قدمت جمهورية إيطاليا، نهاية الأسبوع، درسا بليغا بتصويت حوالي 70 في المائة من الإيطاليين لصالح خفض 345 من عدد البرلمانيين، حيث ستصبح نتيجة الاستفتاء نافذة بعد مرور 60 يومًا على إعلان وزارة الداخلية البيانات النهائية. بدون شك التمرين الذي قامت به إيطاليا يهم بعض الشيء برلماننا رغم البعد الجغرافي والاختلاف في السياق السياسي والاجتماعي. فأن تصل دولة عريقة في الديمقراطية وتتبنى النظام البرلماني إلى التفكير في تقليص عدد ممثلي الشعب، فهذا في حد ذاته رسالة إلى البرلمانات النامية والنائمة التي نتوفر على واحد منها.
والحقيقة أن تجربة الاستفتاء الشعبي في إيطاليا تقدم درسين مهمين، الأول يتجلى في معنى الالتزام بالوعود الانتخابية، فمطلب التقليص رفعه حزب الخمس نجوم خلال الاستحقاقات الأخيرة وعلى أساس شعاراته ربح الانتخابات، لكنه لم ينقلب على تعهداته بعد وصوله إلى سدة الحكم ولم يبحث عن تبريرات وهمية للتنصل من تعهداته، بل ظل وفيا لالتزاماته الانتخابية حتى نجح في تحقيق واحد منها. أما الدرس الثاني، فيتجلى في حكامة أداء المؤسسة التشريعية وما فرضته جائحة كورونا من قناعات بتقليص المصاريف، فالشعب الإيطالي تخلص من 345 برلمانيا لتوفير 500 مليون أورو كل دورة تشريعية، وهي ميزانية مهمة تخفف من أعباء الميزانية.
اليوم موضوع حكامة البرلمان المغربي واستنزافه للمال العام دون تقديم إضافات قوية، يتطلب مراجعة حقيقية، وبدل أن تطالب بعض الأحزاب وزير الداخلية بالرفع من عدد مقاعد البرلمان لإشباع جشع السياسيين وتوزيعها على المحاصصة، آن الأوان لإغلاق الكثير من صنابير الريع السياسي التي لا تحقق أي جدوى من وجودها أو على الأقل لا تتناسب جدواها مع كلفتها المالية. ولعل أول أمر ينبغي اللجوء إليه هو القطع مع ريع اللوائح التي تكلف دافعي الضرائب حوالي 30 مليار سنتيم خلال الولاية التشريعية وامتيازات الترف من فندقة ونقل ووجبات التي تطلق خلال كل ولاية أكثر من 20 مليار سنتيم.