قرر الوكيل العام للملك لدى محكمة الاستئناف بأكادير استئناف قرار قاضي التحقيق بالمحكمة نفسها، بعدم متابعة المستشار البرلماني والقيادي بحزب الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية، رفقة 10 متهمين آخرين، في ملف تزوير وثائق ومحررات رسمية واستعمالها في السطو على عقارات الغير بإقليم كلميم.
تعليل قاضي التحقيق
علل قاضي التحقيق، حسن المزوارتي، أمره بعدم متابعة بلفقيه ومن معه، بالقول بأن الرسوم والوثائق المرفقة بمحضر الشرطة القضائية كلها مجرد صور شمسية، مشيرا إلى أن المتهمين أنكروا ما نسب إليهم من أفعال تمهيديا وإعداديا، وتبين أنهم أنجزوا رسوما أشرية وبيوعات طبقا للقانون دون أن يطعن أحد في زورية أي رسم من هذه الرسوم، وإنما استعملوها في دعاوي مطالب التحفيظ تم إشهارها في الجريدة الرسمية، وكانت هناك تعرضات وانتهت آجالاتها وكذا إجراء معاینات وخبرات عقارية، فتأسست على كل ذلك رسوم عقارية، كما رفضت مطالب آخرين بأحكام قضائية عن إدارية أكادير واستئنافية مراكش. بمعنى أن كل طرف أبدى أوجه دفوعاته في مواجهة دفوعات خصمه من حيث مواقع العقارات محل النزاع ومساحاتها وحدودها. وأشار قاضي التحقيق إلى أن ما خلصت إليه الشرطة القضائية بشأن وجود بعض اختلافات وفوارق في حدود عقارات الأطراف في الواقع بالمقارنة مع ما ورد في رسومهم لا يشكل تزويرا أو استعماله، كما اعتبر قيام بعض المتهمين بإنجاز رسوم ملحقة لرسوم أصلية من أجل إصلاح حدود الأرض المبيعة وذكر الجماعة التي تنتمي لها هذه الأرض لا يعتبر زورا أو استعماله، مادامت الأرض محل النزاع هي نفسها، أما القول بخلاف ذلك فيعود لمحكمة الموضوع التي لها الحق والصلاحية في ترجيح رسوم وحجج الأطراف عند الاقتضاء من أجل حل نزاعاتهم التي تشوبها وضعية معقدة للأراضي بمنطقة كلميم حسب ما يظهر من مضمون الملف. وخلص قاضي التحقيق إلى أن ملف النازلة خال مما يفيد قيام المتهمين بما نسب إليهم من أفعال، مع الإشارة في هذا السياق إلى أنه لا توجد أية شكاية ضدهم في ملف النازلة بخصوص هذه الأفعال، ولذلك صرح بعدم متابعتهم من أجلها لانعدام عناصر الزور.
استئناف الوكيل العام
قرر الوكيل العام للملك استئناف قرار قاضي التحقيق، والتمس من رئيس وأعضاء الغرفة الجنحية، تأييد أمر قاضي التحقيق بمتابعة المتهم «م.ب» من أجل التزوير في محرر رسمي واستعماله والتزوير في محرر عرفي واستعماله، كما التمس إلغاء قرار قاضي التحقيق المتعلق بعدم متابعة باقي المتهمين من أجل ما نسب إليهم والأمر من جديد بمتابعتهم وفق ما جاء في المطالبة بإجراء تحقيق وإحالتهم على غرفة الجنايات. وبخصوص أسباب الاستئناف، أوضحت النيابة العامة أن دور قاضي التحقيق ينحصر في جمع الأدلة والقرائن الكافية لاتهام أو عدم توجيه الاتهام للشخص أو الأشخاص موضوع المطالبة بإجراء تحقيق، فإن المطلوب منه هو التفاعل مع مطالب النيابة العامة بإجراء تحقيق وأن كل قرار مخالف يصدره يمكن أن يكون محل طعن بالاستئناف باعتبار أن دوره ينحصر في جمع الأدلة وتوجيه الاتهام بصفته سلطة اتهام، ويبقى الحسم في ذلك بيد قضاء الموضوع.
وأكدت النيابة العامة أن الأبحاث المنجزة في الملف أثبتت أن بلفقيه وشركاءه قاموا بالاستيلاء على عدة عقارات باستعمال عقود بيع محررة من طرف محام ومصادق عليها بالجماعة الحضرية كلميم، التي كان يترأسها بلفقيه. وحسب الوكيل العام للملك، فإن بلفقيه ومن معه، وبعد الاستيلاء على عقارات الغير بالاعتماد على العقود المبرمة، شرعوا في استغلال الأملاك المذكورة، وتقدموا بعدة مقالات أمام المحكمة الإدارية بأكادير، من أجل المطالبة بالتعويض، وحيث يتضح من خلال الأبحاث المنجزة في الموضوع أن جميع مطالب التحفيظ الجماعية تم فتحها بناء على شهادات الشهود بموجب شواهد إدارية، وأن معظم الشهود تكررت أسماؤهم في الشواهد بالملك الخاصة بمطالب التحفيظ، والقاسم المشترك بين هذه المطالب هو وجود اسم المتهم عبد الوهاب بلفقيه كشريك فيها إضافة إلى تكرار أسماء نفس الشهود في جميع المطالب ووجود نفس المعترضين. وأشارت النيابة العامة إلى أن مجموعة من الشهود أكدوا أنه لم يسبق لهم أن شهدوا لفائدة المتهمين في شواهد الملك التي تفيد بأن المعنيين بالأمر يملكون القطع الأرضية، وأن شهادتهم قد حرفت وزورت عليهم، وصرحوا أنهم سلموا بطائق تعريفهم لأحد المتهمين من أجل تسجيلهم في لوائح المستفيدين من توزيع مساعدات تخص العلف وصهاريج الماء باعتبارهم فلاحين يربون الماشية وأنه تم استغلال البطائق لتزوير شهاداتهم وتوظيفها في صنع ذلك بسوء نية. وخلصت النيابة العامة إلى أنه تبعا لذلك يكون المتهم بلفقيه ومن معه قد قاموا بتزوير محررات رسمية وذلك بتضمينها وقائع واتفاقات غير صحيحة، إضافة إلى تزوير محررات عرفية وذلك بتضمينها وقائع غير صحيحة، وتزوير وثائق رسمية تصدرها الإدارات العامة واستعمالها في صنع شهادات تتضمن وقائع غير صحيحة.
نفي تهمة التزوير
صرح بلفقيه، أثناء مرحلة التحقيق، أنه ينفي جميع الأفعال المنسوبة إليه مؤكدا أنه لم يقم بتزوير أي محرر رسمي أو عرفي أو شهادة إدارية كيفما كانت وأن ما نسب إليه كان نتيجة تصفية حسابات سياسية، وأنه يتساءل عن الطرف المشتكي الذي تقدم بالشكاية ضده، موضحا أنه يملك عدة عقارات بمنطقة كلميم خاصة به وأخرى مشتركة بينه وبين أناس آخرين، كما يتوفر على أحكام قضائية صادرة لفائدته وأن عقود الشراء التي اقتنى بها هذه العقارات هي عقود صحيحة، وأكد أن البحث التمهيدي الذي قامت به الفرقة الوطنية للشرطة القضائية فيه تحامل عليه، حيث تم التشهير به إرضاء لخصومه السياسيين.