أكد نزار بركة، الأمين العام لحزب الاستقلال، أن المقومات الأساسية التي ساهمت في صمودنا في مواجهة الجائحة، لم تحل دون تعرية الواقع الاقتصادي والاجتماعي والصحي ببلادنا، موضحا أنه كان على الحكومة عدم إهدار الفرص العديدة التي تهيأت لها خلال سنوات كاملة ( 2017 و2018 و2019) لإجراء الإصلاحات الضرورية، وتدارك ما يمكن تداركه من خصاص ونواقص، قبل أن تدركها الجائحة في مارس 2020.
وأوضح بركة، في افتتاح أشغال الدورة السابعة للجنة المركزية عن بعد، أن جائحة كورونا كشفت عن حجم وتراكمات الاختلالات والنواقص البنيوية العميقة التي تعرفها بلادنا على المستويات الاقتصادية والاجتماعية، والمتمثلة في هشاشة النظام الصحي الوطني؛ وبروز الحجم الكبير الذي يمثله القطاع غير المهيكل والنسبة المرتفعة لعدد العاملين فيه؛ وحدة تفاقم الفوارق الاجتماعية والمجالية والرقمية في قطاعات استراتيجية وحيوية كالتعليم والصحة؛ ومحدودية آليات الحماية الاجتماعية؛ وضعف مناعة المقاولات المغربية، لاسيما الصغيرة والمتوسطة والصغيرة جدا، وعدم قدرتها على تحمل تبعات الجائحة وتداعياتها، وعجز النسيج الإنتاجي عن تلبية احتجاجات السوق الوطنية،وهو ما يتم تداركه بالتدريج.
وكشف بركة، أنه "أتيحت للحكومة فرص ذهبية طيلة فترة الحجر الصحي من أجل استثمارها والتحضير لمرحلة ما بعد الحجر الصحي، فحظيت بارتفاع منسوب الثقة عند المواطنات والمواطنين وإجماع وطني استثنائي، بالإضافة إلى طول مدة الحجر الصحي التي بلغت 80 يوما، وإمكانيات مادية هائلة بفضل الصندوق الذي أحدثه جلالة الملك لمواجهة الجائحة، غير أن الحكومة أهدرت كل الفرص المتاحة وأخلفت الموعد، حيث تملكها الغرور والإشباع المؤقت، واستعجلت الفوز بالمعركة ضد كورونا قبل الأوان، وخيِّل إليها أن الأمر حُسِم، فقامت بتجميع المصابين بكورونا من مختلف المناطق بمستشفيين ميدانيين في كل من بنسليمان وبنكرير".
وأضاف بركة، أن الانتشار السريع للجائحة بعد تخفيف الحجر الصحي، أربك يقينيات الحكومة، فتفاقمت الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية والصحية ببلادنا معلنة، للأسف، فشل المقاربة الحكومية المعتمدة في تدبير أزمة "كورونا"، حيث بدت مؤشرات الفشل واضحة للجميع، وبما فيها مكونات من الأغلبية الحكومية، وهكذا يضيف المتحدث ذاته، "زادت أزمة كورونا من تعميق الأوضاع الصحية التي تواجهها بلادنا، وأبرزت إخفاق السياسات المتبعة من طرف الحكومة، في وقف تراجع النمو الاقتصادي، والانخفاض المتواصل لمردودية الاستثمارات، وفي الحد من الاتساع المهول للفوارق الاجتماعية والمجالية، وضمان الحماية الاجتماعية الكافية وازدياد حدة الفقر، إذ أن بلادنا تسجل اليوم أكثر من مليون فقير إضافي خلال 6 أشهر الأخيرة، وهو مؤشر على حجم سوء التدبير الحكومي لأزمة كورونا".
وأضف الأمين العام للاستقلال، "إننا اليوم أمام حكومة مستسلمة لمشيئة الجائحة وتداعياتها، مستقيلة من مسؤولياتها تجاه الوطن والمواطنين، لأنها تخلت عن كل مقومات الهوية كحكومة (لا وجود للأغلبية، ولا وجود لانسجام وتضامن حكومي، ولا وجود لرؤية واحدة في مواجهة الأزمة، ولا وجود للبعد السياسي للقرارات المتخذة...)، ولأننا أمام أداء حكومي يتسم بالمعالجة العشوائية والمتأخرة للمشاكل التي تتطلب التدخل الفوري؛ ولأن العمل الحكومي يفتقد للمنظور الشمولي في تدبير الأزمة وتحكمه توجهات قطاعية محضة، قد تطبقها الإدارة دون حاجة إلى وجود الحكومة؛ ولأن الأداء الحكومي يفتقد للتخطيط والاستباقية وتعوزه الرؤية الاستشرافية للتعاطي المسؤول مع تداعيات جائحة كورونا؛ ولأن الحكومة، ورغم مشروعيتها الانتخابية والبرلمانية، فإنها لا تعطي الاعتبار للمواطنين ولا تحترم ذكاءهم وكرامتهم، بل وتتعامل معهم كأنهم قاصرون، عليهم فقط تطبيق ما يتم اتخاذه من قرارات مرتجلة (الارتباك والارتجالية في تدبير فترة عيد الأضحى/الدخول المدرسي/ تدبير ملف المغاربة العالقين بالخارج/تدبير التواصل الحكومي...)؛ ولأنها حكومة تتهرب من مسؤولياتها ومن ممارسة اختصاصاتها
وكشف المتحدث ذاته، أنه "وأمام استقالة الحكومة في تدبير الأزمة، تشكلت قناعة لدى المواطنين بأن هذه الحكومة غير قادرة على مواجهة وتدبير ما ينتظر بلادنا من صعوبات وتحديات خلال المرحلة القادمة للجائحة، وتحولت الجائحة لدى سائر شرائح المجتمع إلى جائحة الخوف على حياتهم، والخوف على الولوج إلى الخدمات الصحية الضرورية؛ والخوف من البطالة خاصة بعد توقف الدعم الاجتماعي؛ والخوف من تراجع الدخل، والخوف من الفقر؛ والخوف من إرسال الأطفال إلى المدرسة، والخوف من قرارات منتصف الليل، والخوف من الإغلاق الشامل والرجوع إلى الحجر الصحي.