغيرها من المنتجات الاستهلاكية، وعادة ما يجلب الآباء الذين يعملون في مهن تتضمن التعامل مع الرصاص، غباراً ملوثاً بالرصاص إلى منازلهم مما يعلق على الملابس والشعر واليدين والأحذية، وبالتالي فإنهم يُعرضون أطفالهم لهذا العنصر السام.