لماذا مع اقتراب الاستحقاقات الانتخابية يكثر اللغط وتسود الجذبة حول القوانين والتوافقات والمفاوضات؟ ما المانع من أن نصل كدولة وأحزاب ومجتمع إلى استقرار المنظومة الانتخابية؟ هل كتب علينا أن نعدل العتبة واللائحة ونمط الاقتراع واحتساب القاسم كل مرة؟ هل قدرنا أن تتحول السنة الأخيرة من كل ولاية تشريعية إلى حرب الجميع ضد الجميع؟
في الحقيقة هذه أسئلة تسائل الأحزاب والبرلمان والحكومة والمؤسسات المعنية بالعملية الانتخابية، فلا يعقل أن الدولة بخبرائها وأحزابها عجزت طيلة 6 عقود من الممارسة السياسية عن بلوغ الاستقرار على منظومة انتخابية تتفادى منطق مفاجآت وضغوطات السنة الانتخابية. المتتبع للنقاش السياسي الذي يثار على رأس كل خمس سنوات يصاب بالضجر من تكرار الطبقة السياسية الحديث عن نفس المواضيع؛ صدقية اللوائح الانتخابية وانتخاب الموتى وتمثيل الجالية والعتبة، ونمط الاقتراع والتمويل الانتخابي والبطاقة الوطنية والتقطيع الانتخابي وحالات التنافي.
والحال أن معظم الدول التي تدعي سيرها في طريق الديمقراطية قطعت مع منطق التصميم الظرفي للانتخابات وأسست لأنظمة وتقاليد انتخابية مستقرة ومنتظمة تتجاوز الامتدادات الحكومية ومنطق الولايات التشريعية، هذا لا يعني أن النظام الانتخابي شيء مقدس لا يمكن جعله عرضة للتغيير والتعديل بالحذف والإضافة وفق البيئة السياسية، لكن ليس إلى درجة تحويل الاستثناء إلى قاعدة.
لقد باتت انتخاباتنا وما لم نصل إلى مرحلة المنظومة الانتخابية المستقرة ستبقى الترقيعات التي يتم اللجوء إليها في الربع ساعة الأخيرة، محل صراع ومزايدات، تنتج مواقف متطرفة تجعل من كل تعديل مهما كان بسيطا، معركة لدى البعض لإثبات الذات والهروب من المساءلة والاختباء وراء دور الضحية، ولا أدل على ذلك ما يمارسه حزب العدالة والتنمية الذي يدفع البلد نحو الاحتقان السياسي، والمزايدات اللفظية، ليس للتراجع عن مشروع تعديل بل لتفادي المحاسبة عن السنوات العشر العجاف التي قاد فيها الحكومة وتزعم فيها الأغلبية البرلمانية.