تمخض الجبل فولد فأرا. هذا ما يمكن أن ينطبق على اقتراح زيادة عدد البرلمانيين، الذي رفعته الأحزاب السياسية إلى وزير الداخلية لإدراجه في التعديلات. لكن المعضلة الأساسية هي كيف يمكن أن نقنع المغاربة بتوسيع مقاعد البرلمان بـ30 مقعدا إضافيا، ستكلف دافعي الضرائب حوالي 10 ملايير سنتيم خلال الولاية التشريعية؟ من الواضح أننا أمام نخبة لا تقرأ السياق جيدا، ولا تولي مزاج الانتخابي أي قيمة، وبدل أن تجتهد الأحزاب لاقتراح إجراءات تعيد الثقة في المؤسسات الدستورية، سيما البرلمان الذي يعاني من عجز مدقع في منسوب الثقة، فهي تعاكس التوجهات وتستفز المغاربة بإجراءات لا يمكن أن يقبلها السياق السياسي، ولا أن تستوعبها القيم الديمقراطية.
فخلال كل محطة انتخابية أصبحت أسهل طريقة لامتصاص المطالب السياسية المحرجة، هي اللجوء إلى خيار اللائحة وتوسيع شعاعها لذر الرماد في العيون، وهذا بالضبط ما يحدث اليوم مع المطالب التي تدعو إلى الزيادة في تمثيلية النساء وإدماج الأطر، وضمان تمثيل كاذب للجالية المغربية في المؤسسات. فلم تجد الأحزاب من مخرج لهذه القضايا التي تسائل ديمقراطيتنا التمثيلية، سوى تمطيط اللائحة الوطنية التي أصبحت مثل المنديل المطلوب منه مسح كل أوساخ السياسيين. لكن السياسي ينسى أنه بقراراته هاته يضع كرة من لهب في يد مؤسسات الدولة، ومنها المحكمة الدستورية التي عليها كل مرة أن تبحث عن تبرير وفتوى لاستمرار اللوائح الوطنية وتمديدها، بعدما اضطرت إلى الموافقة عليها في انتخابات 2011، رغم تصريحها بأنها تتعارض مع بعض القيم الدستورية، وخاصة تكافؤ الفرص والمساواة أمام القانون.
كان باستطاعة الطبقة السياسية أن تفتح نقاشا واسعا وحقيقيا حول تمثيلية المرأة، وسبل إدماج 6 ملايين من مغاربة المهجر، وفتح الباب أمام الكفاءات طيلة خمس سنوات من الولاية، بعيدا عن ضغوطات اللحظة الانتخابية. وبدون اللجوء إلى قوانين «كور واعطي لعور»، قضية المرأة تحتاج إلى جرأة سياسية وإلى القطع مع الثقافة الذكورية بالأحزاب، وليس رمي الملف للوائح لتجنب صداع المشاكل الداخلية للأحزاب، فالجميع يدرك أن أحزابنا لا تستطيع أن تقاوم جشع الأعيان و«مسامر الميدة»، وتفضل إبقاء ملف النساء والجالية والأطر والتمثيل الجهوي خارج المطبخ الحزبي، حتى لو أدى الأمر إلى استفزاز كل المغاربة بقرارات غير محسوبة العواقب.